روبرت غيبس.. كيف تغير السكرتير الإعلامي ومن سيخلفه؟

يعمل المستشارون على قائمة يمكن توقعها تضم المتحدثين باسم البيت الأبيض

روبرت غيبس (أ.ب)
TT

مع مغادرة روبرت غيبس للبيت الأبيض، يوسع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية من دائرة بحثهم عن سكرتير إعلامي جديد للبيت الأبيض، بما في ذلك فئة خطيرة، وهي فئة الصحافيين العاملين. ويعمل المستشارون على عمل قائمة يمكن توقعها تضم المتحدثين باسم البيت الأبيض الديمقراطيين والمرشحين لتولي هذه الوظيفة التي تعرف باسم «وظيفة المنصة».

ومن أوفر المرشحين حظا لنيل هذه الوظيفة جاي كارني، مدير الاتصالات في فريق جو بايدن، نائب الرئيس، وبيل بورتون، نائب السكرتير الإعلامي. ومن المدرج أسماؤهم على قائمة المرشحين جوش إرنست، الذي طلب غيبس إضافة اسمه. وطلب من ستيفاني كاتار، إحدى مستشاري البيت الأبيض، التقدم للوظيفة، لكنها رفضت وانضمت إلى فريق البحث. وهناك أيضا عدد من المتنافسين على هذه الوظيفة من خارج البيت الأبيض، ومنهم كارين فيني الناشطة الديمقراطية والمعلقة التلفزيونية.

لكن بالإضافة إلى الأسماء التي تضمنتها القائمة، تتضمن القائمة أسماء بعض الصحافيين خاصة الذين يظهرون على شاشات التلفزيون، على حد قول مصادر مطلعة على هذه العملية. وأقر مسؤولون بأن أمام هؤلاء المرشحين شوطا طويلا حتى يصل واحد منهم إلى خط النهاية، وأن هناك اعتبارات لوجيستية توضع في الاعتبار، مثل التعاقدات وقضية الثقة. لكن مجرد طرح أسماء بعض الصحافيين يعد إشارة على تغيير يحدث داخل البيت الأبيض الذي طالما كانت لديه حساسية تجاه هذا الأمر.

على كل حال امتدت قائمة المرشحين لخلف غيبس منذ إعلان تعيين ويليام ديلي، ككبير موظفي البيت الأبيض المقبل، على حد قول بعض المصادر المطلعة. ومن بين الأهداف الملحة تضمين مرشحين يمكنهم إصلاح العلاقات مع صحافيي البيت الأبيض، الذين عانوا كثيرا أثناء تولي غيبس المنصب، والتفكير في تعيين امرأة واحدة على الأقل لعمل توازن في إدارة أكثر العاملين بها من الذكور.

وبحسب الكثير من المصادر المطلعة، تكمن المشكلة في ندرة المواهب. وتقول دونا برازيلي، المخططة الاستراتيجية الديمقراطية: «أعتقد حقا أن الرئيس بحاجة إلى شخص يتمتع بمصداقية أمام الإعلام وينتمي له حتى يكون على دراية بما يجرى». ونظريا يقتصر فريق العمل على الذين يعملون حاليا في البيت الأبيض، فلم ينضم أي شخص من الخارج إليه منذ تولي الرئيس أوباما لمنصبه منذ سنتين. وأضافت دونا أنها اتصلت مؤخرا ببورتن لدعمه وتشجيعه، مشيرا إلى «خبرته الطويلة» كنائب. وقال مسؤولون آخرون رفضوا ذكر أسمائهم إن كارني البالغ من العمر 45 عاما أوفر حظا من بورتون البالغ من العمر 33 عاما، ويعتمد بشكل كبير على هيئته.

ستبدو عملية البحث، التي سيديرها ديفيد بلوف، كبير المستشارين المقبل، صعبة، بالنظر إلى المشكلات السابقة. ولعب غيبس دورا بارزا بصفته سكرتيرا إعلاميا يتمتع بحق مقابلة الرئيس في أي وقت ويقوم بوظيفتين في ذات الوقت، هما وظيفة المتحدث الرسمي باسم الرئيس وكبير المستشارين، وهو ما لن يقوم به خليفته على الأرجح. لذا يعيد المسؤولون تعريف وتوصيف الوظيفة على نحو ما عند توليهم لها.

كذلك يخلف غيبس مع رحيله مشاعر سلبية ضده، بما يعني أن السكرتير الإعلامي المقبل سيكون مسؤولا عن محاولة إعادة العلاقات الجيدة مع صحافيي البيت الأبيض، وهذا «ما قد بدأ بالفعل منذ أشهر كثيرة»، على حد قول أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض.

صور المراسلون في البيت الأبيض غيبس على أنه على دراية واسعة بأعمال الإدارة، لكنه في الوقت ذاته يكون غير متاح على نحو يثير الغيظ عند طلب إفادة البيت الأبيض في وقت محدد. ويقول المراسلون إن السبب وراء ذلك لا يتعلق بأي نية خبيثة يكنها السكرتير الإعلامي سريع الغضب لهم، لكنه يكون مستغرقا في عمله ومنشغلا بحضور اجتماعات رفيعة المستوى، على حد قول بعض المراسلين الذين يرون أنه غير منظم.

الجدير بالذكر أن غيبس تحدث العام الماضي عن علاقته الوثيقة بالرئيس أوباما بصفته مستشارا، وكان منتظرا منه أن يترك المنصة و«يعمل في الداخل»، إلا أنه لم يفعل. وهناك جدل دائر بين الكثير من المصادر المطلعة حول ما إذا كان السبب هو شعوره بعدم الارتياح من جراء فقدانه تلك الوظيفة أم عدم منحه الدور الجديد.

وأوضح أحد المراسلين في البيت الأبيض رفض تسجيل مداخلته شأنه شأن زملائه، وشكا من الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية التي لا يرد عليها، قائلا: «حتى عندما يستطيع رواية القصة بشكل أكثر إيجابية مما هي عليه بالنسبة للإدارة، لم يكن من السهل التواصل معه». وقال مراسل آخر: «لقد كان دائما منغمسا في العمل بشكل غير معقول ووجدت نفسي أعد أكثر التقارير من خلال أفراد آخرين».

وطبقا لعدد من المراسلين اختار، دان فايفر، مدير الاتصالات بالبيت الأبيض، بعضا من المهام الوظيفية الخاصة بالسكرتير الإعلامي. وعلى الرغم من أن مسؤولي الإدارة أقروا أن الدور الاستشاري لغيبس كان يمثل عبئا إضافيا عليه فلم يكن يسمح له بالوجود على الفور، وأشاروا إلى أن فايفر قد تم إشراكه عمدا في الجناح الأيسر مع المراسلين، لأنه طبقا لاستراتيجية الإدارة على كبار مسؤولي الاتصالات أن يعاونوا بعضهم البعض.

على الجانب الآخر، تم تخويل عدد أكبر من كبار الموظفين للرد على المكالمات الهاتفية والتعامل مع الطلبات المقدمة، في حال انشغال غيبس. وفي أول ظهور امتلأ البيت الأبيض بمستشارين ودودين ومحبين للتحدث، هم بالتحديد رام إيمانويل وديفيد إكسيلرود، الذي رسخ عادة الاتصال بالمراسلين. لكن القيادة الجديدة ليست بهذه الدماثة. وبينما يعيد ديفيد بلوف الاتصال بالمراسلين، يرتبط ديلي بعلاقات قديمة مع الكثير من مراسلي واشنطن، فهو أكثر انضباطا من إيمانويل في كيفية تواصله معهم.

وقال أحد كبار مسؤولي الإدارة: «مهام الوظيفة أكبر من أن يتولاها شخص واحد». وتبادل غيبس، وهو من الخبراء الذين شاركوا في الحملة، مع المراسلين في غرفة المؤتمرات الصحافية أحاديث مقتضبة على الهواء، مشبها مراسلا أميركيا ريفيا لشبكات إذاعية بطفله الصغير، وكان كثيرا ما يتخذ وضعا متصنعا منافقا. لكن الكثير من مراسلي البيت الأبيض قالوا إن غيبس أصبح لطيفا أو على الأقل بات يتمتع بالحيوية والصراحة في المقابلات الشخصية. المشكلة هي أن تلك المقابلات كانت قليلة وتحدث على فترات متباعدة نتيجة انشغاله الدائم، وكذلك نتيجة قضائه الوقت في «التودد» لصحيفة «نيويورك تايمز»، على حد قول أحد المراسلين.

وكان يمثل ميل غيبس، وهو واقف أمام طاولة القراءة، إلى استخدام جمل صعبة نحويا تحديا للمراسلين، الذين يبحثون عن اقتباس واضح ومفهوم أو قصير، فضلا عن اعتياده وعد المراسلين بالرد عليهم لاحقا، حينما يرى أن إعطاء إجابة واضحة أمر غير مناسب. ونادرا ما كانت تأتي هذه الإجابات، وكان يشعر غيبس بالإحراج في أي مؤتمر يطلب فيه مراسل منه الإجابة عن أسئلة وعد في السابق أن يجيب عنها. واشتكى المراسلون من اختفاء غيبس أثناء رحلاته الخارجية وتحدث الكثيرون عن المرة التي تخلف فيها عن موعده مع صحافيي البيت الأبيض الذين نظموا عشاء في مطعم راق في براغ. وعندما باغته صحافيو البيت الأبيض لاحقا في تلك الليلة في تشارلز بريدج، لم ير عدم ذهابه أمرا ذا بال. وجدير بالذكر أنه قال فيما بعد إنه لم يتعمد ذلك، لكن حدثت أمور عطلته.

لكن في أيامه الأخيرة في منصبه، لاحظ المراسلون تغييرا في أسلوب غيبس، حيث بدأ يرسل رسائل إلكترونية مكتوبا في خانة العنوان بها: «هل يمكنني أن أقدم أي مساعدة؟»، وهو ما فاجأ المراسلين، على حد قول أحدهم. وخلال زيارة الرئيس أوباما إلى الهند، ساعد غيبس صحافيي البيت الأبيض الذين أخبرهم مسؤولو أجهزة الأمن الهندية أنهم لا يستطيعون حضور اجتماع بين أوباما ومانموهان سينغ، رئيس الوزراء الهندي. وقال غيبس إنه إذا كان الهنود قد منعوا المراسلين المصرح لهم من دخول قاعة الاجتماع، فهو لن يجعل أوباما يحضر الاجتماع الثنائي.

وبحسب أحد مسؤولي الإدارة، فقد تمت هذه الانفراجة مع المراسلين بمبادرة من غيبس، الذي بدأ يعقد حفلات غداء غير مسموح بنشرها مع المراسلين ويقوم بعمل ترتيبات لظهور الرئيس في الطائرة الرئاسية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»