السجلات تكشف حث رئيس «فوكس نيوز» لأحد العاملين على الكذب

يمكن لهذا الحديث أن يرقى لمستوى التآمر على مسؤولين فيدراليين

TT

لقد كان زعما مثيرا ولغز مؤامرة كبيرة في عالم الإعلام.. بعد استغناء دار نشر «هاربر كولينز» عن خدمات جوديث ريغان عام 2006، زعمت أن مسؤولا تنفيذيا رفيع المستوى في الشركة الأم «نيوز كوربوريشين» حثها على الكذب منذ عامين أمام المحققين الفيدراليين الذين كانوا يتحرون عن برنارد كيريك، المرشح لتولي منصب وزير الأمن الداخلي.

كانت جوديث على علاقة عاطفية مع كيريك، مدير شرطة نيويورك، في الوقت الذي كان رودولف جولياني، مؤيده ومرشده والعمدة السابق، ما زال في مرحلة مبكرة من حملة الانتخابات الرئاسية. وأراد المسؤول التنفيذي في مؤسسة «نيوز كوربوريشين»، الذي لم تسمه، حماية جولياني وإخفاء العلاقة التي تجمعهما.

وتوضح حاليا الوثائق التي تم تقديمها إلى المحكمة في الدعوى القضائية أن المقصود هو روجر أيلز، الرئيس النافذ لـ«فوكس نيوز» وصديق جولياني العزيز، فضلا عن ذلك توضح الوثائق أن جوديث سجلت مكالمة هاتفية لأيلز يتحدث فيها عن علاقتها بكيريك.

من غير الواضح بعدُ ما إذا كان الشريط قد لعب دورا في قرار «نيوز كوربوريشين» بالتحرك سريعا نحو تسوية الدعوى القضائية المقامة من جوديث بعرض دفع 10.75 مليون دولار لها في إطار تسوية سرية تمت بعد شهرين من إقامة الدعوى عام 2007.

بناء على المواصفات المعتمدة، يمكن لهذا الحديث المسجل أن يرقى لمستوى التآمر للكذب على مسؤولين فيدراليين، وهو ما يعتبر جريمة فيدرالية، لكن نادرا ما يسعى ممثلو الادعاء لمثل هذه الدعاوى، على حد قول دانييل ريتشمان، أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا والمدعي الفيدرالي السابق. بطبيعة الحال في حال نشر هذا الشريط المسجل، قد يسبب إحراجا لأيلز، الذي كان مستشارا لريتشارد نيكسون الذي سخر منه منتقدوه لإدارته تغطية «فوكس نيوز» لدفع الجمهوريين وتدمير الديمقراطيين وهو ما نفته «فوكس نيوز» مرارا.

ويتمتع أيلز بعلاقات وطيدة بجولياني الذي كان مستشاره في أول انتخابات يخوضها للفوز بمقعد العمدة. وكان لجولياني دور في حفل زفاف أيلز وتدخل نيابة عنه عندما تم حجب بث قناة «فوكس نيوز» من باقة قنوات الكابل في المدينة.

وقالت تيري إيفيريت، المتحدثة الرسمية باسم «نيوز كوربوريشين»، في تصريح لها يوم الأربعاء الماضي: إنه لم ينف أن أيلز كان المسؤول التنفيذي الذي ظهر صوته على الشريط المسجل. لكنها أوضحت أن المؤسسة تلقت خطابا من جوديث تقول فيه «إن أيلز لم يكن يعتزم التأثير عليها فيما يخص تحقيق الحكومة». وأضافت تيري: «وانتهى الأمر».

كذلك رفضت تيري نشر الخطاب، وقال روبرت براون، محامي جوديث: إن وصف المؤسسة للخطاب لا يمثل كل ما كتبت جوديث. وظهرت الوثائق الجديدة في إطار الدعوى القضائية التي رفعت عام 2008، التي اتهم فيها المحامون السابقون لجوديث في قضية «نيوز كوربوريشين» جوديث برفتهم عشية التوصل إلى تسوية لتجنب دفع نسبة 25% من المبلغ الذي يدفع بعد الحصول على حكم لصالح صاحب الدعوة. وقع أطراف هذه الدعوى القضائية اتفاقا للحفاظ على سرية السجلات، لكن لم يبد أنه لم يخطر الموظف في المحكمة العليا بمانهاتن بوجوب إحكام إغلاقها وتم الاحتفاظ بالسجلات في أرشيف القضايا العامة.

برزت مناقشة المكالمة الهاتفية المسجلة مع أيلز ضمن أقوال محامي جوديث السابقين الذين يسعون إلى توثيق ما قاموا به من عمل في تلك القضية حتى يؤكدوا حقهم في الحصول على نسبة من المبلغ الذي يدفع بعد الحصول على حكم لصالحها. ويشير المحامون إلى استشارة خبير صوت في الطب الشرعي في شأن الشريط المسجل. ولا يوجد نص مكتوب للحديث الذي تم خلال المكالمة الهاتفية المسجلة في سجلات المحكمة.

لكن يقول بريان كير، أحد محامي جوديث السابقين، في بيانه المشفوع بقسم: إن الدليل المادي الذي رأى أنه «يتضمن تسجيلا لحديث تم بينها وبين روجر أيلز الذي كان يشار إليه في الشكوى» أعده سيث ريدينيس، محام آخر، لجوديث. هذه الشكوى تفيد بأن المسؤولين التنفيذيين في مؤسسة «نيوز كوربوريشين» كانوا «على علم بالعلاقة الشخصية بين جوديث وكيريك، وأن مسؤولا تنفيذيا رفيع المستوى في المؤسسة أخبر جوديث بأنه يعتقد أن لديها معلومات كثيرة عن كيريك، التي سيضر إلى الكشف عنها بالحملة الرئاسية لجولياني. وأشار هذا المسؤول على جوديث بأن تكذب وتخفي معلومات خاصة بكيريك عن المحققين».

وأشار ريدينيس في شهادته إلى «مكالمة هاتفية مسجلة بين روجر أيلز، رئيس (فوكس نيوز) وجوديث ريغان، تطرقت إلى إجاباتها عن أسئلة تخص علاقتها الشخصية ببرنادر كيريك. أصبح أمر أيلز محوريا في عملنا». وطال الجدل شخصيات مهمة ومشهورة، بعضها من نيويورك.

اقتيد كيريك إلى السجن العام الماضي بعدما تبين أنه مذنب وأدين بتهم فيدرالية، منها: التهرب الضريبي والكذب على مسؤولين في البيت الأبيض. ويرأس شركة المحاماة، التي استعانت بها جوديث لصياغة الدعوى ضد «نيوز كوربوريشين»، مارك دراير، الذي أشهرت شركته إفلاسها عام 2008 بعد أن تم اتهامه بالتورط في عملية احتيال بمبلغ 100 مليون دولار. ويقود الدعوى القضائية التي تقيمها الشركة وتسعى إلى الحصول على أجرها المستحق من جوديث، أمين التفليسة القائمة على حل الشركة. كان ريدينيس مستشار مشارك في شركة دراير.

كان تصادم جوديث حدثا بحد ذاته.. ففي ظل الجدل بشأن اختياراتها للكتب التي تنشرها من كتب أدبية إلى استشارات جنسية من نجوم الإباحية، جعلت بصمتها في «هاربر كولينز» دار النشر الأشهر ماليا في هذا المجال.

كانت النهاية عام 2006.. فقد نقل عن روبرت مردوخ، رئيس مؤسسة «نيوز كوربوريشين» قوله إن الإصرار على نشر «إذا فعلتها»، اعتراف افتراضي بجريمة قتل يقوم بها أو جيه سيمبسون، كان غير موفق. وقد أثارات رواية عن مغامرات سكير لميكي مانتل موجة من الغضب.

ثم صرحت مؤسسة «نيوز كوربوريشين» بأن جوديث طردت من العمل بسبب ملحوظة معادية للسامية عن مارك جاكسون، المحامي اليهودي في «هاربر كولينز»، من خلال وصفها الحملة الداخلية لرفتها بـ«جمعية سرية يهودية».

وفي الدعوى القضائية التي أقامتها جوديث عام 2007، قالت إنه لولا الجدل الملفق بشأن الكتب والملحوظة المعادية للسامية المختلقة لتشويه سمعتها لما كانت تحدثت عن كيريك على نحو يضر بصورة جولياني. تتمحور المستندات الجديدة في المحكمة على تلك التهمة وصلتها بأيلز. وكتب ريدينيس في بيان مكتوب مشفوع بقسم: إن جوديث أخبرته أن أيلز سعى لنعتها بالعاهرة والمختلة. وجاء في ذلك البيان: «تعتقد جوديث أن أيلز و(فوكس نيوز) التابعة لمؤسسة (نيوز كوربوريشين) معنية بحماية ترشح جولياني لرئاسة الولايات المتحدة». ولعب أيلز دورا أكبر في مؤسسة «نيوز كوربوريشين»، إضافة إلى عمله كرئيس «فوكس نيوز» شمل غض الطرف عن محطات «فوكس» المحلية وشبكة «فوكس بيزنس».

وفي إطار التسوية التي تمت في يناير (كانون الثاني) 2008، تراجعت مؤسسة «نيوز كوربوريشين» علنا عن زعمها أن ملحوظة جوديث كانت معادية للسامية.

وتكشف سجلات المحكمة، التي تحققت منها صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخرا، والتي تم الحصول عليها من أرشيف القضايا العامة، عن مسألة مثيرة للاهتمام؛ فطبقا لبيان جوديث المكتوب والمشفوع بالقسم، بعد أن استغنت جوديث عن خدمات محاميها، تقدم شخص غير متوقع لمساعدتها في التوصل إلى تسوية بشأن هذه القضية وهي سوزان أستريك، أستاذة القانون والمعلقة على الأخبار في «فوكس» التي نشرت جوديث لها كتابا من قبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»