ديان سوير.. مقدمة برنامج «ضغط»

تدفع الصحافيين إلى التلويح بالكشف عن وثائق على الهواء عبر «وورلد نيوز»

ديان سوير تقدم برنامجها «أخبار العالم» على شبكة «إيه بي سي» (رويترز)
TT

لم تكن الساعة قد دقت التاسعة صباحا بعد، وهزت ديان سوير رأسها في إشارة إلى الدهشة. «أمر لا يصدق»، هكذا قالت، بعدما استيقظت على الخبر الذي يقول إن الجنرال ستانلي إيه ماكريستال قد أساء إلى فريق العمل الخاص بالرئيس باراك أوباما في إحدى المقالات المنشورة في مجلة «رولينغ ستون». وقالت: «يا إلهي، كان ينبغي أن يكون ذلك من التصريحات غير القابلة للنشر... ماذا تفعل إذا كنت في مكان إدارة أوباما؟... ليس هذا هو الجنرال الذي عرفناه».

هذا هو الجانب غير البراق في حياة سوير، التي بدت في هذه اللحظة وكأنها ربة منزل تبلغ من العمر 64 عاما وتحتاج إلى احتساء فنجان من القهوة، حيث كان شعرها غير مصفف وكانت بشرتها شاحبة ووضعت نظارة محاطة بإطار أسود اللون وكانت مرتدية قميصا أبيض بسيطا. إنها تجلس في صف من ثمانية مقاعد في غرفة تحرير الأخبار بشبكة «إيه بي سي» في طريق كولومبوس، وتتحدث مع طاقم العاملين لديها، وأمطرتهم بوابل من الأسئلة حول الأخبار التي تتم صياغتها.

وخلال الشهور الستة منذ عملها مقدمة برنامج «وورلد نيوز» (أخبار العالم)، لم تغير نجمة الفترة الصباحية لفترة طويلة من وضع هذه النشرة الإخبارية التي يتم تصنيفها في المكانة الثانية، لكنها جلبت ميزة أكثر أهمية للشكل القديم للبرنامج. فعن طريق دفع الصحافيين إلى التلويح بالكشف عن وثائق على الهواء وبحث أسئلة المشاهدين التي أرسلوها على البريد الإلكتروني، وعن طريق انتقاد التعنت من جانب المسؤولين، تقدم سوير ما وصفه أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في «إيه بي سي» على أنه برنامج «ضغط».

وقالت سوير: «لقد قمنا إلى حد ما بإفساح المجال أمام الأفكار الإضافية، وسمحنا لأنفسنا بإخبارك الشيء الوحيد الذي رأينا أنه رائع. لقد أصبحت محادثة حقيقية نجريها معك، محادثة مثل التي من الممكن أن نجريها معك ونحن جالسون في غرفة المعيشة الخاصة بك. أعتقد أن ذلك يعطينا بعض الحرية لكي نكون أنفسنا».

ولا تنتهي المعاير الصارمة لدى سوير عند طاقم العاملين، حيث قالت إنها تسأل نفسها بعد كل برنامج: «هل هو مفعم بالحيوية بالقدر الذي يمكن أن يكون عليه؟ هل قمت بإيصال الحس الخاص بك للإثارة، ولم تلجئي إلى الصيغ المألوفة»؟

ويصف جون بانر، المخرج التنفيذي، سوير بأنها «أغرب شخصية رأيتها منذ فترة طويلة. إنها تدفعنا باستمرار تجاه طرح السؤال التالي».

ولتجنب الزوبعة المحمومة التي أحاطت بالظهور الأول لمقدمة البرامج كاتي كوريك على «سي بي إس» عام 2006، خلفت سوير المذيع تشارلي غيبسون بصورة هادئة قبل أعياد الميلاد بأربعة أيام، وكانت التغييرات التي أدخلتها على النشرة الإخبارية بطيئة ودقيقة. تقوم سوير بمحادثات موجزة ومرتجلة مع الصحافيين لديها، وغالبا ما يقدمهم «وورلد نيوز» على المكاتب الخاصة بهم أو أثناء إجراء محادثات مع الأفراد عبر الهاتف، بدلا من الظهور بطريقة تقليدية.

وقالت سوير، وهي تستدعي إلى الذاكرة الصحافي الذي استشهد بفقرة من تشريع إصلاح الرعاية الصحية، «كان جون كارل يجلس أمام أحد أجهزة الكومبيوتر وهو يقول: لكن ذلك موجود في الصفحة 4078، ويخبرك بأشياء كثيرة. وهذه وسيلة لإظهار أن ما نفعله ليس غامضا».

وقالت: «أعرف أن مراسلينا اعتقدوا لفترة طويلة أن الصورة الرسمية لما نفعله - (هذا هو الوضع، سأعود إليك، شكرا لك) - لا تتيح لنا السؤال عن بعض الأمور بنفس الطريقة التي يسأل بها الأفراد في المنازل».

وقال كارل إن سوير تقدم له دوما ردود الأفعال، وحثته، بشأن مشروع قانون الرعاية الصحية، «على التعمق في هذا الأمر، واعرض لنا وضعه، وما وجدته.. لقد ساعدت على تطوير مهاراتي كصحافي. لديها مقدرة كبيرة على استشعار الأسئلة التي تركز على الجوانب المهمة من أي قضية».

وفي الوقت الذي احتشد فيه 13 فردا داخل غرفة صغيرة للمؤتمرات لحضور الاجتماع التحريري يوم الثلاثاء الماضي في الساعة التاسعة صباحا، أدارت سوير اللقاء، وقدمت سلسلة من الاقتراحات لفكرة كل خبر.

وفيما يتعلق بالضجة التي أثيرت بشأن الجنرال ماكريستال، الذي أجرت سوير مقابلة معه، ناشدت سوير الجمهور قائلة: «إننا نحتاج إلى إخباركم حول من يكون، إننا في الحقيقة نفعل ذلك».

وفيما يتعلق ببداية مناقشة إصلاح نظام الرعاية الصحية، قالت: «أتساءل عما إذا كنا لا ندين أيضا للمشاهد بشيء ملموس، في ضوء حيرة ما مضى: كم منا سجل أبناءنا الذين يبلغون من العمر 26 عاما في خطط التأمين لدينا؟... أشعر أن الأمر لا يزال ضبابيا».

وفيما يتعلق باشتراط ولاية إلينوي أن يبلغ العمال في الولاية سن 67 عاما قبل الحصول على إعانات التقاعد عن العمل: «أتساءل عما إذا انتهى بنا الأمر بزيادة فعلية في سن التقاعد في هذا البلد».

وتختفي هذه المذيعة المشهورة في مكتبها لمدة 15 دقيقة، ثم تظهر مرة أخرى بصفتها ديان سوير التي تراها على الشاشة: الشعر الأشقر المصفف بعناية، والوجه المغطى ببودرة التجميل ذات اللون القرنفلي، والبلوزة الزرقاء الجميلة. وبالعودة إلى المكتب الخاص بها، يتحول الحديث إلى لمحة عن حياة نيكي هالي، الأميركي من أصل هندي المرشح للفوز بالانتخابات الداخلية في الحزب الجمهوري حول منصب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية. وقالت سوير: «أخبرني ما يعني أن تكون أحد أفراد السيخ».

وقامت بتفحص المقالة المنشورة في مجلة «رولينغ ستون»، ووضعت علامات صفراء اللون على بعض الفقرات. ثم اتجهت إلى الطابق العلوي لإجراء محادثة هاتفية مع محرر «رولينغ ستون» مايكل هاستينغر الذي كتب المقالة، واستمرت هذه المحادثة لمدة 25 دقيقة.

وفي غرفة تحكم مظلمة، أجرت سوير هذه المقابلة المرتجلة من دون أية ملاحظات: «هل كان يفترض أن أيا من هذه التصريحات غير قابلة للنشر؟... هل تقول إن ماكريستال كان سكرانا؟» وبالنسبة إلى سوير، هناك سمة شخصية في هذه القصة: اشتكى ماكريستال بشأن عدم الرغبة في فتح رسائل بريد إلكتروني من المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ريتشارد هولبروك، الذي كان صديقا لها في السابق. وذكرت سوير أن هولبروك كان «شجاعا» و«لا يكل ولا يمل»، مضيفة: «لا أعرف كيف أفسر إلى الناس كيف يكون لدينا صلة شخصية مع أحد الأفراد، ونظل صحافيين. سيعتقدون أننا إما نكذب عليهم أو أننا أناس نعمل بطريقة روتينية وآلية».

ومنذ أن بدأت وظيفتها كمقدمة برامج، حافظت سوير على جميع جمهور غيبسون تقريبا. يشاهد نحو 7.6 مليون مشاهد في المتوسط البرنامج الذي تقدمه، مقارنة بنحو 8.8 مليون مشاهد يشاهدون برنامج «نايتلي نيوز» على شبكة «إن بي سي»، و5.8 مليون مشاهد يشاهدون برنامج «إفينينغ نيوز» الذي تقدمه كوريك على شبكة «سي بي إس». وقال بانر: «أشعر بإحباط عميق بشأن ذلك»، مضيفا أن الترويج كان ضعيفا للغاية لدرجة أنه يلتقي بأناس لا يزالون يعتقدون أن سوير تشارك في تقديم برنامج «غود مورنينغ أميركا». وقال: «أريد العودة إلى الوضع الأول. هذا هو الشيء الذي تستحقه».

وبعد الانتقاد الذي تلقته كوريك على المستوى الوطني، لا يبدو أن وضع سوير باعتبارها المذيعة الثانية في الشبكة إحدى القضايا المهمة. وقالت سوير، التي ولدت في ولاية كنتاكي، وهي تحرك الخاتم في إصبعها كما لو كان السؤال غير مرحب به: «المتعة هي أننا نستطيع أن نكون أفرادا ومختلفين، نعم، كوني امرأة أحد الأمور التي أحبها بكل تأكيد. وأتمنى أن يقدم ذلك ما أفكر فيه».

وكانت اللحظة الحرجة التي واجهتها في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما كانت تنقل الأخبار في أفغانستان وكان عليها أن تقوم برحلة مدتها 30 ساعة إلى هايتي لتغطية الزلزال المدمر هناك. وقالت إن الرحلات السبع التي قامت بها كمذيعة ساعدت على تنشيطها، ولهذا السبب تحتاج إلى أن تكون في مسرح الخبر «وأعرف ماذا يعني ذلك».

وعندما ذهبت سوير إلى لويزيانا بعد التسرب النفطي في خليج المكسيك، قالت: «ما حركني إلى هناك هو بسالة هؤلاء الصيادين وأسرهم، وإلى أي حد أرادوا حماية أرضهم». وقالت إن زوجها، المدير مايك نيكولاس، يمزح معها ويصفها بأنها «ملكة الحياة البرية» لأنها «تعد حقيبة صغيرة وتغادر إلى إحدى الغابات في الأمازون».

وتدعو هذه المذيعة المشاهدين إلى إرسال استفساراتهم عبر البريد الإلكتروني حول حادثة التسرب النفطي وتقرأ الإجابات التي حصل عليها طاقم العاملين في البرنامج - وبعضها من شركة «بيرتيش بيتروليوم» – على الهواء مباشرة. وفي بعض التحديثات المنتظمة في البرنامج، انتقدت المسؤولين لعدم مقدرتهم على التصريح بشأن «طول المسافة التي تأثرت بالتسرب النفطي على طول الساحل».

وتعتاد سوير الآن على النوم حتى الساعة السابعة صباحا، وهو ميعاد بداية نومها القديم خلال فترة الـ 11 عاما التي قدمت خلالها برنامج «غود مورنينغ أميركا»، لكنها لا تذهب إلى النوم حتى الساعة الواحدة أو الثانية بعد منتصف الليل. الجميع تقريبا يعرف إحدى القصص بشأن قدرتها على التحمل.

وفي شهر أبريل (نيسان)، عندما علمت بشأن انفجار أحد المناجم في ولاية فيرجينيا الغربية قبل نشرة الأخبار المسائية بفترة وجيزة، انتقلت هي والمراسل ديفيد موير إلى هناك سريعا، وهبطت الطائرة قبل منتصف الليل. وعمل الاثنان معا خلال اليوم، وعندما حان وقت برنامج «وورلد نيوز»، قال موير: «لم يدرك الكثير من الناس أن هذه هي المذيعة التي لم تنم طوال الليل».

وكانت سوير، التي كانت تعمل في الماضي في واشنطن مستشارة صحافية لريتشارد نيكسون، تستخدم رحلاتها إلى العاصمة لكي تطور علاقاتها برئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وديفيد أكسيلرود، مستشار الرئيس أوباما.

وعلى الرغم من مكانتها كنجمة شهيرة في «إيه بي سي» و«سي بي إس»، تقر سوير بأنها تشعر بالوزن الإضافي لمنصب المذيع. وفي أعينها، أنها تواصل التقليد الذي انتهجه بيتر جينينغز وغيبسون، ووالتر كرونكايت ودان راثر. وعندما تصبح في البرنامج على الهواء بعد أي خطاب رئاسي، «إن الشبكة هي التي تشير إليك بأن هذه اللحظة مهمة».

وتعمل سوير كمدربة ومشجعة، ومراقبة لحركة الأحداث على الهواء، حيث تحاول إفساح المجال أمام أكبر قدر ممكن من المعلومات. وفي غرفة المؤتمرات في الساعة 2:40، تقول إنها ستتحدث إلى جورج ستيفانوبولوس بشأن ماكريستال «ثم تتحول إلى مارثا (راداتز)، التي تعرفه جيدا، وتقول أخبرنا بالمزيد».

ولا تزال سوير تسعى إلى إجابات بشأن التسرب النفطي: «هل نجح أي شيء بشأن نقص الأكسجين في المحيط؟».

لكنها تبدو معجبة بجماعة أبحاث في الشؤون الصحية تهدد بمقاضاة سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» لإغراء الأطفال بألعاب «هابي ميل». وقالت: «أتساءل ما إذا كان علينا تشجيع الدهون المشبعة والسعرات الحرارية».

كما أن قدرتها على سرد القصص مهمة للغاية. إنها تهرول إلى الطابق العلوي لتبحث في أشرطة الفيديو عن قصة تدور حول الولد الذي يبلغ من العمر 8 سنوات نجل الراحل راندي بوش، وتطلب من الكونغرس تعزيز التمويل الموجه إلى أبحاث سرطان البنكرياس. وطلبت سوير، التي خصصت حلقة سابقة مدتها ساعة حول بوش وتعد واحدة من المعجبين به، من المنتج صورا أكثر إثارة لأطفاله.

وأسرعت إلى عقد اجتماع مع الوحدة الطبية الخاصة بها، حيث تتحدى بصورة منهجية فكرة كل قصة: «من تعتقدون أنهم كبار في السن لهذه الأغراض؟» «ما هو متوسط مدة ميعاد كل طبيب، 11 دقيقة أو نحو ذلك؟» «أحب هذا، لكن علينا تحديد كيفية فعله... لذا إنه ليس برنامج (غود مورنينغ أميركا)».

وقبل التصوير على الهواء بساعتين، نظرت سوير إلى النص الذي كتبه مراسل البيت الأبيض جيك تابر بشأن ماكريستال. وأخبرت بانر: «بدلا من نقل قول جيك بأنه سخر من أوباما، يجب أن نقدم النص بحيث يستطيع الناس تقرير إلى أي مدى كان سيئا».

وفي الساعة 6:30، بدأت سوير الإذاعة بقصة ماكريستال: «صباح الخير. كان هناك انفجار ضخم سمع في جميع أنحاء العالم اليوم، وليس له علاقة بالأسلحة، لكنه متعلق بصورة كاملة بالكلمات». ونقلت جملتين فقط من المقابلة التي أجرتها مع الصحافي هاستينغز من مجلة «رولينغ ستون»، أما باقي المقابلة فقد تم نشرها على الإنترنت. وقامت سوير بتغطية التسرب النفطي، وحملة نيكي هالي الانتخابية، ومشكلة «ماكدونالدز»، وختمت اللقاء بتراث راندي بوش. وقالت قبل أن تنهي الحلقة: «رجل واحد وابن غير عادي».

وتستذكر سوير قول الصيادين في لويزيانا، حيث أخبروها بأن الجمبري لديه «هذه الأذيال الصغيرة، الأشياء التي تتركها في الطبق بعد الوجبة، التي أبعدته عن النفط. لقد أثرت فيّ كثيرا، علاقتهم بهذه المخلوقات صغيرة الحجم، التي نعتقد أنها بلا مخ».

لقد حاولت، لكن دون جدوى، قول ذلك على الهواء، وتتعهد بتحقيق النجاح يوما ما. وقالت وهي تحدق في فريق العمل خارج مكتبها: «حتى ذلك الحين، سأتعرض للسخرية الشديدة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»