رواج كبير للفيديوهات سريعة الانتشار

مقطع مصور على «يوتيوب» يجتذب 800 ألف مشاهد خلال يومين

تلقى المقاطع المصورة رواها كبيرا على شبكة الإنترنت («نيويورك تايمز»)
TT

هل يمكن لرجل يحمل جهازا إلكترونيا صغيرا لتنفيذ عملية قرصنة والتسلل إلى كثير من الشاشات الضخمة الموجودة في تايمز سكوير وتشغيل مقاطع فيديو من جهاز «آي فون» خاص به؟ ربما، إذا صدقت أن مقطع فيديو على «يوتيوب» شاهده أكثر من نصف مليون شخص خلال الأيام الأربعة الماضية. تم رفع المقطع المصور على «يوتيوب» الاثنين الماضي باسم مستخدم BITcrash44. بحلول الأربعاء، كان قد اجتذب عدد مشاهدات فاقت 800.000، وورد ذكره على مواقع إلكترونية مثل «غيزمودو» و«غوثاميست» و«صالون» و«إن بي سي نيويورك»، بل وصنفه أحد المواقع باعتباره أكثر الفيديوهات التي يمكن التشارك فيها شعبية عبر «تويتر». وثار نقاش حماسي بين الجماهير التي شاهدت المقطع تركز حول سؤال واحد: هل ما يتضمنه المقطع حقيقي؟ في الواقع، إنه مزيف. بصورة عامة، جاء رد الفعل مطابقا لما كان يبتغيه جيمس بيرسيلاي ومايكل كريفيكا عندما صاغا مقطعا مصورا كجزء من الدعاية التي سبقت طرح فيلم «ليميتليس» في دور العرض. ويعمل الرجلان، اللذان أسسا شركة لتسويق المواد سريعة الانتشار عبر المشاركة باسم «ثينكمودو»، على استغلال الرغبة المتنامية لدى جهات التسويق لاجتذاب زوار شبكة الإنترنت عبر مقاطع مصورة يجري التشارك فيها عبر مواقع مثل «تويتر» و«يوتيوب» و«فيس بوك». وتتمثل استراتيجية «ثينكمودو» في إنتاج مقاطع مصورة يعتبرها المشاهدون ذكية وصادقة من دون دفعهم بصورة صريحة نحو منتج معين، حسبما أوضح بيرسيلاي. وقال: «إننا ندفع نحو التشارك في فكرة ستدفع بالمشاهد بعد ذلك إلى المنتج. إنه أسلوب فكري جديد تماما لن تضطر في إطاره للجوء لأساليب العرض التقليدية، وسيشعر الناس باهتمام أكبر بك وبما تبيعه وبالرسالة التي تحملها إليهم». وأشار بيرسيلاي إلى أن المقطع المصور الذي أطلق على شبكة الإنترنت هذا الأسبوع يستقي إلهامه من «ليميتليس»، حيث يبدو من خلاله رجل قادر على استغلال كافة قدراته العقلية بمساعدة قرص يطلق عليه NZT. ويظهر في الفيديو رجل يرتدي سترة برتقالية يقف في تايمز سكوير ويشرح كيف أن أدوات إلكترونية للنسخ والنقل مرتبطة بجهاز «آي فون» خاص به، بحيث يمكنها نقل ما عليه إلى أي شاشة عرض. في البداية، يحاول الرجل استخدام الجهاز عبر شاشتي فيديو صغيرتين داخل مكتب صحيفة يعمل بها. وطيلة الوقت، يتولى آخر تصويره بينما يحمل «آي فون» بحيث يتمكن المشاهدون من معاينة محتوى الشاشة. بعد ذلك، يشتري الرجل بالونا أحمر ضخما يلحق به الجهاز. وعندما يحلق البالون أمام شاشة عرض ضخمة تعرض فيلما دعائيا قصيرا لـ«ليميتليس» بناصية التقاء برودواي وشارع 47، يبدأ الفيديو المعروض على «آي فون» في الظهور على الشاشة الكبيرة فجأة. وتتضمن أعمال التسويق لـ«ليميتليس» وسائل الإعلام التقليدية مثل الملصقات التي تنشر داخل أنفاق المترو والإعلانات التجارية التلفزيونية التي تعرض أغنية «باور» لكاني ويست، ووسائل الدعاية الرقمية والمطبوعة، والإعلانات عبر شبكة الإنترنت لصالح «NZT»، وهو العقار الذي ظهر في الفيلم. من ناحيته، أوضح بيتر أدي، رئيس شؤون التسويق والتوزيع العالميين لدى «ريلاتيفيتي ميديا»، أنه رغم كل الأموال التي يجري إنفاقها على التسويق، تحظى مقاطع الفيديو بمكانة راسخة. وأضاف أدي أنه «عبر ذلك يجري نقل الرسالة على نطاق واسع لكن على نحو رقيق غير مباشر، بدلا من الهجوم المباشر»، مستطردا بأن فكرة اعتماد المرء على نفسه في العمل والتقييم التي يوحي بها الفيديو تمثل عنصرا مهما. وأعرب عن اعتقاده بأنه «ليس لزاما عليك أن تضع الأمر في صورة مثالية، في الواقع أنت بذلك تضره، وإنما عليك نشر شعور بالواقعية والصدق». الملاحظ أن جهات إعلانية أخرى تتجه بصورة متزايدة نحو تجريب مقاطع الفيديو سريعة الانتشار التي يمكن التشارك بها. وكانت من بين أكثر الحملات شعبية خلال العام الماضي حملة لصالح شركة «أولد سبايس» شارك بها الممثل إيسايا مصطفى. ووضعت «ويدين آند كينيدي بورتلاند»، الوكالة العاملة لحساب «أولد سبايس»، سلسلة من الفيديوهات التي جرى التشارك فيها خلال يوليو (تموز)، والتي تولى مصطفى خلالها الرد مباشرة على تساؤلات مستهلكين على امتداد عدة أيام. واستغلت الوكالة مواقع شبكات اجتماعية لتلقي الأسئلة من مستهلكين ونشر فيديوهات الإجابة عبر «يوتيوب» ومواقع أخرى. وأوضحت جواني واردويل، مديرة شؤون العلاقات العامة العالمية لدى «ويدين آند كينيدي بورتلاند»، أنه «لست بحاجة إلى 50 شخصا في قسم الإنتاج، فأنت بإمكانك إحداث هزة في العالم بالاعتماد على ثلاثة فقط». راودت فكرة الفيديوهات سريعة الانتشار بيرسيلاي وكريفيكا على مدار قرابة ستة شهور قبل أن يقررا استخدامها كأدوات للتسويق. يعمل كريفيكا (34 عاما) منتج فيديو يعمل بصورة حرة، بينما لدى بيرسيلاي (49 عاما) خلفية بمجال الإنتاج التلفزيوني، بينها عمله من قبل منتجا لبرنامج «ساترداي نايت لايف». الملاحظ أن كليهما يفتقر إلى خلفية تقليدية بمجال الإعلانات وإلى التجهيزات التي تتوافر عادة لدى الوكالات التقليدية، مثل مساحات مكتبية واسعة أو مساعدين، الأمر الذي قال بيرسيلاي إنه يساعدهم على منافسة الوكالات الكبرى. وذكر بيرسيلاي في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أنه «نمثل حقبة جديدة في عالم الإعلان. إن المكاتب الافتراضية و(جماليات يوتيوب) تبشر بحدوث تغيير هائل يمكن المبدعين أصحاب الإمكانات شديدة الضآلة من المنافسة رأسا برأس مع الآخرين ذوي الإمكانات الهائلة». وقد انطلقت الشركة في أول مشروع رسمي لها في فبراير (شباط) من خلال مقطع فيديو لماكينة حلاقة. وجرى تصوير المقطع باستخدام «آي فون» داخل دورة مياه بشقة عادية في مبنى بحي ميدتاون مانهاتن مساء سبت ممطر.

اللافت أن المنتج الذي يروج له الإعلان عبارة عن ماكينة لحلاقة شعر الرأس تدعى «هيد بليد» يمكن استخدامها بإدخالها في عدد قليل من الأصابع، لم يذكر على الفور. إلا أن هذا لم يمنع اكتساب الفيديو انتشارا واسعا، حيث جرت مشاهدته أكثر من مليون مرة عبر «يوتيوب» في غضون أقل من أسبوع، وتنوع المشاهدون بين أشخاص بسطاء وبعض كبار المذيعين التلفزيونيين. وورد ذكر الفيديو في أكثر من 500 وسيلة إعلامية داخل الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وآسيا، وجرى نشره عبر أكثر من 1000 موقع ومدونة على شبكة الإنترنت، طبقا لما ذكره بيرسيلاي. وشهدت مبيعات «هيد بليد» ارتفاعا كبيرا بلغ 31 في المائة بعد نشر هذا الفيديو، وازداد نتيجة لذلك الإقبال على موقع الشركة الإلكتروني بنسبة 49 في المائة، حسبما أفاد بيرسيلاي. وقال كريفيكا: «لقد طلبت (هيد بليد) شيئا واحدا فقط، وهو حملة دعائية سريعة الانتشار تثير نقاشا حول السبيل الأمثل لحلاقة شعر الرأس». وقد حرص كريفيكا على التكتم بخصوص الكثير من أسراره المرتبطة بزرع فيديوهات سريعة الانتشار يمكن التشارك فيها عبر شبكة الإنترنت، لكنه نوه بأن اليوم الأمثل لإطلاق مثل هذه الفيديوهات الاثنين، معللا ذلك بأن «عطلة نهاية الأسبوع عادة ما تقتل هذه الفيديوهات، ذلك أنه خلالها لا يوجد أحد بعمله ولا يمررها شخص لآخر وكل فرد منشغل بحياته بعيدا عن مثل هذه الإعلانات». ومن بين العناصر الأخرى للاستراتيجية الاتصال بمحرري مواقع إلكترونية مستهدفة وشراء كلمات مفتاحية وعناوين عبر الشبكة العنكبوتية واستخدام الشبكات الإعلامية الاجتماعية لنشر الفيديو على نحو يبدو غير مباشر. وقال كريفيكا: «لقد جرى تطوير هذا الأمر بصورة معينة. إن الفيديو سريع الانتشار الحقيقي لا يحتاج لكثير من الجهود لدفعه».

* خدمة «نيويورك تايمز»