بعد احتدام المنافسة.. مجلة «سلف» تلبس ثوبا جديدا

لا تزال عامل جذب للإعلان رغم انخفاض عدد صفحاتها

منافسة شرسة تشهدها المجلات النسائية على اكتساب شريحة كبيرة من القراء والاعلانات (نيويورك تايمز)
TT

نتيجة لطبيعتها الرياضية؛ حيث مارست الترياثلون (العدو والسباحة وركوب الدراجات)، وكونها رئيسة تحرير مجلة «سلف» النسائية، التي تقدم للسيدات النصائح حول تحقيق الذات، فإن لوسي دانزيغر لا تميل إلى التكاسل.

خلال إحدى الأمسيات القريبة، وقبل السابعة بقليل، ترجلت دانزيغر عن دراجتها النارية التي تحمل لوحة كتب عليها «لوسي دي» أمام منزل دوني دوتش، الواقع في إيست 78 ستريت، ونزعت خوذتها وسارت إلى الداخل؛ حيث صعدت مجموعة من درجات السلم لتقف إلى مقدمة صف استقبال، حيث كانت صديقتها وزميلتها السابقة في اللعبة، هدى قطب، مقدمة برنامج «توداي» تحيي الضيوف في حفل توقيع كتابها.

الحضور الآخرون الذين انتظروا وقتا طويلا لتهنئة هدى قطب، وكان من بينهم مذيعة قناة «سي إن بي سي»، سوزي أورمان، أبدوا استياءهم من هذه المتغطرسة التي وقفت في أول الصف من دون استئذان أحد. يبدو أن دانزيغر لم تلاحظ ذلك، ولم يمض وقت طويل قبل أن تترك الصف لتتجول في الغرفة تضحك وتتحدث مع أصدقائها من أمثال جوناثان تيتش، وفرانك جيفورد، وآل روكر، الذي ذكر لها، متفاخرا، أنه لم يجر سوى 20 ميلا استعدادا للمارثون الذي سيشارك فيه. وقالت له: «إذا كنت قد أنجزت 20 ميلا فقط، فهذا يعني أنك أنجزت الجزء الأصعب». كانت كل حادثة عبارة عن لقاء عاطفي سريع.

ونظرا لأنها تقود المجلة في عقدها الرابع، ربما لا تملك دانزيغر رفاهية التحرك بحرية.

وقد أضفت دانزيغر، خلال ما يقرب من عشر سنوات قضتها كرئيسة تحرير للمجلة، وهو ما يفوق متوسط ما يقضيه رؤساء تحرير المجلات على الأغلب، حماستها، وبراغماتيتها وثقتها المطلقة بالنفس على صفحات المجلة التي كانت بداية لنوع جديد من المجلات النسائية لدى تدشينها في عام 1979.

لدى صدور العدد الأول من المجلة، كانت خيارات سوق القراءة بالنسبة للنساء تميل إلى التركيز على الموضة (مثل فوغ وهاربر بازار) أو الأعمال المنزلية وتحرير المرأة (غود هاوس كيبنغ، وومنز داي، ليديز هوم جورنال)، وكلاهما سياسي وجنسي (مسز آند كوزموبوليتان).

لكن المجلة، التي توزع 1.5 مليون نسخة تحولت إلى ضحية لنجاحها. فلم تعد المجلة المهيمنة في سوق مجلات المرأة العاملة؛ إذ زاحمتها في تفوقها هذا بعض المجلات المنافسة التي ضاعفت من حجمها.

وقد تفوقت مجلة «شيب»، التي توزع 1.7 مليون نسخة شهريا على مجلة «سلف» في التوزيع عام 1999. وكذلك مجلة «وومن هيلث» التي بدأت في الصدور قبل خمس سنوات، وتغلبت على «سلف» هذا العام، عندما وصلت إلى 1.6 مليون نسخة شهريا. وقد تفوقت كلتاهما على «سلف» في البيع في أكشاك الصحف.

بيد أن «سلف» لا تزال عامل جذب للإعلان بالنسبة لناشرها، شركة «كوندي ناست»، لكن نسبة توزيعها انخفضت مع انخفاض عدد صفحات الإعلانات بنسبة 4% وانخفض دخلها من الإعلانات إلى 120 مليون دولار، مقارنة بـ120.7 مليون دولار في الشهور التسعة الأولى لعام 2009، بحسب أحدث الأرقام من مكتب معلومات الناشرين.

وقد أظهرت أحدث إحصاءات شركة «ميديا إنداستري نيوزتلر»، تراجع المجلة بنسبة 18% مقارنة بنوفمبر (تشرين الثاني) 2009، مما دفع ناشرتها المعروفة، كيم كيلهر، إلى التخلي عن مجلة «سبورتس إلاستراتد» هذا الصيف.

وتقول ميريل غوردون، مديرة برنامج كتابة المجلة في جامعة نيويورك، الذي يكتب لمجلتي «مور» و«ليدز هوم جورنال» وعدد من المجلات الأخرى: «إذا تفحصت سوق المجلات النسائية في الوقت الراهن ستجد هناك أجزاء كبيرة داخل هذه المجلات تتناول الرياضة والصحة، وهو ما تجده في مجلات (فوغ) و(إيلي)، وفي (ليدز هوم جورنال)، فكل منها تحتوي على أعمدة عن الصحة والجمال؛ لذا أعتقد أنه من الصعب استهداف جمهور معين بالحديث حول هذه الموضوعات فقط».

لا يتفوق أبرز منافسي مجلة «سلف» عنها سوى بمقدار ضئيل للغاية، فدخل الإعلانات في مجلة «شيب» يزيد بنسبة 1%، فيما يزيد في مجلة «وومن هيلث» بنسبة 9%، بحسب مكتب ببلشرز إنفورماشن.

وتقول دانزيغر، 50 عاما، وهي خريجة جامعة هارفارد وفيبليب أكاديمي وأم لمراهقين، في مقابلة أجريت معها مؤخرا، مشيرة إلى أن المجلة لم تواجه منافسة قوية منذ توليها إدارتها في عام 2001: «أكشاك بيع الصحف صارت مؤخرا مكانا صعبا للمنافسة للجميع.. لن أحاول التعامي عن الاعتراف بالتحديات التي تواجه الناشرين، لكن ما أحاول القيام به هو تعزيز قوتنا وتقويض عوامل الضعف أو القصور الموجودة فينا».

تجري التغيرات في المجلة حاليا على صعيدي الشكل والمضمون. وسيشهد عدد شهر نوفمبر، الذي سيصدر في أكشاك الصحف هذا الأسبوع، تصميما جديدا لأغلب صفحات المجلة، وربما تكون تلك هي المرة الأولى منذ ست سنوات التي تشهد فيها هذه المجلة مثل هذه التغيرات في أبوابها. سيكون من بين التغيرات الجديدة عرض عنوان المجلة بخط سميك، وإعادة تسمية الأبواب الثابتة في المجلة لتعبر عن أن الجمال - الداخلي والخارجي - يمكن تحقيقه بسهولة. فالباب الذي كان يطلق عليه اسم الجمال في السابق تحول إلى «الجمال السهل»، وقد تحول اسم بات «الأطعمة الصائبة»، إلى «خيارات الأكل الذكية».

وتضيف: «في بعض الأوقات قد نرغب في الإشارة إلى قارئنا بأن (ألق نظرة على سلف مجددا)، ونحن نتطور بهذه الصورة؛ فقد بدأنا نحس بأن المجلة فقدت نضارتها».

من ناحية أخرى، أعيدت هيكلة المجلة؛ بحيث باتت تضم مدير تحرير، أوكلت إليه مسؤولية الإشراف على التوسعات التي ستصدر ضمن المجلة مثل الكتب والبرامج التلفزيونية وتطبيقات الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية.

وسعت دانزيغر إلى استكشاف بعض السبل نحو إمكانية تقديم برنامج تلفزيوني للمجلة، وهو ما اعترفت بأن المجلات الأخرى سبقتها إليه، وقالت: «كان من المتوقع أن نلتقي أوبرا أو راتشيل راي أو فود نتورك؛ فالقراء يفضلون أن يروك في كل مكان».

ويصف زملاء دانزيغر السابقون، في مجلة «سفن دايز»، التي لم تستمر طويلا، والتي كانت مختصة بالفن والثقافة، وكذلك في مجلة «وومن سبورتس آند فيتنس»، الصادرة عن دار كوندي ناست، أنها لا تقبل الهزيمة؛ فيقول آدم موس، رئيس تحرير مجلة «نيويورك»، الذي عمل مع دانزيغر في مجلة «سفن دايز»: «لا يمكن لشيء أن يعوقها.. إنها ترفض أن توصف بالإحباط». وفي مكتبها الواقع في بناية تطل على تايمز سكوير، وضع على الطاولة الكثير من أغلفة المجلات المنافسة لها في سوق مجلات المرأة مثل «شيب» و«فيتنس» و«آلور» و«كوزموبوليتان» و«إيلي» و«ماري كلير»، وتقول إنها تقرأ كل بريد إلكتروني يرد إلى المجلة من قرائها حتى تكون أكثر تفاعلا مع كل ما يمكن أن تحتاجه المرأة.

وخلال الاجتماع الذي عقدته الأسبوع الماضي مع محرري المجلة للتباحث بشأن عروض موسم الربيع، تساءلت دانزيغر بصورة مرتفعة بشأن فستان يفكر المحررون في عرضه في المجلة عما إذا كان عمليا بما يكفي. وقالت لمدير الموضة: «ما دام سيمكِّن من ترتديه من الجري في الشارع للحاق بالحافلة فهو فستان جيد».. ثم توجهت إلى فستان أبيض به الكثير من الكشكشات من تصميم دار شانيل: «أنا لا أحب هذا النوع من الفساتين القصيرة».

وتقول إن أسلوبها في الإدارة ينطوي على إحاطة نفسها بالنساء اللاتي لا يخشين تحدي قراراتها التحريرية. وتقول: «حاول التعاقد مع كتاب رأي يتمتعون بقوة الشخصية والعزيمة وحاول أن تجد نوعا من الأرضية المشتركة معهم».

وخلال صورة لجلسة الإعداد، حاول المدير الفني - لكن من دون جدوى على ما يبدو - إقناعها بعدم استبدال صورة لدمية مربوطة في كومة من الأسلاك ومنتجات التنظيف؛ حيث كانت الصورة سترافق مقالا عن المخاوف الصحية، قالت له بابتسامة ساخرة: «حاول أن تقنعني؛ فأنا أتقبل الرأي الآخر».

* خدمة «نيويورك تايمز»