المسلمون الهنود.. حضور إعلامي ضعيف

لم تظهر خلال القرن الماضي سوى بضع صحف ومجلات بالإنجليزية

رغم تعدادهم الكبير داخل شبه القارة الهندية فإن حضورهم الإعلامي مازال ضعيفا (أ.ف.ب)
TT

تضم الهند أعدادا ضخمة من المسلمين يصل تعدادهم نحو 160 مليون نسمة، وهو أكبر مجتمع مسلم على مستوى العالم بعد إندونيسيا. ورغم ذلك، يتسم المسلمون بحضور ضعيف على الساحة الإعلامية الهندية. تاريخيا، ظهرت أول صحيفة في الهند في القرن التاسع عشر. ومنذ ذلك الحين، اضطلعت الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الإذاعية الحديثة بدور كبير في إطلاع الجماهير على المعلومات والتأثير على الرأي العام.

إلا أن الهنود المسلمين، مثلما الحال في جميع نواحي التحديث تقريبا، جاءوا في مرتبة متأخرة عن جميع المجموعات الديموغرافية الأخرى من الهنود فيما يخص مجال الإعلام. والملاحظ أن عدد الشخصيات الإعلامية المسلمة المدربة والمعروفة ضئيل للغاية، وربما يقتصر على بضعة أسماء محدودة. إضافة إلى ذلك نجد أن نصيب المسلمين في ملكية وسائل الإعلام أسوأ حالا، حيث لا يملك المسلمون أي سيطرة حقيقية على أي من وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية.

على مدار الأعوام الـ100 الماضية، بخلاف الصحافة المسلمة الصادرة باللغتين الأردية والفارسية، ولم تظهر سوى بضع صحف ومجلات بالإنجليزية يدير شؤونها مسلمون.

خلال حقبة ما قبل الاستقلال، ضمت الهند إصدارين فقط بالإنجليزية يديرهما مسلمون، أحدهما «كومراد»، التي كانت بمثابة وميض سرعان ما تلاشى، حيث لم يدم وجودها سوى لثلاث سنوات، بين عامي 1911 و1914. أما الإصدار الآخر فحمل اسم «دون» وأصدره محمد علي جناح، مؤسس باكستان عام 1947. ومع بزوغ فجر الاستقلال، هاجرت صحيفة «دون» إلى كراتشي.

بين أغسطس (آب) 1947 ومطلع خمسينات القرن الماضي، لم تتوافر أي صحف صادرة بالإنجليزية مخصصة للقضايا التي تهم المسلمين. بعد استقلال الهند، بقيت مشاركة المسلمين في الحقل الإعلامي مقتصرة للأسف على الصحف الناطقة بالأردية.

ورغم أن الأردية واحدة من اللغات الرسمية الـ22 في الهند، فإنها لا تزال مفتقرة إلى مكانة اجتماعية وأدبية رفيعة. ومع ذلك، تعد الأردية اللغة الرسمية لخمس ولايات هندية: أتار براديش وبيهار وأندهرا براديش وتشهاتسغراه ونيودلهي، كما تعد اللغة الرسمية داخل الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير. يذكر أن الأردية اعتمدت في تطورها على الفارسية والعربية والتركية والبشتونية.

وسعيا لتعزيز وجود الأردية، تقدم الحكومة الهندية دعما ماديا للإصدارات الصادرة بالأردية، الأمر الذي عمد إلى استغلاله البعض رغم عدم وجود صلة بينهم وبين الحقل الصحافي. يسعى مثل هؤلاء الأشخاص إلى الحصول على رقم تسجيل لصحيفة أردية ونشر ما بين خمسين ومائة نسخة منها، لكنهم يزعمون كذبا أنهم ينشرون أكثر من ذلك لاجتذاب إعلانات حكومية وحصة من ورق الصحف. وكثيرا ما يتورط ملاك هذه الصحف، والذين يتولون عادة منصب رئيس التحرير بها، في أعمال ابتزاز لحزب سياسي أو آخر باسم صحيفتهم.

توضح الأرقام أنه من بين 347 إصدارا مسجلا بالأردية، لا يتمتع منها بتأثير عام واسع سوى قرابة 40 أو 50 إصدارا.

من بين الإصدارات المعروفة «انقلاب» و«مومباي» و«سياسة» و«حيدر آباد» و«صحافة لوكنو» و«منصف» (حيدر آباد) و«روزنامة راشترية صحارا» (دلهي) و«أردو تايمز» (مومباي) و«هندوستان إكسبريس» (دلهي) و«اعتماد» (حيدر آباد) و«ميلاب» (دلهي).

يرى إم. جيه. أكبر، الصحافي الهندي المسلم البارز الذي يكتب لدى بعض أبرز الإصدارات الهندية، وتولى مؤخرا منصب رئيس تحرير «إيجان إيدج» التي تتميز بعدة طبعات عالمية، أن «المشكلة تكمن في أن المسلمين الذين تولوا إدارة صحف ومجلات بالإنجليزية والأردية لم يحاولوا الاطلاع على التغييرات الطارئة على أوضاع المسلمين، ولم يفكروا في إفراد مساحات لتناول مشكلات الطبقة الوسطى المتعلمة والصاعدة حديثا. ولهذا السبب تحديدا، استمرت الصحف في تناول صورة المسلمين كأفراد متخلفين يتعرضون للتمييز ضدهم، وهي وجهة نظر لا تنطبق على جميع مسلمي الهند الذين تتباين أوضاعهم وظروفهم من منطقة لأخرى داخل البلاد. ونظرا لأنها لا تتناول القضايا ذات الاهتمام للطبقة الوسطى المسلمة الناشئة، أخفقت هذه الصحف في خلق مكانة لها في أي وقت من الأوقات باعتبارها صحفا تهم الهنود جميعا. فقط في أوقات الطوارئ الكبرى عندما تظهر قضية يبدو أنها تهدد الهوية الثقافية المسلمة يتسع نطاق توزيع هذه الصحف إلى ما وراء شمال الهند».

من ناحية أخرى، من الواضح أن وسائل الإعلام الإنجليزية تمارس تأثيرا كبيرا غير متناسب مع حجمها على المشهد السياسي الهندي. وعليه، لم يكن من قبيل المفاجأة أن يسارع المسلمون إلى محاولة فرض حضور قوي لهم على الصعيد الإعلامي الناطق بالإنجليزية. ورغم أن حلم إصدار صحيفة يومية لا يزال صعب المنال أمام الهنود المسلمين، فإنهم نجحوا في إصدار عدد من المجلات البارزة بالإنجليزية لسنوات.

ومع ذلك، من الملاحظ أن الإصدارات الصحافية التي يديرها مسلمون لا يضطلع أي منها تقريبا بنشاطات مراسلة صحافية ميدانية، وإنما تعد معظمها مجرد إصدارات تجمع مقالات آراء. إضافة إلى ذلك، تكتفي هذه الإصدارات بالاستجابة للأجندة التي يحددها ما يطلق عليه «التيار الرئيس» من وسائل الإعلام. ويعد هذا الوضع نتاجا ليس لنقص المال والتدريب، وإنما غياب الرؤية، الأمر الذي يقف حائلا أمام نمو وسائل الإعلام الهندية المسلمة.

جدير بالذكر أن هناك صحيفتين يوميتين، «ميد داي» و«إيجان إيدج»، رغم أنهما مملوكتين لمسلمين، فإنهما بعيدتان للغاية عن كونهما صوتا مسلما على الصعيد الإعلامي، حيث يغلب عليهما الطابع التجاري الساعي للربح وتتمسكان بنهج التيار الرئيس من وسائل الإعلام في تناولهما لمختلف القضايا.

عند إمعان النظر في وسائل الإعلام المملوكة لمسلمين يتضح أنه جرى بذل العديد من المحاولات من قبل المسلمين لغزو الحقل الإعلامي، لكن قليل للغاية منها صادفه النجاح.

خلال الفترة بين قرابة منتصف خمسينات القرن الماضي ومنتصف الستينات من القرن ذاته تناولت مجلتان فقط منخفضتا التوزيع قضايا تهم المسلمين: أولاهما «فيكتور كورتوا»، وهي صحيفة بلجيكية كاثوليكية صدرت بين عامي 1955 و1960 في كالكوتا، وثانيتهما «سيرات» الصادرة عن اتحاد رابطة المسلمين الهنود في مدراس في ستينات القرن الماضي. عام 1963، أصدرت «الجماعة الإسلامية» مجلة «راديانس». وأنفقت جمعية «جمعية العلماء» 600.000 روبية في ستينات القرن الماضي لإصدار صحيفة بالإنجليزية، لكنها أخفقت في إنجاز هذا الهدف. على مدار العقدين التاليين، تمتعت «راديانس» بمكانة فريدة باعتبارها الصحيفة الوحيدة الإنجليزية التي تركز اهتمامها على القضايا التي تهم المسلمين، وإن كان التناول يأتي من وجهة نظر «الجماعة الإسلامية»، إلى أن بدأ سيد شهاب الدين، المسؤول السابق بالإدارة المدنية والسياسي، إصدار صحيفة «مسلم إنديا» عام 1983 حتى توقف صدورها في ديسمبر (كانون الأول) 2002، ثم صدرت «ميلي غازيت» عام 2003 لتغلق أبوابها في يناير (كانون الثاني) 2005. وبالنظر إلى النشاط الكبير الذي كان يتمتع به سيد شهاب الدين، فمن غير المثير للدهشة أن نجد أنه أحيا صحيفة «مسلم إنديا» مجددا عام 2008.

في منتصف تسعينات القرن الماضي، حاولت النخبة المسلمة في دلهي بقيادة سيد عبد الحسن وعلي نادوي وسيد حميد وحكيم عبد الحميد وبعض رجال الأعمال إطلاق صحيفة يومية بالإنجليزية، لكن جهودهم لم تؤت ثمارا. بدلا من ذلك، شرع سيد حميد في إصدار صحيفة «تابلويد» باسم «وان نيشن كرونيكل» في أكتوبر (تشرين الأول) 1989 في دلهي، إلا أنها فشلت في ترك بصمة مميزة لها وتبدلت إلى صحيفة تصدر كل أسبوعين تحت اسم جديد «نيشن آند ذي وورلد»، ولا يزال يجري نشرها حتى اليوم. وشرع رجل أعمال من بنغالور يدعى إيه. دبليو. سادات الله خان في إصدار صحيفة تصدر كل أسبوعين باسم «إسلاميك فويس» عام 1987، والتي بدأت نسختها الإلكترونية عام 2004.

بغض النظر عن توجهاتها الفكرية، تبقى «راديانس» أقدم مجلة باقية على قيد الحياة وتضم أبوابا مثل «آراء أسبوعية» الذي يوجز معظم المحتوى الذي نشرته المجلة خلال الأسبوع، و«آراء» الذي لا يجري تدعيم آرائه دوما ببيانات. أما محتوى «مسلم إنديا» فليس أصليا، وإنما يجري نسخه من مصادر أخرى. بالنسبة لـ«إسلاميك فويس» فتتسم بوجود مكثف للإعلانات، مع وجود مقالات أصلية وأخرى منسوخة من مصادر أخرى. وتنشر «ميلي غازيت» موضوعات صحافية أكبر حجما، لكن مثل باقي المجلات التي تناولناها هنا، تخلو من البيانات.

وبالنظر إلى ضخامة الهند كدولة وضآلة الموارد المتوافرة أمام المجلات بداخلها، يمكن تفهم السبب وراء تركيز «إسلاميك فويس» و«ميلي غازيت» على قضايا تخص الجنوب أو الشمال وحده. ومع ذلك، تولى هنود مسلمون يعيشون في كاليفورنيا تمويل موقع على شبكة الإنترنت، Two circles.net، والذي تحول بمرور الوقت إلى أحد أبرز المواقع الإخبارية الخاصة بهنود مسلمين على الشبكة. عام 2006، بدأ الموقع عمله بميزانية بلغت 1200 دولار كان من المتوقع أن تكفي لستة شهور. ويوفر هذا الموقع الذي يمكن الدخول إليه مجانا أخبارا يومية وتحديثات لمعلومات تتعلق بقضايا تهم الهنود المسلمين.

من ناحية أخرى، لم يحظ المسلمون بعد بحضور قوي على صعيد ملكية القنوات التلفزيونية، وإن كانت القناتان أو الثلاث القائمة حاليا تخصص جزءا كبيرا من وقتها لتناول قضايا دينية، بدلا من التركيز على قضايا اجتماعية - اقتصادية تواجه الهنود المسلمين.

من بين قصص النجاح المرتبطة بصحف يملكها مسلمون تصدر بلغات بخلاف الأردية والإنجليزية صحيفة «مادهيامام»، التي جرى إصدارها باللغات المحلية لمالايالام وجوجارات وكانادا.

تأسست هذه الصحيفة عام 1991 من جانب «أيديال ببليكيشنز ترست»، التي ينتمي غالبية أعضائها إلى فرع «الجماعة الإسلامية» داخل كيرالا. ويجري النظر إلى «مادهيامام» باعتبارها أكثر الصحف اليومية المملوكة لمسلمين نجاحا في كيرالا. حاليا، تصدر الصحيفة طبعات مختلفة داخل ست مدن في كيرالا - كوتشين وتريفاندروم وكانانور ومالابورام وكوتايام وكاليكوت - ومدينتين في كارناتاكا - بنغالور ومانغالور. وتصدر أيضا طبعات منفصلة تخص الدول الخليجية التي تضم جالية هندية كبيرة تتحدث لغة مالايالام في دبي والبحرين والكويت والدوحة والدمام والرياض وجدة، الأمر الذي يجعل من «مادهيامام» أكبر صحف مالايالام توزيعا في المنطقة. علاوة على ذلك، يبلغ معدل توزيع «مجلة مادهيامام الأسبوعية» قرابة 25.000 عدد. في الوقت الراهن، تضم «مجموعة مادهيامام» فريق عمل يبلغ عدد أعضائه نحو 1.200 فرد، بينهم قرابة 500 صحافي يعملون لكل الوقت.

من بين الإصدارات الأخرى الصادرة بلغة مالايالام «تشاندريكا ديلي» المرتبطة بـ«الرابطة الإسلامية»، وهي قوة سياسية مهمة. وتعد «ثيجاس» أحد العناصر المنضمة إلى عالم الصحف الصادرة بلغة مالايالام وسرعان ما نجحت في تحقيق نمو واضح وإثبات وجودها داخل سوق تتسم بمنافسة محتدمة.

يذكر أن رئيس تحرير «ثيجاس» غير مسلم وتخضع الصحيفة لإدارة مهنية ويضم فريق العمل أفرادا من مختلف الديانات.

اليوم، تصدر العديد من المنظمات المسلمة في كيرالا مئات المجلات والصحف والدوريات. ولا يقتصر تعامل هذه الإصدارات على القضايا الدينية (مثلما الحال مع الكثير من الإصدارات المملوكة لهنود مسلمين يتركزون في شمال الهند)، وإنما يمتد اهتمامها إلى قضايا اجتماعية وسياسية أيضا. وقد اضطلعت هذه الإصدارات بدور محوري في تعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي بين مسلمي كيرالا والتعريف بوجهات نظر المسلمين واهتماماتهم في أوساط مواطنيهم من غير المسلمين داخل ولاية كيرالا وسلطات الولاية وتعزيز تفاعل أوثق بين المجتمعات المختلفة داخل الولاية.

ويشدد عبد الرحمن، رئيس تحرير «مادهيامام»، على أن الصحيفة لا تخص المسلمين فقط ولا تعد صحيفة إسلامية. الملاحظ أن «مادهيامام» تخاطب جميع القراء الناطقين بلغة مالايالام وتعمد إلى تناول قضايا عامة، مع «تسليط الضوء بصورة خاصة على جميع القضايا المرتبطة بالمجتمعات المهمشة والأقلية، وليس المسلمين فحسب، سعيا لأن تصبح الصحيفة صوت من لا صوت له»، حسبما أوضح عبد الرحمن. وأضاف: «لقد اتبعنا دوما نهجا مناهضا للامبريالية ويدعم عددا من الحركات الليبرالية، وينتقد بشدة الفاشستية والتطرف باسم الدين والإرهاب». ووصف «مادهيامام» بأنها صحيفة «تعتمد على القيمة وتؤكد على الأخلاق على النقيض من الصحف التجارية التي يتمثل الدافع الوحيد المحرك لها في تحقيق المكاسب المادية».

من بين أكبر التحديات التي تعين على «مادهيامام» التغلب عليها نقص عائدات الإعلانات. في هذا الصدد، أوضح عبد الرحمن أن «الصحف تعيش على الأموال التي تجنيها من الإعلانات، لكننا منذ البداية أقررنا سياسة لنا تتسم بطابع شديد الانتقائية حيال الإعلانات التي ننشرها. على سبيل المثال لا ننشر إعلانات تظهر بها سيدات غير محتشمات ولا ننشر إعلانات عن المصارف أو استثمارات تنطوي على تحايل أو أفلام غير لائقة. وكان ذلك سببا في تكبدنا خسائر كبرى».

لكن ما هو الدرس الذي تحمله تجربة «مادهيامام» الناجحة بالنسبة للكيانات الإعلامية المملوكة لمسلمين في الهند؟ كيف تمكنت «مادهيامام» من قطع أشواط كبيرة على النقيض من الكثير من الصحف التي يتولى إدارتها مسلمون في أجزاء أخرى من البلاد؟ يشدد عبد الرحمن على أنه كي تكتسب الصحف التي يملكها هنود مسلمون فاعلية يجب أن تعمل على توسيع القاعدة التي ترمي لاجتذابها من القراء وتوسيع نطاق التوجه الذي تتبعه، بدلا من قصره على المسلمين فحسب. وأضاف: «ينبغي أن تحمل الصحف اليومية التي يملكها مسلمون طابعا علمانيا، وعدم قصر اهتمامها على المجتمع المسلم فحسب أو القضايا الدينية، فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكننا من خلاله عرض وجهات نظرنا وأفكارنا على المجتمع الأوسع نطاقا». وحذر من أنه من دون سلك هذا السبيل، لن يتعامل الآخرون مع صحف الهنود المسلمين على محمل الجد ولن تتمكن هذه الصحف من ترك أدنى تأثير خارج الدائرة المسلمة الضيقة. في الواقع، تشكل الصحف الصادرة بالأردية في شمال الهند والتي تعيش في عزلة واضحة عن المجتمع الأكبر مثالا جليا على هذا الأمر. وبفضل التوجه الذي نتبعه، ينتمي الكثير من قرائنا إلى غير المسلمين. من ناحيتنا، لا ننشر بانتظام مقالات حول الدين، ونعمل على قصر اهتمامنا، مثلما ينبغي على جميع الصحف، على الأخبار ووجهات النظر حيال الأخبار».

واستطرد عبد الرحمن بأن «في المناسبات الدينية، نثير قضايا خاصة، لكن هذا لا يقتصر على المناسبات المسلمة فقط، حيث نفعل المثل مع الأعياد الهندوسية - وفي رأس السنة أيضا». وقارن عبد الرحمن بين هذا التوجه الشامل بالتوجه الذي تتبعه غالبية الإصدارات التي يملكها مسلمون بأجزاء أخرى من الهند والذي وصفه متحسرا بأنه «يركز على الإسلام فقط، وغالبا ما يتسم بضيق الأفق وتجاهل القضايا الاجتماعية».

وأضاف عبد الرحمن: «في الوقت ذاته لا يعني ذلك أن على أي صحيفة يومية مسلمة تجاهل القضايا التي تهم المسلمين. ما نفعله في (مادهيامام) هو عرض الأخبار كأخبار، وتسليط الضوء على الأخبار المهمة، وليس التطورات التي تهم المسلمين فحسب. كما نسلط الضوء أيضا على وجهات النظر تجاه الأخبار في المقالات الافتتاحية وأعمدة الرأي التي ندعو متخصصين للإسهام بها. وبذلك، يمكن التعبير عن وجهات نظر المسلمين حيال أحداث متنوعة تجري حولنا. إلى جانب ذلك، نسمح للأفراد بتوجيه نقد لنا في أعمدة الرأي لدينا. ويجب على الصحف المسلمة السماح بذلك والامتناع عن التمسك بحوار من طرف واحد».

تتمثل نصيحة أخرى قدمها عبد الرحمن إلى الصحف الخاضعة لإدارة مسلمين في توجيه الدعوة إلى كتاب غير مسلمين للإسهام بوجهات نظرهم». جدير بالذكر أن عددا من الكتاب والنشطاء الاجتماعيين البارزين غير المسلمين يسهمون بوجهات نظرهم في الصحيفة.

وسعيا لخلق بيئة عمل صحية، ينصح عبد الرحمن تلك الصحف أيضا بتوظيف مهنيين غير مسلمين وعدم قصر اهتمامهم على الشأن المسلم. وقال: «في (مادهيامام)، ينتمي قرابة 40 في المائة من الصحافيين إلى غير المسلمين - مسيحيين وهندوس وماركسيين وملحدين. ويملك أعضاء فريق العمل لدينا توجهات وميولا سياسية خاصة بهم، حيث يوالي بعضهم «الرابطة المسلمة» ويناصر آخرون «حزب المؤتمر»، بينما يعتنق آخرون الفكر الشيوعي، لكن كل هذا غير مهم طالما أنهم يعملون بمهنية».

تتبنى «مادهيامام» خططا طموحة للمستقبل، بينها إصدار صحيفة يومية بالإنجليزية وإصدار طبعات متزامنة من دلهي ومومباي وكالكوتا وحيدر آباد وبنغالور وتشيناي وإطلاق قناة تلفزيونية (ستتبع نفس السياسة الإعلامية لمادهيامام) وإصدار طبعات جديدة من مناطق أخرى داخل كيرالا.

من ناحية أخرى، تصدر بعض الصحف بلغات محلية مثل «جوجارات توداي» بلغة جوجارات و«فارثا بهارتي» لغة كنادا وتصدر من منغالور. بالنسبة للوكالات الإخبارية، جرى تنفيذ بعض المحاولات في السابق، لكنها للأسف لم تنجح. بالنسبة للمجلات، لا تتوافر سوى بضع مجلات بالإنجليزية مملوكة لمسلمين، وتتسم بضعف مستوى التوزيع ويكاد يقتصر جميع قرائها على المسلمين فحسب. كما تتوافر العديد من المجلات المملوكة لمسلمين بلغات أخرى مثل التاميل ومالايالام وتيلوغو وأوردو والهندية وجوجارات وكنادا والبنغالية.

ويعد بدء الخدمة الأردية من «يونايتد نيوز أوف إنديا» وإطلاق قناة «دوردارشان» الأردية في 15 أغسطس (آب) 2006 وإطلاق «إي تي في أوردو» من حيدر آباد، علامات مميزة على طريق النجاح فيما يخص الإعلام الهندي المسلم. وبينما تخضع الأولى والثانية لإدارة حكومية، يملك الأخيرة أحد أقطاب الإعلام من الهنود غير المسلمين في حيدر آباد.