وفاة سيدني هارمان رائد صناعة المعدات الصوتية

عن عمر ناهز الثانية والتسعين

سيدني هارمان
TT

غيب الموت رجل الأعمال الأميركي سيدني هارمان، مليونير المعدات الصوتية الذي اشترى مجلة «نيوزويك» خلال العام الماضي وأشرف على انضمامها مع مجلة «ذا ديلي بيست» في واشنطن عن عمر ناهز الثانية والتسعين. وتوفي هارمان ليلة الثلاثاء بعد معاناته من مضاعفات مرض سرطان الدم، وفقا لبيان صحافي صادر عن أسرته. وكان هارمان قد علم بمرضه منذ نحو شهر.

وكتبت العائلة قائلة: «توفي هارمان في مدينة واشنطن بمقاطعة كولومبيا، وهي مدينة أحبها ودعمها بطرق متعددة جدا، محاطا بزوجته وأطفاله».

وتجدر الإشارة إلى أن هارمان هو مؤسس شركة «هارمان للصناعات الدولية»، وهي شركة صناعية تقليدية مقرها مدينة واشنطن منذ سنوات طويلة. وقد تم إحباط العملية المخططة لبيع الشركة بمبلغ يصل إلى نحو 8 مليارات دولار خلال الفوضى في أسواق الائتمان.

والآن تتخذ شركة «هارمان الدولية»، الشركة الأم للكثير من علامات المنتجات الإلكترونية مثل منتجات «هارمان كاردون»، و«جي بي إل» و«إنفينيتي» و«جي بي إس»، من مدينة ستامفورد بولاية كونتيكت مقرا لها. وقد تقاعد هارمان في عام 2008، ولكنه استمر في العمل كرئيس فخري للشركة.

وكانت فلسفته في الإدارة والعلاقات مع العمال، التي تشرك العمال في تكوين السياسات، تمثل دراسة حالة تستخدم في المدارس التجارية. وساعدت هذه الفلسفة في النهاية القيادة على تعيينه كنائب لوزير التجارة إبان فترة حكم الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر.

وصرح كارتر يوم الأربعاء الماضي بأن دعم هارمان لم يكن يمكن أن يقدر بثمن.

وقال كارتر في بيان صحافي: «لقد كان بطلا حقيقيا للعدالة والحرية والسلام، وساعدت نصائحه، كعضو في مجلس أمناء مركز كارتر لعدة سنوات، في صياغة طريقة سير عدد كبير من أنشطتنا وإنجازاتنا».

وقال غاري شابيرو، الرئيس التنفيذي لجمعية الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية إن هارمان كان مبتكرا بداية من أول جهاز استقبال صوتي منزلي كان قد طوره مع بيرنارد كاردون.

وقال شابيرو: «سيدني كان قائدا صناعيا حقيقيا أحدث ثورة في صناعة الموسيقى».

وفي صفقة مجلة «نيوزويك»، دفع هارمان إلى شركة «واشنطن بوست» دولارا واحدا في محاولة كانت تهدف لإنقاذ المجلة الإخبارية الأسبوعية التي كانت تتعرض لخسائر مالية. وبعد ثلاثة أشهر، ساعدت مفاوضات هارمان في تعيين رئيسة التحرير المخضرمة تينا براون في منصب رئيسة تحرير مجلة «نيوزويك» لقيادة اندماجها مع موقع «ذا ديلي بيست». وقال هارمان إن عملية الدمج قدمت «تركيبة مثالية لسلطة الصحافة الراسخة ودهاء الموقع الإلكتروني المشرق والقوي».

وسوف تتم السيطرة على حصة هارمان في ملكية شركة «ذا نيوزويك ديلي بيست كومباني» من قبل مدير ملكياته، الذي يمكن أن يعين مديرا بديلا لمجلس إدارة الشركة، حسبما ذكر المتحدث باسم الشركة. وتشارك مجموعة شركات باري ديلر الإعلامية المعروفة باسم «إي إيه سي/ إنتر أكتيف كوربوريشان» في ملكية الشركة المشتركة.

وذكرت ليزلي كافيرتي، المتحدثة باسم شركة «إي إيه سي» أن التزام الشركة تجاه مجلة «نيوزويك» لن يتغير. وقالت: «نحن نتوقع أن يواصل النموذج التجاري مساره».

ولكن وفاة هارمان لا تزال تثير أسئلة حول مستقبل مجلة «نيوزويك». وعندما اشترى المجلة، قال هارمان إنه كان مستعدا لاستثمار ما يصل إلى 40 مليون دولار من أجل تغطية الخسائر التشغيلية.

وقال كين دوكتور، المحلل بشركة «آوتسيل ميديا إنكوربوريشان»: «لقد كان ملتزما بمحاولة إعادة تنشيط علامة إخبارية عظيمة. وفعل هارمان ذلك كمشروع خيري».

ولكن لم يكن هارمان بمقدوره دعم مجلة تخسر أموالا إلى ما لا نهاية، وقد كان يعتمد على ديلر وبراون للمساعدة في الالتفاف حولها، حسبما ذكر دوكتور. وقد تؤدي وفاته إلى زيادة الضغوط التي يتعرض لها مسؤولو المجلة للتوصل إلى طريقة لتحقيق الربحية.

وفي بيان صحافي، قال ديلر إن عائلة هارمان أرادت الاستمرار كشركاء. وتعهد ديلر بالاستمرار في تنفيذ مخططاته، على الرغم من فقدان هارمان.

وقال ديلر: «هذا العقل الاستثنائي، المليء بهذا القدر الكبير من الفكاهة والشعر والحكمة، كان شيئا يثير عجب زملائه الجدد في مجلة (نيوزويك) وموقع (ديلي بيست) في كل مقابلة معه».

وكان هارمان محبا للخير وراعيا للفنون ووجها مألوفا في المشهد الاجتماعي بواشنطن. ولم يتخلف إلا نادرا عن حضور حفلات التكريم السنوية التي يقيمها مركز كيندي. وتزوج هارمان بعضو مجلس النواب السابقة عن ولاية كاليفورنيا، جين هارمان، التي تركت الكونغرس الآن لقيادة مركز «وودرو ويلسون الدولي للباحثين».

وفي عام 2007، قدم هارمان مبلغ 20 مليون دولار تقريبا كمنحة لبناء منزل جديد لشركة مسرح شكسبير الشعبي في واشنطن. وسمي المسرح المزود بواجهة زجاجية عصرية جدا وقاعة عرض مبنية من أخشاب الماهوجني الداكنة تكريما له باسم «مركز هارمان للفنون».

وفي ذلك الوقت، أخبر هارمان وكالة «أسوشييتد برس» بأنه كان يشعر بالفخر على وجه الخصوص بموقع المسرح في وسط المدينة، الذي يمكنه من اجتذاب جماهير شابة ومتنوعة. وقال هارمان في مقابلة مع الوكالة في عام 2007: «نؤمن بأنه من المهم تشجيع خلق تعبيرات جديدة لكل الفنون المسرحية. وإذا لم نفعل ذلك، فسوف نكون مفلسين من الناحية الثقافية».

وأفاد هارمان بأنه قدم هذه الهدية لأنه كان يحب الفنون، وليس لأنه أراد إنشاء مبنى يحمل اسمه. وتحدث عن مركز الفنون الذي يحمل اسمه فقال: «في الحقيقة، ضغطت زوجتي علي من أجل بناء هذا المركز. وأنا أعتقد أنها كانت تفكر في هذا المركز كذكرى رائعة».

وذكر أصدقاء هارمان أنه كان نشيطا ولائقا من الناحية البدنية في عقده العاشر. وكان يترأس هو وزوجته جين هارمان العطلات العائلية مع أبنائهما الستة وأحفادهما.

وكان هارمان يحتفظ بمنزل بالقرب من مدينة لوس أنجليس حيث كانت شركة هارمان تمتلك مركز التشغيل. وفي عام 1998، ترشحت جين هارمان عن الحزب الديمقراطي لشغل منصب حاكمة ولاية كاليفورنيا، وأنفق الزوجان أكثر من 16 مليون دولار على الحملة الدعائية لحملة ترشحها من أموالهما الخاصة.

وتجدر الإشارة إلى أن هارمان كان قد ولد في مدينة مونتريال عام 1918، وانتقل مع أسرته إلى نيويورك ونشأ في مدينة مانهاتن. وحقق ثروته كرائد في صناعة الصوتيات بعد أن أسس شركة «هارمان كاردون إنكوربوريشان» عام 1953.

ولعدة سنوات، عمل هارمان كرئيس لفرقة «فرديندز وورلد كوليدج» المرتبطة بجماعة «كويكر» البروتستانتية في مدينة لونغ آيلاند. وبعد ذلك أسس برنامجا عن التكنولوجيا والسياسة العامة بكلية جون كيندي للإدارة التابعة لجامعة هارفارد وشغل مناصب في جامعة «ساوثرون كاليفورنيا».

وفي عام 1977، انضم هارمان إلى إدارة مركز كارتر، وباع شركته من أجل تجنب تعارض المصالح واشتراها مجددا بعدما ترك الحكومة. وقال ستيوارت إيزنستات، الصديق القديم لهارمان الذي شغل منصب كبير مستشاري السياسة الداخلية في مركز كارتر، إن هارمان كان «رجل نهضة حقيقيا» يمكن أن يلقي مقاطع مطولة من قصائد شكسبير في حفلات العشاء وأن يبحر بمهارة في عوالم التجارة والحكم. وقال إيزنستات: «كان سيدني يحمل دائما ابتسامة على وجهه، وقد كان دائما متفائلا، وكان حقا يمثل مصدر إلهام لجيل كامل من الناس في كل من الحكومة والقطاع الخاص».

وفي وزارة التجارة، قام هارمان بتنشيط الوزارة بأخلاقيات داعمة للتجارة وأكد أهمية دعم الصادرات للمرة الأولى.

وصرح إيزنستات بقوله: «لقد كان ديمقراطيا داعما للتجارة يمتلك ضميرا اجتماعيا عظيما. إنها خسارة هائلة، ولكن سيدني عاش حياة حافلة بالعطاء ومكتملة جدا».

* خدمة «أسوشييتد برس» خاص بـ«الشرق الأوسط»