«سي إن إن» تحتفل بعيدها الـ30 وتتطلع إلى مستقبل مبني على التجديد

المحطة الأميركية الدولية غيرت وجه الإعلام وأدخلته عالم الـ24 ساعة

قبل 30 عاما لم يتخيل أحد أن «سي إن إن» ستصل إلى أكبر عدد من الناس من أي شبكة إخبارية أخرى
TT

أصبح من الصعب تصور العالم من دون الحصول على الأخبار على مدار الساعة، إذا كان من خلال القنوات الفضائية الإخبارية أو شبكات الإنترنت. إلا أن واقع الأخبار على مدار 24 ساعة جديد نسبيا في عالم الصحافة وهناك محطات عدة أدت إلى الاعتماد على سيل الأخبار المتواصل والوجوه الإعلامية التي أصبحت تزور منازل المئات من الملايين من المشاهدين حول العالم. وأبرز تلك المحطات هي تأسيس قناة «كيبل نيوز نتورك» المعروفة بـ«سي إن إن» قبل 30 عاما، لتنقل عالم الأخبار إلى مرحلة جديدة أدت إلى فتح المجال لقنوات إخبارية حول العالم، من «العربية» و«الجزيرة» إلى «بي بي سي وورلد نيوز» و«يورونيوز».

واحتفلت «سي إن إن» بعيدها الـ30 هذا الأسبوع بتسليط الضوء على قدرتها على التجديد الداخلي، إذ قال رئيس شبكة «سي إن إن» جيم والتون بهذه المناسبة: «إبداع (سي إن إن) يبقى في قدرتها على التجديد وإصرارها عليه». إلا أن بداية القناة لم تكن سهلة، وكانت هناك تساؤلات عدة داخل الولايات المتحدة حول احتمال نجاحها، خاصة أن المشاهد الأميركي كان قد اعتاد على نشرة أخبار رئيسية مساء كل يوم يقدمها مذيعون مشهورون منذ عقود مثل والتر كرونكايت. إلا أنه سرعان ما تقدمت «سي إن إن» بسبب تفاعل الأحداث خلال النهار والحاجة لتغطيتها، في وقت لم تكن هناك قنوات منافسة. وشرح والتون: «لم يكن أحد يعلم إذا كانت (المحطة) ستنجح، لم تكن هناك رغبة كبيرة لأخبار على مدار 24 ساعة من (ولاية) أتلانتا». ولكن نجحت القناة التي بدأت بالبث لـ1.5 مليون مشاهد أميركي لتصل اليوم إلى 350 مليون مشاهد حول العالم والملايين الإضافيين عبر موقعها الإلكتروني الذي صنف أخيرا بأنه الموقع الإخباري الأول حول العالم.

واحتفلت القناة بعامها الـ30 ببث لقطات قديمة من اليوم الأول من البث الذي صادف 1 يونيو (حزيران) 1980، وقدم المذيع ولف بليتزر برنامجا حمل عنوان «عيد ميلاد سعيد (سي إن إن)». وتحدث بليتزر عن تغطية حرب الخليج عام 1991، وهو الحدث العالمي الذي جعل «سي إن إن» مشهورة على النطاق العالمي خاصة بعد أن اعتمدت دول عدة على مراسليها لتوصيل أخبار العراق ومنطقة الشرق الأوسط. وقال مؤسس القناة، تيد تيرنر، في لقاء مع بليتزر، إن ذكرياته لتغطية «سي إن إن» لحرب 1991 هي المفضلة لديه بعد أن لمعت القناة بالتغطية. ويذكر أنه عندما أطلق تيرنر القناة قبل 30 عاما، نتيجة لإيمانه بالحاجة المتسارعة للمعلومات المتواصلة مع تقدم التكنولوجيا، قال إن القناة «أكبر إنجاز في تاريخ الصحافة». وقال حينها: «من أجل تزويد المعلومات للناس بعد أن كانت المعلومات غير متاحة، ولتقديم الخيارات لمن يريدها، إنني أعلن القناة الإخبارية الأميركية، كيبل نيوز نيتورك». وبغض النظر عما إذا كان المرء يتفق مع تيرنر أم لا، فالأمر المؤكد أن «سي إن إن» أحدثت تغييرا كبيرا على مجال الإعلام وفتحت آفاقا جديدة.

ووالتون من الشخصيات البارزة في «سي إن إن» الذي انضم إلى الشبكة عام 1981 كمراسل بسيط ليتدرج في الشركة حتى وصل إلى رئاستها. وبينما أصبح تيد تيرنر من أكثر الأميركيين شهرة وثراء، فإن ولاء عاملين ومراسلين لدى القناة مثل والتون وبليتزر ولاري كينغ عامل مهم للقناة، إذ بقوا في الشركة لعقود وأصبحت أسماؤهم مرتبطة مباشرة باسم «سي إن إن».

ويقول والتون إن العاملين في القناة يوم 1 يونيو 1980 لم يدركوا حينها كيف قد «غيرت (سي إن إن) كل شيء» ودفعت الإعلام إلى مستوى جديد من التغطية المتواصلة. واعتبر والتون أن هذا التغيير يتواصل، وخاصة في مجال التكنولوجيا، قائلا: «التكنولوجيا جعلت من الممكن قيام (سي إن إن) وساعدت على توصليها إلى أجيال متتالية لم تعد الحدود الجغرافية أو التفكير التقليدي يحدد تجربتهم». وأضاف: «لم يكن يتخيل أحد قبل 30 عاما أن (سي إن إن) اليوم ستصل إلى عدد أكبر من الناس من أي شبكة إخبارية أخرى أو أن تكون الأولى في الأخبار الإلكترونية أو الأخبار على الهاتف الجوال أو أن تتمتع بالمرتبة الثالثة فيما يخص الأسماء الأكثر انتشارا في العالم».

وربما أحد أسرار نجاح «سي إن إن» شراكاتها مع شركات عملاقة في صفقات إعلانية تدفع الشركة إلى الأمام. ومن أبرز هذه الاتفاقات ما جاء بين برنامج «أحدث تواصلا مع عالمك» التي تقدمه المقدمة بيكي أندرسون من لندن مع شركة «سكايب» للاتصالات عبر الكمبيوتر. وهو برنامج حول أبرز المستجدات والتغييرات في المجتمع ويعتمد على مقابلات مع شخصيات مختلفة لتسليط الضوء على حدث معين. وكثيرا ما يستخدم البرنامج شبكة «سكايب» للحديث مع خبراء حول العالم عبر أجهزة الكمبيوتر والكاميرات المركبة عليها. وتعتبر هذه الشراكة رمزا لمستقبل «سي إن إن» المعتمد على التقنيات المتجددة والإعلانات من شركات عالمية تريد أن تصل إلى جمهور عالمي عبر قنوات فضائية مثل «سي إن إن».

وكغيرها من وسائل الإعلام الحديثة، تعتمد «سي إن إن» على التقنيات الجديدة للتواصل مع المشاهدين وإبقاء روح التجديد لدى القناة. ولدى القناة نحو مليون مشجع على موقع «فيس بوك» الإلكتروني حيث تبث أخبارها عبره، بينما مراسلو «سي إن إن» حول العالم يستخدمون موقع «تويتر» لبث الأخبار المختصرة والتواصل مع الجمهور حول العالم.

وقال والتون إن التغيير والقدرة على التغيير يعد «تحديا وفرصة» للقناة الإخبارية. وبينما تبقي «سي إن إن» خليط الأخبار وتغطية إخبارية تمزج بين الأخبار العاجلة والتحليل المعمق، تواجه تحديات كبيرة فيما يخص المنافسة. فبعد 30 عاما، لم تعد «سي إن إن» وحدها على الساحة، لا داخل الولايات المتحدة ولا خارجها. وبينما «سي إن إن» العالمية تعتبر ريادية حول العالم، فإن «سي إن إن» المحلية في الولايات المتحدة تواجه منافسين أقوياء، إذ يفوق عدد مشاهدي قناتي «فوكس» و«إم إس إن بي سي» عدد مشاهدي «سي إن إن» في ساعات الذروة. وأصبحت «سي إن إن» تحتل المرتبة الثالثة، بعدما كانت الأولى، بين القنوات الإخبارية المحلية. ودخلت شبكة «سي إن إن» مرحلة مراجعة داخلية خلال الأسابيع الماضية لمعالجة هذا التحدي وخاصة داخل الولايات المتحدة، إذ تحاول «سي إن إن» إبقاء هويتها غير المتحيزة لوجهة نظر سياسية محددة بينما أصبحت الساحة الإعلامية الأميركية منقسمة بين محافظين (قناة فوكس) وليبراليين (إم إس إن بي سي).

ولكن ربما عدم الانحياز يساعد القناة أحيانا، والدليل هو قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما اختيار «سي إن إن» لمقابلة خاصة لشرح موقفه من البقعة النفطية في خليج المكسيك التي تشغل محطات الأخبار الأميركية. ويجري المقابلة مع أوباما المذيع لاري كينغ الذي استضاف البرنامج الذي يحمل اسمه منذ 25 عاما. وتتوج هذه المقابلة احتفال «سي إن إن» هذا الأسبوع بعامها الـ30 وتعطيها دفعا جديدا للتغطية الإعلامية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

* «سي إن إن» بالأرقام - بدأت البث 1 يونيو (حزيران) 1980.

- لها 36 مكتبا حول العالم.

- تبث في 212 دولة.

- لديها 4 آلاف موظف حول العالم.

- عدد مشاهديها يفوق 350 مليون مشاهد.

- 11 قناة تابعة لشبكة «سي إن إن»، منها «سي إن إن» التركية والإسبانية واليابانية.

- لديها 900 محطة محلية تابعة لشبكة «سي إن إن».

- في 1 أغسطس (آب) 1995 أطلقت «سي إن إن» موقعها الإلكتروني للمرة الأولى.

- 1.1 مليون متابع لها على موقع «تويتر» ونحو مليون على موقع «فيس بوك».