ماكريستال.. انتهك قواعد البروتوكول وسياسة أوباما في التعامل مع الصحافة

سمح لمحرر «رولينغ ستونز» بالانضمام إلى فريقه وشهد حياة الجنرال بعيدا عن واشنطن

ماكريستال («نيويورك تايمز»)
TT

بالنسبة لرئيس يحتكم إلى لغة العقل، عازم على إظهار جبهة موحدة من الجدية إلى الرأي العام، لم يكن فعله سوى رسالة إلى الجنرال، الذي كان يقود حربا شرسة في أفغانستان نفسه، والذي لم يصور نفسه كخبير محارب صلب بل بالجنرال الأكثر حصولا على الأوسمة العسكرية.

عندما فتح الجنرال معتكفه لمراسل مجلة «رولينغ ستوز»، انتهك ما هو أكثر من سلسلة القيادة في الجيش، فقد انتهك لب قانون الرئيس أوباما الخاص بالسلوك، والذي ينص على الحذر والحيطة خاصة فيما يتعلق بالإعلام وإيثار الصمت والسيطرة على الموقف.

لكن ماكريستال هو ومساعدوه أغرقوا السفينة عبر الإفراط في الكلام وكشفوا عن أن النقاشات الحية بشأن السياسة الخارجية في المستويات العليا من الإدارة ربما تكون تعبيرا لطيفا عن الانقسامات العنيفة. وتظهر أن المرتبة العالية ربما تكون دليلا على شجاعة لا على الدونية.

هناك قائمة طويلة من الجنرالات الأقوياء الذين استخدموا الصحافيين لتعزيز الأنا المتضخمة لديهم، لكنهم واجهوا سوء العاقبة عندما عملت المقالات الصحافية على عكس ما أرادوا.

في منتصف القرن التاسع عشر انتهز الجنرال زكريا تايلور ميزة انتشار صناعة الصحف للترويج لمآثره. شجعته هذه المقالات على عدم الالتزام بالقيود الاستراتيجية في الحرب مع المكسيك بل سارع إلى إظهار الاحتقار للرئيس جيمس بولك، وعندما قام الرئيس بتنحيته عمد تايلور الغاضب إلى الترشح للرئاسة عام 1848 وفاز.

وقد تسبب فرار الجنرال جورج باتون أمام الصحافيين في صداع مستمر للرئيس فرانكلين روزفلت. فعندما فر باتون أمام القوات في حضور الصحافيين تشاوروا واتفقوا على عدم نشر المعلومة حتى لا يضر ذلك بجهود الحرب. لكنهم نشروا الكلمة عبر القنوات الخاصة للجيش، وفي النهاية قام مذيع الراديو درو بيرسون بانتهاك القصة وساعد في سقوط باتون.

وقال بريان لين، المؤرخ العسكري في جامعة تكساس إيه إند إم: «استخدم ماك آرثر ارتباطاته بوسائل الإعلام بفاعلية عندما كان إمبراطورا لليابان بالفعل، فقد كان ماك آرثر يغضب عندما لا تفرط صحيفة (ستارز آند سترايبس) في الثناء عليه، وكان يلغي أسماء معاونيه من البيانات العسكرية للتأكيد على دوره. هذه الأنا التي أسمهت وسائل الإعلام في تغذيتها أدت إلى حالة من التمرد دفعت الرئيس هاري ترومان إلى إقالة الجنرال من مهامه».

ويقول روبرتو سيتينو، بمركز التاريخ العسكري في جامعة كارولينا الشمالية: «منذ فجر عصر المعلومات الحديثة مضى الإعلام والجنرالية يدا بيد».

بدا ماكريستال في البداية متبعا لخطوات الجنرال ديفيد بترايوس الذي أظهر فهما واضحا لكيفية عمل واشنطن والإعلام وكيفية صقل الصورة التي تزيد من النفوذ السياسي (المقابلة أجرتها وكالة «رويترز» مع بترايوس) جاءت تحت عنوان «المحارب يواجه طالبان» والقصة الإيجابية حول النجم الصاعد احتوت اقتباسا من بترايوس مستشهدا بانتسابه إلى كلية برينستون، وقفزه من الطائرات وقدراته في اتخاذ القرار.

ثم جاءت رحلة ماكريستال إلى باريس وتزامنت مع ثورة بركان آيسلندا والذي أغلق الأجواء الأوروبية ودفعه إلى ركوب الحافلة إلى برلين والإقامة لمدة أسبوع في ريتز كارلتون ثم جاءت بعد ذلك الرحلة التي شهدت الحديث غير اللائق.

سمح ماكريستال لمايكل هاستينغز محرر صحيفة «رولينغ ستونز» بالانضمام إلى فريقه طوال الطريق وشهد المراسل حياة الجنرال بعيدا عن واشنطن وأخلاقيات أوباما. قواعد واشنطن - لا تترك بصماتك أثناء الهجوم على خصومك السياسيين ولا تثق بالصحافيين الذين لا يعتمدون في تنقلهم أو شرابهم.

وقد ضمن الرئيس ألا يحدث ذلك مرة أخرى عبر إعادة بترايوس.

وقال جون ماكمنوس، المؤرخ العسكري في جامعة العلوم والتكنولوجيا: «بترايوس شخص بالغ الدهاء، فهو قادر على استخدام الإعلام لإبراز الصورة التي يرغبها».

* خدمة واشنطن بوست خاص بـ«الشرق الأوسط»