زوبعة «ويكيليكس»!

TT

موقع «ويكيليكس» دليل على أن الإعلام يمكن أن ينكأ، وبحرقة، جراح الماضي. فما كشفه هذا الموقع، حتى الآن، من وثائق دولية سرية للغاية هزت بلدانا كثيرة، رغم أنه لم يكمل بعد نشر ثلاثة ملايين وثيقة مرتقبة. وتكمن أهمية الموقع في أنه أول حرب إعلامية إلكترونية فعالة بين فرد ودول عظمى وصغرى! الأمر الذي دفع وزيرة الخارجية الأميركية إلى جولة مكوكية لطمأنة دول العالم بأن ما ينشره الموقع لن يؤثر على علاقاتها معها.

صحيفة «الشرق الأوسط» كانت يقظة لأهمية هذا الحدث الإعلامي الفريد، حيث نشرت في حلقات إخبارية شائقة، كل ما يخص منطقة الشرق الأوسط وعلاقاتها مع الدول الصديقة، في مصداقية واضحة. وكان تقرير البروفايل عن مؤسس الموقع عميقا وكذلك التغطية الصحافية. وما ميز الصحيفة في هذا الحدث أن اتفاق النشر مع صحف عالمية مثل الـ«نيويورك تايمز» قد منح القارئ وجبة دسمة للوثائق المسربة.

وربما السؤال الذي يتبادر إلى ذهن القارئ وهو إذا ما نشر «ويكيليكس» وثائق بالغة السرية تمس كيان بعض دول المنطقة أو تهدد أمنها، فهل ستنشر الصحيفة المعلومات؟ وكيف ستنشرها؟ هذا الأمر سوف يظهر مدى مهنية الصحيفة، وتداعيات الموقف الذي لا تحسد عليه، إذ إنها توزع في 22 دولة عربية وقد تعتبر هذه البلدان النشر كصب الزيت على النار. الأمر يستحق المتابعة، خصوصا أننا نعيش في عصر الإعلام المفتوح الذي لا جديد تحت شمسه.

ومن محاسن تسليط صحيفة «الشرق الأوسط» وغيرها الضوء على هذه القضية الخطيرة، أنها تساعد في تنبيه الدول العربية لأهمية نفض الغبار عن مسودات قوانين النشر الإلكتروني الحبيسة الأدراج، لإصدار تشريعات رادعة لتحول دون العبث بأمنها الداخلي، بنشر أسرار محلية، فلربما تقلل بذلك حجم الأضرار. ولا سيما ضرورة رفع سقف الإنفاق العربي على الأمن الإلكتروني وسرية المخاطبات، فضلا عن أهمية تعيين وتدريب كوكبة من الشباب الوطني المتخصص في هذه التكنولوجيا.

حادثة «ويكيليكس» تستحق أن تدرس في كليات الإعلام كـ«Case Study»، ومن خلال استعراض كيف تعاملت الصحافة العربية ومنها «الشرق الأوسط» مع تداعيات فضائح «ويكيليكس».

والوقت ما زال مبكرا، فلربما ينجح صاحب زوبعة «ويكيليكس» في إطلاق المتبقي من ملايين الوثائق قبل إيداعه في السجن، كما ذكر، حينها سنعرف مدى التأثير الحقيقي للإعلام على دول العالم قاطبة.