المراقب الصحفي: صفحة الرأي الاقتصادي

TT

ما أصعب أن تبحث الصحيفة عن كاتب متخصص يلتزم بالكتابة فيها، ولكن الأصعب هو أن تعثر على متخصص يتبوأ منصبا قياديا رفيعا ليكتب مقالا في صحيفة. شخصيا عايشت هذه التجربة، في حقل الصحافة، ووجدتها مرهقة، ولكن يبدو أن صحيفة «الشرق الأوسط» قد نجحت فيها، حتى الآن، من خلال تخصيص صفحة متخصصة بعنوان «الرأي الاقتصادي».

هذه الصفحة المميزة نشرت في الأسابيع الماضية مقالات لرئيس وزراء، وكتاب أعمدة غربيين لامعين، ووزراء عرب، وكبار المسؤولين في المنظمات الاقتصادية العالمية كالبنك الدولي وغيره.

وعندما تضم صحيفة «الشرق الأوسط» إلى كتابها وملاحقها الـ13 المميزين كوكبة من الكتاب في مجال الاقتصاد، خاصة ممن ما زالوا على رأس عملهم، فإن ذلك يشكل إضافة كبيرة للقارئ العادي والمتخصص. وأتذكر مقابلة وزير العمل البحريني حينما تحدث عن «تجربة نظام الكفيل» الشائك في الخليج، الذي يثير حفيظة منظمات حقوقية عديدة.. هذه المقالة كانت مثالا للمادة الممتعة للقارئ العادي والمتخصص.

ربما تحتاج صحيفة «الشرق الأوسط» إلى الاستعانة بمقالات تنشر بالتزامن مع صحف أخرى، لكن يفضل أن يكون الأصل هو نشر مقالات خاصة بها حتى نعطي القارئ قيمة مضافة. وهي من ناحية أخرى فكرة ترويجية للصحيفة في وسائل الإعلام المرئية التي قد يشير معدو برامجها إلى المقال فينتبه المشاهد إلى أن هذه الجريدة الخضراء تقدم مادة خاصة للقارئ Exclusive. وكلنا يذكر ردود الفعل التي تثيرها كتابة رئيس دولة عربية أو غربية مقالا في هذه الصحيفة. إنه شعور لذيذ لنا كقراء وإعلاميين عندما تمدنا صحيفتنا بمادة خاصة لن نجدها في أي صحيفة أخرى.

وأوجه نصيحتي لمستشاري كبار الشخصيات العربية بأن يسارعوا إلى مراسلة صفحة «الرأي الاقتصادي» على عنوانها البريدي الإلكتروني، وأن لا ينتظروا دعوة من المحررين، وذلك إن كانت لديهم قضية راهنة مهمة تستحق النشر في الصحيفة وتليق بمنصب صاحبها. هذه المبادرات مفيدة للمجتمع، فقد تكون نواة لدراسة أكاديمية أو قد تستفيد منها دولة عربية أخرى، خصوصا مثالب القوانين أو الأخطاء المرتكبة حتى لا تعيد الدول أو المنظمات اكتشاف العجلة، كما يقال. وأذكر أنني قرأت مقالا في مجلة جامعة هارفارد الأكاديمية لرئيس شركة كبرى يعدد فيه الأخطاء التي ارتكبتها شركته! كان موضوعا مثيرا حقا؛ فكرة وعمقا.

صفحة «الرأي الاقتصادي» أضافت للملحق الاقتصادي الكثير، غير أن الملحق الاقتصادي ما زال يحتاج من المسؤولين إلى التفاتة جادة لتطوير أخباره وتنويعها وتجديد روحه ليتواكب مع أفضل الصفحات الاقتصادية في العالم. وهي مهمة ليست صعبة على صحيفة كـ«الشرق الأوسط».