تدريب سياسيين للقتال أثناء ظهورهم على قناة «فوكس نيوز»

معسكر «ميديا ماترز» التدريبي يعد المهتمين السياسيين الليبراليين للبرامج الحوارية الصعبة

TT

«أنا هنا لكي أتدرب بشكل مكثف» قالها لي برينر أثناء خروجه من باب مبنى سري بالقرب من ضاحية «دوبونت سيركل».

والبيت المبني من الطوب الأحمر كان دائما مقر الجمعية الرياضية الأميركية، ولكن لأيام قليلة من منتصف شهر مارس (آذار) حولت مؤسسة «ميديا ماترز فور أميركا» اليسارية إلى معسكر تدريب حزبي، حيث كان يتم تدريب قوات الثوار على القتال على قناة «فوكس نيوز» الإخبارية. وعلى مدار 4 أيام مرهقة، كان مدربون متمرسون يجرون تدريبات على عشرات من طلاب العلوم السياسية المهذبين، لكي يحولوهم إلى وحدة راقية من متحدثين باسمين يتكلمون باقتضاب وترتيب جيد.

ومنذ بدء عملها في شهر أغسطس (آب) عام 2009، دربت مبادرة المواهب التقدمية (PTI) 100 ناقد تقريبا ظهروا 800 مرة على محطات التلفزيون والإذاعة. وتستخدم مؤسسة «ميديا ماترز» هذا القياس لكي تحث المتبرعين على تقديم المزيد من التبرعات، ولكن قيادتها تعتقد بأن زيادة الليبراليين الجاهزين للظهور أمام الكاميرا كان قد أعاد الاستحواذ على الأرضية المفقودة في الحروب الإعلامية ضد المحافظين.

وقال ديفيد بروك، مؤسس مؤسسة «ميديا ماترز» التي تتحمل التكلفة الكاملة للدورة التدريبية: «هناك خلل مزمن. ونحن لا نريد فحسب أن نقبل بأن هذه هي الطريقة التي تدار بها الأمور». وتجدر الإشارة إلى أن بروك كاتب محافظ سابق في مجلة «ذي أميركان سبيكتاتور»، والذي كان عنصرا فعالا في الجهود التي بذلت لتشويه سمعة «أنيتا هيل» والإطاحة بالرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، كان قد قام بتحول حاد إلى اليسار منذ عقد مضى.

وقال بروك إن الهدف الأساسي لمؤسسة «ميديا ماترز» هو مراقبة قناة «فوكس نيوز» عن كثب ولفت الانتباه إلى التحريفات التي كانت تقوم بها. ولكن المؤسسة تتحرك الآن إلى المرحلة التشغيلية، حيث تحولت من لعب دور المراقب إلى قوات للصدمة. وذكر بروك أن المؤسسة كان يتعين عليها أن «تضفي صبغة الاحترافية على التدريب والحجز لمركز الثقل الموازن المتجه صوب اليسار».

واختارت مؤسسة «ميديا ماترز» مجموعة من المشاركين الجذابين والمفوهين من بين 100 متقدم، وهي أكبر مجموعة يتم اختيارها حتى الآن. وضم الفصل الدراسي مديرين ومفكرين ليبراليين وموظفين سابقين في مبنى «الكابيتول هيل» مقر الكونغرس الأميركي ومساعدين في الحملات الدعائية الرئاسية ومتخصص في استطلاعات الرأي وأستاذ جامعة وفرد من المحاربين القدامى ومتنافسين من برنامجي «أميركان أيدول» و«ذا أبرينتيس»، وكلهم في منتصف حياتهم المهنية.

وكان برينر، وهو منتج سابق لبرنامج «النسخة الأخيرة مع وولف بليتزر» الذي يذاع على شبكة «سي إن إن» الإخبارية والمدير السياسي لموقع «ماي سبيس» (MySpace) للتواصل الاجتماعي، قد أسس مؤخرا شركة للاتصالات الرقمية تعرف باسم «مجموعة فاست إف دبليو دي» ومجلة رقمية تعرف باسم HyperVocal.com.

ومن أجل مراقبة التدريب، وافقت جريدة «واشنطن بوست» على منع ذكر أسماء المشاركين الذين طلبوا عدم التعريف بهوياتهم، وهو الأمر الذي فعله كثير منهم عندما حذر المدربون من أن التحالف العام مع مؤسسة «ميديا ماترز» قد تعرض فرصهم في أن يتم حجز موعد لظهورهم على قناة «فوكس» الإخبارية للخطر. ومنذ أن قال برينر إنه كان قد انتقد بالفعل قناة «فوكس» علانية، فإنه كان مستعدا فورا لتنحية الخطر جانبا في برنامج «علانية مع غريتا فان سوستيرين».

التدريب على التصوير التلفزيوني في صبيحة يوم الأربعاء، صعد برينر، بشعره الأسود الملفوف، وسلوكه اللطيف ومظهره الأنيق حيث كان يرتدي سروالا من الجينز وسترة رياضية، الدرج لكي يصور «مقطع الفيديو القياسي» الخاص به مع المدرب جون نفينغر.

وتجدر الإشارة إلى أن نفينغر، 39 عاما، هو أحد الشركاء الثلاثة في شركة «كا إن بي للاتصالات» وهي شركة مقرها مقاطعة كولومبيا تتعاقد مؤسسة «ميديا ماترز» معها لإجراء التدريب. وكان نفينغر، وهو محام يتمتع بجاذبية صبيانية تشبه جاذبية توم كروز، يمتلك حياة مهنية واعدة حيث كان يدرس قواعد التحدث العامة للمسؤولين التنفيذيين، ومن بينهم الأشخاص الذين «باعوا السجائر للأطفال». وتخلى نفينغر تماما عن كل هذا لصالح مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد.

وهناك، التقى بالمدعو ماثيو كوهوت، 45 عاما، وهو عازف سابق متحفظ لموسيقى الجاز كان يعمل بمهنة كاتب خطابات للبروفيسور «جوزيف ناي» الشهير. وقدم كوهوت، وهو ابن اختصاصي استطلاعات رأي شهير، نفينغر إلى صديقه، سيث بيندلتون، 47 عاما، الحاصل على شهادة ماجستير من كلية كيندي الحكم بجامعة هارفارد وعضو نقابة «سكرين أكتورز غيلد» للممثلين الفنيين.

وبعد حملة جون كيري الرئاسية في عام 2004، قرر الديمقراطيون الثلاثة استخدام مواهبهم في التواصل لإنقاذ حزبهم المعتل.

وقال نفينغر لـ«برينر» عندما كان يوجهه للجلوس في مقعد أمام كاميرا الفيديو: «أنا لن أخوض لعبة الغميضة معك. ما هي منطقة الإصدار الخاصة بك؟».

وأوضح برينر أن شركته تعاملت مع الصحافة الإعلامية الجديدة.

وقال نفينغر الذي برزت شخصيته بشكل ملحوظ: «انضم إلينا الآن للحديث عن الإعلام الجديد الخبير الاستراتيجي الديمقراطي لي برينر».

ومن جانبه، قال برينر: «شكرا على تكرمكم باستضافتي». وفجأة لم تمض المقابلة بشكل جيد جدا. ومالت أركان فم برينر إلى الانتفاض بقوة في طريقها إلى الابتسام. ولكن نفينغر أبرز الجانب الإيجابي لهذا الموقف، وخصوصا فيما يتعلق بالتوقف عن البث، عندما بدا برينر مرتاحا جدا. وقال: «وكما نحب أن نقول إنك أنهيت المقابلة في وضعية مثالية».

وانضم برينر إلى المشاركين الآخرين في غرفة مغطاة بألواح خشبية في الدور الأرضي من البيت المبني بالطوب الأحمر. وكانت هناك كاميرا فيديو منصوبة على قوائم ثلاثية في وسط طاولات الدراسة على شكل حدوة فرس. وكانت هناك لوحات باللون الأسود والأبيض معلقة على الجدران. وقدم بروك، بشعره الأشيب ورابطة عنقه الزرقاء، بعض الحكم والأقوال المأثورة للفصل للدراسي.

وحذر بروك المتدربين من أن خصومهم المحافظين كانوا قد مروا جميعا بتدريب إعلامي صارم في معهد للقيادة، ولكنه قال إنهم سوف يكونون الآن مسلحين بذخيرة تمكنهم من المنافسة. وأخذ بندلتون دوره في مخاطبة الطلاب وقال: «سوف تتعرضون لتحد. وسوف تتعرضون لاستنزاف، كما ستتعرضون للإحباط». قبل أن يجري مسحا للمجموعة عن شعورهم عندما ظهروا على شاشة التلفاز.

وقال برينر للفصل الدراسي: «أميل إلى أن أتعرض للجفاف، لذا فإنني أحتاج إلى ترطيب. أحتاج إلى ترطيب يا بول، اتصل بأمي».

اتحادات «ليبرالية» تكمن مشكلة «جنود اليسار» حسبما ذكر مدربو مؤسسة «ميديا ماترز» في أنهم حاذقون جدا بما فيه الكفاية لدرجة قد لا تروق لهم. ولم يعد الاعتماد التقليدي على الحقائق والأرقام وعلى الدقة أمرا وثيق الصلة بالعمل الإعلامي. وغالبا جدا ما تختفي هذه الحقائق السياسية غير المهمة في المشكلات السياسية أو تسقط من شقوق الفوارق البسيطة.

وعرض المدربون، الذين كانوا متلهفين لتقديم مثال على حديثهم، مقطعا لخريجة مبادرة المواهب التقدمية «تايلور ويست» التي تعمل الآن كمديرة للاتصالات في مجلة «ناشيونال جورنال» أجهدت خلاله بمضايقتها الطبيعية الجيدة خبيرا محافظا في مجال أمن شبكة الإنترنت. ولم تكن ويست تعلم فعليا أي شيء عن المسألة، وكانت قد حشرت في المقابلة دون سابق علم.

وكانت عروض برامج «باوربوينت» تسيطر على ذلك الصباح بواسطة «درو ويستين» الخبير الديمقراطي في كتابة الرسائل ومؤلف كتاب «العقلية السياسية». وعرض ويستين، الذي كان يرتدي معطفا صندوقيا ونظارات وحمالتين للسروال، نماذج من العبقرية اليمينية لإصدار العلامات التجارية (بداية من «الاستحواذ الحكومي» وحتى «ضرائب تركة المتوفى») والسخافة النسبية لليساريين. وقال ويستين إن «الرسالة الشعبية لحزب الشاي، المصبوغة بصبغة عرقية، كانت فعالة» وعرض اقتباسا لقول من أقوال نائب الرئيس الأميركي الأسبق آل غور، والذي قال إن هذه الرسالة كانت هي «الرسالة الأسوأ بشكل مطلق في مجتمع تقدمي».

وبينما كان برينر يرتشف كوبا من الشاي، تكلم ويستين عن أوجه الشبه بين عقول البشر والحملان، وأنه كان قد أجرى في ذلك التوقيت بعض التجارب النفسية على الفصل الدراسي من أجل توضيح «حالة زائدة من النشاط الكامن في عقلك». ومن أجل التركيز على هذه النقطة، شغل مقطع فيديو من قناة «فوكس نيوز» يظهر مقدم البرنامج الشهير شيبرد سميت، وهو يشير بشكل عرضي إلى مشهد جنسي في جزء عن جينفر لوبيز. وعندما صدرت همهمات من الفصل، أشار ويستين إلى أنه في حين «أن هذا الموقف لم يكن ليحدث بالنسبة لشخص أكثر نبلا»، فإن المقطع كشف أن كلمات وصورا معينة أثارت أفكارا قوية وغير معلنة عادة في رأي المشاهد.

وظهرت كلمة «ليبرالي» فيما بعد على الشاشة، محاطة بكلمة «النخبة» و«الحكومة الكبيرة» و«أكل السوشي». وأوضح ويستين أن «جناح اليمين أمضى 40 عاما وأنفق عشرات المليارات من الدولارات» في تشويه سمعة صفة كانت ترتبط بالفخر في يوم من الأيام. وأشار بطريقة مقررة: «في هذه الغرفة، هل يشبه الأمر الحديث عن الحركة النسائية والحركة السحاقية؟ أوه!» ولكن مشاهدي التلفاز في أماكن أخرى لا يشعرون بالمثل. وباختصار، كان أي شيء «ليبرالي» يثير ارتباطا خاطئا.

وقال ويستين: «بالنسبة للشخص العادي، هذه ليست شبكة جيدة لكي يتم تفعيلها».

وبعد تناول وجبة غداء مكونة من دجاج الكاجون والروبيان، عاد المشاركون إلى الفصل وهم ممتلئون بالطاقة التي استمدوها من كوهوت ونفينغر وبندلتون، والذين يطلق عليهم ويستين اسم «صبية (كا إن بي)» وقذف قادة الفصل الدراسي علامات وصاحوا: «دعوا نرسم مخططا لهذا!» وعرضوا صورة لامرأة في منتصف العمر – وهي إحدى عمات المدربين - وهي تبتسم في مطبخ، وبعد ذلك أوضحوا أن النقطة الكاملة للدورة الدراسية كانت تتمثل في الفوز بأصوات العمات المترددات في الانتخابات بشتى أنحاء الولايات المتحدة.

وكان مفتاح القيام بهذا الأمر، حسبما أوضحوا، هو نضح الاحتمالية والمعقولية، وجعل خصومهم يبدون بخلاف ذلك. ويعمل مقدم البرامج الحوارية كوكيل عن المشاهدة، حسبما أشاروا، لذا كان من المهم الاحتفاظ بعلاقة جيدة بينه وبين المشاهد.

وقال بندلتون: «حتى وإن كنت قد أخفقت في عدد من المستويات، فلن تخسر كل شيء إذا كان لديك طاقة تقدمية».

ونبه نفينغر أفراد الفصل أن مذيعي «فوكس» سيتعاملون معهم كليبراليين من السهل التكهن بمواقفهم. وأضاف: «لذا، فإنهم كما يقولون في لغة المسرح، أنت تعمل ضد الصورة النمطية». وقد تطوع برينر بتحمل المسؤولية الكبرى.

وتساءل بندلتون بنبرة متعجرفة: «(تويتر) ورسائله، ماذا يعني كل هذا؟» وقال برينر محاولا رسم صلة بالمرأة التي تقف في المطبخ: «عندما بدأت العمل في (ماي سبيس)، لم تكن لدي حتى صفحة على الموقع».

وشرح المعلمون أن تحديد هوية «ماي سبيس» ربما يشكل قضية يقتصر فهمها على فئة قليلة من الأفراد.

وتساءل برينر: «هل ينبغي أن أبدأ بشرح كيف امتلك مردوخ ماي سبيس؟».

وتعرض المشاركون خلال الجزء المتبقي من فترة ما بعد الظهيرة لضغوط شديدة من المعلمين الذين استخدموا لغة طنانة أشبه بتلك المميزة للمعلق السياسي البارز بيل أوريلي، واتهموهم بالقسوة والتصلب لرفضهم التدخل في ليبيا، وبالجبن لاعتمادهم سياسة الانسحاب الذليل في أفغانستان، والتبذير لدفاعهم عن سياسات الإنفاق الحكومية، والافتقار إلى روح العصر لوضعهم التسامح الديني في مرتبة أعلى من حيث الأهمية عن الحرب ضد الإرهاب. وفي المقابل، لجأ المشاركون للفنون القتالية الإعلامية التي يملكونها.

وهز برينر رأسه في تعبير عن الاتفاق بينما بدأ المشاركون يستوعبون فكرة أن الصحافيين هم أشخاص يحبون الاستعراض واجتذاب الاهتمام يمكن تجريدهم بسهولة من أسلحتهم بمجرد الحديث إليهم باستخدام أسمائهم الأولى أو الإطراء على مهارتهم في صياغة وطرح الأسئلة. واكتسب المشاركون مهارة في اختلاق شخصيات وهمية تنتمي لليسار المتطرف من أجل جعل ميولهم اليسارية تبدو أكثر اعتدالا. ودونوا على عجل النقاط التي يرغبون في التحدث بشأنها على ورق خطابات يخص «ميديا ماترز»، واستمعوا لدروس بشأن الأهمية الكبرى لأسلوب السرد.

وقال بندلتون: «القصة الجيدة أشبه بحصان طروادة لنشر أفكارك».

وقال روجر إيلز، رئيس «فوكس نيوز»، إنه يشاهد التلفزيون بينما يغلق الصوت كي يتمكن من الحكم على المواهب بصورة أفضل. وتقر «ميديا ماترز» أيضا فكرة أن الحوارات التلفزيونية تنتمي لنطاق فنون الأداء. وقد جرت صياغة برنامج «بي تي آي» في جزء منها من جانب جويل سيلبرمان، وهو مدرب إعلامي ينتمي للحزب الديمقراطي ومغن سابق. ومن عباراته الشهيرة أن «الممثلين يتحدثون بما هو أعلى صوتا من الكلمات»، و«القلب والشخصية والحضور» و«الشعور هو المنتصر». وقد قضى المعلمون يوما كاملا في التأكيد على أهمية «ما لا ينطق به».

ودرس المشاركون «نقاط القوة والدفء»، وتعلموا تجنب لعق الشفاه وإمالة الرأس وحك يد بأخرى، بل وحتى التقلص اللاإرادي لعضلات الوجه الخالي من أي معنى ضمني قد يثير انطباعا سيئا على شاشة التلفزيون. أما الوضع الأمثل للأيدي أمام الشاشات فهو ضم قبضة يد ونشر الأخرى عليها بحيث تغطيها.

في اليوم التالي لجولته الأولى، حول برينر دفة موضوعه إلى المساعدات الأجنبية وتعرض مجددا لكثير من الأسئلة من قبل نفينغر الذي تقمص شخصية مذيع من «ناشونال ببيلك راديو». وقبل أن يشرعا في العمل، وضع برينر إحدى ساقيه أمام الأخرى ورفع صدره نحو الأمام. وبهذه الصورة، أشاع حوله هالة من الشعور بالثقة وطرح إجابات أكثر إيجازا. وفجأة، انزلقت المظاريف التي تضم الأسئلة من بين ساقيه إلى الأرض. عندئذ، بدت أكتافه منكمشة وانحسرت قدرته على التركيز.

وشرح برينر لنفينغر بعد المقابلة: «يوحي هذا الوضع بأن المتحدث بدأ يشعر بالتوتر». وأشار إلى أنه كان عليه تحريك ساقه اليسرى نحو الأمام لمسافة 3 بوصات أخرى.

وسأل نفينغر: «تعني أن الجالس بدا متشنجا؟».

وقدم نفينغر لبرينر قرصا رقميا مسجلا عليه جميع المقابلات التي أجراها. وسار عبر الممر وأدخلها في واحد من الحواسب النقالة الكثيرة الموجودة التي كان يدرس عليها المشاركون وجوههم. وقيم برينر نفسه قائلا: «لم يكن الوضع العام عظيما. هذا الوضع شبيه بالسائد على محطة (فوكس)».

بعد عدة تدريبات، أبدى المشاركون قدرا أكبر من الاسترخاء والفعالية في تظاهرهم بالدور المحافظ. وشرح بندلتون: «أي ممثل يمكنه أن يخبركم أن المتعة الأكبر تكمن في لعب دور الشرير».

في نهاية اليوم، شرح المعلمون مهارات استخدام الطيبة في إسقاط خصم ما في الفخ. وقال كوهوت إن مسألة إسقاط الخصم في الفخ «ليس أمرا على المرء الإقدام عليه في المرة الأولى التي يظهر فيها على شاشة التلفزيون». وأوضح نفينغر أن الإسقاط في الفخ يمثل مناورة متقدمة «ستدفع بك إلى القمة». بعد ساعة أخرى من التدريب، تحول البعض لتناول قضية العنصرية الهيكلية.

في اليوم الأخير، حرص المتدربون على ارتداء أفضل الملابس للتوجه إلى استوديوهات «آي إم جي»، جنوب دوبونت سيركل. وأثنى بندلتون على ألوان الفساتين والسترات. وارتدى بندلتون رابطة عن زرقاء، بينما كان شعره مهندما على نحو لافت. وعاونه ماثيو وايت، مساعد البرنامج، وعدد من المشاركين الآخرين في مسألة المظهر. وتم الإعلان عن ديفيد شوستر، المذيع السابق لدى «إم إس إن بي سي»، باعتباره الضيف الخاص الذي سيعمل على دفع المشاركين نحو تجربة محاكاة شديدة الشبه بالواقع.

بعد تناول الإفطار في مطبخ الاستوديو، وضع برينر بعض المساحيق على وجهه، ثم وقف لالتقاط بعض الصور له في الردهة، وبعد ذلك عاد إلى المطبخ لترتيب النقاط التي سيتحدث بشأنها.

في الجزء الأعلى من ناحية يده اليسرى، كتب اسم ديفيد عند اسم المذيع ورسم في المنتصف وجها مبتسما كي يذكر نفسه بضرورة أن يرسم ابتسامة على وجهه. ومن بين النقاط التي سيتحدث بشأنها، كتب برينر «الدولار» وكتب بعض الأرقام والإحصاءات.

ثم نحى به بندلتون جانبا في تبادل أخير للحديث بينهما في إطار الاستعداد.

وقال برينر إنه يعمل على تعزيز الدفء النابع منه وإنه يقابل سهولة كبيرة في الظهور بمظهر شخصية «طبيعية». وتحدث عن أيام عمله الأولى في واشنطن، عندما كان يحرص على أن يسرد على مسامع والده أخبار كل السياسيين والمشاهير الإعلاميين اللذين التقاهم. وتذكر أنه سأل والده ذات مرة: «هل تدر كيف أن هذا الأمر رائعا؟».

تجمع برينر وزملاؤه داخل غرفة التحكم، حيث دونت كيلي رونان، رئيسة فريق العاملين داخل «ميديا ماترز»، ملحوظات عن أداء كل فرد. كما أطلق أفراد المجموعة تعليقات فورية على المقابلات.

وأخبرت رونان برينر بأنه «أنت الآن على أتم استعداد».

وبالفعل، خطا برينر إلى داخل القاعة، حيث وثب أحد المشاركين ولوح له بيديه تحت لافتة ضوئية تحمل عبارة «الاستوديو يعمل». أخذ بندلتون برينر جانبا وهمس إليه قائلا: «تذكر ما قاله لك والدك حول أن الأمر مجرد استمتاع».

وسأل شوستر كيف تمكن برينر من إعلان التأييد للمساعدات الأجنبية في وقت تعاني الموازنة من أزمة.

ورد قائلا: «حسنا، ديفيد. أدرك أن الجميع يتضررون»، ثم مضى في هدوء في شرح أن المساعدات الأجنبية توفر أموالا لأدوية تقدم لأطفال وأنظمة إنذار مبكر ضد التسونامي. وفي جولة أخرى، بدا شوستر مبالغا في دوره كمذيع عدواني يعمل لدى «فوكس» وسأل برينر: «لماذا تحب أطفال أفريقيا أكثر من أطفال ألاباما؟».

وأجاب برينر بهدوء: «أود أن أقول إن عبارة صنع في أميركا يجب أن تكون على الأدوية وليس القنابل». وانتهت الدورة التدريبية واحتشدت المجموعة مجددا داخل المطبخ، حيث ألقى شوستر بعض الحديث المهني والحكم، مثل أن عليك أن تبتسم بغض النظر عن أي شيء آخر وأن الطرف الآخر يعمل بنفس الجد الذي تعمل به، وأنت تصبح في حالة عمل مستمر بمجرد أن تطأ قدماك الاستوديو. وشكرهم المذيع الذي كان يعمل لدى «إم إس إن بي سي» جميعا وأشاد بهم باعتبارهم مدربين على مستوى رفيع.

وسلم أعضاء فريق «ميديا ماترز» استمارات تتضمن معلومات وتعليمات حول الظهور أمام الكاميرات والدعم المعنوي. كما كانت المنظمة تسعى لتعيين وكيل للعمل على استغلال المهارات على نحو أفضل. وقال وايت، مساعد البرنامج: «إننا نعمل بجد على إيجاد فرص لكم لأن أميركا تحتاجكم».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»