فرض حقوق الملكية على المواد الصحافية على الإنترنت

شركة «رايتهيفين» أقامت أكثر من 200 دعوى قضائية فيدرالية لحماية محتواها على الشبكة

إجرائات مشروع لحماية حقوق ملكية الطبع على المواد المنشورة على الانترنت («نيويورك تايمز»)
TT

أثار نشر بريان هيل، المدون البالغ من العمر 20 عاما من ولاية نورث كارولينا، على موقعه الإلكتروني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي صورة لضابط أمن في المطار يقوم بتفتيش ذاتي، معركة قانونية، وهو آخر شيء كان يتوقعه هيل.

بعد ذلك بشهر، تلقى هيل رسالة على البريد الإلكتروني من مراسل لصحيفة «لاس فيغاس صن» كان يفحص شركة بنيفادا تقيم دعاوى قضائية لصالح صحف. كانت الرسالة مفادها أن هيل أحد الذين تقاضيهم شركة «رايتهيفين». وانتشرت الصورة التي تظهر ضابط الأمن بالمطار، قبل أن يزيلها هيل من على الشبكة، لكنها كانت ملكا لصحيفة «دنفر بوست» حيث نشرت للمرة الأولى في 18 نوفمبر (تشرين الثاني).

أزال هيل الصورة، لكنه كان قد تأخر كثيرا، حيث تم إرسال طلب مثول أمام القضاء إلى عنوان منزله. وطالب المدعون بتعويض. ولم يرد رقم، لكن تم اتهام هيل بالمخالفة المتعمدة لقانون حقوق الطبع الفيدرالي، وهو ما يعرضه لدفع غرامة تصل إلى 150 ألف دولار. وقال هيل «لقد صدمت. اعتقدت في البداية أنها مزحة أو تهديد. لم أعرف أن لتلك الصورة حقوق طبع».

وعلى مدى العام الماضي، ومع استمرار الصحف في بذل جهود حثيثة من أجل حماية محتواها على شبكة الإنترنت، أقامت شركة «رايتهيفين» أكثر من 200 دعوى قضائية فيدرالية مشابهة في ولايتي كولورادو ونيفادا، بشأن مواد تم نشرها من دون تصريح من صحيفتي «دنفر بوست» أو «لاس فيغاس ريفيو جورنال».

وترتبط الشركة بعلاقات عمل مع الصحيفتين. وكما هو الحال في هذا المجال، ترى الصحيفتان أن أي استخدام لعملهما من دون تصريح نوع من السرقة وضرر على عملهما. لذا شعرت الصحيفتان بالإحباط نتيجة فشل الجهود الرامية إلى منع هذه الممارسات سواء كانت من قبل رجل واحد، مثل حالة هيل، أو ممارسات منهجية مثل حالة «مات درادج».

كتبت سارة غلينز، نائبة رئيس مجوعة شركات «ميديا نيوز» التي تمتلك صحيفة «دنفر بوست»، في رسالة بالبريد الإلكتروني، أن الصورة المذكورة نشرت على أكثر من 300 موقع إلكتروني، من دون إشارة إلى نقلها عن صحيفة «دنفر بوست» أو إلى اسم المصور. وكتبت «لقد استثمرنا كثيرا من أجل تقديم محتوى عالي الجودة في أسواقنا. والسماح لمن لم يساهموا في تلك الاستثمارات بجني الثمار يضر بقدرتنا على الاستمرار في تمويل هذا الاستثمار على المستوى نفسه».

وعبر مارك هينيبير، مستشار عام شركة «ستيفينس ميديا» التي تمتلك صحيفة «ريفيو جورنال»، عن القلق نفسه الذي أعربت عنه غلينز، حيث يقول إن نقل المقالات «يسرق قراء محتملين لمحتوى النسخة الورقية من الصحيفة والنسخة الرقمية منها على شبكة الإنترنت».

لكن يرى بعض المنتقدين أن الإجراءات التي اتخذتها شركة «رايتهيفين» قاسية، وأن الشركة تأمل أن تتوصل إلى تسويات سريعة قبل أن يتضح مدى مخالفة قانون حقوق الطبع الفيدرالي. لقد تمت إقامة تلك الدعاوى القضائية من دون سابق إنذار، فنادرا ما ترسل شركة «رايتهيفين» إخطارات إلى المواقع الإلكترونية تطلب منها إزالة المواد التي لا تمتلكها قبل أن تسعى إلى رفع دعاوى تطالب فيها بتعويضات ومعاقبة الموقع.

هناك تنوع واضح بين المتهمين في هذه القضية، فمنهم ديفيد ديوك، المؤمن بمبدأ سيادة الجنس الأبيض، والحزب الديمقراطي في نيفادا ودرادج. ولم تنج المواقع الإلكترونية ذات الشهرة المحدودة والمنظمات التي لا تهدف إلى الربح والمدونون سواء المحترفون أو الهواة من تلك الدعاوى القضائية.

وبحسب بعض خبراء القانون على شبكة الإنترنت الذي يراقبون القضايا باهتمام بالغ، فإن طريقة سير الأمور بسيطة، فشركة «رايتهيفين» وجدت مواد تخص الصحيفة أعيد نشرها على شبكة الإنترنت، وعادة ما تكون مقالات أو مقتطفات أو صور فوتوغرافية، وتحصل على حقوق الطبع ومن ثم تتخذ إجراء قانونيا.

لا يهم ما إذا كان المتهم أشار إلى اسم صاحب المادة الأصلي أو أزال المادة بعد إقامة الدعوى القضائية. ولم تصل أي من تلك القضايا إلى قاعات المحاكم بعد، حيث تم التوصل إلى تسويات في أغلبها. وصدر في حالتين فقط حكم ضد «رايتهيفين» من خلال جلسة ما قبل المحاكمة. وبحسب صحيفة «لاس فيغاس صن» التي تابعت القضايا، بلغ قدر التسويتين العلنيتين 2185 دولارا و5 آلاف دولار.

وقال ستيف غيبسون، الرئيس التنفيذي لشركة «رايتهيفين»، في معرض حديثه عن توجه الشركة، إن هناك «انتهاكا كبيرا يحدث» منذ اختراع شبكة الإنترنت، وإن سنوات من لفت انتباه الناس إلى ضرورة الحصول على حقوق طبع للمحتوى لم تجد نفعا. وقال إن الصحيفة كانت بحاجة إلى طريقة جديدة لمعالجة مشكلة استخدام محتواها من دون تصريح.

وقال إريك غولدمان، مدير معهد التكنولوجيا القانوني بكلية الحقوق بجامعة سانتا كلارا، إن إعادة نشر المادة على شبكة الإنترنت قد ينظر إليها باعتبارها «شيئا معتادا وقانونيا» إذا لم يؤثر سلبا على القيمة السوقية للعمل الأصلي الذي يحتوي على المادة. وقال بعض المنتقدين لتلك الدعاوى القضائية إن إعادة نشر المادة بغرض مناقشتها لا تمثل انتهاكا للقانون.

وقال غولدمان «لا يعرف الكثير من المتهمين الكثير عن قانون حقوق الطبع. إنهم لا يحاولون الدخول في منافسة مع صحيفة، بل فقط لا يعرفون بأمر القوانين». وقدم غولدمان استشارة لشركة أقامت «رايتهيفين» دعوى قضائية وتم التوصل إلى تسوية خارج المحكمة.

وفي إفادة موجزة نشرت باسم «ميديا بلوغرز أوسيسيشين» بشأن إحدى الدعاوى القضائية التي تقيمها «رايتهيفين» في نيفادا، اتهم مارك رانداتزا، محام متخصص في قضايا التعديل الأول للقانون، بالحصول على حقوق طبع فقط من أجل ملاحقة المتهمين الذين لا يستطيعون الحصول على مساعدة قانونية.

وكتب رانداتزا الذي قدمت مجموعته القانونية مؤخرا طلبات لرفض دعويين رفعتهما الشركة «لا يمكن لأحد أن يصدق حصول شركة (رايتهيفين) على ملكية هذه المقالات التي ترفع دعاوى قضائية بشأنها». ووجه للشركة اتهاما بكذب ادعائها بالحصول على حقوق طبع.

ونفى غيبسون استهداف المدونين الغافلين، مشيرا إلى دعاوى قضائية مثل تلك المقامة ضد درادج. وقد اتهمت شركة «رايتهيفين» درادج بنشر صورة ضابط المطار على موقعه الإلكتروني «درادج ريبورت» من دون تصريح. وتم التوصل إلى تسوية في هذه القضية خارج قاعة المحكمة على حد قول غيبسون. وأوضح قائلا «إن تشتيت القارئ قد تم، سواء كان ذلك على موقع «Momandpop. Com» أو «Chicagotribune. Com». وأضاف «إذا كان صحيحا أننا لسنا سوى طامعين ولا نسعى من أجل تفعيل قانون حقوق الطبع، ما كنا سنهتم بأمر تشتيت القارئ».

وقالت سارة إن «ميديا نيوز»: «راجعت كل الانتهاكات ولم تتخذ إجراء قانونيا سوى ضد المواقع الإلكترونية التي كانت تعرض إعلانات مدفوعة الأجر دون المواقع غير الربحية».

وكانت تود راشيل بجوركلوند لو أنها تلقت رسالة قصيرة بالبريد الإلكتروني بدلا من مفاجأتها بدعوى قضائية ضدها. وراشيل هي ربة منزل رفعت شركة «رايتهيفين» دعوى قضائية ضدها في مقاطعة أوريغون في مارس (آذار) الماضي بعد أن نشرت صورة ضابط الأمن بالمطار على مدونتها «thoughtsfromaconservativemom.com».

وأضافت راشيل التي تعتزم التصدي للدعوى القضائية «كان رد فعلي التساؤل عن سبب عدم الاتصال بي وطلب إزالة الصورة ببساطة ومن دون مشكلات».

وقال هيل، الذي يعاني من مرض التوحد والسكري ويعيش مع والدته على إعانات المعاقين، إن شركة «رايتهيفين» عرضت تسوية القضية مقابل 6000 دولار، لكنه رفض ذلك. ويدافع عن هيل محام من كولورادو يدعى ديفيد كير، ولا يحصل على أتعاب نظير دفاعه.

وانتقد قاض فيدرالي مسؤول عن القضية شركة «رايتهيفين» الشهر الماضي لاستخدام المحاكم للوصول إلى تسويات مع متهمين يخشون من التكلفة المحتملة للدعوى القضائية. وبعد ذلك قامت شركة «رايتهيفين» سريعا وطوعا بإسقاط القضية، قائلة إنها لم تكن على علم بالمشكلات الصحية التي يعاني منها هيل. لكن قالت شركة «رايتهيفين» في المحكمة إن إسقاط هذه الدعوى لا يبرئ آخرين تقاضيهم، وحذرت هيل من الاستمرار في استخدام مواد عليها حقوق طبع.

وقرر هيل مؤخرا إحياء موقعه الإلكتروني «uswgo.com»، حيث يضع روابط للكثير من المقالات السياسية واستلهاماته الشخصية. ويوجد على الموقع تنبيه يوضح اعتقاد هيل بأن المواد المنشورة هناك، حتى من دون تصريح، تمثل استخداما جيدا. لكن هذه المرة قال هيل إنه سيبتعد عن أي صورة أو قصة يمكن أن تسبب له مشكلات مع شركة «رايتهيفين».

* خدمة «نيويورك تايمز»