جدل حول حيادية المعلومات على الإنترنت

انقسام بسبب مقترح قدمته «غوغل» و«فيرايزون»

باري ديلر رئيس إحدى شركات الإنترنت أثار جدلا حول مقترح قدمته «غوغل» و«فيرايزون» («نيويورك تايمز»)
TT

أوضحت «فيس بوك»، وهي من الشركات التي ازدهرت في عصر الإنترنت المفتوح، يوم الأربعاء الماضي أنها لم تدعم مقترحا من «غوغل» و«فيرايزون» يقول منتقدون إنه يمكن أن يساعد مقدمي خدمات الإنترنت على تقويض الانفتاح الذي يتميز به الإنترنت.

وفي هذه الأثناء، وصف مسؤول تنفيذي في «إيه تي آند تي»، وهي من الشركات التي من المقرر أن تحقق أرباحا من التنظيمات الأكثر مرونة، المقترح بأنه «إطار معقول».

وقد التزمت معظم شركات الإعلام الصمت إزاء الموضوع، لكن في مقابلة خلال الأسبوع الحالي، وصف القطب الإعلامي باري ديلر المقترح بأنه «شيء خادع». وخارج الدوائر التقنية، لم يفهم معظم الناس حتى الآن ما هو الشيء الذي يواجه تهديدات.

ويدور النقاش حول حيادية الإنترنت، التي تحمل في معناها الأوسع أنه يجب أن تتاح أمام مستخدمي الإنترنت قدرة متساوية على الوصول إلى كل أشكال المعلومات على شبكة الإنترنت، وأن الشركات التي تعرض خدمة الإنترنت يجب ألا تكون قادرة على تحديد أولويات لبعض المصادر أو أنماط معينة من المحتوى.

وفي بيان سياسة يوم الاثنين، اقترحت «غوغل» و«فيرايزون» أن يقوم المنظمون بتطبيق هذا المبادئ على الاتصالات السلكية، وليس على الإنترنت اللاسلكي. وعلاوة على ذلك، فقد استثنوا شيئا وصفوه بأنه «خدمات إضافية ومختلفة على شبكة الإنترنت».

وبصيغة أخرى، فإنه على التليفونات المحمولة وعلى وسائل الاتصال الخاصة، يمكن أن تفرض شركات مثل «فيرايزون» و«إيه تي آند تي» رسوما قليلة على شركات المحتوى من أجل توفير سرعات أكبر أمام العملاء أو منع الوصول إلى خدمات معينة تماما، مثلما يخشى بعض المحللين.

ويقول معارضو المقترح إن الإنترنت لن يكون شيئا مفتوحا أمام الناس بعد ذلك. ويقول آلن هاموند، مدير معهد كاليفورنيا للنطاق العريض داخل كلية القانون بجامعة سانتا كلارا «تمر حياتنا كلها عبر هذه الشبكة بصورة متزايدة، وإذا كنت لا تستطيع الوصول إلى رئيسك أو إلى عملك البعيد، أو كان ذلك بطيئا بالصورة التي تجعلك تمل، فثمة مشكلة في ذلك». وأضاف «الناس في حاجة إلى فهم أن هذا ما نناقشه هنا».

وتبقى القرارات الخاصة بحيادية الإنترنت في يد لجنة الاتصالات الفيدرالية والمشرعين، وتجرى حملات ضغط بالفعل في الوقت الحالي على كل الجبهات. وقد كان مقترح «غوغل» - «فيرايزون» بالأساس عبارة عن محاولة لوضع إطار للنقاش.

وقد أثار ذلك ردود أفعال كثيرة، الكثير منها سلبي، من جانب شركات إنترنت ومجموعات تدافع عن حقوق العملاء. وفي أشد وضع متطرف يتصوره مناوئون، يمكن أن تظهر شبكتان للإنترنت - شبكة عامة وهي التي نعرفها حاليا وشبكة خاصة ذات سرعات أعلى ورسوم أكبر.

ودافعت «غوغل» و«فيرايزون» عن الاستثناءات بأن قالت إنها تعطي لشركات نقل الخدمات المرونة التي تحتاجها من أجل ضمان بقاء بنية الإنترنت التحتية «منبرا للابتكار». وتقول شركات نقل الخدمات إنها في حاجة إلى أن تكون قادرة على إدارة شبكاتها بالصورة التي تراها مناسبة وتدر عوائد من أجل توسيعها.

وقالت «إيه تي آند تي» في بيان مساء الأربعاء إن «اتفاق (فيرايزون) – (غوغل) يبرهن على أنه من الممكن تجاوز الاختلافات المرتبطة بهذه القضية».

ويتعلق الكثير من النقاش بفكرة «الطرق السريعة» المدفوعة. ومن المفترض أن يكون على شركات المحتوى الدفع مقابل الوصول إلى عملاء شركة نقل خدمات ما حتى يمكن تحميل بعض المواقع وخدمات الفيديو بصورة أسرع من أخرى.

وسيكون ذلك بمثابة تغير كبير عن الوضع الحالي الذي تعيش فيه شركات المحتوى، حسبما قال ديلر، الذي يشرف على «إكسبيديا» و«تيكت ماستر» و«Match.com» وغيرها من المواقع، الشهر الماضي.

وربما يكون من السهل نسبيا فهم هذه الطرق السريعة عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى الإنترنت لاسلكيا. لكن الذي أربك الكثيرين، في اقتراح «غوغل» و«فيرايزون»، أنه يجب استثناء خدمات الإنترنت المستقبلية التي لا تمثل جزءا من الإنترنت العام من قواعد الوصول المتساوية.

وقالت الشركات في تحديث مشترك على مدونة إن هذه الخدمات ستكون «مميزة عن خدمات استخدام الإنترنت ذات النطاق العريض التقليدية». وأضافت «من المبكر جدا التنبؤ بالطريقة التي سوف تتطور بها هذه الخدمات، لكن ربما تتضمن الأمثلة الرقابة على الرعاية الصحية والشبكة الذكية وخدمات تعليمية متقدمة أو خيارات لعب وترفيه جديدة».

وشعر بعض الخبراء بالحيرة بشأن هذه الخدمات، وبشأن السبب الذي يجعل هذا الاستثناء ضروريا. ويقول جوش سيلفر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «فري برس» غير الربحية، إن الإعفاءات ترتقي إلى أن تكون «إضفاء الكابلية على الإنترنت»، ويقوم المشتركون في الكابل بدفع رسوم إضافية مقابل خدمات مميزة ومن أجل قنوات معينة. ويروج سيلفر لالتماس أمام لجنة الاتصالات الفيدرالية تحت عنوان «لا تتركوا (غوغل) تتحول إلى الشر». وقد أعرب مستثمرون داخل وادي السليكون عن خوفهم من أن القواعد الجديد، إذا تم تبنيها، يمكن أن تؤثر على القدرة على الابتكار، لا سيما بالنسبة إلى شركات المحمول الناشئة.

ويقول مات كولر، الشريك العام في «بينشمارك كابيتال»، وهي شركة بارزة داخل وادي السيلكون لديها استثمارات في شركات مثل «تويتر»، إن الإنترنت اللاسلكي ينمو بسرعة ليكون منبر التقنية السائد، ومن المهم أن تكون هناك حماية مناسبة للمنبر الأحدث مثلما كان الحال مع المنبر الأقدم». وعبرت «فيس بوك» عن ملاحظة مماثلة يوم الأربعاء، وقالت في بيان إنها تدعم مبادئ حيادية الإنترنت بالنسبة للشبكات السلكية واللاسلكية. وقالت الشركة إن «ضمان إنترنت مفتوح يمكن للمبتكرين الوصول إليه - بغض النظر عن الحجم أو الثروة - سوف يعزز من سوق تنافسية قوية يكون للعملاء فيها أقصى قدر من السيطرة على محتوى الخدمات التي يتم توصيلها عبر وصلات الإنترنت».

وقد أعربت شركات تقنية مثل «أمازون» و«إي باي» أيضا عن مخاوف من اتفاق «غوغل»، لكنها لم تتحدث بالصورة نفسها عن ذلك. وترى بعض الشركات الناشئة ميزات محتملة في إتاحة استخدام الإنترنت على مستويات. ويقول داني ستين، رئيس «إي ميوزيك»، وهي خدمة تحميل موسيقى، إن هناك حاجة إلى أن تبقى خدمة الإنترنت مفتوحة وحيادية «لكن لا يعني ذلك أنه لا يمكن أن تكون هناك خيارات مميزة تناسب تجارب بعض العملاء خارج حديقة حيادية الإنترنت».

وكان ملاحظا أن شركات إعلامية كبرى مثل «كومكاست» و«نيوز كوربريشن» التزمت الصمت حيال ذلك. وقد كانت القوالب التجارية التقليدية بالنسبة للشركات الإعلامية تتعلق بخدمات محددة للعملاء، وربما ترى منافع في عودة ذلك.

وأكد ديلر على أن مقترح «غوغل» و«فيرايزون» لا ينهي حيادية الإنترنت أو أيا من هذا القبيل. وعندما سئل عما إذا كان مسؤولون تنفيذيون آخرون في مجال الإعلام يلتزمون الهدوء لأنه من المقرر أن يحصلوا على مكاسب عندما يكون الإنترنت منفتحا بدرجة أقل، رد ببساطة: «نعم».

* خدمة «نيويورك تايمز»