كارثة للإعلام الإسلامي في أميركا

ذبح زوجته في استوديو تلفزيونه «الإسلامي»

صورة تجمع مزمل حسن وزوجته آسيا حسن المتهم بقتلها («الشرق الأوسط»
TT

بدأت الأسبوع الماضي في بافالو (ولاية نيويورك) محاكمة الأميركي الباكستاني مزمل حسن، مؤسس ومدير تلفزيون «بريدجز» (الجسور)، الذي ذبح زوجته في استوديوهات تلفزيونه. صاحبة الفكرة هي الزوجة، آسيا حسن، وكانت تخصصت في التكنولوجيا. وممول الفكرة كان زوجها الذي كان أثرى من العمل في بنوك.

في المحكمة، قال ايري بونانو، مساعد المدعي الحكومي هناك، إن حسن طعن زوجته أربعين مرة قبل أن يقطع رأسها. وأن هذا يدل على أنه «مصاب بعقدة الهيمنة والسيطرة». وقال إن الزوجة، آسيا حسن، كانت طلبت الطلاق قبل ذلك بأسبوع.

واتهم حسن (46 عاما) بالقتل من الدرجة الثانية لما فعله بزوجته (37 عاما). ولد الزوجان في باكستان، وأسسا معا القناة التلفزيونية «لمواجهة الصور السلبية عن المسلمين بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001».

وقال محامي حسن، جيريمي شوارتز، في كلمته الافتتاحية إن موكله ضرب الزوجة لأنه كان يخشى على حياته منها، وأنها كانت تهدده وتحذره.

ويجد مركز تلفزيون «بريدجز» (الجسور) في بافالو، وكان قدم العرض الأول في سنة 2004. وكانت أول قناة تلفزيونية مسلمة أميركية للبث باللغة الإنجليزية.

وكان بطل العالم في الوزن الثقيل الملاكم محمد علي، اختير ناطقا رسميا للشبكة، ومما قال: «تلفزيون (الجسور) يعطي المسلمين الأميركيين صوتا خاصا بهم، وليشاهدها الأميركيون من جميع الأعراق والأديان». وأعرب عن رأيه بأن قناة تلفزيون مثل «الجسور» كان طال انتظارها، وأنه لا بد من مزيد مثلها.

وماذا عن تحسين صورة الإسلام والمسلمين في أميركا، وصاحب محطة تلفزيونية يذبح زوجته داخل استوديو تلفزيونه؟

كتبت صحيفة «بافالو نيوز»، التي تصدر في المدينة نفسها التي بها تلفزيون «بريدجز»، آراء بعض قرائها، منها الآتي:

كتب أحدهم: «ليس مزمل حسن مسلما متعصبا؛ بل هو متعصب يؤمن بالإسلام. إنه فتوة، ويعنى هذا أنه جبان. إنه رجل من دون شرف. رجل وزنه أكثر من مائتي رطل يهجم في الظلام (داخل مكتبه) على زوجته النحيفة التي لا يزيد وزنها كثيرا عن مائة رطل. قال إنه يريد أن يعلمها آخر درس في حياتها. يا لها من مأساة».

وكتب ثان: «مثل قول محامي حسن بأن حسن كان يدافع عن نفسه وهو يذبح زوجته مثل قول مدرب فريق بيلز (لكرة القدم في مدينة بافالو نفسها) إن الكابتن مايبين لا يعرف اللعب. وقال المحامي إن حسن ليس مسلما متعصبا. أنا أقول: الحمد لله (تهكما)».

وكتب ثالث جملة واحدة: «ما هو الجديد؟».

وكتب رابع: «قلبي على الأطفال. قالت لهم والدتهم إنها ذاهبة إلى مكتب والدهم، ثم ستعود وتأخذهم للعشاء في مطعمهم المفضل. لن يروها أبدا».

عندما وقعت الجريمة في السنة الماضية، كان المسلمون والأميركيون مشغولين بموضوعين: بناء مركز إسلامي في نيويورك، في «غراند زيرو» (مكان مركز التجارة العالمي الذي أزاله هجوم 11 سبتمبر/ أيلول). وأيضا، إعلان قس في جاكسونفيل (ولاية فلوريدا) أنه سيحرق بعض المصاحف. ولم يغير رأيه إلا بعد أن تدخل الرئيس أوباما.

ثم ذبح مزمل حسن زوجته في استوديو التلفزيون الذي يملكه «لتحسين صورة المسلمين» في الولايات المتحدة.

في ذلك الوقت، كتبت صحيفة «وول ستريت جورنال»: «وصف المعارضون للمركز الإسلامي في نيويورك بأنهم متعصبون. طبعا، يوجد متعصبون في كل مجتمع. لكن، هل تعصب أن يعارض ناس متعصبون؟». وأضافت: «سمعنا كثيرا عن المسلمين المعتدلين، أو الذين يقولون إنهم معتدلون. أليس مزمل حسن واحد منهم؟ الذين يقولون لا، عليهم أن يراجعوا تصريحاته يوم افتتح تلفزيونه. قال إنها محطة تلفزيونية معتدلة للدفاع عن الإسلام ضد المتطرفين».

ودخلت على الخط إرشاد مانجي، أميركية مسلمة، تنتقد المسلمين كثيرا (وأحيانا الإسلام نفسه). قالت: «يدين من يسمون أنفسهم مسلمين معتدلين الإرهاب الذي يقوم به إرهابيون باسم الإسلام. وينفون أن للإسلام صلة بالإرهاب». وأضافت: «نحن، المسلمين التقدميين، ندين الإرهاب الذي يرتكب باسم الإسلام. لكننا نعترف بأنهم استعملوا الإسلام ليلهمهم».

وطبعا، أدانت المنظمات الإسلامية الأميركية، مثل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، ومركزه في واشنطن، ذبح مزمل حسن زوجته. وقال إن هذا ليس من الإسلام في شيء.

لكن، لم ينف شخص، مسلم أو غير مسلم، أن ما فعله مزمل حسن أساء إلى سمعة الإسلام والمسلمين. بالإضافة إلى تهكم وشماتة الذين كانوا ينتقدون الإسلام والمسلمين حتى قبل فعلة مزمل حسن.

غير أن الفرق بين التغطية الإعلامية لما فعل مزمل حسن في السنة الماضية، وتغطية محاكمته التي بدأت هذا الأسبوع، هو زيادة الإثارة، وذلك بسبب تفاصيل ما حدث التي قدمها ممثل الاتهام. واستعمل صورا، وفيديوهات، وتقارير من المشرحة التي نقل إليها جثمان الزوجة.

وأبرزت صحيفة «بافالو نيوز» أشياء؛ أهمها أن الطبيب الشرعي شهد بأنه لم يكن هناك قسم كبير من جثة آسيا (الزوجة) العلوي، والصدر، والظهر، والعنق لا توجد فيه طعنة سكين. بعض الطعنات كان عمقها أطول من بوصتين. وكان عدد الطعنات كثيرا، حتى إن الطبيب الشرعي الذي كان يضع حرفا من الحروف الأبجدية على كل طعنة، نفدت أمامه الحروف الأبجدية، فصار يضع أرقاما.

وعندما سأل القاضي إذا ما كانت الزوجة واعية عندما شرع زوجها في ذبحها، بعد كل هذه الطعنات، كتبت الصحيفة: «استغرقت الطعنات أقل من دقيقة. وليس هذا وقتا كافيا لينزف الدم نزفا كثيرا يفقد الشخص وعيه. في رأيي، كانت الزوجة واعية عندما بدأ زوجها يذبحها».

والمحاكمة مستمرة.