ساندبرغ.. القوة الدافعة في «فيس بوك»

قالت إن قوة العمل توسعت بمقدار 6 أضعاف.. ونصف مليار شخص عدد المستخدمين

شيريل ساندبرغ مديرة العمليات التنفيذية القوة الدافعة وراء نجاح «فيس بوك» (نيويورك تايمز)
TT

كل يوم اثنين وقبل العاشرة صباحا بوقت قليل، ترسل شيريل ساندبرغ، مديرة العمليات التنفيذية داخل «فيس بوك»، رسالة سريعة عبر البريد الإليكتروني إلى رئيسها مارك زوكربرغ. تقول ساندبرغ: «لدينا طقس ثابت». «أسأله عبر البريد الإليكتروني ’هل أنت قادم؟‘ فيرد ’أنا في طريقي‘».

وبعد دقائق قليلة، يدلف زوكربرغ، المؤسس المشارك لـ«فيس بوك» والرئيس التنفيذي للشركة، إلى داخل مقر الشركة هنا، ويلقي التحية على البعض، ويتجه إلى غرفة الاجتماعات حيث يتشاور مع ساندبرغ لمدة ساعة.

وينهي المسؤولان التنفيذيان الأسبوع بنفس الصورة، باجتماع مغلق ظهيرة يوم الجمعة. ويناقشان المنتجات والاستراتيجية والصفقات والأفراد - وشؤونهما. وتقول ساندبرغ: «اتفقنا على أن نعطي لبعضنا بعضا تغذية عكسية كل جمعة».

وفي اجتماع عقد أخيرا، على سبيل المثال، تمكنا من التغلب على خلاف بينهما بشأن تفاصيل تعهد زوكربرغ بأن يعطي 100 مليون دولار إلى المدارس في نيوارك.

ومن الواضح أن العلاقة بينهما حميمية، حيث تشتهر ساندبرغ، وهي مسؤولة تنفيذية محترمة، بمهارات شخصية بنفس قدر ذكائها الحاد. وقد ساعدت لقاءاتها الدورية مع زوكربرغ، المشهور بانطوائه، على جعل أحد أكثر شراكات العمل خروجا عن المألوف داخل وادي السيلكون تحقق أشياء رائعة لـ«فيس بوك». وفي الواقع، فإنه بسبب العديد من الأسباب، ربما تعد ساندبرغ أثمن صديق بالنسبة لزوكربرغ.

ومنذ انضمام ساندبرغ إلى الشركة قبل أكثر من عامين، تمكنت شركة «فيس بوك» من أن تجتاز أحد أكثر المراحل خطورة في مسيرة شركة ناشئة: وهي فترة النمو الكبير بصورة غير معتادة. وتوسّعت قوة العمل داخل «فيس بوك» بمقدار ستة أضعاف، لتصل إلى قرابة 1800 شخص، في الوقت الذي تضاعف فيه الجمهور عالميا ليصل إلى نصف مليار شخص.

ومن المتوقع أن ترتفع العوائد إلى نحو 1.6 مليار دولار خلال العام الجاري، وذلك طبقا لتقديرات «ودبوش للأوراق المالية». (يُشار إلى أن شركة «فيس بوك» شركة خاصة ولا تكشف عن عوائدها).

ويرجع جزء من السبب وراء النمو في المبيعات إلى علاقات ساندبرغ القوية مع العديد من أبرز المعلنين في العالم، وهي العلاقات التي طورتها عندما كانت مسؤولة تنفيذية بارزة داخل «غوغل». كما تمكنت ساندبرغ من تحقيق استقرار داخل «فيس بوك»، الذي عانى من اضطرابات لفترة طويلة ورحيل العديد من المسؤولين التنفيذيين الموظفين، ومن بينهم أفراد شاركوا في تأسيس الشركة.

ويقول مايك شروبفر، نائب الرئيس المسؤول عن الهندسة: «من الأسباب التي تجعل الشركة تؤدي دورها بصورة جيدة أن الاثنين على علاقة جيدة».

وقد ركزت ساندبرغ على بناء العمل التجاري، والتوسع دوليا، وتنمية العلاقات مع معلنين بارزين والتركيز على أشياء مثل الاتصالات والسياسات العامة. وقد أتاح ذلك لزوكربرغ أن يركز على أفضل ما يحب: موقع «فيس بوك» الإليكتروني ومنصته.

ويقول دونالد غراهام، رئيس شركة «واشنطن بوست»، الذي حاول من قبل أن يتعاقد مع ساندبرغ، إنه خلال العامين الماضيين انتهت الكثير من الأسئلة عن بقاء «فيس بوك». ويقول غراهام، وهو عضو أيضا في مجلس إدارة «فيس بوك»: «الجمع بين مارك وشيريل السبب الرئيسي في ذلك».

وفي هذه الأيام، تفكر ساندبرغ في مهمة أخرى: الدفاع عن زوكربرغ في الوقت الذي يصوره فيلم جديد يحمل اسم «الشبكة الاجتماعية» كطالب منعزل متآمر يحتمل أنه سرق فكرة «فيس بوك» من آخرين.

وتقول ساندبرغ عن زوكربرغ: «إنه خجول وانطوائي، ولا يبدو في الأغلب ودودا مع الناس الذين لا يعرفهم. ولكنه شخص ودود. وفي الواقع أراه يهتم بالناس الذين يعملون هنا». وربما تدافع ساندبرغ عن زوكربرغ في السر أيضا.

وفي مؤتمر تقنية خلال فصل الصيف، على سبيل المثال، تخبط زوكربرغ أثناء مقابلة أجريت معه على خشبة المسرح. وأعطى إجابات مرتبكة عن أسئلة عن سياسات الخصوصية داخل «فيس بوك»، وبدا عليه التوتر وأخذ يتصبب عرقا. وبعد المقابلة، قالت له ساندبرغ إن عليه ألا يلوم نفسه كثيرا على ذلك، بل يجب التركيز على أجزاء من المقابلة كانت بصورة جيدة، وعليه فإنه يمكن أن يكون في حال أفضل في المرة المقبلة، وذلك بحسب ما أفاد به أشخاص على إطلاع بما يدور بينهما لم يفضلوا ذكر أسمائهم لأنه غير مخول لهم مناقشة هذا الأمر. ويقول أحد هؤلاء: «في الواقع، تريد له النجاح».

وعلى الرغم من جميع الإنجازات التي حققتها، يوجد شيء واحد لم يحقق فيه سحرها أثره بالكامل: إنه مخاوف الخصوصية. وعلى الرغم من أن ساندبرغ ليست مسؤولة في النهاية عن الخصائص على موقع «فيس بوك» - فهذه مهمة زوكربرغ - فإنها مشاركة بقوة في التخطيط المرتبط بها. وتعترف دون تردد أن «فيس بوك» ارتكب بعض الأخطاء. وتقول: «من العدل القول بأن لدينا تحدياتنا المرتبطة بالخصوصية». تشير إلى أن «فيس بوك» وضع ضوابط خصوصية قوية، ولكنها أصبحت معقدة جدا بالنسبة للمستخدم العادي. وقد قام موقع «فيس بوك» أخيرا بتبسيط هذه الإعدادات. وتقول: «اتخذ مارك خطوة من أجل الاعتذار» بسبب المشكلات المرتبطة بالخصوصية.

ولكن يقول بعض المنتقدين إن قضية الخصوصية تتجاوز كيف يمكن للمستخدمين ببساطة فهم إعدادات «فيس بوك». ويشيرون إلى أنه على سبيل المثال تجمع «فيس بوك» كميات متزايدة من المعلومات الشخصية من مستخدمين لمساعدة المسوقين على توجيه رسائلهم.

ويقول جيف شاستر، المدير التنفيذي لمركز الديمقراطية الرقمية، وهي مؤسسة مقرها واشنطن: «أشعر أن ساندبرغ تعجز عن تقديم الرقابة البالغة التي يتطلبها فيس بوك». ويضيف: «يعد اتجاه فيس بوك فيما يتعلق باستخدامه بيانات أعضائه والممارسات التسويقية التي يعتمدها شيئا مقلقا للغاية».

ويقول متحدث باسم «فيس بوك» إن الموقع يجعل المستخدمين يحددون المعلومات التي يودون تبادلها ومع من يحدث ذلك، ويجعل من الواضح إلى أي مدى يمكن استخدام المعلومات في منتجات إعلانية. وأكد المتحدث على أن «فيس بوك» لم يقم يوما ببيع المعلومات إلى طرف ثالث.

وربما يعد مارك زوكربرغ وشيريل ساندبرغ أغرب اثنين داخل وادي السيلكون.

ينظر إلى زوكربرغ، وهو مهندس يبلغ من العمر 26 عاما، على أنه متحفظ اجتماعيا. وتأتي ساندبرغ (41 عاما) في مقابل ذلك: فهي لامعة فاتنة ومتكلمة وتتصف بأريحية في دائرة الضوء.

ولا ينتهي الاختلاف عند ذلك. فقد ترك زوكربرغ هارفارد بعدما كان في العام الثاني ليركز على إنشاء «فيس بوك» ولم يعمل في أي شيء آخر. وفي المقابل، حصلت ساندبرغ على درجة الماجستير في الأعمال من جامعة هارفارد، وكانت من الموظفين البارزين في «غوغل»، حيث إن لها دورا محوريا في بناء أكبر نشاط إعلاني وأكثره نجاحا على شبكة الإنترنت.

وعندما غادرت «غوغل»، كانت وحدتها قد نمت من حفنة من الأفراد إلى نحو 4000 موظف أو نحو ربع مجمل العاملين داخل «غوغل»، وتمثل الوحدة أكثر من نصف العائد داخل الشركة. كما ساعدت أيضا على بناء ذراع خيري داخل «غوغل» وإدارة العمليات لمجموعة من المشروعات غير المرتبطة، مثل عمليات مسح الكتب التابعة لـ«غوغل».

ويقول إريك شميت، المسؤول التنفيذي داخل «غوغل»، إنه يعتبر ساندبرغ «نجمة بارزة». ولكن ثمة توتر متنام بين الشركتين، ويعود ذلك بصورة جزئية إلى أن ساندبرغ استعملت عددا من الموظفين والمسؤولين التنفيذيين السابقين داخل «غوغل». ويعمل داخل «فيس بوك» حاليا نحو 200 ممن كانوا ضمن طاقم العمل داخل «غوغل» في السابق.

وقبل المجيء إلى وادي السيلكون عام 2001، حصلت ساندبرغ على درجة علمية في الاقتصاد وبعد ذلك على درجة الماجستير في الأعمال من هارفارد وعملت لفترات لدى البنك الدولي و«ماكنزي آند كمبني» وبعد ذلك عملت رئيس طاقم العمل لدى لورانس إتش سومرز، عندما كان وزير الخزانة في إدارة كلينتون.

وعلى الرغم من الاختلافات الواضحة - وربما بسبب هذه الاختلافات - أصبحت العلاقة وطيدة بين زوكربرغ وساندبرغ. ويقول زوكربرغ: «يختار كثير من الناس التعامل مع أفراد مثلهم تماما. ولكننا نقدر هنا التوازن كثيرا. ونحتاج إلى العمل من أجل إيجاد هذه العلاقات، ولكن إذا أثمر ذلك، يكون لديك نظام أفضل كثيرا».

وقابل زوكربرغ ساندبرغ في حفل كريسماس عام 2007، وعلى الفور مال الاثنان لبعضهما. وبعد ذلك، كانت هناك مغازلة عمل مكثفة على مدار ستة أسابيع، تناول خلالها الاثنان الغداء سويا عدة مرة أسبوعيا. ولأن الاثنين من المشهورين داخل وادي السيلكون، فقد كانا يتناولان الغذاء داخل بيت ساندبرغ حتى يمكنهما على الحفاظ على محادثتهما سرية. وتقول ساندبرغ: «كنا واعين للعلاقة». ومن جانبه يصف زوكربرغ، وهو من الخبراء في التقنية، علاقتهما بأنها «نطاق عرض على مستوى عال». ويقول: «يمكن أن نتحدث لـ30 ثانية ونتبادل أشياء أكثر مما يمكن أن نتبادلها خلال الكثير من الاجتماعات التي أعقدها لساعة». وربما تعطي ساندبرغ له تحديثا سريعا عن تطور مكاتب «فيس بوك» داخل أيرلندا أو الهند، على سبيل المثال.

ويقول زوكربرغ: «أتأكد من أني أفهم الأساسيات التي نقوم بها». ولكنه يضيف أنه يثق في أن كل شيء تتناوله ساندبرغ سيمضي بسهولة. ويقول: «تحسنت الديناميكية في فريق الإدارة بدرجة كبيرة منذ أن انضمت إلينا».

وخارج الشركة، تقضي ساندبرغ الكثير من وقتها مع معلنين. وفي الأسبوع الماضي على سبيل المثال ألقت خطابا افتتاحيا في مؤتمر أسبوع الإعلانات واجتمعت سرا مع العديد من المعلنين البارزين. وتقوم ساندبرغ أيضا بالإشراف على العديد من تفاصيل العمل التي يمكن أن تساعد الشركة على العمل بسهولة - ولا سيما بالنسبة لشركة تنمو بسرعة.

وجلست أخيرا مع بدرام كياني، وهو مهندس يقوم فريق عمله ببناء الوسائل التي تتناول الشكاوى والطلبات من مستخدمي «فيس بوك». وقال كياني إن ساندبرغ اجتمعت مع مجموعته الصغيرة كي تفهم التحديات التي تواجهها، وبعد ذلك أعادت تنظيم الوحدة كي تعمل بانسيابية أكبر. ويقول كياني: «تعمل على كل مستوى، فهي جيدة في الاستراتجيات، وتتعمق وتفهم كيف تعمل الفرق مع بعضها».

ولم يكن تعامل زوكربرغ وفريق عمل «فيس بوك» البالغ 20 فردا مع ساندبرغ أمرا محتوما. وعندما تم التعاقد معها، خمنت الكثير من مدونات التقنية أنه تم التعاقد معها من أجل تنظيف المكان.

وحتى الوقت الحالي، تبدو ساندبرغ نوعا ما ليست من «فيس بوك»، فهي تجلس في عدد من المكاتب، ومن بينها مكتب زوكربرغ ومكاتب مسؤولي منتجات ومهندسين. ويأتي ولعهم بالجينز والتي شيرتات في مقابل ميلها للملابس الأنيقة. ويعمل طاقمها، الذي يتناول معظم العمل الخاص بـ«فيس بوك»، داخل مبنى آخر على بعد عدد قليل من الأبنية.

وقد بدأت جهودها من أجل كسب العاملين داخل «فيس بوك» في يومها الأول. ومرت على المكاتب الواحد تلو الآخر كي تعرف الناس عليها، وكانت تمزح معهم وتطرح عليهم بعض التساؤلات. وكان ذلك الأثر الذي كانت تنشده.

ويقول كريستوفر كوكس، وهو من القريبين إلى زوكربرغ ونائب رئيس الشركة المسؤول عن المنتجات: «لا تهتم بالأشياء النظرية، والأشخاص الذين رُفضوا هنا هم مَن جاءوا إلى هنا ليرددوا كلامها نظريا».

واشتهرت ساندبرغ بتعليم الكثير من الموظفين الشباب، ولا سيما النساء، وتشجيع الكثير منهم على ألا يبتعدوا عن الأدوار الهامة لمجرد أنهم يخططون لأن تكون لهم عائلة. ويمكن أن تتحدث ساندبرغ في هذا الأمر من واقع التجربة، فهي متزوجة بديف غولدبرغ، الرئيس التنفيذي لـ«سورفي مونكي» التي تعمل برامج لاستطلاعات رأي عبر الإنترنت، ولديهما طفلان صغيران. وعندما يتم ترقية أي شخص داخل الشركة، ترسل ساندبرغ إليه رسالة تهنئة. ويقول مَن يعرفون ساندبرغ منذ وقت طويل إنهم لم يتفاجأوا من النجاح الذي حققته. وعندما كانت تدرس داخل هارفارد، كانت تجلس في الخلف داخل فصل دراسي يدرس له سومرز. ويقولون إنه لم يولها اهتماما كبيرا حتى حققت أعلى النتائج في امتحان النصف الأول وبعد ذلك في الامتحان النهائي.

ووجه لها سومرز نصائح بخصوص رسالتها، وبعد ذلك تعاقد معها لتعمل معه في البنك الدولي وفي وزارة الخزانة الأميركية. وعلى الرغم من أنها كانت لا تزال في العشرينات من عمرها، فقد لعبت أدوارا هامة مثل المساعدة على تعزيز جهود المساعدة لأفريقيا من خلال فتح أبواب وزارة الخزانة أمام المغني بونو من «يو 2». ويتذكر سومرز: «لم أسمع يوما عنه وقلت لشيريل إني لا اجتمع سوى مع الناس الذين لديهم اسم أول واسم عائلة». ووافق سومرز في النهاية إثر تشجيع ساندبرغ على القيام بذلك. ويقول سومرز إن تخفيف عبء الديون داخل أفريقيا «لم يكن ليحدث لو لم تصر على أن اجتمع مع بونو وأصرت على ذلك». وتعمقت علاقة ساندبرغ مع زوكربرغ بصورة خاصة، وغالبا ما يتبادلان اللقاءات، وقام زوكربرغ، الذي كان كابتن فريق المبارزة في المدرسة العليا، بتعليم ابن ساندبرغ البالغ 5 أعوام بعض حركات المبارزة.

وعندما بدأ زوكربرغ وبريسيلا تشان، صديقته القديمة، التفكير في العمل الخيري، اتجها لسؤال ساندبرغ. وقامت على الفور بالاتصال بشبكة واسعة من الاتصالات، ونظمت اجتماعات مع أمثال عمدة نيويورك مايكل بلومبرغ ومايكل ري، رئيس المدارس في واشنطن دي سي.

ويقول زوكربرغ إن ساندبرغ «ساعدتني على التعرف على الساحة السياسية، وعلى المكان الذي يمكن أن أتعرف فيه على ذوي النفوذ. وتوجهي مع بريسيلا إليها يرمز بصورة قوية لعلاقتنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»