السمعة وحدها لا تكفي

شركات تعتمد على السمعة المؤسسية للاقتراض على أساس الشهرة.. بدلا من الحوكمة الرشيدة والتواصل بشفافية

جانب من جلسات مؤتمر «إدارة السمعة» للجمعية الدولية للعلاقات العامة - فرع الخليج في أبوظبي
TT

هل تمثل «سمعة» الدول والمؤسسات، القوة الناعمة التي تعتمد عليها في مواجهة المنافسين..؟ وأيهما يسبق الآخر، أو ينال منه: الجودة أم السمعة..؟

فعلى مدى يومين التقى أكثر من 200 متخصص في العلاقات العامة والإعلام، في المؤتمر السنوي للجمعية الدولية للعلاقات العامة - فرع الخليج، الذي أقيم في العاصمة الإماراتية أبوظبي تحت عنوان: «إدارة السمعة.. التوجيهات الصاعدة وديناميات التغيير»، ناقشوا خلالها قضية في غاية الأهمية، وهي إدارة السمعة المؤسسية. كما شمل المؤتمر، عددا من جلسات النقاش حول مواضيع هامة مثل: التوجهات الجديدة في مجال إدارة السمعة، ومستقبل قطاع العلاقات العامة، والصلة بين صناعة العلاقات العامة والإعلام، ومستقبل الشركات العائلية.

كما ناقش المؤتمر، الاتجاهات والقضايا الرئيسية التي تشكل مشهد الاتصال الجماهيري والعلاقات العامة في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أحدث ممارسات العلاقات العامة، والعلاقة بين وسائل الإعلام وقطاع العلاقات العامة، ودور التواصل في معالجة القضايا المتعلقة بالشركات العائلية، وأهمية الخليج في الشأن العام العالمي، وقوة التواصل في العصر الرقمي.

وبالنسبة لـ»تيم سيباستيان»، الصحافي السابق في هيئة الإذاعة البريطانية، ومؤسس »مناظرات الدوحة« الذي أدار بعض جلسات المؤتمر، فإن الأزمة المالية العالمية وموجة الاحتجاجات الأخيرة في المنطقة أدت إلى وضع السمعة المؤسسية على المحك أكثر من أي وقت مضى. معتبرا أن المؤتمر يوفر فرصة لخبراء الاتصال لبحث السبل الكفيلة بمساعدة الحكومات والشركات على مواجهة هذه التحديات غير المسبوقة التي نشهدها في الوقت الراهن.

لكن إلى أي درجة تتأثر الشركات، وخاصة العملاقة منها ببناء السمعة؟، يقول مشعل كانوا نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة «كانو» الخليجية، والمشارك في المؤتمر: «إن الشركات الخليجية تدرك جيدا القوة الكبيرة الكامنة في السمعة المؤسسية الطيبة»، ويلاحظ أنه «اعتادت شركات عديدة في السابق أن تتدبر أمورها بالاعتماد على السمعة المؤسسية لوحدها من خلال ممارسات مثل الاقتراض على أساس الشهرة»، ولكن ماذا بشأن الشركات التي فقدت سمعتها.. يجيب كانو: «مع تشوه سمعة بعض الشركات إلى الأبد فإنه لا بد من الاعتراف بحقيقة أن السمعة المؤسسية وحدها لم تعد تكفي وأن السمعة الطيبة اليوم تعتمد على الحوكمة الرشيدة والتواصل بشفافية».

وفي حين لاحظ فيصل الزهراني، رئيس الجمعية الدولية للعلاقات العامة - فرع الخليج، أن «دور الاتصال الجماهيري لم يكن يوما على هذا القدر من الأهمية، مما يعني أن الطريقة التي نتواصل بها نيابة عن عملائنا هي التي سترسم مستقبلهم ومستقبلنا على حد سواء»، فقد أكد محمد طحلاوي، «خبير علاقات عامة، مشارك»، أن العنصر البشري المدرب، يمثل رصيدا أهم من الاتكاء على السمعة، وقال طحلاوي: «إن هناك ما هو أهم من السمعة بمرتبة، وهو الموارد البشرية، التي تعمل للمحافظة على هذه السمعة».

لكن إلى أي مدى يمكن لمفهوم بناء السمعة، أن يكون مؤثرا في ظل ثورة الإعلام البديل، وامتلاك الشباب لوسائل تقنية تمكنهم من الحصول على المعلومات من مصادر متعددة، ولديهم القدرة على المقارنة والاختيار..؟ يقول نبيل أحمد باعشن، وهو مدير شؤون شركة «أرامكو السعودية» في المنطقة الغربية: إن العامل الأول ينطبق بصفة خاصة على فئة الشباب، الذين ترعرعوا مع وسائل الإعلام الاجتماعية ومع خبرة الاتصالات التفاعلية التي تقدِّمها تلك الوسائل.

باعشن شارك في جلسة حملت عنوان »الممارسات القادمة في العلاقات العامة: طفرة كبيرة إلى مستقبل جديد»، اعتبر خلالها أن عالم تكنولوجيا المعلومات أحدث قدرا كبيرا من التغيير في استخدام الوسائل السريعة لنشر الأخبار والوصول إليها. «فمن فيس بوك إلى تويتر ويوتيوب، أصبحنا الآن نسبح في بحر من المعلومات».

وأعتبر أن شركات العلاقات العامة تواجه تحديات مختلفة، «ففي عالم اليوم، أصبح التطور الذي يشهده أي جزء من العالم يؤثر بسرعة على الأنحاء الأخرى من الكوكب»، وقال إن هناك حاجة إلى تبني المنابر الإعلامية الجديدة بحماسة، بحيث تؤثر بشكل إيجابي على منظماتنا. فليس كل تنفيذي بحاجة إلى مدونة خاصة به، ولا كل شركة تحتاج إلى حساب على موقع «تويتر» الإلكتروني.

وحملت إحدى جلسات المؤتمر عنوان «قطاع العلاقات العامة، والإعلام: الفهم وعلاقة الحب والكراهية»، واهتمت بمناقشة محور «الشفافية»، وخاصة فيما يرتبط بعلاقة طرفي النقاش: العلاقات العامة، والإعلام. وبالنسبة لخالد المعينا، رئيس تحرير جريدة «عرب نيوز» فإن هذا المفهوم بحاجة إلى توضيح حيث «لم يعد واضحا في ظل تأرجحه بين استخداماته كقيمة أو كأداة».

وكان أبرز ما شهده المؤتمر إعلان الجمعية الدولية للعلاقات العامة، عن ميثاق أخلاقيات العمل الجديد الذي اعتمدته. وقد تم تسليط الضوء على أهمية هذا الميثاق كمرجع عالمي للممارسات الأخلاقية في مجال العلاقات العامة، وتم إطلاق «الميثاق العالمي لأخلاقيات العمل» بنسختيه العربية والإنجليزية، من قبل ريتشارد لينينغ، رئيس الجمعية الدولية للعلاقات العامة؛ وفيصل الزهراني، رئيس الجمعية الدولية للعلاقات العامة - فرع الخليج.

ويلزم ميثاق أخلاقيات العمل، المؤلف من 18 بندا، العاملين في مجال العلاقات العامة بالامتثال لأعلى معايير السلوك الاحترافية التي تتمثل في مجموعة من المبادئ الأساسية تضم: الالتزام الدائم بالنزاهة والصراحة بما يتيح بناء وتعزيز ثقة الأطراف التي يتعامل معها المختصون في قطاع العلاقات العامة.

كما تلزم العاملين في هذا المضمار بالانفتاح والشفافية في التصريح عن أسمائهم الشخصية، وأسماء شركاتهم، واهتماماتهم، والجهات التي يمثلونها. والحرص على تجنب أي تضارب في المصالح المهنية، والكشف عنه للجهات المعنية في حال حدوث ذلك. واتخاذ كافة الخطوات المعقولة لضمان المصداقية والدقة عند تقديم المعلومات.

كما يلتزم العاملون بعدم تأسيس أو استخدام أي مؤسسة لتحقيق أهداف مخفية يتم تغطيتها بأهداف معلنة وهمية.

واعتبر يتشارد ليننغ، الرئيس الجديد للجمعية الدولية للعلاقات العامة، ميثاق أخلاقيات العمل بأنه «يعد مرجعا أساسيا للممارسات الأخلاقية للمختصين في قطاع العلاقات العامة هنا في الخليج، وبالطبع في جميع أرجاء العالم».

وخلال المؤتمر أعلن عن اختيار خالد ابن إبراهيم أبوبشيت للقب «رجل العلاقات العامة في الخليج لعام 2011»، وأقرت الجمعية ترشيح أبوبشيت، «لجهوده الواسعة وعطاءاته اللامحدودة لدعم مسيرة العلاقات العامة في الخليج، والوقوف على خطط التنمية وتطوير الموارد البشرية في قطاع العلاقات العامة، إلى جانب خبرته الممتدة لأربعة عقود في حقل الشؤون الحكومية والعامة».

وشهد المؤتمر حضورا من قبل قطاع الأعمال ورجال الإعلام والعلاقات العامة، بينهم: ريتشارد ليننغ، الرئيس الجديد للجمعية الدولية للعلاقات العامة، وناصر الجسمي نائب رئيس الجمعية الدولية للعلاقات العامة - فرع الخليج، وعبد الله المجدوعي، رئيس مجموعة شركات «المجدوعي»، وعبد الله الزامل، رئيس مجلس إدارة «شركة الزامل للاستثمار الصناعي» وشركة «مجموعة الزامل القابضة»، وعدد من رؤساء تحرير الصحف السعودية، بينهم خالد المعينا، ومحمد التونسي، وعبد الوهاب الفايز، وخالد دراج، وعدد من الإعلاميين بينهم الدكتور سليمان الهتلان رئيس المنتدى الاستراتيجي العربي، الدكتور عمار بكار، المدير العام للإعلام الجديد في مجموعة «إم بي سي»، سلطان البازعي، الرئيس التنفيذي لشركة «الطارق للإعلام»، والإعلامية منى أبو سليمان.