4 صحف أجنبية تشكل المصدر الأول لـ4 ملايين وافد لا يتحدثون العربية في السعودية

أولها «عرب نيوز» عام 1975 ثم «سعودي غازيت»

وافد مقيم بالسعودية يتطلع إلى الصحف الصادرة بلغات أجنبية والموجهة إلى الأجانب المقيمين فيها («الشرق الأوسط»)
TT

تشكل 4 صحف أجنبية تصدر من السعودية، المصدر الأبرز والأهم لنحو 4 ملايين وافد، ينتشرون في أنحاء السعودية، إضافة إلى نحو 7 ملايين معتمر يتوافدون على البلاد طيلة العام، باعتبار أنها تصل إليهم بنفس لغتهم التي يتحدثونها.

ويشكل ملحق أسبوعي باللغة الفلبينية وأربعة صحف صادرة بلغات مختلفة منها اثنتان باللغة الإنجليزية، المتنفس الوحيد للمقيمين غير المتحدثين العربية لمعرفة الأحداث الدائرة في البلاد ومعرفة أخبار بلدانهم من خلال شبكة المراسلين التي وفرتها الصحف. وفي ظل تأخر وصول صحف بلدانهم إلى السعودية بنحو 24 ساعة وهو الأمر الذي شكل حافزا جديدا لنجاح تلك الصحف وزيادة انتشارها.

ويوضح هنا طارق مشخص منسق تحرير صحيفة «أوردو نيوز» أن الصحف غير العربية في السعودية تنقسم إلى قسمين، الأول باللغة الإنجليزية كصحيفة «عرب نيوز» وصحيفة «سعودي غازيت» وهي صحف موجهة للقارئ الأجنبي بشكل عام، فيما يمثل الجانب الآخر صحف ناطقة بلغات أخرى مثل «ماليالم نيوز» لغة جنوب الهند و«أوردو نيوز» باللغة الأردية، إضافة إلى ملحق أسبوعي تصدره صحيفة «عرب نيوز» باللغة الفلبينية وهي صحف موجهة للناطقين بتلك اللغات والبالغ عددهم في السعودية نحو 4 ملايين متحدث بتلك اللغات إضافة إلى المقيمين من تلك الجنسيات في دول الخليج.

حول بداية ظهور تلك الصحف يقول خالد المعينا رئيس تحرير صحيفة «عرب نيوز» إن صحيفته تعد أول صحيفة سعودية ناطقة بغير العربية، وذلك عام 1975 وأصدرت بعدها بعام مؤسسة «عكاظ للصحافة والنشر» صحيفتها الناطقة باللغة الإنجليزية باسم «سعودي غازيت». وهو ما يؤكده فاروق لقمان رئيس تحرير صحيفتي «أوردو نيوز» و«ماليالم نيوز» حيث أشار إلى أنهما صدرتا بعد نجاح صحيفة «عرب نيوز» كأول صحيفتين مكتوبتين باللغة الأردية ولغة الماليالم، وموجهة إلى الجاليات الباكستانية والهندية والجاليات المتحدثة بتلك اللغات والمقيمة في السعودية ودول الخليج بشكل كبير.

ويوضح خالد المعينا: «كانت الصحف في بدايتها وسيلة لنقل الأخبار لأفواج المقيمين الذين أتوا للمملكة وقتها من أوروبا وأميركا والقارة الهندية وشرق آسيا للعمل في المملكة، وقدمت نفسها بما يشبه صحف «التابلويد» كوسيلة لنقل الأخبار المحلية والتنظيمات الحكومية للمقيمين غير الناطقين بالعربية.

فيما يرى من جانبه الدكتور محمد الشوكاني رئيس تحرير صحيفة «سعودي غازيت» الصادرة عن مؤسسة «عكاظ للصحافة والنشر» باللغة الإنجليزية «نستهدف في صحيفتنا المقيمين في السعودية من خلال تقديم الأخبار والصفحات الخاصة بهم وبقضاياهم في بلدانهم إضافة إلى ترجمة ثلاث صفحات يومية من صحيفة «عكاظ».

فيما يؤكد فاروق لقمان رئيس تحرير صحيفتي «ماليالم نيوز» و«أوردو نيوز» أن وجود الجاليات الهندية والباكستانية في السعودية ودول الخليج بشكل كبير منحهما قبولا كبيرا، خاصة في ظل الحاجة الكبيرة من المقيمين من أبناء تلك الدول لصحف تتحدث بلغاتهم ولكونهم لا يقرأون العربية، فقدمت لهم الخبر السعودي بلغتهم إضافة إلى الخبر الهندي والباكستاني من خلال شبكة المراسلين في تلك الدول ونقلا عن وكالات الأنباء العالمية وهو الأمر الذي وضع القارئ في قلب الحدث خصوصا مع تأخر وصول الصحف الهندية والباكستانية لليوم التالي. ويظيف لقمان: «لا نبالغ إن قلنا إننا أصبحنا ننافس تلك الصحف بما تقدمة من ماده صحافيه أجبرت القارئ على متابعتنا وانتقلنا من الداخل إلى الدول المجاورة خاصة دول الخليج».

وهنا يؤكد الدكتور محمد الشوكاني رئيس تحرير صحيفة «سعودي غازيت» أن وجود الصحف غير العربية ضرورة ملحه بحكم وجود 8 ملايين مقيم في السعودية، الغالبية العظمى منهم لا تتحدث العربية، فكان لا بد من وجود صحف تعبر عما يدور في البلد وتوضح القوانين التي تسير عليها، واستطاعت هذه الصحف أن تجعل من المقيمين في المملكة سفراء لنقل الصورة الحقيقية لبلدانهم.

ويعلق من جهته خالد المعينا بقوله: «الصحف السعودية الإنجليزية بما تقدمة بلغاتها أصبحت المرجع الأول لوكالات الأنباء العالمية لنقل الأخبار السعودية، كونها تكتب باللغة الإنجليزية الأم في العالم، وساعد على ذلك وجود المواقع الإلكترونية لتلك الصحف على الإنترنت».

وأضاف المعينا: «والصحف الأجنبية تلعب دورا أكبر أحيانا، أكبر مما تقوم به وكالات الأنباء وننقل الخبر السعودي وحتى المقال إلى العالمية، بما نقوم به من ترجمة لأهم وأبرز المقالات في الصحافة السعودية يوميا وهي بذلك تقدم خدمة رائدة للإعلاميين السعوديين ونافذة للصحف السعودية على الخارج».

ويشير طارق مشخص هنا إلى أن وجود الفضائيات بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة مثل تحديا لتلك الصحف في تقديم الخبر الهندي والباكستاني، فتميزت هذه الصحف في تقديم الخبر المحلي والخبر الدولي بالتحليل وتقديم ما وراء الخبر بالحياد، وهو ما تفتقده الصحف الهندية والباكستانية بحكم الحزبية في تلك البلدان.

وتعتمد تلك الصحف بحسب كافة الآراء التي التقتها «الشرق الأوسط» على المترجمين لنقل الخبر المحلي للقارئ المستهدف، ويشير هنا فاروق لقمان إلى الاستفادة من أبناء المقيمين في السعودية ممن هم من مواليد المملكة في جانب التحرير التي مكنت الصحف من تحقيق مرادهم بالالتحاق بالعمل الصحافي في غربة والديهم.

فيما يشير كل من خالد المعينا والدكتور محمد الشوكاني إلى الاستعانة بخبراء في العمل الإعلامي من أفضل الصحف الأجنبية ليس في مجال الصياغة فقط، بل في مجالات التدريب والتأهيل لشباب السعوديين للعمل في الصحف الأجنبية. يقول المعينا «ولدينا فريق من المتدربين وأصبحنا نتبنى استقطاب صحافيين سعوديين لا يتحدثون الإنجليزية يقوم بتقديم الخبر ونقوم بترجمته وأيضا ندربه ونقدم له دورات في اللغة الإنجليزية وهو ما يشكل له دافعا للعمل والتدريب في ذات الوقت. أيضا فريق المحررين من الجنسيات الأخرى شكلوا مع المتدربين السعوديين فريق عمل متكاملا مدركا للعمل الصحافي غير المكتوب باللغة الإنجليزية».

ولم يخف هنا الدكتور محمد الشوكاني مشكلة غياب الصحافي السعودي الذي يجيد اللغة الإنجليزية على الرغم من وجود بعض الكوادر السعودية التي تحظى بقبول أكبر وفرص وظيفة أكبر للعمل في الوكالات العالمية التي تقدم لهم رواتب مغريه وحوافز أكبر، إلا أنه استدرك بالقول: «حرصنا في (سعودي غازيت) على تدريب مجموعة منهم حتى أصبح ما نسبته 50 في المائة من عمل الصحيفة من إنجاز الشباب السعودي المدرب».

عن اللغات الأخرى أكد خالد المعينا أن «عرب نيوز» تقدم كل يوم أحد ملحقا أسبوعيا باللغة «التاقالوا» لغة الفلبين «ونقدم فيه كل ما يخص الشأن الفلبيني داخل المملكة وخارجه عن طريق محررين متعاونين وتلقى رواجا كبيرا من خلال ثماني صفحات».

وعلى الجانب الآخر تقدم صحيفة «عكاظ» في موسم الحج مجموعة من الملاحق بلغات مختلفة تخدم الحجاج في موسم الحج. يقول عن تلك التجربة الدكتور محمد الشوكاني رئيس تحرير «سعودي غازيت»: «فيما يخص ملاحق الحج يتم التنسيق لها عن طريق وزارة الإعلام ونقوم نحن في الصحيفة بتقديم الإمكانات لهم من أجهزة وغالبا ما يقومون بترجمة الأخبار لتلك اللغات».

ولكون الإعلان الرافد المالي الأهم للصحف، اتفق رؤساء التحرير على أن تلك الصحف تحظى بقبول كبير لدى المعلنين خصوصا الذين يستهدفون أبناء تلك الجنسيات، وهو ما يؤكده خالد المعينا بقوله: «لدينا قبول كبير جدا من المعلنين ومن ماركات عالمية، وعلى الرغم من أن الوافد حضر للبلد ليجمع المال لا ليشتري، فإن القوة الشرائية في السعودية والقارئ السعودي لصحيفته الإنجليزية قوة دفع للمعلن للتوجه للصحيفة وأيضا مبيعات التجزئة والإلكترونيات».

ويضيف من جهته الدكتور محمد الشوكاني: «تحظى الصحف المكتوبة بغير العربية بقبول كبير لدى المعلنين الذين يستهدفون المقيمين، وهناك بعض المنتجات المعروفة لدى بعض الجنسيات وتستهدف المقيم بالدرجة الأولى، فمن غير المعقول أن يقدمها المعلن في صحيفة ناطقة بالعربية. وينطبق الأمر على السفارات والقنصليات خلال الأعياد الوطنية لبلدانهم فتقدم ملاحق متخصصة في الصحف».

ويشير من جهته فاروق لقمان إلى أن بعض الشركات الكبرى خصوصا شركات الاتصالات بما تقدمه من خدمات للمقيمين تقدم إعلانها في الصحف مترجما بلغاتها لإيصال رسالتها. وهو ما يؤكده سالم الأحمدي العامل في مجال الدعاية والإعلان، ويضيف خصوصا في المنتجات المخصصة لتلك الدول أو ما يخص الشركات الأجنبية تشكل تلك الصحف وسيلة أسرع لإيصال المنتج.

وعلى الرغم من النجاح الإعلاني لتلك الصحف فإن بعض المسؤولين ما زالوا لا يدركون أهمية تلك الصحف وهو ما يشير إليه المنسق بصحيفة «أوردو نيوز» طارق مشخص، بقوله: «نحن الأسرع لإيصال الرسالة للمقيم خصوصا ما يتعلق بتنظيماته، ولكن البعض لا يرد على كثير من استفساراتنا والبعض منهم يظن أننا صحف غير سعودية إلا أننا نتميز بحجم وحرية صحافة كبيرة قد لا تجدها كثير من الصحف».

فيما يرى لقمان والمعينا والشوكاني التعاون أكبر من المسؤولين في ظل احترام الصحف للقوانين وتقديمه المعلومة الحقيقية.

إلى ذلك، يرى كل من محمد التميمي المحرر السعودي في صحيفة «عرب نيوز» ونايف المسرحي من «سعودي غازيت» أن العمل الصحافي في الصحافة غير العربية يمنحهم فرصا أكبر وأفضل من محرري الوكالات المقيمين في السعودية، لكونهم من أبناء المنطقة ويحملون خلفيات أكبر ويرون في تجاوب المسؤول تفاوتا من شخص مدرك لأهمية تلك الصحف وآخر لا يعي ذلك.

ويضيف المسرحي جانبا مهما آخر بقوله: «العمل الصحافي بحد ذاته عمل متعب، وعندما تعمل في صحيفة أجنبية يزيد ذلك التعب بالترجمة ونقل الخبر بلغه أخرى».

وعلى الجانب الآخر يرى المقيمون والمتصفحون في الصحف غير العربية ناقلا جيدا للخبر المحلي بشكل كبير جدا، كما يرى ذلك عباس محمد، ويقول: «تحتاج إلى جهد أكبر في نقل الخبر الهندي من الداخل ولكنها تتميز عن الصحف الهندية بسرعة الوصول والتحليل».

فيا يرى أنيس عبد الرحمن العامل في أحد استوديوهات التصوير في جدة أن صحيفة «أوردو نيوز» تقدم أخبارا «تختصر كثيرا من الوقت في انتظار الصحافة الهندية لليوم التالي».