عندما يصبح التلفزيون جميلا.. قناة خاصة للفن التشكيلي في العالم العربي

إليزابيث ماركيفيتش رئيسة قناة «إيكونو»: أتمنى أن تعكس قناتنا تطور الفنون في المنطقة العربية

قناة «إيكونو» تقدم الفن العالمي للمشاهدين في العالم العربي
TT

في خضم المحيط الإعلامي المليء بكل أنواع القنوات التلفزيونية، ظهرت مؤخرا قناة اتخذت لنفسها خطا واضحا وفريدا في نفس الوقت. تحت شعار «عندما يصبح التلفزيون جميلا» تبث قناة «ايكونو تي في» عرضا متواصلا في منطقة مناسا (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا)، ويبث على العرب سات، حيث يقدم أقطاب الفن التشكيلي العالمي من خلال الصور فقط مصحوبة بأسطر قليلة للتعريف بالعمل. إليزابيث ماركيفيتش مؤسسة والرئيس التنفيذي للقناة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» حول القناة ومضمونها واختلافها حسب رأيها عما تقدمه باقي المحطات.

* بداية ما هي الفكرة الرئيسية لقناة «إيكونو»؟

- أعتقد أننا لا نقدم بثا تلفزيونيا بالمعنى التقليدي، بل نعمد بطريقة خاصة جدا إلى استخدام الأداة.. فعبر تقنية الإتش دي (صورة عالية النقاء) نبث لقطات حية مستمرة لمدة 24 ساعة لأهم اللوحات العالمية ولكن دون أي تعليق مصاحب وبلا أية حوارات. القناة فقط تركز على الفن والفنانين أنفسهم بصمت. وأعتقد أن ذلك ربما يكون سبب اختلافنا عن الآخرين، فاستخدامنا للبث التلفزيوني جاء من أنه أفضل أداة يمكننا استخدامها لنشر الفنون المرئية وإدخالها إلى كل منزل.

* نعود إلى فكرة اختفاء الصوت من القناة، لماذا لا يكون هناك تعليق صوتي مصاحب للوحات المعروضة؟

- لدينا نوعان من البرامج على القناة، الأول هو أفلام الفيديو الفنية التي يقدمها الفنانون والتي قد يصاحبها صوت مثل الحديث أو الموسيقى أو المؤثرات الصوتية. والآخر هو عرض مصور للوحات وهو صامت وهو من إنتاجنا ويقوم على إعداده فريق من الفنانين ومسؤولو المتاحف والخبراء في تاريخ الفن.

بالنسبة لأفلام الفيديو التي تعرض في الغاليريهات والمتاحف قد لا يتاح للكل رؤيتها حتى ممن يزورون تلك المعارض، وبالتالي فإن عرضها مرة أخرى على القناة يعطي الفرصة لرؤيتها كاملة. نستطيع تصور إحباط الفنان الذي يتاح للجمهور رؤية عمله كاملا، ولهذا فإن بثه على قناة تلفزيونية يمنح الفرصة للفنان وللمتلقي الذي لم يتسن له الاطلاع على العمل برؤيته بشكل متمهل في أجواء منزلية هادئة.

* ذكرت أن هناك فريقا كاملا يختار مواد القناة، كيف يتم الاختيار وأيضا كيف تعرض القناة لوحات فنية دون اللجوء إلى توضيحات صوتية أو مكتوبة؟

- نعمل على اختيار تيمة معينة أو موضوع معين للتركيز عليه مثل لوحات كبار الفنانين في عصر النهضة ونختار اللوحات ويتم التنسيق مع المصور على التركيز بشكل معين على جوانب من اللوحة لتوضيحها ولإعطاء المشاهد الفرصة لتكوين فكرة عنها ولتوجيه بصره إلى تفاصيل مهمة فيها. أعتقد أن خبراء التاريخ الفني هم أفضل من يمكنهم عرض اللوحات بشكل يجعلك تندمج في تجربة فنية ممتعة قبل أن تسعى للحصول على المعلومات الخاصة بها.

التجربة في رأيي تماثل حال من يحتفظ بلوحة فنية على الحائط في منزله؛ فهو لا يتوقف أمامها كل دقيقة وإنما يعيش معها من يوم لآخر. الحياة مع الأعمال الفنية قد تدهشك في يوم من الأيام باكتشاف لوحة أو عمل يمنحك المتعة، وقد لا تعرف لماذا يمتعك، ولكنك تعشق التجربة.

* يمكن القول إذن إن القناة تمنح المشاهد فرصة أن يكون هو الناقد وأن يحكم بنفسه على الأعمال الفنية.

- بالتأكيد. وإن كان البعض يعارض هذا المبدأ؛ فهناك بعض زملائي ممن يعترضون على عدم التعليق على العمل الفني ويؤكدون على أهمية توفير المعلومات الخاصة به، وببساطة أنا لا أرى ذلك. فيمكنك مشاهدة الأعمال المعروضة وإذا أثار اهتمامك عمل ما فيمكنك قراءة التفاصيل الأساسية التي تعرض في أسفل العمل، مثل اسم الفنان والمكان الذي تعرض فيه اللوحة. وإذا أردت معرفة أكثر من ذلك فيمكنك الدخول على الموقع الإلكتروني الخاص بالقناة حيث نضع معلومات مفصلة عن كل عمل.

* إذن فالموقع يكمل القناة؟

- بشكل ما نعم، فنحن نضع المعلومات الأساسية على القناة التلفزيونية، أما المعلومات الإضافية فتوجد على الموقع، مثل وصلات لموقع «ويكيبيديا» تضم معلومات عن كل فنان يقدم على القناة كما يوجد أيضا وصلات لموقع «أمازون» لبعض الكتب المنتقاة حول هذا العمل أو ذاك. فالقناة تمنح التجربة الفنية والمتعة التي تصاحبها، أما الموقع فيقدم المعلومات المكملة لها.

* ما هو الجدول اليومي للقناة؟

- لدينا قائمة عرض أشبه بقائمة عرض قناة «إم تي في» الموسيقية، وتلك القائمة تضم بعض الفقرات التي تتغير بشكل عشوائي، فمن النادر أن ترى نفس الفقرة مرتين. في الفترة الحالية لا يوجد لدينا برنامج يومي، وإنما برنامج ثابت يتغير كل يومين.

* أعطنا مثال لفقرة من الفقرات الثابتة..

- هناك فقرة مدتها 9 دقائق تستعرض لوحة الفنان العالمي هانز هولباين «السفراء» والتي تعرض بـ«الناشيونال غاليري» في لندن. عبر التسع دقائق تستعرض الكاميرا تفاصيل اللوحة بدقة وتمنح المشاهد الفرصة لاستيعابها وتكوين فكرة عنها. أذكر أننا عندما قمنا ببث تجريبي عامي 2006 - 2007 في ألمانيا قمنا بعرض الفقرة وطلبنا من المشاهدين أن يرسلوا لنا آراءهم وأيضا نبذة عن الفكرة التي استخلصوها من العرض. وكانت الردود جميلة، فالمشاهدون كتبوا انطباعاتهم عن اللوحة وما رأوا فيها من دون الدخول في التفاصيل الدقيقة للعمل أو خلفياته التاريخية، وهذا بالضبط ما نطمح إليه في قناتنا، أن نمنح المشاهد فرصة للتفكير والحلم والتأمل.

* قلت سابقا إن المعلومات توضع في أسفل العمل المعروض على القناة، هل توضع المعلومات أيضا باللغة العربية خاصة أن القناة تبث في العالم العربي؟

- للأسف، في الوقت الحالي نضع المعلومات بالإنجليزية فقط على القناة، ولكننا سنضعها بالعربية على الموقع الإلكتروني قريبا جدا.

* متى تم إطلاق القناة رسميا؟

- في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

* هل تلقيتم في هذه الفترة أية تعليقات أو ردود فعل؟

- تلقينا العديد من الاستفسارات من الصحف في المنطقة يستفسرون عن القناة وهدفها، كما تلقينا بعض الرسائل الإلكترونية من بعض المشاهدين أذكر منها ايميل من أحد المشاهدين بالرياض قال فيه إنه سعيد بالفرصة التي أتيحت له لرؤية محتويات المتاحف العالمية من لوحات كبار الفنانين في منزله.

* يوجد على الموقع الإلكتروني رسالة موجهة إلى الفنانين في المنطقة لإرسال أعمالهم المرئية للقناة لعرضها، حدثينا عن هذا الجانب؟

- إنه خطاب مفتوح للفنانين، فنحن نذيع برامجنا في العالم العربي وأتمنى أن تعكس قناتنا الفن في المنطقة العربية أيضا، خاصة أن هناك حالة من النشاط في مجال الفن العربي المعاصر، وأتمنى أن تعكس قناتنا هذا النشاط. ولاحظنا أيضا أن هناك عددا من الفنانين غير المعروفين في المنطقة العربية وخاصة النساء، ممن يلجأون إلى وضع أعمالهم الفنية على مواقع بالإنترنت، ونهدف حاليا للوصول إلى هؤلاء الذين لديهم ما يقدمونه ولا يعرفون السبيل للعرض في الغاليريهات أو المعارض التي تقدم الفنانين المعروفين. بالنسبة لنا القيمة الفنية هي الفاصل فيمكن أن نعرض عملا واحدا لفنان مغمور ولكنه عمل يحمل الكثير من القيمة الفنية.

* من يقوم باختيار الأعمال التي تعرض، هل لديكم فريق عمل من الخبراء؟

- نعم لدينا فريق عمل متنوع، ويحمل أفراده وجهات نظر متباينة وهو ما يظهر في الأعمال المختلفة التي تعرض.

* لفت نظري على الموقع الإلكتروني فيلم قصير للوحة «الربيع» لفنان عصر النهضة ساندرو بوتيتيشيلي، هل يمثل هذا الفيلم الطريقة التي تعرض بها الأعمال على القناة؟

- للأسف لن تري هذا الفيلم بالذات على القناة، وضعناه فقط على الموقع الإلكتروني كمقدمة، فوضعنا كقناة تبث برامجها على العرب سات يحتم علينا مراعاة بعض الحساسيات، فلوحات مثل لوحة بوتيتيشيلي قد تضم بعض الأجساد العارية وهو ما نتجنب عرضه على القناة التلفزيونية. وإن كنت أرى أن بعض الحساسيات التي تتعلق باللوحات الدينية أو فن عصر النهضة على سبيل المثال في طريقها إلى التغيير، فمع الوقت وافتتاح المتاحف القادمة في أبوظبي ومع إقامة متحف للفن المعاصر في الدوحة فإن كثيرا من الأمور ستتغير.

* إلى جانب عرض اللوحات والأفلام الفنية، ما البرامج والخدمات التي تقدمها القناة؟

- ذكرت منذ قليل متحف الفن المعاصر في الدوحة، نحن وجدنا هناك خلال الافتتاح وقمنا بتصوير الفعالية وأذعناه على قناتنا ضمن خدمة جديدة تغطي الأيام الافتتاحية لأهم المعارض والمتاحف في العالم. هذه الافتتاحيات تعرض على القناة وعلى الموقع الإلكتروني وعلى قناتنا الخاصة على موقع «يوتيوب» حيث توجد وصلات لافتتاح معارض حديثة في برلين واسطنبول والدوحة.

* أحد هذه الأفلام هو لمعرض «حافة الجزيرة العربية» للفن السعودي المعاصر المقام حاليا في اسطنبول، هل قمتم بتغطية فعاليات المعرض؟

- نعم، ونحن شركاء مع مشروع «حافة الجزيرة العربية»، فنحن نريد أن نلقي الضوء على الفن السعودي المعاصر.

* أخيرا هل هناك نية للتوسع في بث القناة؟

- نعم، بدأنا مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونحن نتفاوض حاليا لنتمكن من البث في ألمانيا وبريطانيا، كما تلقينا عروضا للبث في بعض دول أوروبا الشرقية وأيضا هونغ كونغ.