المرا قب الصحفي: الأسبوع الهادئ

TT

كانت الأحداث العالمية هادئة، إلى حد ما، في الأسبوع المنصرم. وهو ما انعكس على صحيفة «الشرق الأوسط». غير أن خبرا محددا حظي باهتمام وحدس ذكي من قبل صحافيي الصحيفة؛ وهو قصة نجاة عمال المنجم في تشيلي، حيث كانت «الشرق الأوسط» من الصحف العربية القليلة التي شعرت بأهمية هذا الحدث منذ اليوم الأول، الأمر الذي تجاهلته بعض الصحف، وأبرزته أخرى محشورا في صفحاتها الداخلية، إلا أن تغطية «الشرق الأوسط» الوافية، منذ اليوم الأول، أكدت أنها كانت تملك حاسة شم صحافية قوية، تنبأت بأن هذا الخبر سوف يصبح قصة عالمية. وهو ما حدث بالفعل عندما تكالبت عدسات الإعلاميين حول العالم نحو العمال في أثناء لحظات انتشالهم من غياهب المنجم واحدا تلو الآخر بالكبسولة الحديدية.

أما الخبر الذي جاء متأخرا فكان تحقيق النيابة العامة في الكويت مع أفراد من الأسرة الحاكمة على خلفية هجوم مجموعة من الشبان على قناة «سكوب» التلفزيونية وتكسير معداتها وتهديد العاملين فيها بالأسلحة، الأمر الذي تسبب في توقفها عن البث. حيث ذُكر بأن شقيق صاحبة القناة قد تفوه في برنامجه بألفاظ غير لائقة بحق أحد أجنحة الأسرة الحاكمة، ومما فاقم من ردود الفعل الإعلامية وجود سفير الكويت لدى الأردن في موقع الحادث، وهو المنتمي إلى نفس الفرع المساء إليه. هذا الحادث غير معتاد في الدول الخليجية، وربما العربية، وكان بالفعل مثيرا للاهتمام. ويبدو أن صحيفة «الشرق الأوسط» قد تداركت تأخرها بالتعامل مع الخبر المهم، واللافت، بتقديم تغطية وافية للقارئ، وهو ما يحدث عادة في صحف كثيرة. الصحيفة لم تنس القصة التي دفعت ما يربو على 3 ملايين موظف في فرنسا إلى التظاهر في شوارعها، احتجاجا على قرارات الحكومة في رفع سن التقاعد، فكانت تغطيتها جامعة مانعة، وهي بحق مادة جيدة يمكن للقارئ العادي وحتى الباحث المتخصص الاستفادة منها. وننتقل إلى الصفحة الأخيرة، التي ربما لاحظ بعض القراء كيف بدأت تدب الحياة تدريجيا في الجزء السفلي منها بعد استمرار المحرر في وضع صورة إلى جانب خبر لافت وسط إطار رفيع. فلم تعد صورة الفتاة الحسناء في الجزء العلوي من الصفحة منفردة، بل صارت هناك أخبار شعبية منافسة، وليت القائمين على الصفحة يواظبون عليها، بحيث تكون مكانا ثابتا لـ«Feature» قصير للصفحة الأخيرة أو خبر مثير لاهتمام شريحة كبيرة من القراء العرب. وكان لافتا خبر من بريطانيا، نشر على الصفحة الأولى، يشير إلى اعتزام حكومتها «تقليص جيشها» في إطار خطة تقشفية لتقليل النفقات، وهو خبر ربما لم يعتد عليه القارئ العربي، الذي دأبت بعض صحفه على إبراز صفقات السلاح وتعزيز الترسانة العسكرية. لا شك أن قراء كثرا توقفوا عند هذا الخبر الذي جاء من مراسل الصحيفة في لندن.

صحيح أن أخبار هذا الأسبوع كان يغلب عليها طابع الهدوء، مقارنة بالأسابيع الماضية، إلا أن الصحيفة استطاعت بتنوع صفحاتها تحقيق جو ممتع للقارئ، وما زالت تواصل تميزها في الحوارات الخاصة. وهذا هو دور الصحافة.