الناشرون يتطلعون لما وراء مكتبات بيع الكتب

اعتقاد بأن سلسلة مكتبات بيع الكتب بلغت ذروتها على الصعيد الوطني

تبحث دور النشر العالمية عن وسائل جديدة لبيع منتجاتها لأكبر شريحة ممكنة («نيويورك تايمز»)
TT

تبدو «كيتسون»، وهي مجموعة من المتاجر في لوس أنجليس، من النوعية التي تظهر إعلاناتها كثيرا في صحف «التابلويد» وتتميز بمعروضاتها من الملابس الأنيقة والعملاء المشاهير مثل سيان كومبس وجو جوناس.

لكن في مدينة تعج بالمفاجآت، عثرت «كيتسون» على مصدر غير متوقع للعائدات لا يتعلق بالملابس أو الأحذية الأنيقة، وإنما بالكتب.

طبقا لتقديرات فريسر روس، مالك الشركة، باعت «كيتسون» مليون كتاب عام 2010، بزيادة بمقدار الضعف على العام السابق.

وقد أقبل الناشرون على بيع الكتب لـ«كيتسون»، حسبما قال روس، مع تحويل المكتبات التقليدية لبيع الكتب اهتمامها باتجاهات أخرى أو إغلاقها أبوابها. وعلق بقوله: «كان هذا أمرا جيدا بالنسبة لنا. حال وجود كتاب جيد، نسارع باتجاهه». وأضاف أن الناشرين «يدركون ما يمكن لمتجر متخصص الإسهام به في نشاطهم التجاري».

بوجه عام، لا يعتبر هذا الأمر جديدا؛ فالناشرون يعرضون كتبهم بمتاجر بيع تجزئة لا صلة لها بالكتب منذ عقود. إلا أنه في العام الماضي، زاد بعض الناشرين من جهودهم مع تحويل اثنتين من كبريات سلاسل بيع الكتب نشاطهما التجاري إلى مجال آخر.

في الوقت ذاته، خصصت متاجر «بارنيز أند نوبل» مساحات أكبر لعرض الكتب الإلكترونية والألعاب واللعب التعليمية. أما «بوردرز»، التي تقدمت بطلب لإشهار إفلاسها في فبراير (شباط)، فقد شرعت في تصفية قرابة 200 من فروعها.

في هذا الصدد، أعرب ديفيد ستينبرغر، الرئيس التنفيذي لـ«برسيوس بوكس غروب»، عن اعتقاده أن «سلاسل مكتبات بيع الكتب بلغت ذروتها على الصعيد الوطني، وأي نمو جديد لن ينطلق منها. إلا أن هذا لا يعني أن جميع متاجر التجزئة شرعت في الحد من نشاطاتها».

الملاحظ أن مجموعة واسعة النطاق من المتاجر المشهورة بمعروضاتها من الأجهزة والأطعمة ومعدات صيد الأسماك بدأت في إضافة كتب إلى أرففها. من جهته، افتتح مارك جاكوبس متجر «بوكمارك» في مانهاتن في الخريف، بينما زاد متجر «أنثروبولوجي» أعداد الكتب التي يعرضها للبيع إلى 125، من 25 عام 2003. وحرصت متاجر «كولدووتر كريك» و«لويز» و«باس برو شوبس»، بل وحتى «كراكر باريل»، على إضافة كتب جديدة لتلك التي تبيعها. وعمدت بعض مكتبات بيع التجزئة أيضا لتنويع معروضاتها، فمثلا بدأ «تارغيت» في التحرك هذا العام بعيدا عن أكثر الكتب مبيعا والمتعلقة بقضايا تهم الرجال وإضافة كتب أخرى تتعلق بالمرأة والطفل.

ويؤكد الناشرون أن وجود منفذ بيع على أرض الواقع لبيع الكتب يحمل أهمية استثنائية؛ فبينما تعتبر شبكة الإنترنت ومبيعات الكتب الإلكترونية من القنوات الكبرى، فإن الكتب التي تحظى بشهرة أقل قد تضيع في غمرة هذا العالم حال عدم توافر وجود مادي لها لإثارة اهتمام القراء المحتملين، خاصة أن القدرة على جذب انتباه متسوق ما يكاد يكون من المستحيل محاكاتها عبر شبكة الإنترنت.

وعليه، نجد أن الناشرين أصبحوا يسعون للتعاون تقريبا مع أي متجر يحتوي على أرفف. بالنسبة لـ«برسيوس بوكس غروب»، فاقت المبيعات غير التقليدية عام 2010 مبيعاتها في «بوردرز»، التي بلغت قرابة 7%، للمرة الأولى.

بالنسبة لـ«أبرامز»، التي تنشر كتبا مصورة وفنية، يجري النظر إلى متاجر بيع التجزئة غير التقليدية باعتبارها أحد السبل لتعويض النشاط التجاري المفقود بسبب «بوردرز»، الذي تباطأ بصورة خاصة خلال العام الماضي، حسبما صرح مايكل جاكوبس، رئيس «أبرامز» والرئيس التنفيذي لها.

وقال جاكوبس: «لقد عززنا قطعا من هذا التوجه». العام الماضي، أدرك مسؤولون تنفيذيون أن «جزءا كبيرا من الكتب الأقدم الصادرة عنا لا تهتم بها مكتبات بيع الكتب. أين إذن سنبيع تلك الكتب؟».

الملاحظ أن النشاط التجاري غير التقليدي تنامى بالنسبة لـ«أبرامز» وشكل أكثر من 15% من إجمالي النشاط التجاري عام 2010. وتوقع جاكوبس وصول هذه النسبة إلى 25% خلال الفترة بين العامين والـ3 أعوام المقبلة. وأعلنت دور نشر كبرى أيضا، مثل «هوفتون ميفلين هاركورت» و«راندم هاوس»، أنها تبحث عن متاجر بيع تجزئة متخصصة.

يأتي هذا الاهتمام من جانب دور النشر بمثابة مفاجأة سعيدة للمتاجر. عن ذلك، قالت جينيفر بيكر، التي اعتادت شراء كتب لحساب «مارك جاكوبس»: «كان رد الفعل دراماتيكيا.. هناك أكوام من عينات الكتب والكتالوجات تتساقط على المحل يوميا. وشكلت عملية تصنيف الكتب النادرة أو التي توقف نشرها تحديا».

من الممكن أن يؤدي عرض الكتب في متاجر مختلفة لتوسيع دائرة الجمهور، واجتذاب الأشخاص الذين قد لا يقبلون على قضاء وقت بأماكن مثل «بارنيز أند نوبل». وعلقت بيكر على ذلك بقولها: العميل الذي لا يقبل غالبا على شراء الكتب، لكن يعشق علامة «مارك جاكوبس» التجارية قد يستحسن فكرة شراء كتاب من مجموعة «بوكمارك» المنتقاة.

وبعيدا عن اجتذاب قراء جدد، عادة ما تأتي مبيعات الكتب بنتائج جيدة للجانبين.

وعلى الرغم من أن بيع الكتب بالنسبة لمتاجر بيع التجزئة غير المتخصصة بمجال الكتب قد يتسم بقدر أكبر من التعقيد ويعتمد على عدد أكبر من العمال بالنسبة لدور النشر، فإن الكتب عادة تباع على أساس نهائي لا يسمح بإعادتها. في المقابل، بمقدور مكتبات بيع الكتب إعادة الكتب غير المباعة للناشرين.

في هذا الصدد، قال جون دوف، ناشر «بيرغي بوكس» التابعة لـ«بنغوين غروب بالولايات المتحدة»: «نعلم أن هذه صفقة بيع جيدة».

وعادة ما تكون الكتب مصدر ربح لبائعي التجزئة؛ نظرا لحرصهم على انتقاء الكتب بعناية. الأهم من ذلك أن الكتب قد تشكل دفعة للمبيعات الأخرى وتعزز مكانة العلامة التجارية.

داخل «لويز»، توضع كتب عن الطهي والمنزل في مقدمة المتجر؛ وذلك «لإلهام وتعريف العملاء بالكتب التي يستطيعون شراءها لإنجاز مشاريعهم لتطوير منازلهم بنجاح»، حسبما شرحت باتي برايس، نائبة رئيس الشركة للشؤون التجارية في رسالة بعثت بها عبر البريد الإلكتروني.

داخل «سامز كلوب»، الذي لطالما ضم بعض أفضل الكتب مبيعا، جرت مؤخرا إضافة المزيد من كتب الأطفال وكتب الطهي. وقال فيل شيلهامر، الرئيس التنفيذي لـ«سامز كلوب»، الذي تولى الإشراف على قسم الكتب هناك حتى وقت قريب: «إنها مجالات لا تتواءم مع الكتب الإلكترونية، مثلما الحال مع أفضل الكتب مبيعا أو الكتب الموجهة للسوق العامة أو حتى الكتب الرومانسية». وحرصت «سامز كلوب» أيضا على إضافة كتب لمؤلفين محليين واستضافة الكتاب للتوقيع على كتبهم من أجل الجمهور.

وإذا كان «أنثروبولوجي» يبيع كتبا مطبوعة على نسق «إيكات»، فإنه قد يعرض كتبا تحمل أغلفة «إيكات»، أو كتبا تتناول الإلهام والشعر لاجتذاب العملاء. وأوضح آرون هوي، المدير لدى «أنثروبولوجي»: «نحاول استثارة فضول العملاء بخصوص أفكار مختلفة أثناء تجولهم داخل المتجر، ويمكن أن تمثل الكتب سبيلا رائعا لتحقيق ذلك. ونحن من جانبنا نبذل مجهودا عظيما لانتقاء كتب فريدة لا يمكنك العثور عليها في مكتبة تقليدية لبيع الكتب، وقطعا لن تجدها بمكتبة تبيع الكتب الموجهة للجمهور العام مثل (بوردرز) أو (بارنيز أند نوبل). وكي تعثر عليها عبر (أمازون)، لا بد أن تكون على دراية حقيقية بما تبحث عنه».

ويمكن أن تشكل المتاجر المتخصصة وسيلة أمام دور النشر لتعزيز مبيعات الكتب التي ربما لا تجتذب إقبالا كبيرا عبر موقع «أمازون». على سبيل المثال، حقق كتاب «أوكورد فاميلي فوتوز» نجاحا كبيرا لدى «أربان أوتفترز»، وكذلك «هالو كبكيك» عبر متاجر «مايكلز»، وباع «برايس ستيرن سلوان»، التابع لـ«بنغوين»، 42 ألف نسخة من «ماد ليبس» عبر متاجر «كراكر باريل».

وفي «كيتسون»، جاءت أعلى المبيعات مختلفة عن قائمة أعلى الكتب مبيعا في السوق؛ حيث دارت حول كتاب مثل «ذي أوفيشال ديكشنري أوف ساركازم» (القاموس الرسمي للسخرية).

وعن ذلك قال روس: «نحاول أن نكون مختلفين».

* خدمة «نيويورك تايمز»