مصورو «واشنطن بوست» يفوزون بجائزة «بوليتزر» في تصوير الأخبار الساخنة

أجابوا عن تساؤلات القراء على موقع الصحيفة الإلكتروني على شبكة الإنترنت

TT

فاز 3 مصورين في صحيفة «واشنطن بوست»، وهم: كارول غوزي، ونكي خان، وريكي كاريوتي، بجائزة «بوليتزر» في تصوير الأخبار الساخنة.

وكانت قد حصلت كارول غوزي على جائزة «بوليتزر» مرتين، مرة عن صور الأحداث الساخنة والأخرى على صور القصص الصحافية، كما حصلت أيضا على لقب مصورة العام من جمعية المصورين الصحافيين الوطنية 3 مرات، وحصلت عليها 8 مرات من جمعية المصورين الإخباريين في البيت الأبيض.

أما ريكي كاريوتي فقد عمل في صحيفة «واشنطن بوست» كمصور بنظام الدوام الكامل في 2005 بعد أن كان يعمل مصورا حرا وبنظام الدوام الجزئي لحساب الصحيفة نفسها منذ 1998. وحصل على جوائز من جمعية المصورين الإخباريين في البيت الأبيض، وهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها على جائزة «بوليتزر».

أما نكي خان، فقد انضمت إلى فريق العمل في صحيفة «واشنطن بوست» في يناير (كانون الثاني) 2005 بعد عملها في السابق كمصورة ومحررة في مؤسسة «نايت رايدر تريبيون» لخدمات التصوير، كما عملت ضمن فريق المصورين في صحيفة «إنديانا بوليس ستار». وهذه أول مرة تفوز فيها بجائزة «بوليتزر».

من جهتهم اعتبر كل من نكي وكارول وريكي هذه الجائزة نوعا من التقدير العظيم لشعب هايتي، لروح الثبات والتماسك التي يتمتع بها أفراد شعب هايتي والحزن العميق المتأصل في قلوبهم، الذي كان عليهم تحمله. من الصعب الاحتفال بجائزة ممنوحة تقديرا لشيء يبدو حزينا جدا. وفي ما يلي حوار بين المصورين الـ3 وقراء الصحيفة على شبكة الإنترنت..

* عندما تُلتقط صور لحالة من الصدمة أو أحداث مشينة، هل يكون على الصحافيين حينها أن يتعاطفوا معها أم أن يعزلوا أنفسهم عنها؟ وما الذي يدور في الذهن في مثل هذه اللحظات.. عند التقاط صور لمعاناة؟ أنا كاتب صحافي ولست مصورا صحافيا، لذلك، أرغب في معرفة رأيكم، وأهنئكم بحصولكم على الجائزة..

- كارول غوزي: الكاميرا في الأساس هي شكل من أشكال الدروع، ووظيفتنا أن نقدم شواهد مرئية على هذه الكارثة المأساوية التي لا يمكننا وصفها بالكلمات. بالطبع تتعاطف مع المشاهد - مع أنه من الصعب حتى تخيل أن تكون تحت الأنقاض - ويكون من الصعب أن ينشغل ذهنك بالتفكير في مدى أهمية هذه الصور. وأثناء قيامي بالتصوير، أفكر - كأي عامل إنقاذ يتعامل مع مأساة – عليك أن تضع حاجزا واقيا حول قلبك بحيث يمكنك أن تؤدي وظيفتك. ويكون رد فعلك بطيئا تجاه الأشياء. إنني أستشعر الأشياء بشكل أعمق بعد أن أترك الكاميرا.

- نكي خان: أتفق معك.. فالنظر إلى الصور بعد التقاطها يوجع القلب بصورة أكبر.

* أعرف أن الصور توحي بآلاف المشاعر، إلا أنني أتساءل أي مشاعر تنتابكم عندما تشاهدون صور هايتي؟

- ريكي كاريوتي: أستشعر يأسا.

- نكي خان: أستشعر روح التحمل لدى شعب هايتي.

- كارول غوزي: في معظم المواقف الأليمة التي على هذه الشاكلة، ترى ومضات من الأمل تكتنف مشهدا مروعا. أعتقد أن هذه الأنواع من الأحداث المأساوية تخرج أفضل وأسوأ ما بداخل الناس من مشاعر، ومن أن نرى أبطالا ينبثقون كل يوم من تحت الأنقاض.

* ماذا كانت أكثر صعوبات وجودكم في هايتي في هذا الوقت؟

- نكي خان: أعتقد أنه استعادة الصور مرة أخرى لعرضها، لأنني لا أعتقد أن العالم كان مدركا حجم الكارثة. وكانت استعادة الصور مرة أخرى وفقا لموعد نهائي محدد في الوقت الذي تعطلت فيه أجهزة التصوير بمثابة تحد صعب. إن الأشياء البسيطة التي تسلم بها لا تتوفر لك عندما تعمل في مثل ذلك الموقف الكارثي. فهناك ردود فعل تتبعه، لكنها لا تعدو أن تكون شيئا لو تمت مقارنتها بما تحمله شعب هايتي. ولهذا؛ كان الأمر الأكثر أهمية هو التأكد من إتمام المهمة على الوجه الصحيح، واستعادة الصور التي تم التقاطها. كانت كارثة مروعة، على مستويات عدة.

- كارول غوزي: بالنسبة لي، على المستوى الشخصي، حطمت هذه الكارثة قلبي، لأنني قمت بزيارة هايتي عدة مرات خلال حياتي المهنية، فقد آلمني أن أتفقد المدينة وأرى المباني التي قضيت وقتا طويلا جدا بها - الكاتدرائية والقصر - محطمة. وبعدها، زاد من ألمي معرفتي أن هناك جثثا مدفونة تحت الأنقاض. ولفترة طويلة، كنا معنيين بالفعل بالأطفال الذين عرفناهم منذ وقت، والذين يعدون امتدادا لأسرتنا، وخوفنا من أن يكون قد لقوا حتفهم أيضا. ولحسن الحظ، لم يحدث ذلك.

* تهانينا القلبية، الصور مذهلة ومعبرة عن حالة الدمار التي شهدتها هايتي.. ولكن، هل هناك صور ترغبون في أن تتمكنوا من نسيانها أو مشاهد تتمنون لو لم تكونوا قد شاهدتموها؟

- كارول غوزي: بالطبع، صورة الطالبة الصغيرة، وكان هناك مزيد من الأطفال في تلك المدرسة ممن وافتهم المنية، كانوا يمضون يومهم، وفي لحظة، انتهت حياتهم. ثمة شيء محزن بشأن تلك المجموعات من الأطفال. كانوا جالسين على مقاعدهم يقومون ببعض الواجبات المدرسية حينما انهار العالم فوق رؤوسهم. ودائما ما تكون رؤيتنا للأطفال هي الشيء الذي يوجع قلوبنا إلى أقصى درجة، لأنهم لم تتح لهم الفرصة ليعيشوا حياتهم.

- نكي خان: أعتقد أنه، بالنسبة لي، كان هناك الكثير من المشاهد التي لم ألتقط مطلقا صورا لها، لكنها مشاهد لن أنساها أبدا.

- ريكي كاريوتي: بالنسبة لي، كان مشهد رجل يحفر في الأنقاض بيديه العاريتين، مستمرا في البحث عن عماته وابنة أخيه، وهو على يقين من أنهم في تلك الكومة من الأنقاض، وكان كل همه أن يصل إليهن، وكان ذلك بعد 7 أشهر من وفاتهن.

* تهانينا القلبية بمناسبة حصولك على جائزة «بوليتزر» مرة أخرى، يا كارول.. فهل لديك مشاعر مختلفة هذه المرة؟ وهل يتعاون كل المصورين عندما يغطون نفس القصة؟

- كارول غوزي: حسنا.. أفترض أن الاختلاف في هذا الأمر هو علاقتي الطويلة بدولة هايتي.. ومن المؤكد أن هذا الزلزال مؤثر جدا بالنسبة لي، ولكن على المستوى الشخصي، فمن الغريب أن أقتسم الجائزة مع مايكل دوكايل منذ 25 عاما، وأن اقتسمها الآن مع زوجته، فيا له من أمر عجيب! وقد كان من الصعب جدا التعاون والتواصل لأن خدمات كثيرة مثل الكهرباء لم تكن متوفرة، ولم تكن الهواتف الجوالة تعمل أيضا.

- نكي خان: أذكر أننا قمنا بشحن بطاريات الكاميرا الخاصة بنا في شاحنة قديمة واستخدمنا بطاريات قديمة، ولكن كل فرد آخر كان يمر بنفس الأمر. لقد كنا متقاربين جدا من الناحية الروحية.

* هل عملتم أنتم الـ3 معا في هايتي، أم هل كان تجمعكم نتيجة جمع جريدة «واشنطن بوست» لأفضل الصور من كافة مصوريها الذين قاموا بتغطية الأحداث في هايتي؟

- ريكي كاريوتي: سوف أقول إن كارول ونكي قامتا بتغطية الزلزال في البداية، لقد تم إرسالهما لتغطيته، أما أنا.. فذهبت بعد 7 أشهر لتغطية آثاره المدمرة.. وهذا ما تم إرسالي لكي أفعله، وسوف أقول أيضا إننا كنا الـ3 الوحيدين الذين ذهبوا إلى هايتي.

- نكي خان: كارول مجنونة، إنها لا تتوقف أبدا. لقد كانت تعمل باستمرار، لذا فقد عملت في أجزاء مختلفة من المدينة، والتقطنا لمحات من بعضنا البعض، ولكنها لم تتعاون معي حقا. وقد كنا في الخارج نؤدي عملنا في التقاط الصور، وأعتقد أننا قضينا عاما في تغطية القصة، ولم ترغب كارول في العودة إلى الوطن، وقد قمت برحلات متعددة وبقيت كارول في هايتي لفترة طويلة بعد الزلزال، وقد عدت إلى الوطن بعدها بشهر.

* ما هو الدور الذي لعبه المحررون خلال الزلزال وفي الأشهر التالية؟ كيف دفعوكم وقدموا الدعم لكم؟

- نكي خان: لقد كان أمرا مذهلا أن ارتبطوا بالقصة وقدموا الدعم لنا. وشخصيا أنا سعيدة لأنهم قدروا أهمية القصة في زمن إخفاق تجارة الصحف، وقد أرسلوا بعضا منا مجددا لتغطية القصة.

- كارول غوزي: أعتقد أن المؤسسات الإخبارية تغطي في الكثير من المرات العناوين الرئيسية ولا تتابع القصة، إما بسبب نقص الموارد أو أي شيء آخر، حتى وإن استمرت القصة بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون هناك، والذين لا يمكنهم الرحيل. وأعتقد أنه من الضروري أن يقوموا بقصص المتابعة هذه من أجل إدراك أنه لا تزال هناك معاناة، وأن الحاجة ماسة. وإذا كنت الشخص الذي يتعرض لمعاناة، فلن ترغب في أن تتعرض للنسيان.

- نكي خان: أعتقد أنه من المهم أن جريدة «واشنطن بوست» منحتنا هذه الفرصة من أجل الاستمرار في العودة لتغطية القصة. وقد كنت محظوظة بما فيه الكفاية عندما نجحت في العودة إلى هايتي من أجل إحياء الذكرى السنوية الأولى للزلزال.

* نيكي، أنت متزوجة مايكل دوكايل.. وأنتما الاثنان تشبهان كريستو وجين كلود صحافة التصوير..

- نكي خان: الأخبار الجيدة هي أنني لا أرد عليه في المنزل أو في العمل.

- مايكل دوكايل: لا نعرف ما إذا كنا الزوجين الوحيدين اللذين فازا بجائزة «بوليتزر» من قبل، ولم نقم بالبحث في هذا الموضوع بعد. وسوف ندعكم لكي تعلموا.

* ولكن ألم تكن هناك راحة معينة في معرفة أنكم قادرون على إخبار قصص بصرية للأشخاص الذين يحتاجون إلى معرفة؟

- مايكل دوكايل: إنها أكثر من مجرد راحة، أعتقد أنها مسؤولية. وكنت أعرف أنا وكارول أن هذه المسؤولية كانت تنادينا. وقد تم تسليمنا هذه المسؤولية الضخمة من أجل السماح للعالم بمعرفة أنها تحدث.

- نكي خان: أعتقد أن الأمر صحيح بالنسبة لنا، ونحن نأخذه على محمل الجد.

- مايكل دوكايل: بالنسبة لي، من المهم بشكل أكبر أن نحكي هذه القصص أكثر من فوزنا بجوائز «بوليتزر»، بكل صراحة.

- كارول غوزي: نحن فقط الرابط، ولسنا أشخاصا مهمين. وعلى الرغم من أنه من الرائع أن يتم تقدير عملنا، فإن هذا لم يكن أقصى أهدافنا على الإطلاق. والأشخاص المهمون هم الأشخاص الموجودون في القصص الإخبارية، والناس الذين يعرفون ماذا يحدث في العالم.

- ريكي كاريوتي: وأنا أتفق معك.

* هل كانت هناك أحداث مثيلة ترددتم في التقاط صور لها، أو لم تلتقطوا صورا لها، حتى على الرغم من أن الصور كانت قوية؟ وإذا كان الأمر كذلك، ماذا كانت هذه الأحداث؟

- كارول غوزي: المشرحة.. كان هناك حرفيا بحر من الجثث. وقد التقطت صورا، ولكنني توقفت في وقت معين لأنني أدركت أن هذه الصور كانت مروعة جدا بدرجة يصعب نشرها، وقد كان من الصعب مجرد النظر إليها.

- نكي خان: بحر الجثث في المشرحة كان يوجع القلب.

- ريكي كاريوتي: لقد صورت كل شيء تعرضت له ولم أتوقف، ولكن المشهد كان مروعا كما قالت نكي وكارول.

- نكي خان: أعتقد أنه بعد مرور عام على وقوع الزلزال، ما زلت أقود سيارتي في شوارع معينة، وما زلت أتذكر الجثث كما لو كنت قد رأيتها بالأمس.

- كارول غوزي: والرائحة.. لا يمكن للمصور أن يصور الرائحة، ولكنني ما زلت أتذكرها، وما زال بإمكاني أن أشم هذه الرائحة الآن.

- نكي خان: ولم يكن بمقدورنا أن نفعل ذلك من دون وجود مترجمينا.. وقد كان لدي مترجم مدهش، كان يرافقنا كل يوم من أجل توصيلنا إلى الأماكن التي كنا نرغب في الوصول إليها.

- كارول غوزي: الأبطال غير المعلنين في هذه القصة هم المترجمون والسائقون، الذين غامروا بحياتهم من أجل توصيلنا من النقطة «أ» إلى النقطة «ب»، ولم يتم الإعلان عنهم أبدا، ولكننا لم يكن بمقدورنا أن نستغني عنهم.

* ما هي القصص المصورة/ الصور التي يعتقد أنها تستحق الاهتمام أيضا من العام الماضي؟ ومن الذي كان يؤدي عملا استثنائيا هناك بالإضافة إلى جريدة «واشنطن بوست»؟

- كارول غوزي: دانيال موريل، إنه رجل من هايتي، وقد غطى الأحداث في دولته طوال حياته الكاملة، لقد كان هناك عندما وقع الزلزال، وقد صور الأحداث بالفعل مع اهتزاز الأرض.. إنه يستحق احترام كل فرد. وقد قام عدد كبير جدا من المصورين بالتقاط صور قوية ومدهشة، ليس فقط من الزلزال، ولكن بالنسبة لأشياء أخرى، وهذا الأمر صعب لأنني أعتقد أن المرء لا يستحق هذا التكريم لأن هناك عددا كبيرا من المصورين الآخرين الموجودين هناك والذين يؤدون عملا رائعا، وهذا هو التكريم، وهو قدرة المرء على حكاية هذه القصص.

- نكي خان: كان لدينا فريق مدهش من الكتاب الذين عملوا برفقتنا، والذين كانوا يدعموننا حقا مثل شون ثيو الذي يعمل في وكالة حماية البيئة، ودامين وينتر من جريدة «نيويورك تايمز»، وغيرالد هيربرت من وكالة «أسوشييتد برس»، وفلاديمير لاغوير، وهو مصور من هايتي، وكارولين كول. وقد كان يمكننا أن نستمر في أداء عملنا فحسب.

* كارول.. أنت وجان غراروب كنتما قد التقطتما صورا لزوج يسير في حطام هايتي. ما عدد المرات التي يلتقط فيها المصورون صورا لنفس المنطقة، وخصوصا خلال قصة كبيرة؟

- كارول غوزي: هذا يتكرر كثيرا جدا.. وأعتقد أن هذا يحدث في الكثير من الأوقات، وخصوصا لقصص معينة، ويسافر المصورون برفقة بعضهم البعض لأسباب أمنية، كما يعبرون ممرات بشكل غير متغير.. ولكن يمكن أن يلتقط 10 مصورين صورا في نفس المنطقة، ولكنهم يلتقطون صورا مختلفة.

* تهانينا القلبية يا ريكي على فوزك بأول جائزة «بوليتزر»، من المؤكد أن أسرتك فخورة جدا بك.. ريكي لم تخطئ، أليس كذلك؟

- ريكي كاريوتي: لا.. لم نخطئ بينك وبين شخص آخر يا والدي.. شكرا لك.

- نكي خان: بالنسبة لي، أشعر بالفخر لاقتسام هذه الجائزة مع كارول وريكي.

- ريكي كاريوتي: أنا متفق مع نكي في ذلك. من دواعي الفخر والشرف بالنسبة لي أن أجلس هنا مع هاتين الفتاتين ومع جوائز «بوليتزر» الخاصة بهما.

- نكي خان: وإنها فرصة مدهشة أيضا أن نعمل لدى جريدة تمنحنا الدعم لتغطية هذه القصص.. وأنا حقا أعني ذلك، يا لها من منحة.

- ريكي كاريوتي: أنا ممتن لأننا نعمل لدى جريدة تسمح لنا بامتلاك فرصة مثل هذه.

كارول غوزي: أنا آمل بأن يسهم هذا التكريم في تسليط ضوء لكي يبقي الناس هايتي في العقول والقلوب. وأود أن أعبر عن عميق حبي وامتناني لكل من دينيس وكريستيلا وفيرجيني وجيمس وعائلاتهم. إنهم عائلتي أيضا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»