خطط حكومية لإنقاذ الصحف الأميركية المتعثرة

من بينها تخفيف القيود على لوائح مكافحة الاحتكار

جهود حكومية لإنقاذ الصحف على غرار ما اتخذته مع البنوك وشركات التأمين («نيويورك تايمز»)
TT

هل يتطلع أحد إلى أن تهرع الحكومة الفيدرالية لإنقاذ الصحف؟ لا تتعجل ذلك. تحاول لجنة التجارة الفيدرالية جاهدة الوصول إلى وسائل يمكن من خلالها إنقاذ العمل الصحافي من اختفاء محتمل.

ومن خلال سلسلة ندوات عامة، تعقد آخر ندوة ضمنها في واشنطن يوم الثلاثاء، اجتمعت اللجنة وقامت بتحليل مجموعة من المقترحات تهدف إلى مساعدة مهنة الصحافة كي تتمكن من تحقيق أرباح مجددا. وقُدمت مقترحات لعدد كبير من الأفكار، من بينها تخفيف القيود في لوائح مكافحة الاحتكار بهدف السماح للمؤسسات الإخبارية بفرض رسوم على المحتوى الإلكتروني أو فرض ضريبة على أجهزة «آي باد» وغيرها من الأجهزة الإلكترونية لدعم تكلفة التقارير الصحافية أو تأسيس صندوق عام على غرار «أميريكوبربس» لدفع رواتب للصحافيين الصغار.

ولكن يمكن للجنة ببساطة أن تتجنب تقديم أي توصيات للكونغرس أو طلب استخدام سلطاته الرقابية، بدلا من إصدار شيء يشبه تحليل نتائج خلصت إليها. ومن المتوقع أن تصدر اللجنة دراسة نهائية في نهاية العام الحالي.

وتقول سوزان دي سانتي، مديرة مكتب تخطيط السياسات التابع للجنة والمشرفة على دراسة «إعادة ابتكار الصحافة»، إن الوصول إلى مجموعة من المقترحات في الوقت الحالي قد يكون سابقا لأوانه على ضوء التغييرات داخل القطاع الإخباري.

وتضيف دي سانتي: «نحن في غمار تحول كبير في الأخبار، ولا يعرف أحد على وجه التحديد إلى أين تسير الأمور، ولا يعرف أحد، في الواقع، المرحلة التي وصلنا إليها في هذا التحول». وأضافت دي سانتي إنه سيكون غير عادي أن تنهي اللجنة عملها من دون تقديم أي إجراء ملموس.

وإذا كان ثمة إشارة فيما يفكر فيه رئيس اللجنة، فإنه من غير المتوقع نجاح فكرة فرض ضريبة على الأجهزة الإلكترونية لدعم الصحافة أو أي إعفاءات ذات صلة بمكافحة الاحتكار لصالح منابر إعلامية إخبارية. وقال رئيس اللجنة، جون ليبويتز، في جلسة استماع داخل مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي إنه يعتقد بصورة شخصية أن فرض ضريبة صحافية تمثل «فكرة بغيضة» وأن اللجنة «لا ترغب بشدة» في أي إعفاءات تتعلق بمكافحة الاحتكار.

وتم إدراج الفكرتين في مسودة تضمنت تعديلات سياسية محتملة أصدرتها لجنة التجارة الفيدرالية الشهر الماضي. ووُجهت انتقادات لهاتين الفكرتين، شأنهما شأن معظم المقترحات الأخرى في المسودة، على الرغم من أن اللجنة لم تقر أيا منها.

وجاء جزء كبير من الانتقادات من اليمين السياسي، إذ إنه غير مستعد لقبول فكرة قيام الحكومة بتعزيز مؤسسات إعلامية إخبارية من خلال فرض ضرائب أعلى. وانتقدت صفحة التحرير في «واشنطن تايمز» المقترحات التي ذكرت في التقرير، وجاء في مقال افتتاحي: «عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام، سيخسر المستهلكون بدرجة كبيرة عندما تقمع الحكومة الإبداع تحت مسمى (إنقاذ) قوالب العمل التجاري القديم». وسخِرت الصحيفة من مقترح يسمح للمؤسسات الإخبارية بفرض رسوم على مواقع تجميع الأخبار على شبكة الإنترنت مقابل استخدام المحتوى الموجود.

وركز انتقاد آخر على ما يعتبره الكثير من الصحافيين مخالفة صارخة، وهو السماح للحكومة بلعب دور في العمل الصحافي الحر.

ويقول ستيفين بريل، الذي يدير مؤسسة تتابع وسائل الإعلام الإخبارية، ويعمل حاليا على صياغة نظام تقوم من خلاله الصحف بفرض رسوم مقابل الاطلاع على محتواها على الإنترنت، إنه يجب أن لا يشعر الصحافيون بالراحة لدراسة الحكومة دعم عملهم.

ويشك بريل، مثل آخرين يتابعون عمل اللجنة، في أنها ستوصي بأي تعديلات سياسية هامة، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أنه لا توجد رغبة عامة في أن تتدخل الحكومة من أجل إنقاذ المؤسسات الإعلامية الإخبارية.

ويقول: «هل تريد إنشاء صندوق حتى يمكن لمجموعة من الصبية من كليات رابطة اللبلاب الحصول على وظائف والذهاب إلى اجتماعات الإدارة الخاصة باتخاذ القرارات ومعهم الأقلام؟ أنت في كوكب آخر إن حسبت ذلك يقع». وتبنى منتقدون آخرون فكرة السوق الحرة، ودعوا إلى ترك السوق، لا الحكومة، يحدد المنابر الباقية.

وكتب جيف جارفيس، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا في الصحافة لجامعة مدينة نيويورك الذي أدلى بشهادته أمام اللجنة، مقالا رأي نشر في «نيويورك بوست» وصفه فيه تدخل الحكومة بأنه غير مناسب وغير ضروري للحفاظ على مستقبل الصحافة. وأضاف جارفيس: «أعتقد أن المستقبل يرتبط بالجانب التجاري لا الجانب المؤسسي، ولا يحتاج رجال الأعمال إلى مساعدة حكومية، بل يحتاجون إلى تركهم وحدهم مع طمأنتهم بأن لجنة التجارة الفيدرالية لن تتدخل».

* خدمة «نيويورك تايمز»