المراقب الصحافي

تناقل الإعلام لمقابلة المعلم

TT

إن مقابلة صحيفة «الشرق الأوسط» مع وزير الخارجية السوري التي تناقلتها وسائل الإعلام الغربية والعربية، لدليل جديد على ما قلناه سابقا من أن الصحافة المطبوعة ما زالت تؤثر في المشهد الإعلامي العربي. هذه المقابلة، المنشورة يوم الأحد الماضي، قال فيها وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، إن قوات «درع الجزيرة» التي دخلت مملكة البحرين لحمايتها بعد تردي الأوضاع السياسية هي: «ليست قوات احتلال، وإنما تأتي في إطار مشروع».

وتكمن أهمية تصريح المعلم في أنه جاء في وقت كثر فيه اللغط الإعلامي من أن دخول جيوش خليجية إلى البحرين إنما هو اجتياح وتدخل في الشؤون الداخلية، الأمر الذي نفته البحرين و«درع الجزيرة». كما أن التقارب السوري - الإيراني أضفى على تصريح صريح كهذا بعدا آخر.

ونود هنا أن نعتب على زميلتنا المرئية قناة «العربية» التي جاءت بخبر «عاجل» ينقل ما قاله وزير الخارجية السوري لصحيفة «الشرق الأوسط»، من دون ذكر المصدر، كما تفعل مع وكالات الأنباء العالمية. ونود أن نشكر محرري موقع «العربية» على الإنترنت الذين ذكروا مصدر المعلومة. نقول هذا من منطلق أخوي، وحرصا على أن يكمل بعضنا بعضا، ونرتقي بالمادة الإعلامية، وأن نحفظ حقوق كلا الطرفين.

وكمراقب صحافي لهذه الصحيفة، مستقل تماما عن طاقم تحريرها، أدعو كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، إلى أن تراسلني شخصيا إذا ما رأت من مراسلي صحيفة «الشرق الأوسط» من ينقل موضوعا صحافيا لم يشر إلى مصدره، لكي نسلط الضوء على هذه القضية، فهدفنا مهني بحت، ينشد الارتقاء بالعمل الإعلامي العربي. وكلنا نتفهم أن ربكة الأخبار اليومية تُنسي بعض الإعلاميين التقيد بالمعايير الإعلامية المتعارف عليها.

وعودة إلى أصداء مقابلة المعلم، نود أن نقول لكبار المسؤولين العرب ونجوم الفن والاقتصاد والسياسة والرياضة وغيرها، إن تصريحكم لمطبوعة صحافية، إذا كان فيه ما «يثير الاهتمام فعليا»، فإنه يحُدث حتما أصداء مدوية، فنحن في عصر تتناقل فيه وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الأنباء كل ما يثير الاهتمام بسرعة مذهلة لم نعهدها من قبل. وما يجري حاليا في العالم أجمع لأبلغ دليل على ما نقول. وربما يتذكر البعض كيف تناقل الإعلام العالمي خبرا نشرته صحيفة ألمانية في أوج غليان ثورة 25 يناير (كانون الثاني) في مصر الذي أشار إلى أن الرئيس مبارك سيبدأ رحلة علاج طويلة في مستشفى ألماني، وبغض النظر عن مدى صحته.

ما زالت صحف أميركية وإنجليزية وفرنسية عريقة تصنع الحدث في المشهد الإعلامي، بالانفراد بالخبر والمقابلة الحصرية لشخصيات مهمة في مسرح الأحداث الحالية، وهو ما تحاول أن تفعله صحيفة «الشرق الأوسط»، ولكننا نطمح في المزيد من «القصص» كما يسميها الغربيون بما يتناسب مع وتيرة سرعة الأحداث من حولنا.

* هذه الزاوية الأسبوعية هي الأولى من نوعها في صحيفة عربية، وهي مساحة نقدية لا تخضع للرقابة المسبقة، يكتبها صحافي محترف ليسلط فيها الضوء على نقاط ضعف الصحيفة ونقاط قوتها، الهدف منها ترسيخ المفاهيم المهنية للصحافة. [email protected]