المراقب الصحفي

الموقع الإلكتروني

TT

الموقع الإلكتروني الفعال يبقي الصحيفة في دائرة المنافسة. ليس هذا فحسب، بل إنه يجلب إليها قراء جددا من شتى بقاع العالم التي يتعذر وصول الصحيفة إليها. ويبدو أن هذا ما انتبهت إليه صحيفة «الشرق الأوسط» مبكرا، حيث إنني أتابع منذ سنوات طويلة أكثر من 24 موقعا إلكترونيا لصحف عربية وغربية بارزة، لأجد أن «الشرق الأوسط» تأتي في مقدمة هذه المواقع الإلكترونية لبساطة موقعها وعمقه.

وما يميز موقع صحيفة «الشرق الأوسط» الإلكتروني عن غيرها، من المواقع العربية، هو اتباعها «مدرسة المانشيتات» الإلكترونية في واجهة الموقع، إذ لا يرى القارئ نصوصا تفصيلية في الصفحة الرئيسية بل مجرد عناوين رئيسية، فبنظرة سريعة إليها من حاسوبه أو هاتفه يمكنه معرفة ما يجري فيها، كما يمتاز الموقع بمجانية المعلومة وسلاسة العرض.

وربما لا ينتبه بعض القراء إلى أن الصحيفة تضم أرشيفا ضخما سهل الاستخدام مقارنة بصحف كثيرة، فهو عملي جدا وخال من التعقيد، ويمكن لمن لا يجيدون التعامل مع التكنولوجيا الحديثة الاستفادة منه، كل ما يحتاجه القارئ هو كلمة البحث. هذا الأرشيف بحد ذاته مخزون كبير تقدمه الصحيفة للقارئ العربي العادي والمتعمق. وقد اطلعتُ على رسائل ماجستير وأوراق بحثية في مؤتمرات عربية كثيرة استند الباحثون فيها إلى أرشيف الصحيفة وهو مكسب كبير لها.

نذكر هذه النقاط الإيجابية، ليس من باب الإطراء وإنما من منطلق أهمية أن تحافظ الصحيفة على هذا المجهود الكبير المبذول الذي اعتاده القارئ، فصار يميزها ويكمِّل النسخة الورقية والإلكترونية، بل ويزيد من ولاء القارئ للصحيفة. وكما نعلم، فإن القارئ في العصر الراهن صار سريع التغيير لأن خياراته قد زادت، وأصبح في مقدوره تغيير صحيفته متى ما رأى أن اختياره الجديد سيقدم له خدمات جديدة متكاملة.

هناك ملاحظات مهمة يجدر بالقائمين على الموقع مراعاتها، وهي ضرورة انتقاء أخبار خاصة للموقع الإلكتروني غير موجودة في النسخة الورقية حتى تدفع القارئ إليها والعكس صحيح، وذلك لكي يرتبط القراء الإلكترونيون والورقيون بكلتا النسختين.

والحق يقال، فهناك زاوية موجودة حاليا بالنسخة الورقية تعتبر مهمة للترويج للموقع الإلكتروني، وهي التي يذكر فيها يوميا المقالات الأكثر قراءة وطباعة، فهذه إحصائية تفاعلية ممتعة للقارئ.

أما بخصوص مشاركات القراء، فنتساءل: لماذا تأتي معظم ردود القراء موضوعية ويندر أن نقرأ طرحا عنيفا على الكتاب والصحيفة يزيد من مصداقية هذه الخدمة؟

وتجدر الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن أي تغيير على النسخة الإلكترونية لا بد أن يكون «بطيئا» وحذرا ومدروسا، لأن هذه النسخة مثلها مثل النسخة الورقية التي ما إن يدب التغيير المفاجئ فيها حتى يشعر القارئ بأنه فقد عنصر الاستقرار في صحيفته التي اعتادها، الأمر الذي قد يدفعه للبحث عن بديل مريح.

«الشرق الأوسط» نجحت في الموقع الإلكتروني، فلتحافظ على هذا المكتسب المهم والصعب في عالم الصحافة، من دون نسيان ما يجري في سوق المنافسة من تغيرات مهمة ينشدها القارئ الإلكتروني.