«دليل ذاغات» يستعيد توازنه على الإنترنت

بعد أن تعرضت أشهر قائمة لعشاق الطعام لعقاب «غوغل»

الزوجان نينا وتيم ذاغات مؤسسا دليل «ذاغات» لأشهر المطاعم (واشنطن بوست)
TT

في أوائل الثمانينات كان «دليل ذاغات» مجرد ورقة واحدة تقدمها نينا وتيم ذاغات لأصدقائهما وزملائهما، علما أن قائمتهما الخاصة بأفضل مطاعم مدينة نيويورك أعيد طبعها بكمية كبيرة داخل مصرف سيتي بنك.

ويذكر تيم: «اتصل بي صديق لي كان يعمل هناك وقال لي إنه حصل للتو على واحدة من تلك الأشياء الموجودة على مكتبي، مطبوع في أعلاها إلى كل موظفي البنك، وعندما سألته عن عدد الموظفين قال لي إنهم 3000 موظف».

كانت تلك بالنسبة لذاغات، أولى الإشارات على أن هوايتهم في وضع قائمة بتصنيف مطاعم نيويورك ربما تحظى بقبول واسع. وخلال وقت قصير، أصبح دليل نيويورك والمدن الأخرى الرئيسة الذي قام الزوجان بجمعه في أعقاب ذلك أمرا لا غنى عنه لمحبي الطعام في أواخر الثمانينات وطوال فترة التسعينات.

وحتى أعوام قلائل كان الإعلان عن «قائمة ذاغات» للسنة التالية، حدثا يترقبه بشغف عشاق الطعام - مع نتائج قد تبدو في الأغلب فيروسية، فعندما أعلنت مؤسسة بروكلين اسم البقالة التي أحرزت التقييم المثالي لذاغات عندما سجلت 28 على التقويم الذي يتدرج من 0 إلى 30، لطعامها، احتلت على سبيل المثال الصفحة الأولى من هذه الصحيفة.

بيد أن كلمة فيروسي، بات من الصعب سماعها من الجمهور عندما تسألهم عن مسح ذاغات، الاسم الرسمي للشركة. فهم يتحدثون عن قوة العلامة التجارية للشركة، التي أصبح اللون البني المحمر علامتها التجارية، على سبيل المثال. وقد أعطوا ذاغات شرف أنه ابتكر، أو على الأقل نشر دليل المستهلك.

بيد أن أغلبهم تساءل، عن السر وراء تأخر ذاغات في الانتشار على الإنترنت. على الرغم من اجتذاب موقع «يلب» (Yelp) الذي ظهر للمرة الأولى في عام 2004 عددا كبيرا من الزائرين. وفي بداية عام 2008 الذي شهد ذروة التقييمات للعديد من شركات الإنترنت، حاولت ذاغات بيع شركتها لكنها فشلت في ذلك وهو ما أثار إحباط بعض المستثمرين الذين استثمروا في الشركة عام 2000.

ويقول بيل فورد، الرئيس التنفيذي لشركة جنرال أتلانتيك للاستثمار، التي تملك استثمارات في الشركة: «نحن مستثمرون بالشركة منذ 10 سنوات، لذا نرغب بطبيعة الحال أن نخرج منها».

وأشار فورد الذي كان في السابق أحد أعضاء مجلس إدارة «ذاغات»، إلى أن الأشياء التي جذبت «جنرال أتلانتيك» عام 2000 لا تزال قائمة اليوم «فلديهم محتوى متميز ورائع وهناك فرصة لنقله من الطباعة إلى كل من الإنترنت والهواتف الجوالة».

لكن هذا الانتقال إلى الإنترنت لم يكن مربحا كما توقع داعمو «ذاغات»، وربما كان السبب الأبرز في ذلك هو أنهم قاموا بحماية تصنيفاتهم للدفع مقابل الاشتراك في الخدمة.

تمثلت الخسائر الكبيرة، في فقد أعداد كبيرة من متصفحي الموقع، فمع رفض «ذاغات» تغيير سياستها بدأ «غوغل» في الحصول على نصيب وافر من السوق بين مستخدمي الإنترنت. ونتيجة لسياسة العقاب التي ينتهجها «غوغل» في عقاب المواقع التي تحجب خدماتها مقابل المال لا تظهر تصنيفات «ذاغات» على صفحة البحث في «غوغل» للبحث عن مطاعم معينة. ونتيجة لذلك لا يزور موقع Zagat.com سوى عدد قليل من الأفراد وهو ما يعني أن الشركة لم تحظ بالفرصة لتحويلهم إلى مشتركين يدفعون رسوما.

وعلى الرغم من أن المقارنة بين الزيارات غير دقيقة على الإطلاق، فإن موقع ذاغات حظي بتصفح 570000 زائر أميركي خلال شهر سبتمبر (أيلول) بحسب شركة نيلسن، مقابل 9.4 مليون زائر لموقع Yelp. وتؤكد «ذاغات» على أن عدد زائريها الحقيقي يزيد على 1.2 مليون زائر على مستوى العالم.

ولا شيء من هذا يعني أن شركة ذاغات معرضة لأي أزمة مالية قريبة، فعلى الرغم من أن مسؤولي الشركة رفضوا تقديم أي معلومات عن الوضع المالي للشركة، فإنهم أكدوا إن شركاتهم لا تزال قادرة على تحقيق أرباح.

كما أنهم يرفضون ما يقال عن أن استراتيجية شركة يلب (Yelp) التي تتضمن نشر العشرات من مندوبي المبيعات لبيع الإعلانات المحلية أفضل من استراتجيتهم التي تعتمد تقديم المحتوى لمستخدمي الإنترنت والهواتف النقالة مقابل اشتراك. ولا تزال تبيع شركات ذاغات كتب إرشادية مطبوعة وتدير ما يصفه الزوجان بواحدة من أكثر القطاعات ربحية، وهي الوحدة التي تعد دليل عملاء لصالح الشركات.

كما تحولت شركة ذاغات في عملها الرقمي إلى اتجاه جديد، مع ازدياد عدد المستهلكين الذين يستخدمون الهواتف الذكية والأجهزة النقالة الأخرى للوصول إلى المحتوى والخدمات من خلال تطبيقات موجودة على هذه الأجهزة. ففي حين واجه موقع الشركة Zagat.com مقاومة من مستخدمي أجهزة الكومبيوتر المكتبية حين طلب منهم استخدام بطاقاتهم الائتمانية، فإن العملاء من مستخدمي الهواتف النقالة كانوا أكثر استعدادا للدفع للحصول على التطبيقات.

وحتى الآن، تبذل «ذاغات» جهودا حثيثة لتثبت للمستخدمين أن الحصول على تطبيقاتها الخاصة بالهواتف الذكية تستحق دفع 9.99 دولار في السنة - وبالتالي إقناع عدد من العملاء يكفي لتمويل نشاطاتها طوال الثلاثة عقود القادمة - وذلك على الرغم من أن موقع شركة «يلب» والمنافسين الآخرين يسمحون بتحميل تطبيقاتهم مجانا.

وحتى بعد فشل بيع الشركة في عام 2008، لم تشعر «ذاغات» بالأسف تجاه استراتيجيتها المعتمدة على الإنترنت، بل إنها ترى أن العالم كله يحاول الآن اللحاق بها.

وتقول نينا: «عندما أعود بذاكرتي إلى نموذج الأعمال، ومع تصميم كتبنا لكي تكون مناسبة لحاملة النقود، أجد أننا كنا في المقدمة في استخدام الثلاثة أشياء التي نتحدث عنهم جميعا اليوم، الهواتف النقالة ومواقع الإنترنت الاجتماعية والمحلية. إنها أشياء موجودة في الحامض النووي لشركة ذاغات».

وقد تعرف تيم ذاغات على نينا سافروناوف عام 1963، عندما كانا يشاركان في مجموعة عمل تضم طلاب السنة الأولى في كلية الحقوق بجامعة ييل.

ويقول تيم: «لقد أحببتها لأسباب كثيرة، لأنها دونت الكثير من الملاحظات ولأنها أيضا كانت تجيد الطهي».

كانا يجتمعان على الوجبات التي أعدتها نينا في البيت، سواء كانت جيدة أو سيئة.

وقد تزوجا وهما في السنة الثانية في كلية الحقوق وبعد إنهاء دراستهما انتقلا إلى باريس للعمل كمحامين. وهناك، في 1968، بدآ يستطلعان آراء أصدقائهما عن المطاعم المفضلة لهم وترتيبها من حيث الأفضلية، وكانا يدمجان قوائمهما ويقومان بتوزيعها على من يعرفونهما في المدينة.

وعندما عادا إلى نيويورك، استمرا في تحديث القائمة الخاصة بمطاعم باريس لكنهم بعد ذلك انشغلا بالعمل القانوني. وبحلول عام 1979، عندما اشتكى صديق من نادي تذوق النبيذ بشدة من أحد نقاد المطاعم المحلية، قررا أن يحاول فريقهم الاستفادة من علاقاتهما ويقوم بإجراء تقييم خاص.

وقام الزوجان باستطلاع آراء 200 شخص، وفي كل عام كان عدد المشاركين في استطلاع الرأي يتضاعف. وقد حصلا على حقوق الطبع والنشر الخاصة بهذه القوائم لكنهما لم يكونا يمانعان بتبادل الجمهور لها، كما أنهما لم يرفعا دعاوى قضائية ضد من يقوم بنسخها أيضا. وبسرعة أصبحت هوايتهما تكلفهما عشرات الآلف سنويا، ثمن الوجبات التي يتناولانها في المطاعم وغيرها من التكاليف.

لذلك فقد تواصلا مع بعض الناشرين في مدينة نيويورك لمعرفة ما إذا كانوا يريدون إخراج هذه القوائم في صورة كتاب. ويتذكر تيم هذه اللحظة قائلا: «لقد رفضت كل دور النشر الكبيرة نشر المادة التي لدينا». وكان من بينهم عمه، الذي كان يدير دار نشر «أثينيوم»، والمحررون في دار «سكريبنر ودوبليداي»، الذين كانوا عملاء لمكتب المحاماة الخاص بزوجته نينا.

وتقول نينا:«إن الناشرين أخذوا يقولون إن الناس لا تريد أن تسمع رأي أناس مثلهم، بل يريدون سماع رأي الخبراء».

وكان توفيقا كبيرا لم يصدقه الزوجان، عندما وافقت إحدى دور النشر على نشر الدليل الخاص بمدينة نيويورك، وحصل تيم ونينا على قدر معقول من المال لم يكن كافيا ليساعدهما على تأسيس شركتهما. وبدلا من ذلك، قررا طباعة كتابهما الأول عام 1982 وبدآ في نقل الكتاب في سيرتهما لعرضه على المكتبات في جميع أنحاء مانهاتن.

لكن الكثير من أصحاب المكتبات رفضوا عرض الكتاب لديهم، قائلين إنهم لا يعرضون الكتب التي يطبعها الأفراد. بيد أن مكتبة «ماديسون أفينو» وافقت على عرض الكتب ولكن على ألا تدفع الثمن إلا بعد البيع. كما وافقت سلسلة «دوبليداي» المحلية على أعطاء الكتاب فرصة، وأصبح من أكثر الكتب مبيعا في هذه المكتبات. وجاب الزوجان المدينة بقائمة الكتب الأكثر مبيعا الخاصة بسلسلة «دوبليداي»، وتمكنا بمساعدتها من إقناع المزيد من المكتبات بعرض كتابهما.

وحققت مبيعات الكتاب نموا كبيرا في عام 1985، لكن عندما نشرت مجلة «نيويورك» صورة الزوجين على غلافها تحت مقال بعنوان «مخبرا الطعام»، فإن مبيعات الكتاب ارتفعت من 40 ألفا في السنة إلى 75 ألفا في الشهر، واستخدم الزوجان الأموال التي ربحوها من بيع «دليل نيويورك» لتجميع القوائم الخاصة بالمطاعم الموجودة في المدن الرئيسية الأخرى. ولم يمض وقت طويل، حتى تركا وظيفتيهما.

وبحلول تسعينات القرن الماضي، كان «دليل ذاغات» يقدم أيضا تقييما للفنادق ومتاجر التجزئة المتخصصة وغيرها من منافذ الخدمات. كما أعطيا اثنتين من أوائل الشركات التي كانت تقدم خدمات الإنترنت وهما «برودجي» و«كومبيو سيرف» ترخيصا لنشر محتوى كتبهما. ولم يأت عام 1999 حتى كشفت «ذاغات» النقاب عن موقع كامل مميز خاص بها على شبكة الإنترنت.

وبعد عام من ذلك، وفي ذروة ازدهار الإنترنت، بدأ المستثمرون الاتصال بهما. واصطفت شركات مثل «جنرال أتلنتك» و«كلينر بيركنز كوفيلد أند بايرز» و«ألن أند كومباني» وأفراد مثل نثان مايهرفولد، الرئيس السابق لقطاع التكنولوجيا بشركة «مايكروسوفت»، ونيكولاس نيغروبونتي، المؤسس المشارك لمختبر وسائل الإعلام بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لاستثمار 31 مليون دولار في شركة «ذاغات». وقد كان هذا المبلغ، في ذلك الوقت، يمثل حصة قدرها نحو 25 في المائة من الشركة، التي وصلت قيمتها إلى نحو 125 مليون دولار، وفقا لمالكيها.

وأعجب الزوجان بسرعة بانخفاض تكاليف الخدمات المقدمة عبر موقع الشركة على شبكة الإنترنت، وتوقفا عن توزيع بطاقات استطلاع الرأي على الأصدقاء والغرباء. ولم يمض وقت طويلا، حتى قام الزوجان بخطوة مهمة أخرى: الطلب من مستخدمي الموقع؛ دفع مقابل لإطلاعهم على تقييمات كل مطعم - لكن كان الحصول على العناوين وأرقام الهواتف مجانيا.

ويدرك مايهورفولد، الذي يحمل لقبا شرفيا «كبير المتذوقين في الشركة»، النتيجة المحتملة لقرار توفير الخدمة مجانا أو مدفوعة الثمن بصورة أفضل من تيم ونينا. ويقول مايهورفولد: «إذا قدمت كل شيء على الإنترنت مجانا، فإن ذلك سوف يؤدي إلى تأكل مبيعات الكتاب». وهو في ذلك يؤكد على معضلة لا تزال تمثل تحديا كبيرا لدور النشر والصحف والمجلات الأخرى.

وبسبب الربحية الكبيرة لمبيعات الكتب، فإن تيم ونينا كانا غير راغبين في فقدان هذه المبيعات. وكانت القوائم المخصصة للشركات أكثر ربحية لا سيما أن الزوجين لم يكونا يتقاسمان الإيرادات مع المكتبات أو مضطرين للتعامل مع الكتب التي لم يتم بيعها. وكانت المبيعات للبنوك ووكالات الإعلانات وغيرها من الضخامة بحيث نما لدى سكان نيويورك شعور بأنهم ليسوا في حاجة إلى دفع مال أبدا لحصول على أي دليل. وفي أحد الأعوام طلب مصرف «بنك أوف أميركا» خمسة ملايين نسخة من «دليل ذاغات».

وفي حين حافظت الشركة على هوامش الأرباح من مبيعات الكتب، فقدت فرصة اجتذاب عملاء جدد من الذين أصبحوا يستخدمون محرك البحث «غوغل» للحصول على المعلومات عن المطاعم التي يهتمون بها.

ويقول غريغ ستيرلنغ، المحلل المستقل المتخصص في المحتوى المحلي والدعاية: «تتعرض علامتك التجارية إلى تدهور كبير إذا لم تكن تظهر على الصفحة الأولى لنتائج البحث. إذا لم تكن موجودا على الصفحة الأولى، يجب أن يكون لديك استراتيجية بديلة تتميز بالقوة والتنوع تتضمن العلاقات العامة والإعلانات وبرامج تلفزيون الواقع أو شيئا من هذا».

ويأتي موقع Zagat.com على الصفحة الأولى من نتائج بحث «غوغل» في حال كان المستخدم يبحث عن المطاعم في مدينة ما بصورة عامة وليس عن مطعم محدد. لكن بعض أعضاء فريق «ذاغات» لا يزالون يعتقدون أن الشركة تخبطت في استراتيجيتها المعتمدة على شبكة الإنترنت.

ويقول فورد، المستثمر بالشركة والمدير السابق لها: «لا أعتقد أننا تبنينا نموذج تسعير صحيحا تماما، على الرغم من أننا كنا من أوائل الذين حاولوا حل هذه المعضلة. لو تم تقديم محتوى مجاني أكبر، لكان باستطاعتنا جذب عدد أكبر من المستخدمين الذين سيحاولون استخدام والاستفادة من المحتوى الذي لدينا».

ولأن أفضل محتوى لدى «ذاغات» لم يكن مجانيا، كان هناك مجال للمشاريع المبتدئة مثل «يلب» لاجتذاب المستخدمين إلى مواقعهم على الإنترنت، والتي كانت مليئة بتقييمات المستخدمين للمطاعم والمتاجر وغيرهم من مقدمي الخدمات.

وكانت «يلب» أيضا أفضل من «ذاغات» عندما جعلت المساهمين في هذه الاستطلاعات نجوم موقعها، ذلك أن المساهمين في كتب «ذاغات» يكونون محظوظين إذا نشر ست أو ثمان من كلماتهم في الملخصات البليغة التي يعدها محررو «ذاغات».

وكانت جميع هذه التطورات واضحة بحلول أوائل عام 2008، عندما قررت «ذاغات» محاولة بيع الشركة، على الرغم من أنهما كانا غاضبين من اتهامهما بأنهما يدفعان باتجاه بيع الشركة في المزاد.

ويقول تيم عن هذه الفترة: «أنا لا أتذكر من الذي اتصل بمن».

وتضيف نينا قائلة: «هناك الكثير من المصرفيين كانوا يتصلون بنا. لكن لم تكن لدينا أي ضغوط من المستثمرين».

وطلبت الشركة من مصرف «غولدمان ساكس» تولي عملية البيع. وأفادت التقارير على نطاق واسع بأن السعر المستهدف كان 200 مليون دولار في ذلك الوقت، على الرغم من أن «ذاغات» لم تأكد هذا الرقم.

ووفقا لأربعة أشخاص من الذين اطلعوا على الأرقام في عام 2008، لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم اتفقوا على عدم التحدث علنا، فإن «ذاغات» كانت تحقق أرباحا سنوية قدرها 40 مليون دولار، نحو 30 مليون دولار منها من مبيعات الكتب المطبوعة. وكان لديها رأسمال نقدي يتراوح ما بين 8 - 10 ملايين دولار.

وقد رفض مسؤولو «ذاغات» التعليق على هذه الأرقام، لكنهم سخروا من تأكيدات هؤلاء الأشخاص من أن أعلى عرض قدم لشراء الشركة كان نحو 125 مليون دولار. وقال تيم نحو 175 مليون دولار.

أيا كان الثمن، فإن ملاك الشركة قد رفضوه، وأنحوا باللائمة على الأزمة المالية المستمرة في تقويض عملية البيع.

من جانبه، كان فورد يود لو أن الصفقة شهدت تقدما بصورة أكثر حيوية، وقال: «لو كانوا أسرع في اختيار التوقيت، ما كنا ندمنا. لقد كانت فرصة وأهدرت».

ولكن بعد فترة ليست طويلة من الفشل في بيع «ذاغات»، أصبح واضحا أن واحدة على الأقل من الأسماء الكبيرة التي كانت مهتمة بالشراء وجدت قيمة أكبر بكثير في تقييمات شركة «يلب». وفي أواخر عام 2009، عرض «غوغل» دفع ما لا يقل عن 500 مليون دولار لشراء «يلب»، أو ما يقرب من ثلاثة أضعاف أعلى عرض قدم لذاغات.

إلا أن «ذاغات» ترفض مثل هذه المقارنة، مشيرة إلى أن أيا من الشركتين لم يؤكد هذا العرض، وبالإضافة إلى ذلك، يقول تيم، إن الشركتان تعتمدان في جمع إيراداتهما على طرق مختلفة جدا، فشركته تبيع المحتوى للمستهلكين والشركات في حين تبيع «يلب» الإعلانات للشركات المحلية.

ومع ذلك، فإن الشركتين بحاجة إلى تقييم رأي المستهلك لتحقيق النجاح، وقد تمكنت شركة «يلب»، بفضل محتواها المجاني والنجاح في الظهور على الصفحة الأولى من نتائج بحث «غوغل»، من حيث عدد زوار الموقع.

وهناك أيضا تصور أن «يلب» تتخذ مسارا مختلفا. يقول المحلل استيرلينغ: «يلب هي وسيلة الدعاية المحلية لكثير من الشركات الصغيرة، وهو مجال يمكن تحقيق المليارات من الدولارات منه، وهي تمثل الكعكة الكبيرة التي تنتظر أن تؤكل. أما ذاغات فتشعر بأنها مرتبطة أكثر بالماضي، لذا لم يكن هناك نفس التصور عن الزخم أو فرض تحقيق الأرباح».

ويقول البعض إن «ذاغات» مكبلة بالمشكلات الإدارية. على الرغم من أن الشركة قد اتخذت خطوات لتنويع وتحسين إدارتها، ولم يستمر أحد من كبار مسؤوليها طويلا - بما في ذلك رئيسها التنفيذي السابق، ايمي ماكينتوش، الذي بقي فقط نحو سنة، ابتداء من عام 2000.

وامتنعت «ماكينتوش» عن التعليق على ذلك، ولكن فورد، المدير السابق في الشركة، قال إن المشكلات تنشأ لأن تيم ونينا يريدان البقاء في قيادة الشركة.

وتهدف «ذاغات» إلى تصحيح الكثير من المشكلات عندما تطلق النسخة الجديدة من موقعها في العام المقبل، حيث إن القواعد الجديدة سوف تجعل المحتوى المجاني أكثر سهولة في العثور عليه من خلال محركات البحث. وسوف تكون المواد المجانية أكثر وفرة. في وقت سابق من هذا الشهر، على سبيل المثال، فقد عرض موقع ذاغات خريطة ذكية تتبع الرحلات اليومية للعديد من شاحنات المواد الغذائية التي تجوب مدينة نيويورك. وفي حين أن ذاغات تسمح الآن للعملاء بنشر آرائهم على موقعها، فإنها سوف تضيف ميزات جديدة تهدف إلى جعله موقعا اجتماعيا بصورة أفضل.

ويقول الزوجان إن سوق تطبيقات الهواتف الذكية الآخذة في التوسع تعطيهما الثقة. كما أن لديهما مخزونا كبيرا من الاستطلاعات والآراء مكتوبا بدقة، مما يمكن أن يعطيهم دفعة كبيرة في عالم بيع التطبيقات.

وتطبيق «ذاغات» الخاص بالهواتف النقالة له ميزة مهمة: إذ إنه يمكن المستخدمين من تنزيل كل من الخرائط والمعلومات الإرشادية على هواتفهم. لذلك عندما لا تكون الشبكة متصلة يمكن للهواتف توفير النصيحة عندما يكونون يبحثون عن مكان مناسب لتناول الطعام.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»