رهان على مجلة أسبوعية

كانت تعاني من مشكلات تحريرية ومالية

TT

اسمحوا لي بأن أتناول هذا الموضوع بصورة مباشرة: شاب ثري يشتري مجلة أسبوعية تعاني من مشكلات تحريرية ومالية، ويقول إنه يريد المحافظة على أصل صحافي مهم. لن ينجح ذلك.. أليس كذلك؟

لدي كلمتان للكارهين: مجلة «نيويورك».

في الأسبوع الماضي، بيعت «نيوزويك» (مقابل دولار واحد بالإضافة إلى ديون مهولة) إلى رجل الأعمال سيدني هارمان. وفي عام 2003، قام رئيس «لازارد» الذي كان يجري صفقات تبلغ قيمتها مجتمعة مئات المليارات من الدولارات، بشراء مجلة «نيويورك» مقابل 55 مليون دولار.

وقال مصرفي استثماري إعلامي «من الواضح أن سعر المجلة لا تبرره الحقائق». لكن، في الوقت الحالي، وبعد مرور سبعة أعوام، ينظر إلى المجلة على أنها جوهرة تحريرية، ويلحق بها مشروع رقمي ناشئ، ومن المحتمل بدرجة كبيرة أن تباع بأضعاف هذا الرقم.

وبالطبع، فإن «نيوزويك» ليست مجلة «نيويورك». كما أن سيدني هارمان ليس بروس واسرشتاين. قال واسرشتاين «نعتقد أن (نيويورك) لديها قيمة مهمة على المدى الطويل واحتمالات للنمو. وأنا لست رومانسيا». وقال هارمان إلى طاقم «نيوزويك»: «لست هنا من أجل جني المال، لكن أنا هنا من أجل متعة».

وقد كان هارمان صريحا في تصريحات حول شراء «نيوزويك»، على الرغم من أنه رجل أعمال ذكي وليس لديه تاريخ في المجال الإعلامي يتحدث عنه. وعندما اشترى واسرشتاين «نيويورك»، كانت لديه عقارات إعلامية أخرى، ومن بينها «ذي أميركان لوير». كما كان لديه مدير متحمس ومحترم يسمى أنوم باغاريا يشرف على حيازاته، وتاريخ في تحقيق مكاسب من الصفقات.

وربما الشيء الأكثر أهمية أن واسرشتاين كان يبلغ من العمر 55 عاما عندما اشترى «نيويورك»، فيما بلغ هارمان الثانية والتسعين الأسبوع الماضي. لكن، ظهرت أسوأ احتمالات داخل «نيويورك» عندما مات واسرشتاين العام الماضي بصورة غيرة متوقعة عن 61 عاما. ومع ذلك، لا يزال مستقبل مجلة «نيويورك» مطمئنا.

لقد كان الأسبوع الماضي أسبوعا فاترا بالنسبة للمجلة، ومشي آدم موس، رئيس تحرير «نيويورك» عبر مكتب شاغر تقريبا. وعندما جلسنا في مكتبه، كان هناك عدد من الأفيال على رف في الجوار يطلق عليها «إليز»، وهي عبارة عن «جوائز المجلة الوطنية». في هذا العام فازت مجلة «نيويورك» بست مسابقات مطبوعة ورقمية (كنت أعمل لدى «نيويورك» قبل عام، أي قبل أن يصبح موس رئيس تحرير داخلها). ويقول موس، وهو محرر سابق في مجلة «نيويورك تايمز»، إنه بالإضافة إلى التعامل مع الأبعاد الشخصية لوفاة واسرشتاين، كان يشعر بالقلق بشأن ما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة إلى المجلة، حيث تملك «نيويورك ميديا هولدينغز» مجلة «نيويورك». ويمتلك الأولى «واسرشتاين فاميلي ترستس» ويسيطر عليها حاليا أبناء واسرشتاين.

ويقول موس «كنت أشعر بالقلق بشأن هذا المكان، بالنسبة لزملائي ولفترة قصيرة من الوقت، حيث لم نكن نعرف يقينا ما الذي سيحدث لأن ذلك كان غير متوقع». ويضيف «لكن لم تتردد العائلة، وقالوا لنا إنه من المستهدف أن تكون المجلة مملوكة دائما للعائلة».

واتصل الكثير من المليارديرات بموس بعد وفاة واسرشتاين، وتساءلوا هل يمكنهم الاستحواذ على المجلة، لكن «كان واضحا من البداية أن العائلة لن تقوم ببيع المجلة»، حسب ما قال.

وربما ساعد على ذلك أن بات واسرشتاين، ابن واسرشتاين، كان محررا مشهورا داخل المجلة قبل أن ينتقل إلى «ذي نيو ريبابلك» وبعد ذلك إلى الإنتاج التلفزيوني (وتوجد مجموعة من الأبناء الأصغر من زواج آخر).

ويجتمع أفراد العائلة مع فريق الإدارة شهريا، ويدرسون أولويات أوسع خاصة بالاستراتيجية والميزانية. ومن خلال البريد الإلكتروني، قالت باميلا واسرشتاين، وهي محامية سابقة داخل «وتشتل» تعمل حاليا في مبادرات مشروعات جديدة في معهد «تريبكا» للأفلام، إن العائلة كانت واثقة من أن مؤسسة النشر التابعة لهم في يد أمينة. وكتبت قائلة «لقد راجعنا استثمارات عائلتنا بعد رحيل الوالد. وخلصنا، مثلما كان يرى الوالد، إلى أن (نيويورك ميديا) كانت استثمارا على المدى الطويل. والحق فإن قوة الشركة التي نبنيها، من الناحية التجارية من ناحية الجودة في المنتجات التحريرية، هي ثمرة أعوام من التخطيط على المدى الطويل من جانب والدنا وفريق نيويورك».

والحقيقة التي يوشك هارمان على اكتشافها بنفسه أن تولي شؤون مجلة أسبوعية أمر مكلف بالنسبة لمالك وحيد يتعذر عليه نشر تكاليف التوزيع والمكاتب الخلفية على مجلات أخرى. الملاحظ أن بناء بنية تحتية رقمية مكلف حتى بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الصغيرة.

وكمؤسسة نشر مستقلة، فإنها ليس أمامها مكان للاحتماء به عندما تتردى أوضاع السوق. وتكشف الأرقام أن «نيويورك ميديا» خسرت مليوني دولار عام 2009، واضطرت لتسريح 10% من عمالتها، والآن تشهد معدلات الإعلانات لديها انحسارا. وتتحرك «نيويورك ميديا» في طريقها حاليا لتحقيق مليوني دولار أرباحا العام المقبل.

لكن الشركة تبلي بلاء حسنا في تعاملاتها التجارية مع الأسماء اللامعة على شبكة الإنترنت - مثل «فلتشر» و«غروب ستريت» و«ديلي إنتل» وآخرين. ومن الممكن أن تجعل الأرباح المترتبة على هذه التعاملات سعر الشراء المحدد بـ55 مليون دولار يبدو زهيدا.

بصورة ما، تتحول مجلة «نيويورك» سريعا إلى مؤسسة رقمية ملحق بها مجلة. الملاحظ أن مواقع شبكة الإنترنت المتنوعة الخاصة بالمجلة تضاعفت منذ عام 2007، وارتفعت المبيعات الرقمية بنسبة 70% خلال العام الماضي وتشكل حاليا 35% من عائدات الشركة. وجرى تحميل تطبيق «مينوبيدجز» الخاص بها على أجهزة آي فون أكثر من 160.000 مرة، ويطمح الموقع «فلتشر» الثقافي المعني بموسيقى البوب على شبكة الإنترنت التابع للمجلة إلى إثبات وجوده على الساحة الوطنية. وأعلنت الشركة أن 75% بالفعل من زائري مواقعها المتنوعة يفدون من وراء سوق نيويورك. وقال موس «لقد شعرنا دوما بتقييد من قبل العوامل الجغرافية، لكن شبكة الإنترنت مكنتنا من بناء هيكل يخدم الثقافة (المتوسطة) لجمهور وطني، وهي مكانة لا يشغلها أحد في وقتنا الراهن».

من بين نقاط الجذب في صناعة النشر أن شخصا واحدا بمقدوره ترك تأثير هائل، ويعتقد الكثيرون أن موس، بمهارته في اصطياد الأغلفة المثيرة للجدل والمهام الذكية، يعد واحدا من أفضل المحررين العاملين في عصر متنوع.

ومع ذلك، لو أمعنا النظر في الشخص الحقيقي وراء جهود إحياء مجلة «نيويورك» سنجد أنه واسرشتاين، الذي أشاد به موس في احتفالية تأبينه بالقول إنه شخص امتلك «روح صحافي ومحفظة واحد من كبار أصحاب الأعمال». ورغم أنه من المعروف أن حيتان الأعمال التجارية يشترون وسائل الإعلام بغية التدخل في شؤون أو معاقبة خصومهم، فليس ثمة دليل على أن واسرشتاين تورط في أي من الأمرين.كما يواجه الأثرياء اتهامات بشراء المؤسسات الإعلامية لمجرد الحصول على عبارات تأبين جيدة. في مقال تأبينه في «نيويورك تايمز»، جرت الإشارة إلى عمليات الاستحواذ المحمومة التي نفذها. لكن الفقرة الرابعة أشارت إلى أنه كان عضوا في النخبة الاجتماعية في نيويورك، خاصة بعد شرائه مجلة «نيويورك» البارزة التي تؤرخ للمدينة وكبار العناصر الفاعلة بها.

دعونا نأمل ألا تسوء الأمور على يد هارمان.

* خدمة «نيويورك تايمز»