الظهور الأول الباهت لكريستيان أمانبور على «إيه بي سي»

المراسلة المخضرمة السابقة بشبكة «سي إن إن» من الصعب الآن نقلها إلى وظيفة مكتبية

كريستيان أمانبور خلال ظهورها على «إيه بي سي» في برنامج «هذا الأسبوع» («واشنطن بوست»)
TT

مع بريق وبهرجة تناسب زيارة من شخصية أجنبية بارزة، أزاحت «إيه بي سي» الستار عن برنامجها «هذا الأسبوع»، الذي جرى تجديده في الآونة الأخيرة، وقدمت بصورة كبيرة النجمة التي تولت مسؤولية تقديم هذا البرنامج، كريستيان أمانبور، المراسلة المخضرمة السابقة بشبكة «سي إن إن»، التي يعد من الصعب الآن نقلها إلى وظيفة مكتبية.

ولا يتعلق الأمر بأن أمانبور بدت متضايقة بصورة شخصية أو مقيدة في أول ظهور لها في عطلة نهاية الأسبوع، بل يتعلق بأنها أثبتت أنها غير ملائمة لهذا الدور، حيث بدا أن توجهها العالمي المشهور في متابعة الأخبار غير مناسب في برنامج كان اهتمامه الأول على مدار 3 عقود هو السياسة المحلية والسياسات العامة والثقافة في الولايات المتحدة.

وفي ظهور ترويجي في وقت سابق خلال الأسبوع الحالي على برنامج «صباح الخير يا أميركا» على قناة «إيه بي سي»، وعند بداية البرنامج الجديد، أعلنت أمانبور عن نيتها «فتح نافذة على العالم» في الوقت الذي تدير فيه برنامج «هذا الأسبوع»، لكن هذا البرنامج لم يكن ملاذا للانعزاليين، ومن الممكن أن يقود تجديده من أجل الاستفادة من تخصص أمانبور إلى تدميره.

المائدة المستديرة وأثناء فقرة المائدة المستديرة، التي تعد منذ البداية أهم وأفضل سمة تميز البرنامج، لم تتمسك أمانبور بمناقشة أخبار الأسبوع مع المشاركين الرائعين والجديرين بالاحترام في البرنامج، ومن بينهم جورج إف ويل ودونا برازيل، لكنها استضافت صحافيا أجنبيا ظهر في السابق في البرنامج، وهو أحمد رشيد (المتواجد لفترة قصيرة في مدريد)، عبر الأقمار الصناعية. وكانت هذه الخطوة غير مناسبة من حيث الشكل وغير مهمة من حيث المضمون.

وفي الحقيقة، أصبح الأمر مثيرا للضحك في نهاية هذه الفقرة عند مناقشة الاقتصاد الأميركي واتصال أمانبور مجددا برشيد، الخبير في شؤون حركة طالبان، على الرغم من أنه بدا غير ملائم لهذا الموضوع. وكان منطق أمانبور في الاتصال برشيد مرة أخرى هو أن الاقتصاد الأميركي يؤثر على السياسة الخارجية الأميركية. لكن ماذا يهم إذا كان ذلك صحيحا؟ وليس من السذاجة القول إن تأثير الاقتصاد على الأميركيين المكافحين أكثر أهمية بكثير. وليس من الصعب الإشارة إلى أن اسم البرنامج ليس «هذا الأسبوع في السياسة الخارجية الأميركية».

وقبل هذه الفقرة التي ظلت أمانبور تصفها بأنها «مائدتنا المستديرة القوية»، ظهرت النجمة في مقابلتين حصريتين، وكانت كلتاهما مسجلة مسبقا خلال الأسبوع ولم يتم إجراؤهما على الهواء مباشرة، في الوقت الذي تعد فيه هذه المقابلات المباشرة ثروة وميزة رئيسية للأخبار التلفزيونية. وتحدثت أمانبور في المقابلة الأولى مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وفي الثانية مع وزير الدفاع روبرت غيتس.

وجرى الإعلان عن هذه المقابلات بعد دقائق من إذاعتها، وظهرت أمانبور وآخرون يرددون عبارات من الحديث مع بيلوسي أثناء المائدة المستديرة. وكان كل شيء متعلق بهذه الساعة (التي تم إعادة تنظيمها من أجل أمانبور، وحتى الرسومات المبهرجة واللامعة والموسيقى الرئيسية المنمقة) جديدا ومحسنا بصورة ملحوظة، وتم إعطاؤه الطبيعة التنافسية لهذه المدة الزمنية، والتي لا تعد في الحقيقة مفاجأة ولا في حد ذاتها باعثة على الأسى.

لكن بالإضافة إلى الضجة الشديدة المثارة حول أمانبور، وحقيقة أنها (على الأقل في العرض الأول) حافظت على ظهور أكبر خلال البرنامج بالمقارنة بمؤسس السلسلة ديفيد برينكلي أو مقدم البرنامج لفترة طويلة جورج ستيفانوبولوس، أو مقدم البرنامج المؤقت جيك تابر، كان الإنتاج بالكامل صاخبا ومبهرجا بصورة غير ضرورية. وصعد تابر، في الحقيقة، سريعا إلى دور مقدم برنامج «هذا الأسبوع» وأصبح «الابن المفضل» في الحملات التي أطلقها المعجبون على موقع «فيس بوك» وعلى الإنترنت بصفة عامة، في الوقت الذي انتهت فيه مدة وظيفته المؤقتة واقتربت فيه الدوقة أمانبور على زورقها الملكي من خارج البلاد. هل هذه حالة كلاسيكية من إصلاح ما لم ينكسر؟ وهذا السؤال مناسب على وجه الخصوص فيما يتعلق براتب أمانبور السنوي، الذي يبلغ مليوني دولار، وهو الأمر الذي يعد بذخا صارخا في قطاع إخباري يعاني بقوة في ظل قسوة خفض الميزانية وتقليص أعداد العاملين.

وخلال تولي تابر لهذه الوظيفة، حقق برنامج «هذا الأسبوع» في الواقع هدفه طويل المدى في التفوق في التصنيف، ولو في مرة واحدة على الأقل، على أقدم برنامج في واشنطن العاصمة «لقاء مع الصحافة» على شبكة «إن بي سي». ويجب وضع علامة على قائمة الأرقام القياسية، لأن برنامج «لقاء مع الصحافة» لا يزال يشعر بفقدان تيم روسيرت، الذي حقق رقما قياسيا بجعل هذا البرنامج يحصل على أعلى تصنيف خلال 16 عاما حتى وفاته عام 2008.

ومع ذلك، كان لدى تابر، الشخصية الماهرة والجديرة بالثقة، فرصة جيدة للنجاح لقيادة برنامج «هذا الأسبوع» إلى نوع من الهيمنة التي حظي بها برنامج «لقاء مع الصحافة» لفترة طويلة. ولم يتطلب الأمر أي شخصية تدعي المهارة للقيام بذلك.

وفي التماشي مع الطبيعة العالمية الجديدة للبرنامج، انتهت فقرة «في الذاكرة» التي تستحق الثناء بإشادة ليس إلى الأميركيين والأميركيات الذين لقوا حتفهم في القتال خلال الأسبوع السابق، لكن، حسبما ذكرت أمانبور، إلى «جميع الذين لقوا حتفهم خلال الحرب» في هذه الفترة. هل كانت تقصد الإشارة إلى أن عزاءنا يمتد ليشمل أعضاء حركة طالبان؟

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»