المراقب الصحافي

المدرس المبدع والتقارير الخاصة

TT

لقد فاتتنا الإشارة إلى تقرير خاص وشائق نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، منتصف الشهر الحالي، عن مدرس اللغة عربية، في جنوب مصر، الذي ابتكر طريقة ذكية ليسهل على طلابه فهم النحو العربي، من خلال أسلوب قصصي ممتع يسهل فهمه وحفظه. وقد اشتكى من هجوم موجهي اللغة عليه في بادئ الأمر، إلا أن «مستويات التلاميذ المميزة تحدثت عن نفسها وأجبرت الجميع على احترام فكرتي ومساعدتي في نشرها»، وفق قوله. هذا نموذج آخر للشباب العربي المبدع الذي نجحت «الشرق الأوسط» في إبراز إبداعاته. وبودي أن أعرف ما شعوره وهو يرى صحيفة بحجم «الشرق الأوسط» تفرد له أكثر من نصف صفحة! يا له من تشجيع جاء في محله. ليس مطلوبا أن يكتشف المواطن العربي الذرة من جديد حتى ينشر خبره، فقد يكون عمل بسيط وإبداعي كافيا لإبرازه.

وهناك تقارير أخرى خاصة ولافتة في الأسبوع المنصرم، مثل خبر «تعامد القمر على الكعبة المشرفة» غدا الجمعة (29 أكتوبر/ تشرين الأول)، هذا الخبر وإن كان حدثا دوريا، فإن إبرازه بصورة أفضل بالصفحة الأولى (الثانية) قد يشد انتباه شريحة أكبر من القراء. وأظهر تقرير إنساني مهم من مراسل الصحيفة أن «80% من لعب الأطفال في ألمانيا فيها خطورة على صحة الأطفال، إذ تبين للمختصين أن السموم تذوب فيها، وأن 66% من لعب الأطفال (ملوثة) أو (ملوثة جدا)». هذا التقرير يمكن تطبيقه على الوطن العربي، واستعراض التشريعات المعمول بها، واستطلاع رأي المختصين، فربما نخرج بنتائج مذهلة عن التلوث الذي يدفع ثمنه أطفالنا من حيث لا ندري.

ولأن الصور تنطق كما تنطق الحروف فكان لا بد من وقفتنا الأسبوعية، حيث امتازت الصحيفة بعرض عدد من الصور، منها لقطة الرئيس الأميركي أوباما وهو يشتري الحلوى في ولاية سياتل وقد تجمهر عليه الناس يصورونه بهواتفهم، كانت لقطة طبيعية تذكر بصورة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وهو يتناول مأكولات خفيفة في إحدى الأسواق التجارية في السعودية، وأخرى يقف فيها مصغيا لإحدى السيدات، وهي لقطة غير معتادة في عالمنا العربي. هذه اللقطات معبرة وشعبية وتوصل أكثر من رسالة إيجابية إلى الشعوب.

وكان لافتا أيضا نشر صورة بالصفحة الأولى لعدد من الصحف العربية، من بينها «الشرق الأوسط»، وذلك في معتقل غوانتانامو، وربما شكلت هذه الصورة انطباعا مختلفا عما يدور في أذهان الناس من أنه معتقل لا يفقه الداخل إليه ما يجري حوله من أحداث. ويخيل إلي أن السماح للوكالة الإخبارية بنشر الصورة كان تكتيكا إعلاميا، لكنه من الناحية الصحافية أُبرز في مكانه المناسب.

قد يلاحظ القارئ غير المختص، أن صحيفة «الشرق الأوسط» من الصحف التي تنشر صفحات كثيرة بالألوان. وهذا أمر يساعد على إبراز أهمية الصور، وكذلك جذب المعلن. وعليه فحري بالزملاء الاستفادة من هذه المزية بإبراز الصور اللافتة في المكان الملائم، والإكثار من العناوين الفرعية المقتضبة لخدمة المادة المنشورة. وهو توجه عالمي بدأ يتزايد بصورة ملحوظة، بحكم أن الناس ليس لديهم الوقت الكافي للقراءة، فتأتيهم الصور الملونة والمعبرة إلى جانب المانشيتات المدروسة خدمة لهم! مع ضرورة عدم الإخلال بعمق النص المكتوب.

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن نشر «الوثائق السرية لحرب العراق»، التي أطلقت بعد تدشين موقع «ويكيليكس» التجسسي المثير للجدل، ليعد اختيارا موفقا، فقد انتقى المحررون مادة مهمة للقارئ العربي من أصل نحو 400 ألف وثيقة سرية تم تسريبها.

نرجو أن يحفل الأسبوع المقبل بمادة صحافية خاصة وشائقة، ولا ننسى فيها تسليط الضوء على المبدعين العرب في شتى المجالات!