لاري كينغ ينهي مسيرته الإعلامية بإنجاز 50000 مقابلة تلفزيونية وإذاعية

مع استعداده لترك عمله.. العديد من ضيوفه يعودون للجلوس للمرة الأخيرة على الكرسي

TT

أحب المشاهير التحدث مع لاري كينغ، وبالنسبة لعدد كبير منهم، كان هناك سبب واحد لهذا الحب، وهو أن برنامجه كان هو المكان المناسب للدخول في محادثة غير متسرعة وبلا جدول أعمال.

وقال روس بيروت، وهو واحد من بين العديد من الأفراد من الساحة السياسية الذين أجرى كينغ مقابلات معهم خلال السنوات الخمس والعشرين التي قضاها في شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية: «أعتقد أن لاري شخص فريد من نوعه، وبالتأكيد هو شخص فريد من نوعه». وبخلاف مقدمي البرامج التلفزيونية الحوارية الآخرين، «الذين سوف يقاطعونك إذا لم تكن تقول ما يريدون أن تقوله، سوف يتركك كينغ تنهي ما تقوله».

وبعد إجرائه لنحو 50 ألف مقابلة - ما بين حياته المهنية الإذاعية وعمله التلفزيوني - سوف ينهي كينغ مسيرته مع تقديمه لآخر حلقة من برنامجه الذي يذاع في تمام الساعة التاسعة مساء على شبكة «سي إن إن» الإخبارية هذا الأسبوع، وربما يأخذ معه شكلا حواريا مثيرا للجدل لمقابلة تستمر لمدة ساعة على شاشة هذه الشبكة التلفزيونية الكابلية. ولم يتأكد بعد كيف سيدير بديله بيرس مورغان البرنامج، ولكن من الوارد أن يجري مورغان بعض التغييرات على الشكل الذي كان يتبعه كينغ.

ورغم أن كينغ لم يبد أي ندم، فإنه أشار إلى ما عرفه بأنه «الجزء الأكثر مدعاة للحزن» بسبب ترك حلبة مقابلاته الليلية، حيث يدير برامج أضرت بشبكة «سي إن إن» وكينغ في التقديرات مضيفون يدافعون عن وجهة نظر سياسية معينة.

وقال كينغ في مقابلة هاتفية: «إذا نظرت إلى وسائل الإعلام الآن، فسوف ترى أن مقدمي البرامج الحوارية الأخرى يجرون مقابلات مع أنفسهم. ويعتبر الضيوف مجرد أداة مساعدة لمقدمي هذه البرامج على هذه الشبكات التلفزيونية. وكان الضيف ذا سلطة عليا بالنسبة لي دائما».

ومع استعداده لترك عمله خلال الأسبوع الحالي، يعود العديد من هؤلاء الضيوف للجلوس للمرة الأخيرة على الكرسي مع كينغ الذي يستضيف ناعومي ووينونا جود يوم الثلاثاء وباربرا سترايسند يوم الأربعاء بالإضافة إلى مجموعة من المشاهير في آخر يوم له يوم الخميس.

ومع استمرار عده العكسي لآخر برنامج من بين 7000 برنامج تقريبا قدمها لشبكة «سي إن إن» الإخبارية، يريد هؤلاء الضيوف ومجموعة من الأشخاص المشاهير الآخرين التحدث عن كينغ وعن تقديرهم لبصمته وأسلوبه المميز في إجراء المقابلات، الذي لخصه الفنان الكوميدي بيل ماهر، أحد ضيوفه الدائمين بقوله: «كان لاري هو المثال المطلق للبساطة، فقد قال على سبيل المثال: (آل جور، ما هي أفكارك؟)».

وشبه بعض النقاد التوجه المبسط بكرات سريعة عنيفة من رامٍ لكرة السوفت بول. وقال كينغ إن النقد كان دائما ما يثيره. وقال: «لا أعرف السؤال السريع الخاطف، وكل ما أعرفه هو أنني ليس لديّ أي أجندة. وأنا أطرح أسئلة قصيرة وأستمع للإجابة».

وقالت غريتا فان سوستيرين، مقدمة البرامج في قناة «فوكس نيوز» الإخبارية والتي أصبحت معلقة قانونية مشهورة على شبكة «سي إن إن» خلال محاكمة أو جي سيمبسون، إن النقاد الذين يعبرون عن حزنهم إزاء ما يرونها أسئلة سريعة وخاطفة «ساذجون إلى حد كبير».

وقالت: «إنه يجعل ضيوفه يشعرون بالراحة التامة ويرغبون في التحدث، وهم يفعلون ذلك».

وكان كينغ قد أجرى مقابلات مع آل غور - لعل أشهرها المقابلة التي أجراها كمقدم للمناظرة المهمة التي جرت عام 1993 مع بيروت عن اتفاقية التجارة الحرة بين دول منطقة أميركا الشمالية. ومثلت مناظرة بيروت - غور لحظة حاسمة للبرنامج. واجتذبت هذه الحلقة أكبر عدد من المشاهدين لبرنامج يقدم بشكل منتظم، حيث وصل عدد المشاهدين إلى نحو 20 مليون مشاهد. وفي ذلك الوقت، كان كينغ يرتبط بشكل وثيق بالفعل مع بيروت، الذي فاجأه وفاجأ الكثير من الأميركيين بإعلانه عن ترشحه لمنصب الرئاسة خلال برنامجه في عام 1992.

وقال كينغ: «وجدت فيه شخصية جذابة ومتواضعة. وفي المناظرة، وصل آل غور مع جيش من موظفي البيت الأبيض. وأحضر بيروت صديقا من دالاس». وأضاف: «بيروت تعامل مع آل غور برفق، ولكن غور حمل عليه، وفرض سيطرته على هذه الساعة».

وكان هذا الزوج جزءا من قائمة طويلة من الشخصيات السياسية الذين استضافهم كينغ، بما في ذلك كل رئيس أميركي بداية من ريتشارد نيكسون. (وعندما سأل كينغ نيكسون عما إذا كان قد وُجد مطلقا داخل مبنى ووترغيت، قال الرئيس الأسبق بضحكة حزينة: «ليس أنا، بنفسي».) واعترف أحد الرؤساء، وهو جورج بوش الأب، بأنه «يشعر بألفة كبيرة تجاه لاري»، وقال بوش في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «أنا أحترم لاري كينغ جدا». ووصفه بأنه «مقدم برامج صريح ومهني بكل ما تحمله الكلمة من معنى».

وهناك رئيس آخر أحس بتوق للتعبير عن إعجابه بكينغ ما زال يباشر مهام منصبه، رغم أنه بعيد عن واشنطن. وفي يوم 1 ديسمبر (كانون الأول)، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما ظهر في برنامج كينغ إن «هناك العديد من الأشخاص الموهوبين والرائعين في الولايات المتحدة، ولكن ما زال هناك لاري كينغ واحد».

وعلى مدار الشهور الماضية، ضمت قائمة الوداع المزدحمة لضيوف كينغ رؤساء آخرين (من بينهم جيمي كارتر) وحشد من نجوم مهنة الاستعراضات وهم (جورج كلوني وستيفي واندر وجون ستيوارت وجيف بريدغز) والتشكيلة العادية من المشاهير وصانعي الأخبار من كل وصف مثل الرئيس محمود أحمدي نجاد من إيران وأوكسانا غريغوريفا (الصديقة السابقة لميل غيبسون) وريكي مارتين (الذي أعلن عن شذوذه الجنسي) وستيفن سلاتر، المضيف الجوي الثائر بشركة «جت بلو».

وكانت مجموعة المواضيع التي تناولها برنامج «لاري كينغ لايف» مثيرة للدهشة والمتعة بالنسبة للأشخاص خارج نطاق المعلقين. وقالت كاتي كوريتش، مقدمة البرامج الإخبارية في شبكة «سي بي إس نيوز»: «ليس بإمكان العديد من الأشخاص مقابلة بوتين وبعد ذلك سنوكي». واستشهد ماهر بمثال بارز عندما قال: «في ليلة أجرى كينغ مقابلة مع مارغريت ثاتشر، وفي الليلة التالية أجرى مقابلة مع لورانس ويلك».

وقال جيفري توبين، المحلل القانوني البارز في شبكة «سي إن إن» إن محاكمة أو جي سيمبسون المطولة، التي كان يتم بثها ليلا على برنامج «لاري كينغ لايف» كانت بطريقة معينة القصة المثالية لكينغ لأنها جمعت ما بين المسائل المهمة وغير المهمة؛ حيث كان يتم إثارة مسائل مهمة عن العدل والعرق والمشاهير الأكثر فسادا في لوس أنجليس».

ولا يجد كينغ نفسه مشكلة في تذكّر بعض من أبرز محطاته المفضلة، مثل غدائه مع نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا وأول مقابلة أجراها في الإذاعة عام 1963 مع باربرا سترايسند، والتي كانت مغنية شابة من مدينة بروكلين معروفة بالكاد في ذلك الوقت. وقال كينغ إن فندق «إيدن روك» الواقع على ساحل مدينة ميامي، والذي كانت سترايسند تغني فيه خلال ذلك الوقت طلب إجراء المقابلة في محاولة لمنحها بعض الشهرة». وأضاف كينغ: «في نهاية المقابلة، قالت لي: أنت لا تعرفني الآن، ولكنك سوف تعرفني في يوم من الأيام».

وبعد ذلك، كانت هناك المقابلة التي أجراها مع مارلون براندو، في الظهور البارز الذي انتهى بوضع الممثل قبلة شكر قوية على شفاه المضيف. وحسبما يتذكر كينغ، كان براندو قد طلب استضافة كينغ على مأدبة غداء وذهب لإحضار كينغ وهو يقود سيارة من طراز شيفروليه. وحسب رواية كينغ، قاد الرجلان سياراتهما حول مدينة بيفرلي هيلز وهما يرددان الأغاني.

وقال دونالد ترامب، قطب العقارات وتلفزيون الواقع: لاري كان قادرا على الحصول على المزيد من المعلومات منك بشكل يفوق أي شخص آخر - دون أن تدرك حتى أنك تقدم هذه المعلومات».

وكما قالت كوريتش: «هناك شيء يتعلق بالصراحة الكبيرة دون تكلف أو تظاهر. ولم يكن برنامج كينغ يتعلق به على الإطلاق، ولكنه كان يتعلق دائما بالشخص الذي يتحدث معه».

وعزا كينغ قدرته على انتزاع المعلومات من كل فرد بارز تقريبا في حياته إلى كونه فضوليا بشكل مجنون بالإضافة إلى الموهبة (يشار إلى أنه يأسف لأنه لم يستضف اثنين وهما فيديل كاسترو وجاك نيكلسون). وقال كينغ: «أنا لا أستحق أي قدر من الثناء لأن الناس هم من يستجيبون لي».

واعترف كينغ بأنه سوف يفتقد البرنامج بقوله: «سوف أفتقد البرنامج. ولكنني أعمل منذ 53 عاما في هذه المهنة. وهذا كل ما أردت فعله على الإطلاق. لقد امتلكت فرصة القيام بجولة عظيمة. ولم يكن لديّ أي شكاوى».

* خدمة «نيويورك تايمز»