المواقع الاجتماعية على الإنترنت تدخل على خط التعليم

يسمح بالتواصل المباشر عبر الشبكة للطلبة بالتعليق وطرح الأسئلة

تحقيق استفادة تعليمية قصوة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي
TT

ألم يكن المعلمون في الأمس القريب يصادرون الهواتف المحمولة من الطلاب ويحذر ناظرو المدارس من كتابة الكثير من المعلومات على موقع «ماي سبيس»؟

إيرين أولسون، معلمة اللغة الإنجليزية في مدرسة «سيوكس رابيدز» بولاية آيوا، من المعلمين القلائل النابغين الذين يحاولون استغلال وسائل تكنولوجية مثل موقع «تويتر» لتعزيز المناقشة في الحجرة الدراسية. يقرأ طلاب الصف الحادي عشر بصوت عالٍ يوم الجمعة الماضي قصيدة بعنوان «إلى سيدة»، تتأمل سبب عدم اتخاذ الناس موقفا ضد الظلم، بينما يكتب الآخرون تعليقاتهم على أجهزة الكومبيوتر المحمولة الخاصة بهم. فكتب أحد الطلبة على الفضاء الإلكتروني: «تقول الشاعرة إن الناس صرخت وحاولت لكن لم يحدث شيء». وكتب طالب آخر: «إنها تقدم دليلا آخر على أننا عبيد لمجتمعاتنا».

تقول إيرين إن «الدردشة تتداخل مع الخطاب الرئيسي بدلا من التشتيت». وتتابع إيرين التعليقات وتحاول مزجها بالدرس، وتقول هي وآخرون إن المواقع الاجتماعية التي كانت يوما خارج المدرسة يمكن أن تشجع الطلبة الذين نادرا ما يرفعون أيديهم للتعبير عن أنفسهم من خلال وسيط يتعاملون معه بشكل طبيعي كأنفسهم.

يقول جاستين لانسينك، أحد الطلاب (17 عاما): «عندما تكون هناك مناقشات داخل الحجرة الدراسية لا أشعر بحاجة إلى التحدث. يكون من الأسهل التعبير عما أشعر من خلال الكتابة».

ينشئ معلمون من المدارس الابتدائية إلى الجامعة من خلال موقع «تويتر» والمدونات الأخرى ما يعرف بشبكة إلكترونية داخل الحجرات الدراسية. ويسمح التواصل المباشر عن طريق الشبكة للطلبة بالتعليق وطرح الأسئلة التي يمكن أن يجيب عليها إما طالب آخر وإما المعلم، فضلا عن التعبير عن آرائهم. لكن الأهم من ذلك هو أنه إذا كانوا يكتبون في موضوع محدد، فليس من المحتمل أن يكتبوا عن شيء آخر. قال نيكولاس بروفينزانو، معلم لغة إنجليزية في مدرسة «غروس بوينت ساوث» الثانوية خارج ديترويت إنه في الفصل الذي يتكون من 30 طالبا عادة ما يشارك 12 منهم في المناقشة، في حين يتواصل ثمانية منهم عن طريق الشبكة.

ويخشى المتشككون الذي فاق عددهم المؤيدين في هذه المرحلة من أن يؤدي استخدام هذه التقنية في الفصول إلى تشتيت أذهان الطلبة والمعلمين والابتعاد عن موضوع الدرس أو كتابة الطلبة لملاحظات غير لائقة. وكشف مسح قومي صدر الشهر الماضي عن أن 2 في المائة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة استخدموا موقع «تويتر» داخل الحجرة الدراسية، ويعتقد نصفهم أن هذا يؤثر سلبا على العملية التعليمية. يقول ديريك بروف، مدرس رياضيات ومساعد مدير مركز التعليم في جامعة فاندربيلت، إنه عندما يستخدم التواصل عبر الشبكات في الحجرة الدراسية ينظر إليه أكثر الأساتذة وكأنه قادم من كوكب آخر. وأضاف قائلا: «يظن الكثيرون أن الطلبة يستخدمون أجهزة الكومبيوتر المحمولة في الحجرة الدراسية لتفقد بريدهم الإلكتروني أو التسوق». وأوضح أن الأساتذة يمكنهم السيطرة على هذا النوع من الأنشطة من خلال تكليف الطلاب بأمور تتعلق بالدرس على الهواتف المحمولة الخاصة بهم.

وإضافة إلى موقع «تويتر» لجأ المعلمون إلى وسائل تواصل أخرى من خلال الشبكة يتسم بعضها بالتنظيم والخصوصية، أكثرها مجاني ولا توجد به إعلانات، على الأقل حتى هذه اللحظة. وتتيح خدمة «غوغل موديريتور» الإلكتروني للطلبة كتابة أسئلة والتصويت لاختيار الأسئلة التي يفضلون الإجابة عنها. استخدمت إيرين «تودايز ميت» الذي يمكن من خلاله عمل حجرة دراسية في العالم الافتراضي.

وأنشأت جامعة بوردو في ولاية أنديانا نظام تواصل خاصا بها من خلال الشبكة وهو «هوت سيت» منذ عامين. وبلغت تكلفة إنشاء هذا النظام 84 ألف دولار. ويتيح النظام نشر تعليقات وأسئلة يمكن قراءتها من خلال أجهزة الكومبيوتر المحمولة والهواتف الذكية أو شاشة جهاز العرض. يجيب سوغاتو شاكرافارتي، مدرس التمويل الشخصي، عن الأسئلة التي حصلت على أغلبية الأصوات. ويوضح أنه قبل تطبيق نظام «هوت سيت» لم يكن يستطيع أن يجعل الطلبة يشاركون في المناقشة لشعورهم بالرهبة. وأضاف: «بات واضحا لي أنه لولا هذه المواقع الاجتماعية لم يكن ليعبر الطلاب عن أفكار كثيرة تجول بخاطرهم».

لكن لم تستطع هذه التكنولوجيا أن تحوز على إعجاب المعلمين، حيث لم تستخدم سوى في 12 دورة خلال فصل الربيع الحالي. وتقول ساندرا سيندور بوسو، أستاذة أصول الضيافة وإدارة السياحة، إن نظام «هوت سيت» لا يتماشى مع أسلوبها في العمل، حيث اعتادت التجول داخل الحجرة الدراسية حتى تشجع الطلبة على الحوار. وقالت: «آخر شيء أبغيه هو أن أمنحهم فرصة لتشتيت انتباههم». ويحاول المعلمون في المدارس الثانوية والابتدائية التدريب على السيطرة على التواصل عن طريق الشبكة داخل الحجرات الدراسية من خلال تسجيل التعليقات غير اللائقة بعد انتهاء الحصة. حتى في المدارس التي تشجع الطلبة على استخدام الهواتف المحمولة، غير مسموح بالأحاديث الجانبية داخل الحجرة الدراسية.

في إكسيرا بولاية آيوا تستعين كيت ويبر بهذه التكنولوجيا لفترات قصيرة يوميا مع طلاب الصف الرابع. تقول: «قد تظن أن هذا يؤدي إلى قدر كبير من التشتت، لكن على العكس، يصبح الأطفال أسرع منا، حيث يستطيعون إنجاز أكثر من مهمة في وقت واحد. إنهم يتمتعون بقدرة هائلة على كتابة الرسائل النصية».

وتقول إنه أثناء قراءة الدرس وردت كلمة «صف» ومن خلال نظام «ماك بوك» الذي أنشأته المدرسة سأل أحد الطلبة عن معنى «صف». وأشارت كيت إلى أنه إذا كان كل طالب قرأ الدرس وحده لم تكن لتواتيهم شجاعة رفع أيديهم للسؤال عن معنى كلمة أو الاستفسار عن أمر ما، بل سيتجاهلون ذلك. وأجاب طالب آخر: «الكلمة تعني ذيل أرنب»، فكتب جميع الطلبة في وقت واحد «ههه ههه».

وأضافت: «إن قدرتهم على استخدام هذه التقنية كوسيلة للفهم أمر مذهل». وقال طلاب الصف الحادي عشر الذي تعلمه إيرين إن التواصل عن طريق الشبكة زاد تقدير بعضهم لبعض، حيث يقول ليا بوستمان البالغ من العمر 17 عاما: «كل طالب داخل الحجرة الدراسية يجد من يسمعه».

يقول جاني سميث (17 عاما): «إن هذا جعلني أدرك أن زملائي أكثر ذكاء مما كنت أظن، فمعرفة كيف يفكرون يجعلني أفهمهم بشكل أعمق».

يوم الجمعة الماضي استمرت معلمتهم في التفكير في موضوع يناقشونه خلال الفصل الدراسي، وقررت اختيار موضوع مدى حرية الفرد في المجتمع. شاهد الطلبة مقطعا مصورا على موقع «يوتيوب» يوضح أن تكلفة مساعدات إنسانية قد تعادل أرباح مقطع مصور قدرها 150 ألف دولار.

في بداية الأسبوع نظم الطلاب فاعلية لدعم القوات الأميركية كرد فعل لإضراب شاهدوه في نشرات الأخبار أمام كنيسة «ويستبورو بابتيست» في كانساس في جنازة أحد الجنود الذين قتلوا في أفغانستان وهو من ولاية آيوا.

وطلبت إيرين من الطلبة أن يربطوا بين «مناقشة» القصيدة التي قرأوها والمقطع المصور وبين الفاعلية التي نظموها. وخلال التفاعل بين الطلبة كتب أحدهم: «عادة ما نظن أن أحدا آخر سوف يقوم بالأمر. لكن ماذا يحدث عندما يعتقد الجميع ذلك؟». وكتب آخر: «لا يحتاج التغيير إلى أكثر من فرد واحد. إذا أردت أن تغير أمرا فعليك أن تعبر عن ذلك». وكتب طالب آخر: «إن هذا يوضح مدى تأثير تغيير أمر واحد». وأضاف أحدهم: «أتفق مع كيت. لقد جعل هذا الفصل لنا صوتا».

* خدمة «نيويورك تايمز»