30 مليون دولار لإصدار صحيفة جديدة عبر «آي باد»

يتم التحضير لها داخل مكاتب «نيوز كوربوريشن» وتظهر العام المقبل

يعتزم روبرت ميردوخ إصدار صحيفة على «آي باد» ولا تطبع ورقيا (أ.ب)
TT

يمكن للأفراد الذين يوجد معهم جهاز «آي باد» أن يخبروك بأن هذا الجهاز جعل كل شيء يبدو أكثر سهولة. وربما ينطبق ذلك الأمر على الصحف.

وعلى الرغم من ذلك فقد جعل روبرت مردوخ من نفسه المنقذ الرقمي للمحتوى المدفوع الأجر، ويبذل القطب الإعلامي البارز حاليا جهودا كبيرة من أجل بناء «ذي ديلي»، وهي صحيفة تركز على الاستخدام عبر جهاز «آي باد» تحت التأسيس حاليا في مكاتب «نيوز كوربوريشن» داخل مانهاتن، ومن المقرر أن تظهر في مطلع العام المقبل.

ومن خلال استثمار تبلغ قيمته 30 مليون دولار وطاقم عمل يبلغ قوامه نحو 100 شخص، ستكون «ذي ديلي» الأولى من نوعها، وستذخر الصحيفة بالميديا والصور، وتعد خصيصا من أجل الاستخدام عبر جهاز «آي باد».

وقد جذب هذا المشروع الجديد بعضا من الشخصيات المفاجئة من أماكن أخرى، ومن بين هؤلاء ساشا فرير جون، الناقد الموسيقي بـ«نيويوركر»، وستيف ألبرين، المنتج التلفزيوني البارز، وريتشارد جونسون، المالك السابق لـ«بيدج سيكس». وسوف تحتوي «ذي ديلي» على بعض المواد من باقي الكيانات الأخرى التابعة لـ«نيوز كوربوريشن» - حيث ستقدم «فوكس سبورتس» بعض مقاطع الفيديو، بحسب ما أفاد به أشخاص اجتمعوا من أجل وضع الصورة الأولية - ولكن المخطط هو أن يكون جزء كبير من المحتوى أصليا.

وقال مردوخ إلى «فوكس بيزنس» هذا الأسبوع، إن «ذي ديلي» تعد بمثابة «المشروع الأكثر إثارة له»، وهي فكرة رددها أيضا ابنه جيمس. ووصف جيمس الصحف اللوحية بأنها «مشروعهم الناشئ».

وبعيدا عن بعض علامات الاستفهام الكبيرة التي تتعلق بالنهج التحريري - مثل كيف يمكنك أن تقدم صحيفة وطنية لها محتوى مستقل بها كل يوم من خلال طاقم عمل يتكون من 100 فقط؟ - يوجد نقاش بسبب نهج «نيوز كوربوريشن» الذي يركز على الاستخدام عبر جهاز «آي باد».

وقد بذلت الصحف محاولات مضنية في سعيها إلى اللحاق بركب الإنترنت، ولكن ربما توجد فرصة أفضل على الكومبيوترات اللوحية وغيرها من الأجهزة المتحركة التي اعتاد المستهلكون على أن يدفعوا من أجل الحصول على بعض المحتوى على الأقل.

وترى مؤسسة «نيوز كوربوريشن» بشكل واضح أن جهاز «آي باد» عبارة عن وسيلة من أجل إعادة العوائد إلى نشر الأخبار، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى أن الشركة حققت شيئا من النجاح في بناء علاقة مع شركة «أبل». ويقوم المستثمرون الذين يشترون تطبيق «آي باد» لـ«وول ستريت جورنال» بشراء اشتراكهم من «داو جونز» (أعلنت «أكونوميست» مؤخرا عن تعاقد مشابه لأنها تقوم مثل «ذي جورنال» بفرض رسوم على المحتوى الإلكتروني). وقد اشتكى ناشرون آخرون من أنهم غير قادرين على بيع «الاشتراكات من أجل هذا التطبيق»، وأنهم يبيعون أعدادا وحيدة.

نشرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن مردوخ كان موافقا على ترك «أبل» تروج لبرامج «فوكس تي في» على «آي تيونز» مقبل 99 سنتا لكل منها - على الرغم من معارضة بعض المسؤولين التنفيذيين داخل «نيوز كوربوريشن» - وربما يأتي ذلك في مقابل صفة الأفضل على المستوى الوطني لتطبيقاتها الصحافية على جهاز «آي باد». ويقول مسؤولون داخل «نيوز كوربوريشن» إن المبادرتين مميزتان. وقالت متحدثة باسم شركة «أبل» إن الشركة لن تعلق على شائعات أو مجرد تخمينات.

وإذا كنت تريد إلقاء نظرة جيدة على ماضي ومستقبل «نيوز كوربوريشن»، يمكن المقارنة بين الموقع الإلكتروني لـ«نيويورك بوست» - وهو من بين أقبح المواقع وأقلها عملا - والتطبيق الجديد المفعم بالحيوية على جهاز «آي باد». ونجد أن التطبيق يأتي في شكل منتج جذاب يعكس ويعظم من نكهة وتوسعات العلامة الأم.

ويمكن فهم التشعب المستمر، إذ إن مردوخ لم يضع ثقته الكاملة يوما في شبكة الإنترنت، واقتصادات الإعلانات المهولة داخلها والحرب الضروس على العوائد من جانب المستهلكين.

وفي يوليو (تموز) فرضت «تايمز أوف لندن» و«صنداي تايمز» - تمتلك «نيوز كوربوريشن» كلا منهما - رسوما على تصفح المحتوى، وأوردت الشركة مؤخرا عمليات دفع تبلغ 100000 دولار خلال الأشهر الـ4 الأولى من تطبيق ذلك، وبلغ نصفها فقط مقابل شراء قصص أكثر من مرة.

وبخصم المشتركين في المنتج المطبوع، بالإضافة إلى مستخدمي «كيندل» و«آي باد» - مثلما فعل المفكر الرقمي والكاتب كلاي شيركي مؤخرا - يمكن أن يكون عدد العملاء الفعلين الذين يوافقون على تسلم الإعلانات الترويجية عشرات آلاف قليلة. ويأتي ذلك بالمقارنة مع عدد المتصفحين قبل فرض الرسوم، الذين كان يبلغ عددهم 6 ملايين زائر جديد، حسب ما تفيد به تقديرات شركة البحث «كومسكور».

ومن خلال «ذي ديلي»، يمكن أن تدخل شركة «نيوز كوربوريشن» إلى قطاع الصحف الرقمية بحماس من خلال منتج جديد لم يكن مجانا من قبل على شبكة الإنترنت، وفي قالب من السهل فرض رسوم عليه. وعندما يستخدم أحد متصفح إنترنت ويدخل إلى موقع يفرض رسوما على المحتوى، ينسحب بصورة تلقائية ما لم يكن أمام شيء يجب الحصول عليه. ولكن مع خدمة «متجر التطبيقات» على جهاز «آي باد»، فأنا بالفعل داخل بيئة تجارية ولن يمثل النقر على زر وإنفاق مبلغ صغير على شيء أود أن أشاهده أو اللعب من خلاله شيئا كبيرا.

ولكن، تواجه وجهة نظر مردوخ، التي تقول إن جهاز ستيفن جوبز مثل مملكة سحرية للأخبار، بعض الوقائع الصعبة. وعلى الرغم من المسحة الابتكارية التي يبدو أنها ستتحلى بها، ستكون «ذي ديلي» عبارة عن صحيفة، ويعني ذلك أنها فكرة قديمة ولكنها على جهاز حديث. وسيتم إصدارها في المساء، وستتم «طباعتها» في الصباح التالي. وستكون هناك بعض التحديثات - لا يزال عددها محل نقاش - ولكن ليس بسرعة وأهمية المواقع الإلكترونية الإخبارية.

ولكن في وقت تتحكم فيه الروابط في طريقة تبادل الأخرى، فإنه لن يوجد في «ذي ديلي» روابط من الخارج من مواقع أخرى ولا روابط فيها توجه إلى مواقع خارجية (وبصورة مبدئية، سيكون هناك موقع مشابه على شبكة الإنترنت من أجل الترويج لبعض أدواته خارج مملكة التطبيقات ذات الأسوار المرتفعة).

وربما يكون من المنطقي أن نتساءل عمن سيحضر عادات قديمة إلى بيئة جديدة؟ فالأشخاص الذين لديهم جهاز «آي باد» أو سيشترونه أصبحوا مدمنين متصفح الإنترنت كوسيلة يمكن من خلالها مطالعة الأخبار، وليس صحيفة بعينها ومحرريها. وسيكون في صحيفة «ذي ديلي» ملحق خاص بمقالات الرأي، وهي بذلك تضيف شيئا جديدا إلى القراء الذي ألفوا قراءة الأخبار ومقالات الرأي في نفس مطبوعة الصحافة الرقمية.

وبعيدا عن التحديات التحريرية، يبدو أن الطريق من أجل إنجاز عمل حقيقي مع تحقيق أرباح حقيقية أقل وضوحا بدرجة كبيرة من المعروض على جهاز «آي باد». وإذا قام نصف مليون شخص بالاشتراك خلال الأعوام الخمسة الأولى، كما يأمل مردوخ، فإنهم سيمثلون نحو 5 في المائة من مستخدمي الأجهزة اللوحية الحالية، ويعتبر ذلك مستهدفا متفائلا بدرجة كبيرة (وخلال نفس الفترة سيكون عدد مستخدمي الأجهزة اللوحية قد ارتفع إلى أكثر من 100 مليون، بحسب ما تفيد به بعض التقديرات).

وفي الوقت نفسه، فإن الوصول إلى 100 ألف شخص يبدو محتملا بدرجة أكبر، وهو ما قد يدر عوائد أقل من 20 مليون دولار سنويا. وتبدو سوق الإعلانات داخل التطبيقات واعدة، ولكنها لم يجر اختبارها على نطاق واسع.

وعلى المدى القصير، ستكون «ذي ديلي» مثل عدد من الصحف الأخرى التابعة لمردوخ في هذا الصدد، وستكون معتمدة على المال الذي تكسبه أجزاء أخرى في «نيوز كوربوريشن».

* خدمة «نيويورك تايمز»