الهنديات يقتحمن العمل الصحافي من بوابة التلفزيون

تقارير برخا دوت عن حرب كارجيل تفتح الباب على مصراعيه أمام جيل الصحافيات

أصبحت صالات التحرير في التلفزيون الهندي تعج بالصحافيات بجانب زملائهن الرجال (أ.ب)
TT

يزداد نفوذ النساء على شاشات التلفزيون داخل الهند، وتأتي بعض الإعلاميات ضمن أكثر الوجوه شعبية. وفي الواقع، تتجه النساء الهنديات إلى العمل الصحافي بأعداد كبيرة، وفيما يتعلق بالصحافة التلفزيونية نجدهن يضفن بعدا جديدا يبعث في النفس شعورا بالبهجة.

لم ينظر يوما إلى العمل الصحافي على أنه مهنة نبيلة للنساء داخل الهند، بل كان ينظر إليه على أنه عمل قاس جدا بالنسبة لنساء يشتهرن بالحساسية، لا سيما بالنسبة لمن نشأن نشأة طيبة. وحتى مطلع التسعينات من القرن الماضي، لم تكن هناك الكثير من النساء في مهنة الصحافة؛ حيث كان الآباء يعتبرون مهنتي التعليم أو الطب أفضل وأكثر احتراما لأسباب شخصية وأخرى مرتبطة بالزواج. ولكن بعد حرب كارجيل عام 1999 بين الهند وباكستان في منطقة لاداخ الصحراوية داخل جامو وكشمير، تغيرت هذه النظرة. ويمكن حاليا سؤال الآباء وستجد أنهم يحبون أن تكون بناتهم في وسائل الإعلام.

ويعود الفضل في هذا التطور إلى أول صحافية اشتهرت داخل الهند برخا دوت، والتي ذاع صيتها على نطاق واسع بسبب تقاريرها عن حرب كارجيل. وكانت قد ظهرت كأول صحافية تكتب مباشرة من الحرب، وحظيت بالثناء على نطاق واسع لشجاعتها وتغطيتها النموذجية خلال الحرب.

وتعمل دوت حاليا محررة مجموعة بإحدى كبريات القنوات التلفزيونية الإخبارية داخل الهند «إن دي تي في»، وهي من بين الشخصيات الإعلامية الأكثر تأثيرا داخل الهند. وقد كانت رحلتها إلى هذا المنصب مليئة بالكثير من العمل الجاد والشجاعة والإصرار والعاطفة.

وقد برهنت على تميزها في العمل الصحافي عندما أصبحت أصغر صحافية داخل الهند تحصل على جائزة بادما شيري، وهي أعلى جائزة مدنية داخل الهند، كما حصلت على الكثير من الجوائز بفضل عملها الدؤوب. ويمكن سؤال أي صحافي ناشئ عن قدوته في العمل الصحافي، وربما يكون اسمها الأكثر تكرارا. ومن الناحية المهنية، تفخر دوت بأن لديها تاريخا مهنيا ممتلئا بالمواقف البارزة. وهي تستطيع القيام بكل شيء، بدءا من التغطية الإخبارية داخل المواقع وصولا إلى إعداد برامج داخل الاستوديو.

وقليل من الصحافيات داخل التلفزيون الهندي من تمكنَّ من تحقيق هذه المكانة التي حققتها دوت. وقد تناولت قضايا مهمة كمذيعة عبر برامج تلفزيونية مثل «نحن الشعب» و«جراح الواقع». وقامت بتغطية النزاعات داخل كشمير وباكستان وأفغانستان والعراق.

ويمكنك متابعة أية قناة تلفزيونية هندية وستجد وجه امرأة إعلامية يطل عليك. وعلى الرغم من أن جمعيهن يشعرن بالسعادة والاحترام ويمكنهن تقديم الأخبار بمستوى معين، فإن قليلا منهن من تستطيع تقديم الأخبار من دون إقحامها ومن دون أن يبدو الأمر وكأنه مجرد نقل سطور موجودة على ملقن إلكتروني أو تلقين خطب للمشاهد.

يمكن النظر إلى شيرين بهان على أنها المرأة الوحيدة التي تجمع المزيج المناسب بين الجمال والذكاء. وقد جلبت شيرين معها أسلوبا جديدا في برامج الأخبار الاقتصادية، وتمكنت من تكوين شعبية كبيرة بين صفوف الجمهور بسرعة. ولديها قاعدة جماهير واسعة، كما أنها رئيسة مكتب دلهي والمحررة التنفيذية لـ«سي إن بي سي تي في 18»، وهي قناة اقتصادية.

وتقوم شيرين باستضافة وإنتاج العديد من البرامج مثل «الأتراك الشباب» و«ساعة الاقتصاد الهندي» و«الاقتصاد الوطني» و«قوة الأتراك»، كما أنها تستضيف فعاليات ميدانية تابعة لـ«سي إن بي سي تي في 18» مثل «إدارة تبادل الأفكار داخل الهند» و«موجهات القطاع». وفي أبريل (نيسان) 2005 حصلت على جائزة أفضل امرأة في العالم من اتحاد غرف التجارة والصناعة داخل الهند. وأدرجت مجلة النساء «فيمينا» شيرين بين أجمل 20 وجها خلال العام في عددها الصادر في سبتمبر (أيلول) 2005. وظهرت شيرين على غلاف مجلة «فيرفا» لشهر ديسمبر (كانون الأول) 2008، وظهرت بين أجمل 50 امرأة في عدد «فوغ» الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2008. وفي عام 2009 اختارها المنتدى الاقتصادي كإحدى القيادات الشابة في العالم لعام 2009.

ونصيحتها للإعلاميين على شاشات التلفاز أنها لا تقوم بذلك من أجل التألق. ولا يوجد شيء براق في هذا الأمر، بل «إن الكثير من عمل الإعلامي داخل التلفزيون متعب، فالوقوف لساعات من أجل الحصول على تصريح لمدة 20 ثانية فيه مثابرة وليس فيه تألق. كما عليك أن تستعد لترك حياتك الاجتماعية والاستعداد لأي اتصال في أي وقت من ليل أو نهار. ويجب عليك استثارة نفسك من أجل عمل قصص وإجراء مقابلات كبيرة مع كفاءة كبيرة. والخطأ المشترك الذي يقع فيه معظم الوافدين الجدد هو الرغبة في تذوق النجاح من دون القيام بما يجب، ولكن يتعين التحلي بالصبر. ويجب أن تشارك في كل جزء من العمل. ولا تحصر نفسك في الأدوار والمسؤوليات. وتعلم القيام بمهام متنوعة، وتعلم العمل داخل فريق، فكل شيء داخل التلفزيون يعتمد على العمل داخل فريق»، بحسب ما قالته لـ«الشرق الأوسط».

الصوت مفعم بالحيوية ووجه بشوش وجميل، هذه بعض أوصاف الوجه الذي يمثل المرأة الهندية المعاصرة التي تتألق في الملابس المتنوعة بدءا من الساري وصولا إلى بذل العمل. وتجسد المرأة الهندية الاستقلال والثقة في النفس والنجاح. من جانبهن، رفعت الصحافيات داخل الهند من سقف طموحاتهن لتبلغ عنان السماء.

ومن الأسماء الأخرى البارزة في هذا المجال: ساجاريكا غوز، وهي مؤلفة ومذيعة حصلت على منحة رودوس التعليمية، وحصلت على درجة الليسانس في التاريخ الحديث من كلية ماغدلين، وعلى ماجستير في الفلسفة من كلية سانت أنطوني التابعة لأكسفورد. وتعمل في الصحافة داخل الهند منذ عام 1991 وعملت في «تايمز أوف إنديا» ومجلة «أوتلوك» و«إنديان إكسبريس». وتعمل حاليا نائبة محررة ومذيعة على شبكة الأخبار «سي إن إن - آي بي إن». وحصلت على جائزة «Gr8-ITA» لتميزها في العمل الصحافي عام 2009. وفي عام 2006 حصلت على جائزة التميز في العمل الصحافي من اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندي. وكانت ترسل تقارير كثيرة من الميدان خلال الانتخابات العامة وقصصا من باكستان وسريلانكا وبوتان. وكانت تكتب الافتتاحية في «إنديان إكسبريس» وبعد ذلك في «هندوستان تايمز». وفي عام 2004 أصبحت أول امرأة تذيع برنامج «كويستشن تايم إنديا» على «بي بي سي». كما أنها مؤلفة قصة «شاربو الجن»، التي نشرت عام 1998. ونشرت «هاربركولنز» روايتها الثانية «عقيدة عمياء» في عام 2006. وهي متزوجة من الصحافي الهندي البارز راجديب سارديزاي.

وقد وصلت الصحافة التلفزيونية داخل الهند إلى مرحلة النضوج بعدما شقت طرقها من أجل تحقيق ذلك، بدءا من أيام قناة «دوردارشان» الحكومية إلى الأيام الحالية، التي تزداد فيها القنوات الإخبارية التي تعمل على مدار اليوم بصورة مستمرة. وقد شقت الإعلاميات طريقهن عبر أحلام ضائعة إلى أن وصلن إلى وقت أتيحت فيه فرص لا تحصى ولا تعد.

وتعتبر أنوردا سين غوبتا من أفضل مذيعات نشرات الأخبار اللاتي يتمتعن بمواهب متعددة في القنوات الإخبارية الهندية. وقد قدمت جميع أنواع البرامج التي تعرضها القنوات الإخبارية الناطقة باللغة الإنجليزية، سواء أكان ذلك بثا مباشرا للأخبار أم مناقشات تتناول مختلف الموضوعات أم حوارات يحضرها جمهور عريض في الاستوديو أم مقابلات تقليدية. وهي كذلك إحدى المذيعات الرائدات على شاشة قناة «سي إن بي سي تي في 18» ومن أكثر الوجوه شهرة؛ حيث حظيت بالشهرة من خلال أول برنامج تقدمه وهو «ستوري بورد» عام 2001.

ويستعرض هذا البرنامج، الذي يُعرض منذ فترة طويلة على شاشة قناة «سي إن بي سي»، عالم العلامات التجارية والتسويق. وقد نال البرنامج العديد من الجوائز ويعتبر نموذجا للصناعة التي يمثلها ويطابق أعلى معايير جودة الإنتاج. ومن البرامج التي تقدمها: برنامج «بيوتيفول بيبول»، وهو عبارة عن سلسلة من المقابلات مع إعلاميين، إضافة إلى شخصيات بارزة خارج قطاع الصحافة. وهناك أيضا برنامج «ماست دو» عن الأدب والفنون والثقافة ويأخذ مشاهدي «سي إن بي سي تي في 18» إلى عالم جديد.

وتمثل نجمة سهر نموذجا للمرأة المسلمة القوية، وظهرت في نشرات الأخبار على شاشة التلفزيون الهندي «إن دي تي في إنديا» تذيع نشرة الأخبار في الذروة. وبالإضافة إلى ذلك تقوم بعمل تقارير عن الأحداث المهمة وتغطية الأحداث تمس حياة الناس، ويعتبر هذا أكثر ما تبرع فيه نجمة. وتميل في برنامجها الحواري «سلاما زينداجي» (سلام للحياة) إلى استخدام حساسيتها الطبيعية عند تناول قصص الشجاعة والنجاح.

وقد عملت نجمة في مجلس السكان التابع للأمم المتحدة ومركز البحث الاجتماعي، وهي منظمة أهلية تركز على قضايا المرأة. وقالت نجمة، المراسلة ومذيعة نشرة الأخبار، في حديثها مع «الشرق الأوسط»: «أستمتع بكلا الأمرين، فتكرار القيام بالعمل نفسه يجعله رتيبا؛ لذا أجد أن العمل كمراسلة ممتع ويجمع الكثير من الصحافيين الآن بين الشيئين معا؛ حيث يجلسون في الاستوديو ويقدمون الأخبار ويذهبون أيضا إلى الميدان للعمل كمراسلين صحافيين. قد لا يقومون بهذا العمل يوميا بل يتوجهون إلى الميدان في حالات خاصة عندما يحدث شيء مهم. وإن كنت لا أقدم الكثير من التقارير الإخبارية هذه الأيام، فإنني أذهب لتغطية أحداث مهمة».

وعند سؤالها عن النصيحة التي ستقدمها إلى من يفكر في العمل في مجال تقديم نشرات الأخبار، قالت: «سأخبره بأن يستعد جيدا؛ لأن المنافسة شديدة هذه الأيام، وعليه أن يكون شغوفا بمجال الأخبار؛ حيث تفضل القنوات هذه الأيام توظيف الصحافيين للعمل كمذيعين للأخبار؛ لذا ينبغي ألا يكون تفكيره محدودا بل يكون منظوره أشمل، وينبغي قبل كل شيء أن يحاول أن يكون صحافيا ماهرا، فالمراسل الماهر يصبح في النهاية مذيع أخبار بارعا».

نيدي رازدان، وجه جميل آخر له شعبية على شاشة قناة «إن دي تي في».. وبعد تغطية نيدي لزلزال غوجارات والقضايا المتعلقة بإقليم كشمير والقضايا السياسية وخطف طائرة قندهار وانتخابات المملكة المتحدة، وغيرها من الموضوعات، صنعت لها اسما في سن مبكرة. وعند سؤالها عن التغيير الذي تريده في التلفزيون فيما يتعلق بالقنوات الإخبارية، ردت رازدان بسخرية قائلة: «أتمنى ألا يعتمدوا على الإثارة، فمن المهم أن تكون أول من يحصل على الأخبار، لكن الأهم هو أن تكون هذه الأخبار صحيحة. في حين أصبحت عبارة (نبأ عاجل) معتادة في مجال الأخبار لسماعها كل يوم، فأنا أكرهها». وتتنبأ رازدان قائلة: «الأنباء العاجلة لا تحدث كل 5 دقائق مثلما يحدث في بلدنا، فالأخبار أيا ما كان حجمها تتحول إلى أخبار عاجلة، لكنني أعتقد أن هذا سيتغير قريبا».

وتأخذ رازدان راحة من جدول أعمالها المتخم من خلال مشاهدة التلفزيون، وقد أدمنت متابعة الأخبار بالإضافة إلى بعض مسلسلات «السيت كوم» مثل «ويل آند غريس». ومن أكثر الأشخاص الذين يحبونها هو الأب رازدان (رئيس تحرير بوكالة أنباء «بريس تراست أوف إنديا»)، والذي يعتبر من أكبر منتقديها ومرشديها. وتقدم نيدي رازدان نشرة أخبار في أوقات الذروة على شاشة «إن دي تي في».

وكذلك تقدم رازدان برنامجا حواريا جدليا يسمى «ليفت آند رايت آند سنتر» (شمال ويمين ووسط) ويبث على الهواء مباشرة كل جمعة، وتغطي القضايا المتعلقة بالسياسة المحلية والعلاقات الخارجية. ومن ضمن ما تقدمه أيضا أفلام وثائقية عن التيبت وكشمير الباكستانية وإيران وبريطانيا والإرهاب.

وتأتي رازدان في المركز الثاني بعد بارخا دوت، مديرة التحرير داخل «إن دي تي في». وتعتبر رازادان، الحاصلة على جائزة التلفزيون الآسيوي للصحافة الأفضل، أجمل مذيعات الأخبار في القنوات الهندية بحسب استطلاع للرأي أجري على شبكة الإنترنت.