حراك إذاعي في السعودية.. والوزير ينتقد تقليديتها

4 محطات بدأت بثها ولجنة قانونية لدراسة وضع الخامسة لتأخرها عن سداد التكاليف

TT

بدأت منذ مطلع العام الحالي في السعودية، أربع إذاعات جديدة بثها عبر موجة «إف إم»، حيث تسابق المستمعون على استقبال بثها عبر الأثير الذي سيطرت عليه خلال الـ14 عاما الماضية إذاعة «إم بي سي إف إم» و«بانوراما إف إم».

ومع تزامن إطلاق الإذاعات في وقت واحد حرصت الإذاعات على الفوز بكسب رضا مستمعيها وتقديم نفسها من خلال الإعلانات والشعارات والتركيز على المحتوى الغنائي، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى انتقاد المحتوى المقدم، وكان على رأس المنتقدين الدكتور عبد العزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام السعودي.

وأرجع المراقبون والمهتمون المحتوى المقدم لاستعجال الإذاعات البث وعدم وضع الخطط البرامجية والبحث عن التقليدية، ورد القائمون على تلك الإذاعات بأن الحكم ما زال مبكرا على عملهم، وأن الوضع القائم هو اختبار للقدرات التقنية والفنية التي واجهوا فيها بعض المشكلات الفنية، وأنهم يتحضرون للانطلاق بشكل أفضل وتقديم إذاعات نوعية.

الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام، قال لـ«الشرق الأوسط» أتمنى أن لا تكرر إذاعات «إف إم» الجديدة نفسها، وأن تكون لها شخصيتها الخاصة بها، وتركز على جوانب الإرشاد والتوجيه، إلا أنه استدرك بالقول «أعرف أنها ما زالت في مرحلة البداية ونتمنى التركيز على الجانب الوطني وما تحتاجه البلاد».

وانتقد الوزير آلية عمل الإذاعات الجديدة التي بثت مؤخرا عبر موجات «إف إم»، مؤكدا أنها كررت نفسها ولم تقدم جديدا على الساحة، وقال «ليس صحيحا التركيز على الغناء فقط، أريد الانتباه أكثر إلى المواد المعروضة على الإذاعة»، مضيفا «الإذاعات الخاصة يجب أن يكون لها هدف واضح، وأن يكون لكل إذاعة ما يميزها». فيما أشار من جهته الدكتور رياض نجم وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الهندسية لـ«الشرق الأوسط، إلى أن تركيز الإذاعات الجديدة على المحتوى الغنائي كونها لم تكن جاهزة للبث ولم تضع لها خططا برامجية، فاشتغلت معظم أوقات البث بها، نافيا أن تكون الأسباب التقنية هي السبب، إلا أنه استدرك بالقول «هناك بعض المشكلات الفنية البسيطة التي تم التغلب عليها وهو أمر متعارف عليه في بداية أي مشروع».

وعن القيمة الإجمالية للتصاريح الممنوحة، أوضح نجم «مجموع الرخص للإذاعات الخمس بلغ نحو 337 مليون ريال، وستقوم الإذاعات بسداد مبالغ إيجارات سنوية للبنى التحتية سنويا»، مبينا «أن البث للإذاعات يغطي حاليا 3 مدن رئيسية يقطنها نحو 33 في المائة من السكان ستتم زيادة البث الشهر المقبل لثلاث مدن أخرى»، مشيرا إلى أنه لن يسمح للجهات المشغلة، أن تتخصص في أمر معين، فالمحطات الإذاعية المطروحة عامة، وليس من المقبول أن تكون هناك سيطرة للبرامج الدينية أو الترفيهية بنسبة 100 في المائة، فالجهات التي ستفوز بالرخص مطالبة بالتنوع البرامجي.

وأضاف «حددت وزارة الثقافة والإعلام قرابة الـ30 موقعا داخل السعودية، ليتم استخدامها كمحطات إرسال إذاعي في تشغيل محطات الـ(إف إم) الخمس الجديدة». ويؤكد المشرف العام على تنظيم تراخيص البث الإذاعي، أن 15 من محطات الإرسال الإذاعي سيكون البث منها إجباريا بالنسبة لمشغلي المحطات الجديدة، فيما ستستخدم الـ15 الأخرى للبث «اختياريا».

من جانبها استغربت استعجال الإذاعات الحكم عليها، وقالت إنها في مرحلة البث والإعداد لبرامج نوعية، فأوضح حاتم مؤمنة العضو المنتدب لإذاعة «إيه.إيه» بقوله «إننا في مرحلة تجريبية ومرحلة تعريف واختبار للبنى التحتية والحكم علينا ما زال مبكرا».

وأضاف مؤمنة «نحن لم نبدأ البث الفعلي، الذي سيتم في فبراير (شباط) المقبل»، مشيرا إلى أن لدى إذاعتهم توجها نحو التخصص في الأخبار المحلية مع عدم إغفال جوانب الترفيه والتركيز على أخبار الوطن والمواطن من أمور مختلفة.

وحول جدوى دخول الإذاعات الجديدة، قال مؤمنة «هي مساحة للتنافس الإعلامي من شأنها توفير نحو 500 وظيفة جديدة للشباب السعودي في مجال الإعلام المسموع».

ويوفقه الرأي سامي بن سعيد مدير إذاعة «يو إف إم» فيما يخص جانب الاستعجال في الحكم عليها، مشيرا إلى أن الإذاعة لم تبدأ بثها الفعلي بعد، والتي تستهدف من خلاله أن تكون أول إذاعة رياضية متخصصة من خلال تقديم باقة برامجية نوعية يقوم على تقديمها نخبة من الشباب الموهوبين الذين يتم اختيارهم الآن.

وأفاد بن سعيد بأن ما تقدمه الإذاعة من أغان هو لاختبار التقنية الموجودة لأن الأغنية تعتبر مادة معلبة تكشف مكامن الخلل في البث، ونحن نود الانطلاق بعد الانتهاء من البنى التحتية وإعداد الباقة البرامج المتكاملة، مشيرا إلى تجربة الإذاعة في تغطية كأس آسيا الأخيرة كتجربة متقدمة لبداية البث بشكل أفضل لنقل كافة الأحداث والبرامج الرياضية بشكل نوعي وفريد.

إلا أن أحمد طعيمة مدير إذاعة «مكس إف إم» أكد أن إذاعتهم بدأت البث فعليا من خلال فريق عمل سعودي متكامل عبر مجموعة من الشباب، وقال «بدأنا البث الفعلي ولدينا باقة برامج موجهة نحو الشباب، وهو الجمهور المستهدف للقناة، الذي نسعى لجذبه لاستماع الموجة من خلال عدد من البرامج الغنائية والحوارية وفق أفكار برامجية مختلفة بالمضمون نطمح من خلالها للتجديد والتغيير».

وقال طعيمة «من المبكر جدا الحكم على الإذاعات الجديدة فهي تحتاج الوقت للحكم على محتواها بمدة لا تقل عن شهرين على الأقل خصوصا في ظل طرح الإذاعات في وقت واحد».

يذكر أن نحو 6 إذاعات سعودية تشعل ترددات موجة «إف إم» في السعودية هي: «إم بي سي» و«بانوراما» و«روتانا» إضافة إلى «مكس» و«إيه.إيه» و«يو»، وفيما يخص الإذاعة الجديدة الخامسة كشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في وزارة الإعلام عن أن لجنة قانونيو كلفت بدراسة وضع الترخيص لعدم التزام الشركة الممنوحة بدفع كامل المبلغ، وأن اللجنة طرحت أكثر من خيار، من بينها قد يكون فسخ الترخيص إذا لم تلتزم الشركة بسداد باقي المبلغ.

وبالعودة لتاريخ البث الإذاعي في السعودية، فقد شهد الكثير من التطورات، ففي عام 1932، بعد توحيد المملكة تحت قيادة الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، تأسس أول نظام راديو خاص لتزويد الملك بالمعلومات من المراكز والمدن على نطاق المملكة، والأخبار الخارجية حول الأحداث الجارية، وانطلق البث الإذاعي في المملكة عبر أول محطة إذاعية أنشأتها حكومة المملكة في مدينة جدة وكانت الإذاعة آنذاك تسمى إذاعة «مكة المكرمة».

وفي 18 يوليو (تموز) 1949، أصدر الملك عبد العزيز مرسوما ملكيا بتأسيس الإذاعة السعودية، وفوض نائبه في الحجاز الأمير فيصل مسؤولية الإشراف على الإذاعة. وبعدها بأيام أذيع أول برنامج تجريبي للإذاعة السعودية من جدة، بينما كان أول يوم عرفت فيه السعودية الإذاعة هو الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 1949، وذلك حينما افتتحت الإذاعة إرسالها في حج ذلك العام بكلمة من الملك عبد العزيز لحجاج بيت الله الحرام، ألقاها نيابة عنه ابنه الأمير فيصل بن عبد العزيز.

في البداية كان مقر الإذاعة في جدة، ثم أنشئت في مكة المكرمة عام 1952 محطة إذاعية أخرى. أما النظام التأسيسي للإذاعة السعودية فصدر بمرسوم ملكي عام 1954، ويقضي بإنشاء مديرية عامة مستقلة للإذاعة تتبع رئيس مجلس الوزراء، وفي 1955 صدرت مجلة «الإذاعة».

وتسعى الإذاعة السعودية إلى تحقيق أهدافها في نطاق السياسة الإعلامية من خلال الإذاعات المتخصصة كل في مجاله، وهي: إذاعة «نداء الإسلام» وإذاعة «القرآن الكريم»، إضافة إلى «البرنامج العام» و«البرنامج الثاني» و«البرنامج الأوروبي»، بقسميه الإنجليزي والفرنسي، والبرامج الموجهة.