رحيل رئيس تحرير مجلة «أودوبون»

تحولت في عهد ليز لاين من الاهتمام بالطيور والحيوانات إلى القضايا البيئية

ليز لاين («نيويورك تايمز»)
TT

في 23 مايو (أيار)، توفي ليز لاين، رئيس تحرير مجلة «جمعية أودوبون الوطنية» والذي تقلد على مدار 25 عاما رئاسة التحرير شهدت خلالها توسيعا لنطاق نشاط المجلة إلى ما وراء الطيور والحيوانات لتشمل قضايا بيئية مثل حوادث التسرب النفطي، عن عمر يناهز 74 عاما في شارون بكونيكتيكت.

وقالت زوجته لواز إن سبب الوفاة كان سكتة قلبية.

خلال فترة تولي لاين رئاسة تحرير المجلة بين عامي 1966 و1991، ارتفعت معدلات التوزيع بمقدار 14 ضعفا، لتصل إلى ما يقارب 500 ألف نسخة، مع تنامي عدد أعضاء الجمعية. وقد نال لاين استحسانا خاصا لتمكنه من تعزيز الجاذبية البصرية لمحتويات المجلة وإضافة ألوان، ووضوح للصور المعروضة بها.

في مقال له عام 1974، كتب روجر توري بيترسون، عالم الطيور البارز، أن لاين جعل من «أودوبون» «المجلة الأجمل بمجال التاريخ الطبيعي»، مستطردا بأن «الكثيرين يصفون المجلة الآن بأنها المجلة الأجمل على الإطلاق من مختلف أنماط المجلات الصادرة بالإنجليزية».

الملاحظ أن لاين فضل دوما المقالات القوية المؤثرة. عام 1977، فازت «أودوبون» بجائزة «أفضل مجلة وطنية» (ناشونال مغازين أورد) لمقال نشرته عن المزيج الذي يدخل في تركيب علف الماشية وتسبب في مقتل 22 ألف بقرة مدرة للحليب و1.6 مليون دجاجة.

لدى ورود أنباء عن غرق ناقلة النفط «إكسون فالديز» في مضيق برنس ويليام في مارس (آذار) 1989، وتسرب ملايين غالونات النفط منها، سارع لاين إلى إجراء اتصال هاتفي بأحد كتاب المجلة المفضلين لديه ووجهه إلى ضرورة أن يستقل أول طائرة متجهة إلى ألاسكا وكتابة تحقيق عن الموضوع. جدير بالذكر أنه قبل 12 عاما من هذه الحادثة، كان لاين قد كتب مقالا حذر خلاله من أن نقل النقط عبر ناقلات تمر في المضيق يعد «تجربة خطيرة».

إلا أن الأضواء تركزت قطعا بدرجة أكبر على لاين عندما فصل من عمله في مارس 1991. كانت الجمعية، التي بدأت عملها عام 1896 بهدف حماية الطيور، واستقت اسمها من عالم التاريخ الطبيعي جون جيمس أودوبون، قررت الاضطلاع بدور أكبر بين المنظمات البيئية. وعليه، اقترح مستشارون لها أن عليها بث روح جديدة في المجلة من خلال الابتعاد عن التركيز على الطيور. وبالفعل، استبدل مجلس الإدارة لاين بمالكولم أبرامز، رئيس التحرير الإداري السابق لصحيفة «ستار».

وقطعت الجمعية شوطا كبيرا في هذه الجهود لدرجة دفعتها للتخلي عن شعارها المحبوب المتمثل في صورة البلشون الأبيض لتضع محله علما أزرق. خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة «نيويورك تايمز»، أوضح بيتر إيه. إيه. بيرل، رئيس الجمعية وناشر المجلة، أن العلم حمل رسالة مفادها أن «أودوبون» تجسد «قضية».

من ناحيته، اعترض لاين على الشعار الجديد، قائلا إنه أشبه بالشعارات المميزة لمبيدات قتل الحشرات.

وعكس قرار فصله في جزء منه التوتر القائم بين الأجندة التشريعية للجمعية وتوجه لاين القوي إزاء العمل الصحافي. وأشار فرانك غراهام، محرر «أودوبون» الميداني وأحد أقدم الكتاب العاملين لديها، إلى أن مجلس إدارة الجمعية تدخل ذات مرة لمنعه من نشر مقال ينتقد برامج التناسل داخل المحابس الجاري تطبيقها على نشر الكندور في كاليفورنيا، وهو إجراء فضلته الجمعية.

واشتكى بيترسون إلى «نيويورك تايمز» عام 1991 من أن «أودوبون» بدأت تفقد هويتها، في الوقت الذي صرح الكاتب ويليام ليست هيت مون، أحد الكتاب المساهمين بموضوعات في المجلة لـ«نيوزويك» بأن القلق يساوره إزاء تحول «أودوبون» إلى «قطعة براقة من القمامة».

على الجانب الآخر، أشاد بول آر. إريليك، العالم المتخصص في الدراسات السكانية عضو مجلس إدارة «جمعية أودوبون»، بالتوجه الجديد الذي تتخذه المجلة، قائلا في خطاب إلى «نيويورك تايمز» إن المجلة في ظل قيادة لاين «أخفقت في عكس القضايا واسعة النطاق التي تهم الجمعية».

في نهاية الأمر، نجح لاين في التصالح مع النظام الجديد. وبدأ مايكل روبنز، خليفة أبرامز، في قبول مقالات شارك بها لاين ككاتب حر في المجلة. منذ عام 2001، كتب مقالا متميزا مرفقا به صورة على الصفحة الأخيرة من المجلة. إضافة إلى ذلك، أصدر لاين، وهو مصور متميز للعناصر الطبيعية، 35 كتابا، إما ككاتب أو محرر أو مصور.

كشخص، لم يكن من السهل دوما التعايش مع لاين. وعن هذا، قال غراهام: «إنه كان يثير غضب المسؤولين الأعلى شأنا».

ولد ليزلي ديل لاين في سبارتا بميتشيغان في 24 يونيو (حزيران) 1935. وأثناء دراسته الثانوية، كتب عمودا بالصحيفة المحلية. والتحق بـ«أكويناس كوليدج» في غراند رابيدس بميتشيغان، وأصبح المصور الرئيسي ومحررا لشؤون الحفاظ على البيئة في «ميدلاند ديلي نيوز».

كرئيس تحرير للرسالة الإخبارية الصادرة عن «جمعية ميتشيغان أودوبون»، ساعد لاين في إقناع المجلس التشريعي بالولاية بإنهاء فترة سماح لمدة 120 عاما لقتل الذئاب في ميتشيغان. وبعد نشر «أودوبون» لصورة التقطها لاين لطائر الهازجة المعرض للانقراض على غلافها، استعانت به المجلة كمساعد لرئيس التحرير عام 1965، ثم أصبح رئيسا للتحرير في العام التالي في سن الـ31.

كان لاين يعيش في أمينيا بنيويورك مع زوجته لواز أندرسون، وله ابن، مايكل، وابنة، هيذر لاين، وثلاثة أحفاد.

تميز لاين بحماسه المتوقد وعشقه بالألعاب على صورة قطارات وموسيقى الجاز والأسلحة. وقد ادعى أن مجموعة الأسلحة التي يقتنيها تضم سلاحا من طراز «توم». وكان يميل لإثارة الجدال. وأثناء عمله كمحرر شاب في ميتشيغان، كان أحيانا يكتب مقالات افتتاحية تنتقد القطط لمجرد استثارة غضب عاشقي القطط. وداخل «أودوبون»، كان يثير غضب الكثيرين ورضا كثيرين آخرين بمقالات يكتبها عن تفضيله فرض سيطرة على جهود الصيد.

بالنسبة للشعار الجديد المطروح في صورة علم، سرعان ما اختفى. وقال بيرل إنه مزجه بصورة البلشون الأبيض الذي عاود احتلال مكانته كشعار لـ«جمعية أودوبون».

* خدمة «نيويورك تايمز»