الزعماء العرب في «الشرق الأوسط»

TT

أبزر المواضيع الصحافية في الأسبوع المنصرم كانت تغطية صحيفة «الشرق الأوسط» الشاملة لوقائع القمة العربية في سرت الليبية، التي كانت بحجم الحدث. كما انفردت الصحيفة بأربعة تصريحات صحافية من زعماء عرب، مصر وسورية والجزائر وإريتريا. وعلى الرغم من أن هذه التصريحات كانت مقتضبة، كعادة السياسيين، فإنها تبقى مكسبا مهما للصحيفة والصحافي نفسه. فكم من ميكروفون لقناة تلفزيونية إخبارية لامعة يتمنى أن يظفر بتعليق عابر من أي زعيم، فما بالنا بأربعة زعماء عرب دفعة واحدة. وكانت هناك ملاحظة بسيطة وهي أن تصريحات الرؤساء جاءت محشورة في الصفحة الأولى ولم تحظَ بالعرض اللائق. وعلى الرغم من أن تصريحات الرؤساء كانت قصيرة، فإنها تبقى، بمعايير الصحافة، تصريحات خاصة من رئيس دولة يجدر عرضها بصورة أبرز، وهو ما فعلته الصحيفة في الصفحات الداخلية، حيث كان عرضها وافيا.

وعلى صعيد الأخبار الخاصة أو المميزة جاء «خبر طازج» من مراسل الصحيفة في تل أبيب كشف فيه للقراء عن معلومات كانت سرية قال إنها «نشرت أمس» (5 أكتوبر)، حيث كشفت النقاب عن أن المسؤولين في الدولة العبرية قد تداولوا خلال الأيام الأولى من حرب أكتوبر (تشرين الأول) «إمكانية استخدام السلاح الأخير»، في إشارة إلى السلاح النووي ضد سورية. ولا نعلم لماذا لم يتم إبراز تقرير خاص كهذا، رغم أنها وثائق إسرائيلية كانت في طي الكتمان لمدة 37 سنة. جاء هذا الخبر، وغيره، في صفحة متخصصة بعنوان «وثائق حرب أكتوبر» وهي فكرة جيدة ليتها تستمر في كل الأحداث المفصلية في تاريخ الوطن العربي، مثل: ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية، وغزو العراق للكويت، والحرب العراقية - الإيرانية، وتوحيد المملكة العربية السعودية، وسقوط شاه إيران.. بحيث يمدنا الصحافيون بمادة تاريخية «جديدة» وخاصة، يكون أحد مصادرها، مثلا، من المسؤولين المتقاعدين لا يجدون غضاضة في التحدث عن مواقف تاريخية مهمة يفصح عنها لأول مرة.

في الصفحة الأخيرة، جاء خبر صغير وخاص، لكنه لافت، عن تطوير العلماء في النمسا سجادة مزودة بنظام استشعار لتنبيه قائدي المركبات عندما يغلبهم النعاس! كان بحق خبرا لطيفا استحق إبرازه في الصفحة الأخيرة، ولكن ليته كان مصحوبا بصورة. والسؤال هو: أليس هناك أخبار عربية وابتكارات يكتشفها العرب تستحق أيضا النشر في الصفحة الأخيرة؟ فلربما أسهم نشر خبر من هذا النوع في تنبيه مستثمرين عرب إليه فيتحول إلى مشروع وطني كبير. هذا هو أحد أدوار الصحافة الحقيقية في المجتمع.

ونشرت الصحيفة أيضا تقريرا جميلا عن «سيارة غوغل»، التي تجوب شوارع الولايات المتحدة الأميركية من دون سائق، في مهمة تكنولوجية خاصة، وكانت الصورة جميلة ومعبرة، وربما لاحظ القراء أن الترجمة كانت في غاية الروعة، حتى أن القارئ لا يشعر بأنه يقرأ قطعة مترجمة من خدمة صحيفة «نيويورك تايمز»، بخلاف الحال مع عدد من المواضيع السابقة التي لم تخلُ من ضعف واضح في الترجمة، التي تفسد عادة على القراء متعة الاسترسال بأريحية مع النص.

أما في ما يتعلق بالصور اللافتة فكانت كثيرة، ومنها الصورة الجماعية للزعماء في الصفحة الأولى، يتقدمهم الرئيس الليبي معمر القذافي، حيث كان متوسطا الزعيمين المصري ونظيره اليمني، وهو يحاول الاتكاء على كتفيهما بمرفقيه في دعابة رسمت البسمة على وجوه الزعماء أثناء التقاط الصورة التذكارية. هذه اللقطات غير تقليدية بين الزعماء العرب كسرت رتابة الأخبار السياسية في الصفحة الأولى. وذكرتني بصورة الرئيس الأميركي أوباما، التي نشرت سابقا في الصفحة الأولى أيضا، وهو يتناول شطيرة الهامبورغر مع نظيره الروسي في مطعم متواضع! وكانت صورة الفارس السعودي وهو يمتطي صهوة جواده، جميلة أيضا في صدر الصفحة الأولى (جزء 2)، حيث رفع يديه شكرا لله بعد أن أبلى بلاء حسنا في بطولة العالم للفروسية. هذه اللقطات جميلة للفت أنظار الشباب العربي إلى أن هناك في شتى الميادين من يمكن أن يقتدى بهم.

وما دمنا في إطار الصور، فهناك تساؤل يراودني، ولم أجد له إجابة، لماذا تُلَوّن كل الصور في صفحة الرأي ما عدا صور الكتاب الكبار الذين يكتبون فيها؟ ما دامت الصفحة قد دخلت في ماكينة الطباعة الملونة فلم لا تلون أيضا صور الكُتّاب التي ما زالت بالأبيض والأسود؟ أم هي الرغبة بالاقتصاد في تكلفة الأحبار الملونة؟!