حقوق البث.. جائزة كأس العالم الحقيقية

تباين بين دول القارات الخمس حول المشاهدة المدفوعة أو المجانية

TT

خلال الأيام المقبلة، سيتنافس 32 منتخبا لكرة القدم من مختلف أنحاء العالم من أجل الفوز بكأس العالم في نهائيات البطولة التي تقام بجنوب أفريقيا. وسوف يعود 31 منتخبا من بين هذه المنتخبات إلى أرض الوطن صفر اليدين.

وبالنسبة للمؤسسات التلفزيونية التي تستعد لتغطية البطولة، التي يراها البعض أكبر حدث رياضي في العالم، توجد تحديات كبيرة، حيث من المتوقع أن يعطي كأس العالم دفعة لمعدلات المشاهدة ومعدلات الإعلانات. ولكن على ضوء السعر المرتفع لحقوق البث التلفزيوني، فلن يتمكن سوى عدد قليل منها فعليا من تحقيق أرباح من هذه الفعالية الرياضية الهامة.

وقد وجد كثير من القنوات التلفزيونية غير المشفرة ذلك سلبيا، مما دفعها إلى ترك حقوق البث لكيانات منافسة، ومن بينها القنوات التلفزيونية التي تبث خدماتها مقابل اشتراكات، التي كانت تجد في السابق صعوبة في الدخول إلى كأس العالم. وفي أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأجزاء من آسيا، سوف يعرض جزء أكبر من البطولة على قنوات فضائية أو كابلية تبث خدماتها مقابل اشتراكات، بدلا من القنوات غير المشفرة.

ويقول كيفين ألافي، مدير «فيوتشرز سبورت آند إنترتينمنت» التي تجري أبحاثا حول الإعلانات: «داخل بعض الدول، إذا أرد الفرد مشاهدة المباريات كافة، يجب عليه أن يغير نمط حياته: إما الدفع مقابل ذلك، أو الذهاب إلى كافيتريا».

وعلى الرغم من أن الهيئات التلفزيونية التي تقدم خدماتها مقابل اشتراكات حصلت منذ وقت طويل على حق بث بطولات دوري كرة قدم هامة في أوروبا، فإن المؤسسات التلفزيونية التجارية المجانية وهيئات التلفزيون العامة كانت تستطيع بث كأس العالم في معظم أوروبا، التي تمثل السوق التلفزيونية الأكبر للبطولة.

وبدءا من كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، حصلت شركات التلفزيون المدفوع الأوروبية على موطأ قدم في هذه البطولة، حيث جعل فارق التوقيت بين أوروبا وآسيا بعض المباريات أقل جاذبية للهيئات التلفزيونية العامة.

وفي الوقت الحالي، ومع سعي القنوات التجارية المجانية والهيئات التلفزيونية العامة إلى تقليل النفقات، تحقق شركات التلفزيون المدفوع، التي أصبحت أقوى في فترة ما بعد الركود الاقتصادي، مكاسب إضافية.

وداخل فرنسا، على سبيل المثال، ستكون 8 مباريات من مباريات كأس العالم التي يبلغ عددها 64 مباراة متاحة حصريا على «كانال بلاس»، التي تقدم خدماتها مقابل اشتراكات. وكانت البداية لـ«كانال بلاس» عندما قامت قناة «تي إف1» التي اشترت حقوق بث جميع المباريات داخل فرنسا، بعرض حق بث مجموعات من المباريات على منافسين خلال الشتاء الماضي بعد تراجع عوائد الإعلانات خلال الركود الاقتصادي.

ويقول تيم ويستكوت، وهو محلل بارز لدى مؤسسة «سكرين دايدجست» البحثية في لندن: «ارتفعت رسوم حقوق البث بدرجة كبيرة، ولن يكون في استطاعة كثير من المؤسسات تغطية التكلفة من خلال الإعلانات وحدها».

وتقدر مؤسسة «سكرين دايدجست» أن كأس العالم سيضيف 1 - 2 نقطة مئوية إلى النمو في عوائد الإعلانات التلفزيونية في مختلف أنحاء العالم خلال العام الحالي. وبالنسبة لمؤسسة مثل «تي إف 1» داخل فرنسا، تقول الشركة إن ذلك قد يعني زيادة ما بين 20 مليون يورو إلى 30 مليون يورو. ولكن أنفقت قناة «تي إف 1» 120 مليون يورو (152 مليون دولار) من أجل الحصول على حقوق البث، ويقال إنها استردت 33 مليون يورو فقط عندما أعادت بيع بعض المباريات. وداخل بعض الدول الأوروبية، حصل التلفزيون المدفوع على أغلبية المباريات.

وفي إسبانيا، تتمتع «سوغ كابل» بحقوق حصرية في 40 من المباريات. وداخل إيطاليا، ستعرض «سكاي إيطاليا» 39 من المباريات حصريا. ولا تزال قوانين ثقافية أوروبية تشترط عرض مباريات هامة للصالح الوطني على التلفزيون المجاني. وبصورة عامة، تتضمن هذه: النهائي ومباريات الدور قبل النهائي ومباريات منتخب الدولة. ولكن، داخل بريطانيا، تطبق هذه القواعد على البطولة بالكامل، ولذا سوف تشارك هيئة الإذاعة البريطانية المملوكة للدولة و«إي تي في» المجانية في بث مباريات كأس العالم.

ويقول روس بيغام، مدير عام «رابطة التلفزيون التجاري» في أوروبا التي تضم مقدمي التلفزيون المدفوع ضمن عضويتها: «عندما تتحدث عن بث كأس العالم على التلفزيون المدفوع، تتذكر أن بعض السياسيين يرون (ذلك صعبا، فكأس العالم جزء من تراثنا الثقافي)».

وداخل كثير من الدول الأوروبية الأصغر، لدى القنوات العامة قبضة قوية على كأس العالم، حسب اتفاق جماعي بين الفيفا واتحاد الإذاعة الأوروبي، الذي يمثل قنوات عامة. وقد تم توقيع اتفاقية مشابهة بين الفيفا والاتحاد الأفريقي للإذاعة، لتمنح المشاهدين القدرة على متابعة مباريات كأس العام مجانا داخل كثير من الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى. ولكن داخل بعض الأجزاء في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، سيكون على الجماهير الدفع مقابل ذلك، حيث تقدم «الجزيرة»، التي تمتلك حق البث في أجزاء كثيرة داخل المنطقة، المباريات على قنوات مشفرة داخل عدد من الدول. وتوجد احتجاجات داخل بعض المناطق التي تمتلك فيها قنوات باشتراكات حق بث المباريات حصريا.

وتدعو مجموعة على موقع «فيس بوك» داخل سنغافورة، على سبيل المثال، إلى مقاطعة المباريات التي يبثها مقدمو التلفزيون المدفوع («سنغافورة للاتصالات» و«ستار هب»)، ويقولون إنها تفرض رسوما كبيرا على المباريات. وعن طريق التلفزيون المدفوع، تمكنت «الفيفا» من الحصول على مزيد من العوائد من مبيعات حقوق البث التلفزيوني. وتقول مؤسسة «سبورتكال» البحثية إن ذلك ساعد على تحقيق عوائد تصل إلى 2.15 مليار دولار، بزيادة 53 في المائة بالمقارنة مع فعالية 2006.

ويقول إزيتشيل أباتا، وهو باحث بارز لدى «سبورتكال»: «دائما يوجد نقاش داخل قطاع الرياضة حول تعظيم العوائد وتوسيع التغطية. وقد كانت الفيفا جيدة في القيام بكلا الأمرين».

وعلى الرغم من أن المشاهدين داخل عدد قليل من الأسواق ربما يمكنهم الدفع لمشاهدة المباريات، فإنه من المتوقع استمرار نمو نسبة المشاهدة داخل أماكن أخرى، ومن بينها الولايات المتحدة.

وهناك، تتقاسم حق البث شبكة «إيه بي سي» المجانية وخدمة «إي إس بي إن» الكابلية، وكلتاهما تمتلكها «والت ديزني» وقناة «يونيفيجين» الناطقة باللغة الإسبانية.

ووسط اهتمام متنام بكأس العالم في الولايات المتحدة، تقوم «إي إس بي إن» بالترويج للبطولة على نطاق واسع، وتعلن عن خطط لبث بعض المباريات بالتقنية الثلاثية الأبعاد للمشاهدين الذين لديهم أجهزة تلفزيون ثلاثية الأبعاد.

وعلى المستوى العالمي، يقدر ألافي، باحث الإعلانات، أن المشاهدين يمكن أن يزداد عددهم بنسبة تصل إلى 5 في المائة بالمقارنة مع الرقم الكبير خلال كأس العالم 2006 داخل ألمانيا. وسوف تجذب مباريات معينة مشاهدين مباشرين يصل عددهم إلى 125 مليون شخص، وهو الرقم نفسه تقريبا الذي جذبته المباراة النهائية في دوري كرة القدم الأميركي. وأضاف أن متوسط عدد مشاهدي نهائي كأس العالم مباشرة يمكن أن يصل إلى 350 مليون شخص.

وسيعتمد كثيرون على الفرق التي سوف تصل إلى النهائي. وبالنسبة للقنوات، فإن النهائي الذي يحلمون به هو بين البرازيل وإنجلترا، حسب ما يقول ألافي، لأن هذه المنتخبات تجذب أكبر عدد من المشاهدين من مختلف أنحاء العالم. والاحتمال الأسوأ هو أن يكون النهائي بين نيوزيلندا وكوريا الشمالية.

* خدمة «نيويورك تايمز»