مهرجان «سان دانس» السينمائي يزدهر.. لكن الأسعار تنخفض

نتيجة خروج عدد كبير من الموزعين.. وتنتظر الكيانات الكبيرة انتهاء الإقبال على الأفلام

TT

بدأت هوليوود تعود إلى توجهها السابق بشراء أفلام مستقلة، حتى وإن لم يكن بالأسعار السابقة التي صاحبت التوقعات بحدوث تضخم. في طريقك إلى مهرجان «سان دانس» السينمائي، الذي افتتح في المدينة يوم الخميس الماضي، إذا لم تستطع أن تشم رائحة التجارة في الهواء، يمكنك بالتأكيد سماعها في أصوات مشترين من المسؤولين التنفيذيين. فقد تحدثوا طويلا سرا عن الأفلام التي كانوا يناقشون وضعها. وتقول أريانا بوكو، رئيسة الاستحواذ بشركة «سان دانس سيليكتس/ آي إف سي فيلمز»: «يبدو أن لكل موزع شيئا على الأقل على الورق».

كان أداء شباك التذاكر القوي للأفلام المستقلة خلال الستة أشهر الماضية من العوامل التي أشاعت جوا من التفاؤل بتجاوز قطاع الأفلام المستقلة الموجهة للخاصة مرحلة التراجع. وبعد أن أدى الدفع بالأفلام متوسطة القيمة باعتبارها من الروائع إلى تدمير سوق الأفلام المستقلة المميزة، حققت أفلام مثل «البجعة السوداء» الذي بلغت تكلفة إنتاجه 13 مليون دولار إيرادات تجاوزت 75 مليون دولار وما زال يعرض في دور العرض حتى الآن.

وبالمثل قلل ظهور خدمات الفيديو حسب الطلب باعتبار أنها تحقق إيرادات كبيرة للأفلام المستقلة من حدة قلق الموزعين بشأن تراجع مبيعات الـ«دي في دي». وقال كيفين إيواشينا، الشريك المسؤول عن الإدارة لـ«بريفيرد كونتينت»: «أصبحت السوق حاليا مستعدة لتفهم أن خدمة الفيديو حسب الطلب يمكنها إضافة قيمة حقيقية إلى دورة توزيع الفيلم».

وبدأ عدد من الموزعين التسوق حتى قبل أن يبدأ المهرجان، حيث دفعت شركة «سوني بيكتشيرز كلاسيكس» مبلغا لم تفصح عنه مقابل فيلم نفسي مثير وهو فيلم «تيك شيلتر» (اتخذ ملجأ) واشترت «إتش بي أو» الفيلم الوثائقي «بروجيكت نيم» (مشروع نيم) الذي يتناول شمبانزي تجرى عليه تجربة عن لغة الإشارات خلال حقبة السبعينات. ويقول توم برنارد، الرئيس المشارك لـ«سوني بيكتشيرز كلاسيكس»: «ازداد عدد الذين يعقدون صفقات قبل المهرجان إلى حد ما لأن التوقعات أكثر واقعية. وانخفض عدد صناع الأفلام الذين يحيطون أنفسهم بأربعة من الوسطاء التجاريين الذين يحاولون صناعة الضجة الوهمية، ولم تفلح تلك الاستراتيجية بوجه عام في الماضي».

وأعلنت شركة «سوني» يوم الخميس شراءها للفيلم الوثائقي «ذا غريتيست فيلم إيفير سولد» «أعظم فيلم حقق إيرادات» الذي يتناول الإعلان عن منتج داخل فيلم أو برنامج وقد موله بالكامل مورغان سوبرلوك، مخرج فيلم «سوبر سايز مي»، من خلال الإعلان عن المنتجات فيه. لكن لم يتم الكشف عن شروط البيع التي تولت أمرها وكالة «كريتيف أرتيستس».

على الجانب الآخر، عادت الإعلانات للظهور في محيط المهرجان، حيث عادت علامات تجارية مثل «ليفيس جينز» للظهور بعد أن ظلت بعيدة عن الأضواء على مدار السنوات القليلة الماضية وتم عرض المنتجات من خلال ارتداء مشاهير لها وإقامة عشاء وحفلات، في محاولة للتمتع بحرارة المهرجان. في دلالة أخرى على الازدهار الذي أعقب عامين من الركود، شارك رعاة شركات جدد في مهرجان «سان دانس» خلال العام الحالي ومن ضمنهم اثنان يشاركون بما يقرب من 150 ألف دولار هما: «أكورا» و«تشيز سافاير» للبطاقات الائتمانية المتقدمة.

لكن لا يتوقع أحد أن يعود المهرجان إلى سابق عهده عندما دفعت شركة «فوكس سيرشلايت» 10.5 مليون دولار مقابل فيلم «ليتيل ميس سانشاين» وشركة «فوكس فيتشارز» 10 ملايين دولار مقابل «هامليت 2». وكانت الكلمة الشائعة بين أكثر وكلاء المبيعات خلال العام الحالي هي «ريكاليبريتيد إكسبيكتيشينز» و«نيو نورمال». ويعني هذا في الأساس أن الصفقات ستعقد لكن ستقتصر الأسعار على ما يتراوح بين 3.75 إلى 6.25 مليون أو أقل.

وبحسب عدد من الوكلاء، انخفضت أسعار الأفلام التي كان يدفع لشرائها 1.5 مليون على الأقل إلى ما يقرب من 250 ألف دولار. ومن أسباب انخفاض الأسعار النفوذ، حيث خرج عدد كبير من الموزعين من المجال وتنتظر الكيانات الكبيرة التي ما زالت متواجدة على الساحة وهي شركة «ليونز غيت» و«ساميت إنترتينمينت» و«ريلاتيفلي ميديا» حتى ينتهي الإقبال على الأفلام.

وبناء على هذا عدل صناع الأفلام والممولون ميزانية أفلامهم على حد قول جيمي باتريكوف، منتج أفلام، من أفلامه «بلو فالانتاين»، الذي احتفي به في المهرجان العام الماضي و«ليتيل بيردز»، الذي سيشهد مهرجان العام الحالي العرض الأول له يوم الأحد. وأوضح باتريكوف قائلا: «الأفلام التي تبلغ ميزانيتها 3 ملايين دولار التي شهدتها الخمسة أعوام الماضية أقل من الأفلام التي تبلغ ميزانيتها مليون دولار حاليا».

ويتفق مع باتريكوف غراهام تيلور، الذي يتولى الإشراف على الأموال والتوزيع بشركة «ويليام موريس إينديفور» ويتولى أمر المبيعات في 7 أفلام مشاركة في المهرجان. ويقول: «لقد شهدت السوق تراجعا. لقد انتهت أيام الميزانيات الضخمة التي شهدها عام 2007».

ما هي أكثر الأفلام المشاركة المرشحة للنجاح في جذب انتباه المشترين خلال الأيام المقبلة؟ أما بالنسبة إلى أكثر الموزعين فيتصدر قائمة أهم الأفلام الفيلم الكوميدي «ماي إيديوت برازر» (أخي الأحمق) بطولة بول رود، الذي يلعب دور ند، شاب شاذ يبحث عما هو جيد في الحياة، لكن دائما ما ينتهي به الحال إلى ما هو سيئ. كذلك من الأفلام التي تثير الاهتمام «ذا ديتيلز» (التفاصيل) وهو من نوعية الكوميديا السوداء الرومانسية ويقوم ببطولته توبي ماغواير ولورا ليني وراي ليوتا.

كذلك يبدو فيلم الإثارة «مارجين كول» (نداء على الهامش) الذي يأتي على خلفية الأزمة المالية ويقوم ببطولته كيفين سبيسي وجيرمي أيرونز وديمي مور واعدا على حد قول عدة مشترين. ومن الأفلام الأخرى المرشحة فيلم «ذا ديفيلز دابل» (بديل الشيطان) وهو مأخوذ عن قصة حقيقية للطيف يحيى، ملازم في الجيش العراقي تم تعيينه عام 1987 ليكون بديل صدام حسين و«لايك كريزي» (سريع للغاية) وهو فيلم رومانسي أشاد به النقاد بالفعل.

ويسعى الكثير من صغار الموزعين خلال العام الحالي إلى الحصول على نسخة من فيلم «وينترز بون» (عظمة الشتاء) وهو فيلم تراجيدي تكلف إنتاجه مليوني دولار وتم عرضه العام الماضي وحقق إيرادات تناهز 8 ملايين دولار. ترى هل سيفوز فيلم «أون ذا أيس» (على الجليد)، الذي يروي حكاية بائسة لطفلين يعملان في صيد سباع البحر ويقيمان في قرية بولاية ألاسكا؟

في النهاية كل شيء يعتمد على التقييم الذي سيتم هنا خلال الأسبوع المقبل. ففي الوقت الذي تبدو فيه الكثير من الأفلام مثيرة على الورق، سيوضح حجم المبيعات ما إذا كان المشترون يرونها جيدة على الشاشة أم لا. ويقول ريتش كلوباك، شريك في وكالة «يونايتيد تالينت» التي تنوي شراء 14 فيلما خلال مهرجان هذا العام: «يبدو أن السوق قوية هذا العام فالأفلام جيدة الصنع. لكن لا توجد الكثير من الأفلام التي تذهل المشاهد».

* خدمة «نيويورك تايمز»