حرب الإعلام على تغطية العرس الملكي

«بي بي سي» تدفع 60 ألف جنيه ثمن كل موقع استراتيجي للتغطية.. و«آي تي في» توقف إعلاناتها

TT

سجل السادس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) تاريخا مهما في أجندة الإعلام المرئي والمسموع البريطاني والعالمي، فمنذ أن أعلن قصر باكنغهام في لندن نبأ خطبة الأمير ويليام وصديقته كيت ميدلتون حتى راحت وسائل الإعلام المحلية في بريطانيا، وتلك التي في أقصى بقاع العالم تتسابق على تغطية الحدث وتتهافت على نشر صور الأميرة القادمة والأمير الوسيم الذي يعتبر أشهر عازب في العالم، وبدأ العمل من دون توقف ومن دون كلل على السيطرة على الساحة الإعلامية واحتلال أهم النقاط على امتداد ما يسمى بالدرب الملكي من قصر باكنغهام وصولا إلى كنيسة ويستمنستر، بهدف ضمان بث أفضل المشاهد وأنقى الصور وأكثرها جمالا وتأثيرا ونشرها على شاشات التلفزيون العالمية، إذ من المتوقع أن يتعدى عدد المشاهدين للزفاف الملكي الملياري نسمة حول العالم.

الحرب الإعلامية طاحنة ما بين قناتين رائدتين في بريطانيا وهما القناة الأولى لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، وقناة «آي تي في» الخاصة، والمشكلة التي واجهتها القناة الأخيرة هي بث الإعلانات خلال مراسم الزفاف، الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على التغطية، في حين أن الـ«بي بي سي» لا تبث الإعلانات التجارية ولا تعتمد عليها في تمويل برامجها ونشراتها وتغطياتها الإعلامية الخاصة، ولم يكن أمام «آي تي في» إلا التخلي عن الإعلانات طوال فترة البث المباشر لوقائع مراسم العرس ابتداء من الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت البريطاني المحلي، وهذا القرار يعتبر من أصعب القرارات التي اتخذتها القناة في تاريخها طمعا في مزاحمة الـ«بي بي سي» على تأمين أكبر عدد من المشاهدين، ومشكلة الإعلانات ليست هي المشكلة الوحيدة، لا بل تواجه «آي تي في» أيضا معضلة أخرى، وهي اللعب على سيكولوجية المشاهدين البريطانيين الذين اعتادوا على متابعة الـ«بي بي سي» خلال بثها للمناسبات الرسمية والدولية، كونها إذاعة رسمية تابعة للدولة. وتبقى المشكلة الأخيرة هي اختيار المواقع الاستراتيجية على الأرض لزرع الكاميرات ونشر المراسلين والمذيعين، وهنا استطاعت الـ«بي بي سي» أن تحتل أفضل المواقع، ولكن لم يكن هذا الانتصار بالمجان، إنما كان ثمنه 60 ألف جنيه إسترليني (نحو 100 ألف دولار أميركي) مقابل كل استوديو مؤقت مواجه لقصر باكنغهام مباشرة مما سيعطي القناة الأسبقية والأفضلية في تغطية مشاهد الزفاف خارج الكنسية، واستأجرت لهذا الغرض 30 وحدة بالسعر المذكور يضم كل منها كاميرات وأجهزة كومبيوتر خاصة بالبث المباشر، في حين تم بناء وحدات أخرى لاستوديوهات أصغر حجما وفي مواقع أقل أهمية في الطريق الذي ستسلكه العروس انطلاقا من فندق «غورينغ» الواقع في منطقة بيلغريفيا القريبة من القصر، ووصولا إلى الكنيسة التي لا تبعد أكثر من 10 دقائق بالسيارة، وقامت قنوات بولندية وعربية وإيطالية وغيرها من إذاعات وتلفزيونات العالم بتأجير تلك الوحدة التي تم بناؤها مؤقت في موقع واحد لقاء ثمن 900 جنيه إسترليني للوحدة الواحدة، وقامت قناة «إم بي سي» العربية باختيار موقع ساحة الطرف الأغر للاستوديو المؤقت لها لتأمين أفضل اللقطات للمشاهدين العرب حول العالم. وقامت «بي بي سي» أيضا بتأجير مبنى «ويستمنستر سنترال هول» الواقع مباشرة مقابل كنسية ويستمنستر لتغطية مشاهد وصول العروس وخروج العروسين من الكنسية بعد إجراء مراسم الزواج. وسيكون أمام الكنسية أيضا مبنى مؤلف من 3 طوابق مع منصة كبيرة يقف عليها المراسلون العالميون والصحافيون.

واستحوذت «سي إن إن» الأميركية أيضا على حصة الأسد في تأمين أفضل المواقع للتصوير ووقع خيارها على موقع استراتيجي قريب أيضا من القصر والاستوديو كبير الحجم ومكيف واختارت القناة المذيعة البريطانية كايت ديلي للتعليق على الزفاف طوال النهار خلال برنامج خاص بالمناسبة.

ومنذ نحو الأسبوع بدأ الصحافيون والمراسلون بالوصول إلى المنطقة المحيطة بالكنيسة وقصر باكنغهام لبدء التغطية الإعلامية يوما بيوم، كما بدأ التقنيون منذ نحو الأسبوعيين بتركيب الكاميرات داخل الكنيسة وفي مراكز التصوير القريبة من الطريق وبدأت البروفات منذ أكثر من 10 أيام من الزفاف بما فيها بروفات العروسين، وكانت آخر البروفات ليلة الثلاثاء.

وفي الولايات المتحدة تزداد حمى الزفاف الملكي مع اقتراب موعد الزفاف، فالأميركيون سوف يجلسون متسمرين أمام شاشات التلفزيون عند نحو الساعة الرابعة والنصف صباحا لمتابعة الزفاف الذي يبدأ في الصباح الباكر، مما دعا بعض وسائل الإعلام الأميركية إلى الطلب من المسؤولين في قصر باكنغهام إبقاء الأنوار مضاءة طوال فترة الليل لحل مشكلة فارق التوقيت بين البلدين، ومن الواضح ولع الأميركيين بالزفاف الملكي، فوجود الملكية في بريطانيا تعتبر من أهم العوامل الجاذبة للسياح. والأميركيون يحبذون الملكية ومتعطشون لمثل هذه المناسبات الملكية ربما لأن هذا ما ينقصهم في بلادهم، وهناك تهافت غير مسبوق على الحصول على معلومات عن كيت ميدلتون الفتاة الشعبية الآتية من عامة الشعب، التي ستترك الكنسية غدا بلقب أميرة، وازداد ولع وإعجاب الأميركيين بكيت لدرجة أن أحدهم أطلق مجلة باسم «كيت» تنفرد من أولى صفحاتها إلى آخرها بأخبار وصور كيت ومعلومات عن حياتها وعن أناقتها، ويقال إن قَصة شعر كيت وأسلوبها في اللبس على رأس قائمة الطلبات لدى الأميركيات هذه الأيام، وغطت أخبار أناقة كيت على أناقة ميشيل أوباما، السيدة الأميركية الأولى، وفي بريطانيا حجبت أخبار وصور كيت الضوء عن معشوقة البريطانيين المغنية والمحكّمة في برنامج «إكس فاكتور» شيريل كول.

الزفاف الملكي مناسبة يتنافس فيها المذيعون والإعلاميون والصحافيون الذين يسعون إلى سرقة أعين المشاهدين في البيوت، فوصل هذا الأسبوع إلى لندن 8 آلاف صحافي ومصور صحافي وتقني لتغطية مراسم الزفاف الملكي، وسيكون مقرهم قرى إعلامية مؤقتة بدءا من «غرين بارك» ووصولا إلى كنيسة ويستمنستر.

وأكد المتحدث الرسمي باسم «بي بي سي» أن هيئة الإذاعة البريطانية سترسل 850 من موظفيها لتغطية الحدث، نحو 550 منهم سيسهمون في إنتاج التغطية للقناة الأولى لـ«بي بي سي»، بالإضافة إلى 300 آخرين مهمتهم التغطية لـ«راديو 2» و«راديو 4» و«راديو 5 لايف» و«بي بي سي نيوز 24» و«أخبار المساء».. وكلها تقع تحت لواء الـ«بي بي سي».

وتم اختيار المذيع هيو إدواردز لتغطية الزفاف من أمام قصر باكنغهام إلى جانب مذيعة الأخبار فيونا بروس وصوفي راوورث. وسيكون هناك مراسلون أيضا من جامعة سانت إندروز في اسكوتلندا، حيث التقى الأمير ويليام بعروسه، بالإضافة إلى مراسلين في قرية أهل كيت، باكلبوري.

وبالنسبة لـ«آي تي في»، فسوف ترسل 300 من موظفيها للتغطية، سيبدأ البث المباشر عند الساعة السادسة والنصف صباحا (توقيت برنامج «داي برايك» الصباحي) ويمتد البث طوال النهار، وهناك مراسلون أيضا في قرية كيت ميدلتون، وسيتولى المذيع فيليب سكوفيلد والمذيعة جولي إيتشنغهام مهمة التغطية الحية والتعليق من موقع خاص بـ«آي تي في» بالقرب من قصر باكنغهام. ولن تنتهي التغطية بانتهاء الزفاف، إنما ستمتد حتى المساء من خلال تقديم برامج إخبارية مخصصة للزفاف.

«سي إن إن» الأميركية سترسل 400 من موظفيها، من بينهم 50 صحافيا ومنتجا. ومن بين المذيعين الذين سيتولون مهمة التقديم والتعليق المذيع بيرس مورغان، وريشارد كويست، وأندرسون كوبر، وكيران تشيتري، وقامت القناة أيضا بافتتاح موقع على الإنترنت بعنوان «ويدينغ بلانر» مخصص لعرض لقطات للعروسين.

«سكاي نيوز» أكدت خبر إرسال 160 من موظفيها لتغطية الحدث، وسيتولى التغطية المذيع البريطاني إيمن هولمز، وديرموت مورناغان.

وكالة أنباء «برس أسوسياشن» ستولي مهمة التغطية لمائة من محرريها ضمنهم 40 مراسلا و30 مصورا صحافيا ومصورا تلفزيونيا.

«غارديان نيوز آند ميديا» سترسل 12 صحافيا إلى جانب كوكبة من ألمع المصورين الصحافيين لتغطية الزفاف الملكي بالمعلومات والصورة.