إذاعتان باسم «صوت لبنان» بعد مسيرة نجاح بدءا من الشهر المقبل

المبنى لـ«الكتائب» .. وآل الخازن يحتفظون بموجة البث

TT

في وقت لا يزال الصراع فيه دائرا حول ملكية المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBC) بين حزب القوات اللبنانية، ورئيس مجلس إدارتها الشيخ بيار الضاهر، شهدت إذاعة «صوت لبنان»، أبرز الإذاعات اللبنانية، صراعا مماثلا حول ملكيتها بين حزب الكتائب اللبنانية، وورثة رئيس مجلس إدارتها السابق الشيخ سيمون الخازن.

وإذا كان الصراع القانوني لم تنته فصوله بعد بين «القوات» والضاهر، فإن الصراع حول «صوت لبنان» بلغ خواتيمه بعد فشل المفاوضات بين الطرفين للتوصل إلى تسوية، التي انتهت بانتقال آل الخازن ومديرة البرامج المعروفة وردة الزامل إلى مبنى جديد في منطقة الضبية، فيما فضل فريق العمل بأكمله تقريبا البقاء في المبنى الأساسي للإذاعة الكائن في الأشرفية، الذي تملكه «الكتائب» مع أرشيفه وجزء من محتوياته.

بدءا من أوائل الشهر المقبل، سيستمع اللبنانيون إلى إذاعتين، الأولى هي «صوت لبنان» التي يملك رخصتها آل الخازن وستتابع بثها على الموجة الحالية، مع فريق عمل جديد وشبكة برامج جديدة، تشرف على إعدادها في الوقت مديرة البرامج وردة الزامل، التي أصدرت مذكرة مطلع الأسبوع الحالي قضت بوقف ما يزيد على عشرة برامج «على أن تعود بحلة جديدة مع شبكة البرامج الجديدة وتستبدل بمنوعات موسيقية».

ومن مبنى الأشرفية، سيتابع فريق العمل الأساسي للمحطة، من مذيعين ومراسلين ومحررين ومخرجين ومهندسي صوت، البث على موجة جديدة بالبرامج عينها مع بعض التعديلات التي ستتم تدريجيا، لتستعيد الإذاعة مجدها الكتائبي الغابر منذ تأسيها في السبعينات باسم «صوت لبنان.. صوت الحرية والكرامة».

وتعتبر إذاعة «صوت لبنان»، التي أسستها «الكتائب» من أولى الإذاعات اللبنانية التي تبث شبكة واسعة ودائمة التجدد من البرامج التي تجذب اهتمام المستمعين من مختلف الاتجاهات والانتماءات السياسية. وعلى الرغم من ميلها إلى قوى «14 آذار»، فإنها تتمتع بمصداقية لدى كل الفرقاء السياسيين الذين يحلون ضيوفا بشكل دائم على برامجها السياسية، وفضلا عن البرامج السياسية والفنية، تتميز الإذاعة ببرامجها التي تحاكي هموم الناس اليومية وصحتهم وتراثهم وتسجل معدلات استماع واسعة جدا.

في مبنى الإذاعة في الأشرفية، يترقب الزملاء الفرحون بتوقيع عقود عمل جديدة مع «الكتائب» برواتب أفضل مع تسجيلهم في الضمان الاجتماعي والتعهد بالترقية كل عامين، الانطلاقة الجديدة في بداية الشهر المقبل. ويروي أحدهم لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماعات تنسيقية متتالية عقدت بين موظفين اثنين في الإذاعة والكتائب قبل تقديم كل الموظفين تقريبا (باستثناء عدد لا يتجاوز أصابع اليد فضّل الانتقال إلى المبنى الجديد) استقالات جماعية من الشركة العصرية للإعلام التي يملكها آل الخازن، توّجت بزيارة الموظفين قصر آل جميل في بكفيا، عشية الذكرى السنوية الرابعة لاستشهاد الوزير والنائب الشاب بيار الجميل، الذي كان من أطلق مسيرة استرداد الحزب وكوادره ومؤسساته.

وكان حزب الكتائب تمكّن من الحصول على ترخيص لمؤسسة إذاعية من الفئة الأولى تابعة لشركة استحدثها تحت اسم «الشركة الجديدة للإعلام المرئي والمسموع» في 2 يونيو (حزيران) الماضي، خلال الجلسة الوزارية الأخيرة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة. وتمّ في حينه تعيين الوزير سليم الصايغ رئيسا لمجلس الإدارة، والمستشار السياسي للرئيس أمين الجميل سجعان القزي مديرا عاما والزميل جورج شاهين مديرا للتحرير.

وعلمت «الشرق الأوسط» أنه من المقرر أن يبقى مديرو الدوائر والمحررون والمراسلون والمذيعون ومهندسو الصوت والمخرجون في مناصبهم ويتابع كل موظف المهام الموكلة إليه، على أن تهتم لجنة كتائبية مصغرة بالإشراف على إدارة الإذاعة في الفترة المقبلة، وتهتم بالأمور الإدارية والمالية.

وفي حين يردد بعض الزملاء في «صوت لبنان» أن تعليق مديرة البرامج عددا كبيرا من البرامج مرده إلى انزعاجها من تفضيل الزملاء العاملين فيها البقاء مع «الكتائب»، أكدت الزامل، لـ«الشرق الأوسط»، أنها «بصدد التحضير لشبكة برامج جديدة تعدها شخصيا، وجرت العادة مسبقا على وقف كل البرامج التي ستتغير في الشبكة لتطل بحلة جديدة مع وجوه معروفة في عالم الإعلام المرئي والمسموع». ولفتت إلى أن «كل موظفي (صوت لبنان) ما زالوا يعملون ويقرأون نشرات الأخبار، ولكن البرامج التي ستخضع للتغيير هي التي توقفت».

وشددت على أن «الإذاعة مستمرة، وما سيتغير فقط هو نقل عمود الإرسال من مكان إلى آخر»، موضحة أن «فريق العمل سيستمر على الرغم من مغادرة زملاء نحبهم ونتمنى لهم النجاح أينما كانوا». وتعليقا على انتقال عدد قليل من الموظفين معها، لفتت إلى أنه «تم أول من أمس توظيف عدد كبير من المذيعين والمحررين والمخرجين الجدد»، مشيرة إلى أن «العمل سيتابع بدءا من الشهر المقبل وكأن شيئا لم يتغير وستبقى إذاعة (صوت لبنان) أينما كانت تبث».

في موازاة ذلك، وصف مصدر مطلع في حزب الكتائب، ما يحصل «بالأمر الطبيعي بعد قرار الحزب استعادة (صوت لبنان) وانتهاء عقد إيجار مبنى الإذاعة القائم في الأشرفية»، لافتا إلى أن «أربعة موظفين فقط اختاروا الانتقال مع الشركة العصرية للإعلام، التي أنشئت على اسم (صوت لبنان) بشكل منفصل عن ملكية الإذاعة».

وفي حين أكدت الزامل أن «(صوت لبنان) ستتابع بثها على الموجة عينها وستستمر بالاسم نفسه أي الشركة العصرية للإعلام - صوت لبنان حتى انتهاء الترخيص المعطى لها عام 2016»، نفت أن يتعارض ذلك مع استمرار الكتائب بالبث تحت الاسم نفسه. وقالت: «سيفتحون إذاعة للحزب ولا يستطيعون الادعاء بأنها (صوت لبنان)، لأن الاسم ملك للشركة العصرية للإعلام منذ عام 1994». وذكرت بأنه «لدى صدور قانون تنظيم الإعلام المرئي والمسموع تقدمت الكتائب بطلب ترخيص تم رفضه، وتقدم الشيخ سيمون الخازن بطلب ترخيص لـ(صوت لبنان)، وحصل على الموافقة».

وأوضح المصدر الكتائبي أن «الكتائب اشترت موجات جديدة للبث بدءا من الشهر المقبل تحت اسم (صوت لبنان.. صوت الحرية والكرامة)، وستتابع شبكة البرامج عينها باعتبار أن الموظفين مستمرون في عملهم، على أن يُصار إلى إدخال بعض التعديلات إذا اقتضت الحاجة». وأفاد بأن حزب الكتائب بصدد التوجه لإقامة دعوى لدى قاضي الأمور المستعجلة فيما لو تم البث من الضبية بالاسم التجاري نفسه أي «صوت لبنان»، بتهمة انتحال صفة.

وتوقف عند «المفارقة المتمثلة بانتهاء معاملات الاسترداد وتوقيع عقود العمل مع الموظفين عشية استشهاد الوزير بيار الجميل». واعتبر أن استرداد الكتائب للإذاعة هو هدية للوزير الشهيد، مشددا على أن «الكتائب تسترد مواقعها تماما كما استردت الحزب وكوادره وقاعدته الشعبية وخطها السياسي والتاريخي، وها هي اليوم استردت (صوت لبنان.. صوت الحرية والكرامة)، وشعورنا اليوم شعور بالمسؤولية والاعتزاز في آن معا لأن الإذاعة كانت سليبة».

وفي سياق متصل، أكد النائب الكتائبي إيلي ماروني لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن تزوير التاريخ أو محو الوقائع»، معتبرا أن «كل لبناني، كل طفل وشيخ، يعرف أن (صوت لبنان) هي صوت الحرية والكرامة». ورأى أنه «كما حاول فريق تشتيت الحزب وتدمير مؤسساته كانت (صوت لبنان) من ضمن الخطة»، موضحا أننا «نستعيد اليوم بعض الحقوق والأملاك ومنها (صوت لبنان)، التي ستعود قريبا صوت الحرية والكرامة».

وتعليقا على المواقف الكتائبية لناحية استرداد الإذاعة «السليبة»، اكتفت الزامل بالقول: «لا تعليق، وأترك الاهتمام بالموضوع للمحامين، لأن ما يهمني شخصيا هو نجاح (صوت لبنان)». وذكرت أنه «خلال 30 سنة في (صوت لبنان) مرّ علي الكثير من الانتفاضات الحزبية، ولكنهم عادوا ليضربوا لي سلاما بعد كل مرة، لأن ولائي كان دوما لعملي وللإذاعة، وهذه المرة أيضا ستبقى (صوت لبنان)، معربة عن ثقتها بأنها «بصدد التأسيس لنجاح جديد، وأنا مرة جديدة أمام تحدي النجاح، وسأنجح بإذن الله»، وعما يتم التداول به لناحية ترقب موقف عائلة الحريري التي يتردد بأنها تتولى جزءا كبيرا من الدعم المالي للإذاعة، وعن مصير هذا الدعم بعد انتقال الإذاعة إلى مقر آخر والجهة التي ستتلقى هذا الدعم، نفت الزامل «أي علاقة لآل الحريري بـ(صوت لبنان)»، موضحة أن الإذاعة سبق أن أخذت قرضا إعلاميا من بنك «Allied bank»، الذي تم شراؤه من قبل بنك البحر المتوسط، (تملكه عائلة الحريري)، فانتقل القرض إلى هذا الأخير». وأشارت إلى «أننا نسدد القرض عن طريق الإعلانات التي نبثها للمصرف ولا مسؤولية أو طلب لآل الحريري على الإطلاق في الإذاعة».

في المقابل، شدد المصدر الكتائبي على أن «قوة (صوت لبنان) في من يستمع لها وهذا هو الدعم الأساسي الذي تستمد استمراريتها منه»، مشيرا في الوقت عينه إلى أن «تيار المستقبل حليف الكتائب في قوى (14 آذار) وسيكون له موقف داعم لحزب الكتائب ولا علم لنا على الأقل بأي موقف آخر».

وفي انتظار الإجابة التي ستحملها الأيام القليلة المقبلة عن مصير العقود الموقعة مع شركات الإعلانات والجهة التي سيختارها الداعمون والمعلنون في المرحلة المقبلة من الإذاعة، تصر الزامل على أن «(صوت لبنان) هي قصة نجاح كتبتها وزملائي طيلة سنوات، وممنوع علينا اليوم أن نشوهها».