وجه أفغاني على غلاف مجلة «تايم» يمثل رهان الحرب

فرت من بطش عائلة زوجها فتعرضت لعقاب طالبان

غلاف مجلة تايم
TT

تصدر غلاف مجلة «تايم» الأميركية صورة لوجه جميل، هادئ الملامح، لكنه مشوه بصورة يصعب على المرء تخيلها. فذلك الثقب الأشبه بالقلب، حيث كان ينبغي أن يكون أنف عائشة ذات الـ18 ربيعا علامة على عدالة طالبان ومثال بارز، كما يشير العنوان، «لما سيحدث إذا انسحبنا من أفغانستان».

سرعان ما تحولت الصورة إلى رمز لرهانات الحرب التي تدور رحاها منذ ما يقرب من العقد. وقد تم التلويح بالصورة أمام رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، على التلفزيون وأثارت تعليقات على الإنترنت وتسببت في انطلاق نقاشات حول الكثير من القضايا بدءا من محاربة الإجهاض إلى العنف ضد المرأة.

وقال كوري ألبركت، خبير تكنولوجيا الاتصال في كتشنر بكندا، الذي علق على الصورة في حسابه على «تويتر»: «مثيرة للفزع على الكثير من الأصعدة». وقال في رسالة بريد إلكتروني: «ضرورية بكل تأكيد، لسوء الحظ».

إذا ما أثبتت الاستجابة أنه لا يزال هناك إمكانية لأن تقوم صور باستثارة ثقافة مشبعة بصريا، فستظهر أيضا المقدار الذي يمكن من خلاله للمشاهدين قبول الصور الفوتوغرافية. وقد هيأت «تايم» نفسها لصرخات استهجان - حتى إنها استشارت أساتذة في علم النفس حول كيفية تأثير الصورة على الأطفال - لكن جانبا بسيطا من النقاشات تركز على طبيعة الصورة الفوتوغرافية.

تعود قصة الصورة إلى أن عائشة تعرضت بموجب أمر من قائد طالباني، إلى قطع أنفها وأذنها العام الماضي كعقاب لها على الفرار من منزل زوجها، بحسب رواية «تايم» والروايات الأخرى للقصة. لكنها قالت إنها فرت من بطش وانتهاكات عائلة زوجها.

ترقد عائشة الآن في أحد الملاجئ الخاصة بالنساء، وقد تقرر إجراء عمليه تجميلية لها في الولايات المتحدة بمساعدة مجلة «تايم» ومنظمات إنسانية وآخرين.

وقالت المجلة إن عائشة وافقت على الظهور على غلاف مجلة «تايم»، لأنها كانت ترغب في أن يرى القراء العواقب المتوقعة لتمرد طالبان. وقد عبرت الكثير من النساء الأفغانيات عن مخاوفهن من أن تكون تكلفة المصالحة الحكومية المتوقعة مع المتمردين حريتهن التي حصلن عليها في أعقاب الغزو الأميركي لأفغانستان في عام 2001 وإسقاط حكومة طالبان.

التقط الصورة المصورة جودي بيبر وكتب آرني بيكر القصة.

ومنذ أن طرحت المجلة في أكشاك بيع الصحف، تمت مناقشة الصورة في الكثير من البرامج الإخبارية، شملت برنامج «هذا الأسبوع» على محطة «إيه بي سي» عندما رفعت المذيعة كريستيان أمانبور الصورة وسألت نانسي بيلوسي عن الالتزام الأميركي تجاه المرأة الأفغانية في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة الأميركية بتقييم التدخل المستقبلي في هذه البلاد. أشاحت بيلوسي بوجهها بعيدا قبل أن ترد بأن الأهداف التعليمية والأهداف الأخرى للمرأة الأفغانية تعتمد على توفير الأمن والقضاء على الفساد.

استقطبت الصورة أكثر من 500 تعليق على موقع مجلة «تايم» على الإنترنت، إضافة إلى عدد لا يحصى على المواقع الاجتماعية والمواقع الأخرى التي تدور ما بين مواقع سياسية ضخمة مثل «هافنغتون بوست» و«باغ نيوز»، وهو منتدى لهواة التصوير. وعلى الرغم من أنه لا يزال من المبكر معرفة ما إذا كانت الصورة قد رفعت من مبيعات المجلة، فإنها ضاعفت من حجم الرسائل الإلكترونية التي تصل إلى المحرر، بحسب تصريح المجلة.

وقال ريتشارد ستينغل، مدير التحرير في المجلة: «أثارت الصورة قدرا هائلا من النقاش، وهذا ما كنا ننشده تحديدا. فقد أثارت كلا من اهتمام المواطن العادي واستيائه، لكنها أجبرتهم على النظر إليها والتعليق عليها».

وقد عقد بعض المراقبين مقارنات مع بعض أكثر الصور تأثيرا التي كان من بينها القبض على لاجئة خضراء العينين ظهرت على غلاف مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»، عام 1985 وأصبحت في ما بعد رمزا لمعاناة أفغانستان تحت الاحتلال السوفياتي.

لكن إذا كانت عائشة «فتاة أفغانستان» الجديدة، فإن البعض يشعر بأنها استغلت لأغراض سياسية.

وكتبت الصحافية إيرين كارمون، على مدونة «جيزيبيل» التي تناصر قضايا المرأة: «القضية ليست الصورة، إنه العنوان... وهناك ارتباط بين ما يمكن وما ينبغي أن يقوم به الجيش الأميركي الموجود هناك».

وقد أبدى بعض المعلقين، الذين كتب بعضهم من منظور إسلامي، قلقا من الصورة ذاتها أو وضعها على غلاف مجلة توزع 3.25 مليون نسخة وموقع يجتذب 9 ملايين زائر أميركي الشهر الماضي.

كتب دانيل مارتن، أستاذ الأنثروبولوجي في جامعة هوفسترا، على موقع «Tabsir» الإسلامي أن الصورة «مثال مؤسف للأخبار التي تقلل من المكاسب التي حققتها المرأة الأفغانية».

وكانت كيفية وتوقيت استخدام الصورة لتحقيق توازن بين اعتقاد أنك تخبر الحقيقة الصعبة مع الاعتبار لحساسية المواضيع والقراء، مثار نقاش بين الصحافيين. ويقول كنيث إيربي، خبير الصحافة البصرية في معهد بوينتر: «انفتحت وسائل الإعلام الأميركية بصورة أكبر على نشر مثل هذه الصور نتيجة مواجهتها منافسة شرسة من المواقع لاستقطاب جمهور اعتاد صور العنف بدلا من صور الترفيه».

وقال ستينغل إنه فكر كثيرا في شأن استخدام صورة عائشة، التي صاحبتها ملحوظة من المحرر حول السبب وراء نشرها والاعتذار لبعض القراء ممن قد تثير الصورة استياءهم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»