المواقع الإلكترونية الأردنية تصعد المواجهة.. مع السلطات الحكومية

ردا على قانون جرائم أنظمة المعلومات

إقبال على المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت («الشرق الأوسط»)
TT

صعدت المواقع الإلكترونية الأردنية المواجهة مع الحكومة احتجاجا على القانون المؤقت لجرائم أنظمة المعلومات لسنة 2010 واعتبرته بمثابة ضربة قاصمة لصحافة المستقبل فيما رأت الحكومة الأردنية أن القانون أصبح ضرورة ملحة لمعالجة التطور الهائل والسريع الذي شهدته أنظمة المعلومات خلال السنوات الأخيرة ومعالجة الفراغ القانوني في هذا الشأن.

وقد دعت لجنة باسم المواقع الإلكترونية إلى الاحتجاب التدريجي لتلك المواقع احتجاجا على القانون وأوردت اللجنة، خلال بيان أصدرته باسم المواقع الإلكترونية الإخبارية بالأردن عددا من الإجراءات التي تقرر اتخاذها، إلى جانب الاحتجاب التدريجي، تضمنت مخاطبة منظمات المجتمع الأردني من أحزاب ونقابات وجمعيات حقوقية وشخصيات وطنية ودعوتها للانتصار إلى مطالب المواقع بسحب القانون ومخاطبة الجهات الحقوقية العربية والعالمية ودعوتها لمساندتها بالإضافة إلى إجراءات احتجاجية أخرى قالت إنه سيعلن عنها لاحقا.

وعبرت اللجنة عن أملها في سحب القانون فيما وصف البيان حجب المواقع الإخبارية عن موظفي الدولة بأنه سابقة لا مثيل لها.

ولفت البيان إلى أن المواقع الإلكترونية أصبحت معبرا حقيقيا عن تفاعلات المجتمع، معتبرا أن ما تضمنه القانون من تجريم مستخدمي الإنترنت يناقض ما تعارفت عليه البشرية من حقوق جماعية وفردية.

ويقول أصحاب مواقع إلكترونية بالأردن إن مطالبهم تتلخص في وضع نص واضح يستثنيها من الملاحقة القانونية في حال نشرها مواد صحافية أو تعليقات لقراء، كون القانون مدار الحديث بجرم العاملين في هذه المواقع ويلاحقهم قضائيا مطالبين برفض هذا «القانون العرفي» حسب وصفهم.

واعتبروا أن الحكومة الأردنية ومن خلال سنها لقانون جرائم أنظمة المعلومات تكون قد وجهت ضربة قاصمة لصحافة المستقبل إذ حشر العاملون في هذه المواقع في خانة القراصنة ولصوص الشبكات المالية.

وأضافوا أن الحكومة ومن خلال القانون فرضت عليهم منظومة عقابية من بينها السجن والغرامة وحجب المواقع لترهيبهم ولمصادرة حق الأردنيين في التعبير عن آرائهم خلافا للدستور مما جعل العمل في هذا المجال مجازفة على مستوى الحياة والرزق.

وأصدر ناشرو ومحررو 28 موقعا إخباريا أردنيا بارزا بيانا طالبوا فيه الحكومة الأردنية بسحب قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت والعودة عن كافة الإجراءات التي لجأت إليها الحكومة للتضييق على الحريات في الأردن والتي كان آخرها حجب الصحف الإلكترونية الوطنية عن شبكتها الداخلية بذرائع واهية.

واعتبر الموقعون على البيان أن السياسة التي تنتهجها حكومة الرفاعي حيال الإعلام تضع علامات استفهام كبيرة على نواياها باتجاه طريقة إدارة الاستحقاق الانتخابي وما إذا كانت صادقة في نيتها المعلنة إدارة عملية انتخابية شفافة ونزيهة خصوصا في ظل إصرارها على إبعاد الشهود والتضييق عليهم ووضعهم في خانة المجرمين.

وتحدث البيان عن إجراءات تصعيدية سيلجأ إليها ناشرو ومحررو المواقع الإخبارية الإلكترونية وأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء تلك الممارسات الحكومية المنافية لروح العصر وسيواصلون بكافة الوسائل المشروعة الضغط من أجل حمل الحكومة على العودة عن هذا القانون المؤقت وسيتبنون في سبيل ذلك برنامجا تصعيديا لن يوفر أي وسيلة مشروعة.

وناشد الموقعون على البيان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عدم توشيح مشروع القانون بإرادته الملكية السامية، كونه يتناقض تماما مع حالة الحريات العامة والصحافية النموذجية التي ينادي بها جلالته وهو صاحب المقولة المعروفة التي يعتبرها الصحافيون شعارا يعملون على هديه «حرية سقفها السماء».

وقالوا إنه وعلى الرغم من حجج الحكومة في هذا الصدد فإن الرأي العام كشف الأهداف الحقيقية لهذه الخطوة ولم تنطل عليه تلك الحجج حيث عرف بغريزته الوطنية التي لا تخطئ أن الحكومة مقدمة على إثقال كاهل الناس بالضرائب ورفع الأسعار وبالتالي لا تريد أي منابر إعلامية توصل أنات الفقراء جراء سياسات الحكومة الاقتصادية.

كما قامت الحكومة بتشديد الضغوط على الإعلام المقروء بحيث أحالت معظمة إلى صدى لصوتها لا يقوى على الاختلاف معها، الأمر الذي عزل الحكومة وأفقد الصحافة الكثير من مصداقيتها في الشارع.

ولم تكتف الحكومة بذلك فقد ابتدعت قرارا يقضي بمنع الموظف العام من الاطلاع على المواقع الإخبارية المحلية تحت مبررات إدارية في حين أن الهدف الأساسي كان ولا يزال حجب المعلومات عن الموظف وعزله عن هموم وطنه.. تلك الهموم التي كان لحكومة الرفاعي الدور الأساسي في خلقها.

وجاء إقرار مجلس الوزراء لقانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت الأخير ليتوج النهج الرفاعي الأصيل في مناهضة الحريات ووأدها حيث شكل هذا القانون سيئ الصيت ضربة قاصمة ليس للصحافة الإلكترونية فقط بل ولمجمل الحريات العامة والفردية في البلاد لكون الوصول إلى خدمة الإنترنت أضحى جزءا أصيلا من الحقوق الطبيعية للأفراد في الدول التي تحترم حقوق الإنسان.

وأضافوا في البيان أن هذه السياسة التي تنتهجها حكومة الرفاعي حيال الإعلام تضع علامات استفهام كبيرة على نواياها باتجاه طريقة إدارة الاستحقاق الانتخابي وما إذا كانت صادقة في نيتها المعلنة إدارة عملية انتخابية شفافة ونزيهة خصوصا في ظل إصرارها على إبعاد الشهود والتضييق عليهم ووضعهم في خانة المجرمين إذ وبدلا من أن تسعى الحكومة إلى مد جسور الثقة مع الإعلام الجديد ليساعد على تنفيذ الاستحقاق الانتخابي بشفافية فقد استعدت هذه الحكومة من يفترض أن يكونوا عونا وعينا لها وللرأي العام.

إن الإعلام الجديد ممثلا بالصحف الإلكترونية يرى في سلوك الحكومة هذا استهدافا مباشرا له ومحاصرته بما يفضي إلى قطع صلاته بالرأي العام وهو أمر يتنافى وأبسط المعايير المتعارف عليها دوليا للحريات العامة.

وإن المواقع الإخبارية الإلكترونية لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء تلك الممارسات الحكومية المنافية لروح العصر وستواصل بكافة الوسائل المشروعة الضغط من أجل حمل الحكومة على العودة عن هذا القانون المؤقت وستتبنى في سبيل ذلك برنامجا تصعيديا لن يوفر أي وسيلة مشروعة.

لقد صدر قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت دون أدنى مبرر أو مسوغ وبما يتنافى وروح الدستور الذي حصر حق الحكومة في إصدار القوانين في حالة الظروف القاهرة وهذا الأمر يفرض على كل القوى الحية في الأردن من نقابات وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وشخصيات وطنية مستقلة التصدي لمن يريد إعادة الأردن إلى أجواء ما قبل الانفراج الديمقراطي عام 1989، كما يتطلع ناشرو المواقع الإخبارية الإلكترونية إلى تشكيل أوسع قاعدة من المتضامنين بما يمنع القوى العرفية من الاستئثار بالدفة وقيادة البلاد إلى مستنقع الأزمات والفوضى، وانطلاقا من هذه القراءة فإن المواقع الإلكترونية ستدافع عن هوامش التعبير المتحققة ولن تقبل بأن تستكين أمام الوعيد الحكومي لذلك.

وقالوا «لن نقبل أن نسكت على الفساد حتى ترضى عنا الحكومة، ولن نقبل الرضوخ لابتزاز الحكومة وبعض معاونيها بأننا مواقع غير مهنية، ولن نقبل بتهميش الحريات الأردنية ووجه الأردن المشرق وجهود جلالة الملك في المحافل الدولية من أجل أن تنتصر حكومة الرفاعي في معركة افتعلتها معنا حيث إنه ليس لديها أي معركة تربحها وليس لديها أي شيء تخسره، لن نقبل بالسكوت مهما كانت النتائج فقد علمنا الهاشميون أن الأردنيين لا يركعون إلا لله وأن الأردني سيد نفسه وأن الحكومة خادمة لمصالح الشعب. إن حقوقنا محفوظة، كفلها الدستور صراحة، وليس هناك أي مبرر لدى الحكومة لإقرار قانون مؤقت لتكميم أفواه الأردنيين».

إننا لن نسكت والأردنيون لن يسكتوا عن حقوقهم، ولن ندع حكومة الرفاعي تنفرد بالأردنيين واحدا تلو الآخر وسنحافظ على حقوقنا ضمن القانون وضمن نصوص الدستور.

إننا نطالب بسحب القانون فورا أو إضافة مادة إليه تنص صراحة ودون لبس ولا غموض على أن المواقع الإلكترونية الإخبارية ليست مشمولة بنصوصه وأن القانون موجه إلى المواقع الإباحية الإلكترونية وقطاع الطرق ولصوص البنوك.

وقد دافع وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال علي العايد عن قانون جرائم أنظمة المعلومات، مؤكدا أنه جاء لمعالجة التطور الهائل والسريع الذي شهدته أنظمة المعلومات خلال السنوات الأخيرة ومعالجة الفراغ القانوني بهذا الشأن خاصة أن التشريعات السارية في المملكة لا تواكب التطور في الجريمة الإلكترونية.

ويقول العايد «إن التشريعات الحالية والمحاكم لا تتمكن من تطبيق عقوبات معينة على جرائم ارتكبت باستخدام وسائل إلكترونية مما يؤكد ضرورة سد هذا الفراغ بنصوص قانونية تواكب الزيادة في أعداد الاعتداءات التي ترتكب من خلال أو توجه إلى أو عبر نظام معلومات وتوفير الحماية اللازمة لهذا القطاع المهم بما يعزز الثقة ويوفر الحماية للقطاع والمستثمرين فيه.

وأكد العايد أهمية القانون في ضمان الحماية للمعاملات التجارية واستقرار المعاملات المالية الإلكترونية وتشجيع استخدام أنظمة المعلومات والشبكة المعلوماتية وانتشارها من خلال حماية مستخدميها، مشيرا إلى أن القانون راعى عدم تجريم كل ما يتعلق بحرية التعبير عن الرأي أو الحرية الشخصية ما لم تكن تلك الأفعال مجرمة ابتداء بموجب التشريعات النافذة وتم ارتكابها من خلال أو باستخدام وسائل إلكترونية كما راعى عدم تجريم أي فعل إلا إذا ارتكب قصدا.

وأوضح أن القانون راعى أيضا عدم معاقبة مشغلي شبكات الاتصالات ومزودي الخدمات المرخصين أو من يقومون بأعمال الصيانة أو من يمتلكون مواقع إلكترونية يمكن استغلالها من الغير وغيرهم ممن لم يقوموا قصدا بارتكاب جريمة أو المساعدة والتحريض على ارتكابها وذلك لضمان استمرار تشجيع استخدام وتطور الوسائل الإلكترونية وانتشارها.

ويؤكد الوزير العايد أن القانون لا يتطرق لكل ما يتعلق بحرية انسياب المعلومات، بل على العكس فقد جرم مجموعة من الأفعال التي من شأنها الإضرار بالبيانات والمعلومات الإلكترونية، مشددا على أن القانون لا يتطرق أيضا لكل ما يتعلق بحرية الرأي أو الحرية الشخصية وأن موضوع تجريم الذم والقدح والتحقير باستخدام أنظمة المعلومات أو الشبكة المعلوماتية معاقب عليها في قانون العقوبات وأن قانون أنظمة المعلومات لم يأت بعقوبة جديدة بل إن هذه الجرائم معاقب عليها في قانون العقوبات بحدود أعلى في بعض مواد قانون العقوبات كما أن القانون لم يجعل الفعل مجرما إلا إذا ارتكب قصدا.

ويقول العايد إن القانون لم يتطرق لأي منع بتصفح المواقع الإلكترونية بل إن القانون حمى تلك المواقع عبر تجريم تغيير موقع إلكتروني أو إلغائه أو إتلافه أو تعديل محتوياته أو أشغاله أو انتحال صفته أو انتحال شخصية مالكه دون تصريح.

وأكد الوزير العايد أن الأسباب الموجبة للقانون واضحة وأنه لا استهداف لأي جهة وأن بيانات البحث الجنائي الخاصة بحجم جرائم أنظمة المعلومات تعتبر سببا كافيا لإصدار القانون حيث تبين أن حجم جرائم أنظمة المعلومات التي تم التعامل معها في عام 2009 بلغت 233 جريمة إلكترونية.

ويؤكد مصدر أردني مطلع أن القانون تم إصداره بعد دراسة مستفيضة للتشريعات الخاصة بالمعاملات الإلكترونية وبجرائم أنظمة المعلومات عالميا وبالممارسات المثلى المتعلقة بالتعامل مع الشبكة المعلوماتية وأنه تم الاسترشاد في بعض نصوص هذا القانون بهذه التشريعات مع الأخذ بعين الاعتبار الدستور والقوانين الأردنية.