تلفزيونات فائقة الدقة تستحوذ على انتباه المشاهدين

المنتجون: ليس بمقدورنا تحقيق أقصى استفادة من هذا الوسط الواضح تماما

المشاهدون للبرامج بدقة فائقة لن يكون لديهم رغبة كبيرة في مشاهدة أي شيء وبجودة أقل («نيويورك تايمز»)
TT

يشاهد نصف سكان الولايات المتحدة الآن التلفزيون عن طريق تكنولوجيا البث المرئي الفائق للغاية، وهو أسرع تطبيق في تكنولوجيا البث المرئي منذ أن اجتاحت أجهزة «في سي آر» الأسواق في ثمانينات القرن الماضي.

ومع تطبيق هذه التكنولوجيا، هناك أخبار سارة للشبكات واستوديوهات هوليوود: تجذب الدقة الفائقة المشاهدين إلى مشاهدة التلفزيون لفترات أطول من الوقت. ووفقا لشركة «نيلسن»، تشاهد الأسر التي لديها تلفزيونات فائقة الدقة البرامج التي تذاع في أعلى أوقات للمشاهدة بنسبة تبلغ نحو 3 في المائة أكثر من نظرائهم الذين يمتلكون تلفزيونات ذات دقة عادية.

وقد حدث هذا النمو المفاجئ في مشاهدة البث المرئي فائق الدقة مع قليل من الاهتمام بالنسبة للمستهلكين، الذين استبدلوا بكل بساطة أجهزة التلفزيونات وأجهزة الاستقبال الرقمي الخاصة بهم. لكن فيما وراء الكواليس، يعد البث المرئي فائق الدقة بمثابة ثورة في التحديث بالنسبة للمجال التجاري التلفزيوني، بما في ذلك استثمار مئات الملايين من الدولارات في الكاميرات والاستوديوهات الجديدة وغرف التحكم. وقد غير ذلك الطريقة التي يستعمل بها المذيعون المحليون الماكياج الخاص بهم هنا في هيوستن، وهي إحدى الأسواق الشائعة على نحو خاص بالنسبة للبث المرئي فائق الدقة.

وقالت شيري ويليامز، المذيعة في قناة «KHOU-TV»، إحدى القنوات التلفزيونية التابعة لشبكة «سي بي إس»: «تشبه التلفزيونات فائقة الدقة أن تكون تحت عدسة مكبرة مزودة بإضاءة».

بيد أنه في الوقت الذي ينمو فيه استخدام التلفزيونات فائقة الدقة، من الواضح أنه لا يزال هناك نوعان من الإنتاج التلفزيوني: أحدهما يمَكن المشاهدين من مشاهدة أوراق النجيلة في أحد ملاعب البيسبول، والنوع الآخر لم يمر بتغيرات كبيرة منذ ستينات القرن الماضي عندما بدأت تكنولوجيا التلفزيونات الملونة.

ويشتكي المسؤولون التنفيذيون في الاستوديوهات من المحطات المحلية التي لا تستطيع حتى الآن استقبال البث المرئي فائق الدقة للبرامج. ويقول المنتجون إنهم ليس بمقدورهم حتى الآن تحقيق أقصى استفادة من هذا الوسط الواضح تماما والأوسع نطاقا نظرا لأن الكثير من المشاهدين لا يمتلكون سوى أجهزة التلفزيون القديمة.

ويتم إنتاج التلفزيونات فائقة الدقة بشاشات عرض بنسبة ارتفاع (أي نسبة عرض الصورة إلى ارتفاعها) تبلغ 16:9، مما يسمح بمشاهدة سينمائية أكبر. بيد أن الغرافيك الخاص بالأخبار التلفزيونية، على سبيل المثال، لا يزال في حاجة إلى أن يتم ضغطه إلى نسبة 4:3 الخاصة بالدقة العادية.

وفي هيوستن، التي يوجد بها عدد أكبر من المشاهدين للبث المرئي فائق الدقة بالمقارنة بالأسواق الأخرى في البلاد، فيما عدا واشنطن العاصمة، نادرا ما يعلق المشاهدون على جودة بث قناة «KHOU»، إلا إذا كانت بعض الأحداث الرياضية غير مصورة بدقة فائقة، على سبيل المثال.

وفي سياق تعليقها على هذا التحول، قالت سوزان ماكيلدون، رئيسة المحطة، «بالنسبة للمستهلك، كان الأمر سهلا للغاية».

وكانت قناة «KHOU» هي المحطة الأولى في هيوستن التي ارتقت إلى تكنولوجيا البث فائق الدقة قبل ثلاث سنوات. وقالت سوزان: «إنه تحرك مكلف» في ظل استثمار عدة ملايين من الدولارات في الكاميرات الجديدة وأجهزة الكومبيوتر وغيرها من المعدات.

كما تم إنشاء أجهزة جديدة لنشرات الأخبار، وكذلك تم استخدام حزم برامج جديدة للغرافيك. ومنذ ذلك الحين، تحول منافسو محطة «KHOU» إلى تكنولوجيا البث المرئي فائق الدقة، حيث أتمت آخر محطة تحولها إلى ذلك المجال الشهر الحالي.

وفي بعض الحالات، يتعين على الشبكات اللحاق بالمحطات المحلية: بدأت شبكة «سي بي إس» الشهر الماضي فقط بث برنامجها الوطني الصباحي باستخدام تكنولوجيا الدقة الفائقة. وفي الشهر الحالي، تم تقديم البرنامج الأقدم في الولايات المتحدة وهو «ميت ذا برس» بتكنولوجيا البث المرئي فائق الدقة.

وقالت سوزان إنها لا تعرف ما إذا كان البث المرئي فائق الدقة قد ساعد على وجه التحديد في تصنيف المحطة التي ترأسها؛ بكل بساطة كان التحول مجرد مواكبة للمعايير المتغيرة في الصناعة. وتم تطبيق معايير البث المرئي فائق الدقة في أواخر تسعينات القرن الماضي، لكن حتى نهاية عام 2008 – وهو الوقت الذي انخفضت فيه أسعار أجهزة التلفزيونات انخفاضا مطردا – لم يكن ربع عدد السكان الأميركيين يشاهدون النتائج في المنزل. والآن تقول شركة «نيلسن» إن 51.7 في المائة من الأميركيين يشاهدون البث المرئي فائق الدقة. وهذه الأسر لديها مستويات دخل أعلى ومن المرجح أن لديها أجهزة تسجيل فيديو رقمية وأنظمة ألعاب فيديو.

وتحقق بعض الشبكات، خاصة الشبكات التي تقدم برامج رياضية وأفلاما، استفادة أكبر من الشبكات الأخرى. وتعد شبكات «إي إس بي إن» و«إتش بي أو» و«نيكلوديون» و«إن إف إل نيتوورك» و«شو تايم» من بين أكبر الشبكات التي حققت أعلى مشاهدة بين جمهور البث المرئي فائق الدقة، وفقا لتحليل أجرته شركة «نيلسن» حول بيانات التصنيف لصحيفة «نيويورك تايمز».

وقامت شبكة «فوكس» بترويج تأثير البث المرئي فائق الدقة في عرض مقدم لشركات الإعلان في نيويورك الأسبوع الماضي.

وقال بيتر رايس، رئيس شبكة «فوكس» التلفزيونية، «في حين يتم تقديم أجهزة جديدة ورائعة بصورة دائمة، فإن الأبحاث تظهر أن الاختيار الأول للمستهلك في الشراء هو جهاز تلفزيون فائق الدقة وكبير الحجم ورائع وذو شاشة مسطحة. إنهم لا يشترون هذه الأجهزة باعتبارها جزءا من الأثاث. فهذه الأجهزة تجعل المشاهدين أكثر قربا من الحركة، وأكثر قربا من المشاعر».

وبطريقة غريبة، قد يحدد البث المرئي فائق الدقة عدد القنوات التي يشاهدها المشاهدون، لأنهم بمجرد مشاهدتهم للبرامج بدقة فائقة، فلن يكون لديهم رغبة كبيرة في مشاهدة أي شيء بجودة أقل. وقال ديفيد إم زاسلاف، الرئيس التنفيذي لشركة «ديسكوفري كوميونيكيشنز»، التي تمتلك قنوات «أنيمال بلانت» و«تي إل سي» وغيرها من القنوات، «البث المرئي فائق الدقة هو الكيبل الأساسي الجديد».

وكانت النتيجة هي الاندفاع تجاه التحديث من جانب القنوات، سواء الكبيرة أم الصغيرة، فالجميع اندفعوا تجاه نطاق البث فائق الدقة الذي خصصته شركات قنوات الكيبل وشركات القنوات الفضائية. وقال فيليب دومان، الرئيس التنفيذي لشركة «فياكوم»، التي تمتلك قنوات «إم تي في» و«كوميدي سنترال»، «بكل تأكيد تعزز نسبة المشاهدة».

وقالت باتريشيا ماكدونو، نائبة رئيس التخطيط والسياسة والتحليل في شركة «نيلسن»، إن التطبيق السريع لتكنولوجيا البث المرئي فائق الدقة أكد أن «الناس يبحثون بصورة مستمرة عن أفضل صورة يستطيعون الحصول عليها».

وفي الوقت الذي اشترت فيه الأسر أجهزة التلفزيونات فائقة الدقة للمرة الأولى، أظهرت بيانات شركة «نيلسن» أن الأميركيين عادوا لمشاهدة التلفزيون في غرفة المعيشة، حيث يستطيعون وضع الأجهزة الأفضل والأكبر حجما، بدلا من غرف النوم والمطابخ، حيث اعتادوا مشاهدة التلفزيون.

والآن، قالت ماكدونو إنه في الوقت الذي تشتري فيه الأسر مزيدا من أجهزة التلفزيون فائق الدقة «أتوقع أننا سنشهد الناس يعودون لما كانوا عليه».

* خدمة «نيويورك تايمز»