البيانات منجم ذهب لصحيفة «فاينانشيال تايمز»

تعتبر من الصحف القليلة التي استطاعت جذب القراء على شبكة الإنترنت

تجاوز عدد المشتركين في النسخة الالكترونية في صحيفة «فاينانشيال تايمز» 207 آلاف شخص (أ.ب)
TT

يمثل التواصل مع القراء بالنسبة للصحافة التحدي الأكبر. وطبقا لمعايير الصحافة يختار القراء الصحيفة فقط طبقا لانجذابهم للعنوان الرئيسي الموجود على الغلاف. وفي حين تنجذب المرأة أكثر إلى عناوين معينة متعلقة بالصحة والجمال في صحيفة «صن» في بريطانيا، سيكون رجال الأعمال أكثر انجذابا لعنوان «الصين تضيق الخناق على الشركات المملوكة للدولة» في صحيفة الـ«فاينانشيال تايمز» أو العكس.

ويكون انجذاب القراء في مواقع الجرائد الإلكترونية على الإنترنت أكثر سهولة، لأن المواقع الإلكترونية في الغالب تحفظ تفضيلات القراء وتقدمها لهم بمجرد دخولهم مرة أخرى على الموقع بصورة مباشرة. ولكن التحدي الحقيقي أمام هذه المواقع هو تحقيق الربح ولكن يمكن اعتبار صحيفة الـ«فاينانشيال تايمز»، صحيفة المال والاقتصاد التي يقع مقرها في لندن، ناجحة في كلا الأمرين بسبب أن قراءها الدائمين يدفعون للدخول على موقع الصحيفة على شبكة الإنترنت.

وقال جون ريدينغ، الرئيس التنفيذي للصحيفة، الأسبوع الماضي: «لقد انتقلنا من العصور المظلمة لعصر التنوير في ما يتعلق بفهم متطلبات القراء»، في الوقت الذي أرسلت فيه شركة «بيرسون»، المالك للصحيفة تقريرا عن الوضع المالي للجريدة عن العام الماضي.

وعندما قام القراء بالاشتراك في الموقع الإلكتروني لصحيفة «فاينانشيال تايمز» وجدوا أنها استطاعت أن تتبع نشاط القراء على الموقع حتى تتمكن من تعديل المحتوى للقراء وتقديم خدمات تتناسب مع اهتماماتهم. ففي حال إلغاء بعض المشتركين لاشتراكاتهم أو عدم تجديدها، تقوم الجريدة بالتواصل مع القراء عبر البريد الإلكتروني أو الوسائل الإلكترونية الأخرى حتى يعيدوا النظر في هذا القرار.

ففي عالم المال الذي تعد فيه معرفة العميل جيدا أمرا ضروريا، ربما لا يبدو هذا الأمر ثوريا. لكن جون ريدينغ أكد أن مزيدا من التطوير فيما يخص طرق جمع وفحص بيانات العملاء والقراء من أهم الأمور التي تساعد على زيادة مبيعات صحيفة «فاينانشيال تايمز» الإلكترونية التي تمثل 24 في المائة من أرباح صحيفة الـ«فاينانشيال تايمز» العام الماضي، والتي كانت 19 في المائة فقط العام قبل الماضي وتعتبر هذه النسبة أكبر من توقعات الكثير من الناشرين.

وتعتبر صحيفة «فاينانشيال تايمز» من الصحف القليلة التي استطاعت جذب القراء على شبكة الإنترنت. وأضاف ريدينغ أن عدد المشتركين في النسخة الإلكترونية من الصحيفة بالإضافة إلى إصدارات إلكترونية أخرى للصحيفة، تجاوز 207 آلاف، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 50 في المائة. وأشار ريدينغ إلى أن الصحيفة باعت أكثر من 1000 اشتراك وازدادت الأرباح بنسبة تزيد على 30 في المائة العام الماضي.

وبينما تسعى الصحيفة إلى تحقيق المزيد من الأرباح من القراء، ساعد المحتوى الجيد الذي تقدمه الصحيفة على تحقيق هذا الأمر من خلال الدعاية التي تضاعفت العام الماضي بعد عام 2009 الذي شهد أرباحا متدنية على حد قول ريدينغ. وتريد الجهات المعلنة التي لم تعد راضية عن الطريق العشوائي، معرفة المزيد من البيانات عن القراء، أين يقيمون؟ إلى أين يسافرون؟ ماذا يقرأون ماذا يريدون أن يشتروا؟

وتتضح أهمية بيانات العملاء والقراء بالنسبة لشركات الدعاية من خلال خطة إحدى شركات «نيوز كوربوريشين»، أحد المنافسين لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، لتعزيز وجودها في بريطانيا عن طريق السيطرة الكاملة على «بريتيش سكاي برودكاستينغ»، أكبر شركة تلفزيونية في البلاد. ومن أسباب الاتجاه إلى قبول الحكومة البريطانية لهذه الصفقة بحسب تصريحها الأسبوع الماضي هو احتمال بيع منتجات وخدمات «نيوز كوربوريشين» الإعلامية إلى عملاء «سكاي برودكاستينغ» من خلال سجلات عملائها بحسب قول محللين.

وتمثل بيانات العملاء محور الجدل الدائر حاليا بين شركة «أبل» العالمية وبين ناشرين مختلفين حول تقديم «أبل» لخدمة اشتراك في النسخ الإلكترونية للصحف والمجلات عبر أجهزة الـ«آي باد» والـ«آي فون». ولا تخطط شركة «أبل» للحفاظ على نسبة 30 في المائة من هذه المبيعات فقط، بل تخطط أيضا للاحتفاظ ببيانات العملاء لنفسها.

وقال ريدينغ الذي يرى أن أجهزة الهواتف الجوالة الحديثة وأجهزة الكومبيوتر الصغيرة هي الخطوة التالية في مجال التقدم التقني بالنسبة إلى صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن بيانات العملاء ضرورية لتحقيق هذه الطموحات. وأوضح ريدينغ أن من أهم أسباب زيادة الاشتراكات الرقمية العام الماضي، الدخول على الموقع الإلكتروني للصحيفة عن طريق الهاتف الجوال من خلال بيع مجموعة رقمية من البرامج متعددة المنصات. وأضاف ريدينغ أن الصحيفة تفكر في الانضمام إلى نظام «وان باس» الجديد الذي تقدمه شركة «غوغل». وستحصل «غوغل» على عمولة نسبتها 10 في المائة وستتقاسم بيانات العملاء مع الناشرين.

وستكون أجهزة الـ«آي باد» من دون صحيفة «فاينانشيال تايمز» في منفذ نسخها الإلكترونية سببا لخسارة الطرفين. وأوضح ريدينغ أنه إذا ظلت شركة «أبل» متمسكة بموقفها. وأضاف: «سيكون هذا عارا ليس فقط علينا، بل على المجال الذي شهد تطورا خاصا بتلك الأجهزة خلال الفترة الأخيرة. نحن بحاجة لمزيد من التعقل قبل أن يقع الضرر».

* خدمة «نيويورك تايمز»