بيت سوزا.. «مصور الرئيس»

يلاحق موكب الرئيس الأميركي.. ويلتقط صورا رسمية قد لا تحمل قيمة صحافية

بيت سوزا المصور المرافق للرئيس الأميركي (أ. ب)
TT

يعرض فيلم «مصور الرئيس»، من إنتاج منظمة «ناشـــــــــــــــــــونال جيوغرافيك» ويذاع مساء الأربعاء على «بي بي إس»، لمحة نادرة عن حياة بيت سوزا، 56 عاما، مصور صحافي اختاره الرئيس أوباما ليتــــــــــــــولى وظيفة المصور الرسمي للرئيس التي يتعين على صاحبهـــــــا العمل بـــــــلا كلل.

بالنسبة لسوزا، تمثل هذه الوظيفة عودة إلى البيت الأبيض، حيث سبق له العمل في فريق المصوريــــــــــن هناك خلال فترة طويلة من عهد رئاسة ريغـــــان.

ومثلما الحال مع جميع الوظائف التي تبدو عظيمة، تحمل هذه في طياتها صعوبة خاصة، حيث تستلزم ممن يتقلدها السهر حتى الفجر والتقاط الصور طوال ساعات اليوم. مثلا، كان سوزا أول من وصل للممر الذي تقف عليه الطائرة الرئاسية استعدادا لرحلة ســــــــــــــــــيقوم بها الرئيس ليوم واحد. في الواقع، هنـــــــــــاك حاجة لأن يبقى ســـــــــــــــــوزا موجودا طيلة الوقت لالتقاط صور رسمية لا تحمل قيمة صحافية تذكر، ومع ذلك تتسم بأهمية جوهرية على صعيد احتياجات الإدارة المرتبطة بالعلاقات العامة. ويعمد سوزا إلى الإسراع للحاق بموكب الرئيس والتكيف مع النكات الاستفزازية التي يلقيها روبرت غيبس، السكرتير الصحافي للبيت الأبيض.

وربما يخالجك أحيانا التساؤل خلال مشاهدة الفيلم حول كيف ترك مثل هذا الشخص ذو الإمكانات الهائلة خارج «الجناح الغربي» والذي يحمل بداخله العشرات من القصص حول الدراما التي تدور فصولها داخل المكتب البيضاوي - خاصة أن المصور يرى ويدرك في هدوء أكثر من أي شخص آخر.

يتابع «مصور الرئيس» سوزا أثناء ملاحقته أوباما الشتاء الماضي، مع بدء اهتزاز جهود إصلاح الرعاية الصحية تحت وطأة التسويات. على النقيض من الصور التي التقطها سوزا في وقت مبكر من انتصار أوباما عام 2008، بدت صوره فجأة أكثر كآبة. المعروف أنه يتعين على مصور البيت الأبيض تقديم صور تغطي وجها عاما في مختلف حالاته المزاجية، مما يتعارض في الغالب بشدة مع الحالة المزاجية الخاصة للشخص.

ربما يكون الكلب بو والمساعد الشخصي للرئيس ريغي لوف هما الوحيدين اللذين يتمتعان بدرجة أكبر من القرب إلى الرئيس عن سوزا الذي يوجد مع أوباما باستمرار برفقة كاميرتين يحملهما فوق كتفه المنحنية.

والملاحظ أن بو ولوف يظهران بوضوح في بعض أبرز الصور التي التقطها سوزا حتى الآن. وقد نما إلى علمنا أن الرئيس يعشق على نحو خاص صورة له وهو يعوق تسديدة (رمية) للوف بالكرة في محاولة لتسجيل هدف خلال مباراة لكرة السلة.

بجانب مصاحبتهم لسوزا باستمرار في محاولة لمراقبته أثناء عمله الذي يستلزم منه هو الآخر مراقبة الرئيس مع البقاء بعيدا عن دائرة الضوء للتمكن من الاضطلاع بعمله، يسلط القائمون على «مصور الرئيس» أيضا الضوء على فترة عقود سابقة على إقرار وظيفة مصور رسمي للبيت الأبيض، بداية من إدارة جونسون، الذي تمكن المصور الرسمي لها، يوتشي أوكاموتو، من بناء هرم من الصور الصادقة الارتجالية التي حددت المسار أمام من جاءوا بعده. (عمل بالبيت الأبيض ثمانية مصورين أساسيين، ويبدو أن جميعهم من الرجال).

يذكر أن كل صورة يلتقطها مصور البيت الأبيض تتحول لملكية تخص «الأرشيف الوطني»، الذي يقرضها إلى المكتبة الرئاسية بصورة دائمة. من بين آلاف الصور التي جرى تجميعها، ستبقى واحدة أو اثنتان فقط منهما محفورتين بذاكرة الجميع.

مع انهماك سوزا وفريق العمل المعاون له المؤلف من ثلاثة مصورين في عملهم ليل نهار، ركز «مصور الرئيس» جل اهتمامه على الوظيفة وتاريخها لدرجة أنه لم يتوقف سوى على نحو عرضي للتفكير في نمط شخصية من يتولى وظيفة كتلك التي يمتهنها سوزا. وخلال الفيلم، لا نطلع تقريبا على أية معلومات بشأن خلفية سوزا أو حياته الاجتماعية، فيما عدا ملحوظة تعلن أن الأمل منعدم في التمتع بحياة اجتماعية.

بعض المقابلات المثــــــــيرة للتأمل التي يحويها الفيلم تتعلق بأوباما وجورج دبليو. بوش، حيث يبدي كلاهما تقديره للقيمة التاريخية الثرية وراء فـــــــــــــــكرة وجود كاميرا حول الرئيس طيـــــــــــــــلة الوقت - رغم أنهما شخصيا ربما لا يفضــــــــــلان ذلك - وكيف تمكنا من الإذعــــــــــــــان لهذا الأمر. في بعض الأحيان، تتمكن علاقة صداقة من تجاوز الحواجز الصحافية، كتلك التي نشـــــــــــــــــأت بين غيرالد فورد ومصوره ديفيد هيوم كينيرلي، أو بين بوش الأب وديفيد فالديز، الذي التقط صورة شهيرة عفوية لجورج وبـــــــــــاربرا بوش نهارا بينما كانا لا يـــــــــــــزالان بالفراش ويتحرك حولهما أحفادهما.

بالنسبة للرؤساء السابقين، كانت العلاقة مشحونة بدرجة أكبر. في إحدى اللقطات، يبدو ريتشارد نيكسون ممسكا بتلابيب مصوره الرئاسي أولي أتكينز، قبيل لحظات من ظهوره على شاشات التلفزيون على الهواء لإعلان استقالته. وقد منع الرئيس التصوير خلال هذه اللحظة الحرجة. (لحسن الحظ، التقط أتكينز صورة للقاء نيكسون بألفيس بريسلي، وهي أكثر الصور التي تحظى بإقبال على مشاهدتها بمكتبة نيكسون).

ومن خلال عرض بعض الصور المثيرة التي التقطت خلف الكواليس للبيت الأبيض في عهد أوباما، يوضح «مصور الرئيس» القوة الدائمة التي تملكها الصورة، حتى في عصرنا الحالي ذي التقنيات المتطورة. ربما التقط سوزا بالفعل صورته الأشهر لأوباما، وربما لم يلتقطها بعد. لكن يبقى للزمن كلمته النهائية في اختيار صورة توجز كل ما يمكن قوله.

* «مصور الرئيس» يذاع لمدة ساعة الأربعاء الثامنة مساء عبر «دبليو إي تي إيه» و«إم بي تي»

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»