دعوة للصحافيين لإعادة النظر في نماذجهم على الإنترنت

لا تعني التنازل عن التحكم في التحرير لصالح الرعاة

TT

قامت جامعة كولومبيا بإجراء مسح شامل على حالة الصحافة الرقمية، وخلصت إلى أنه يتعين على الصحافيين إعادة النظر في علاقاتهم - وعلاقات جمهورهم - مع المعلنين.

وهذا لا يعني التنازل عن التحكم في التحرير لصالح الرعاة، ولكنه قد يعني التوصل إلى بدائل للتسعير على أساس الانطباع، وخلق محتوى ذي قيمة عالية للويب عن طريق الاستفادة من بيانات عرض الصفحة، والمساعدة على ضمان أن تكون الإعلانات على الويب لها قيمة في حد ذاتها.

وفي تقرير صدر يوم الثلاثاء الماضي، وضعت كلية الدراسات العليا في الصحافة بجامعة كولومبيا الخطوط العريضة لتلك التوصيات وغيرها، والتي تصب كلها في اتجاه مساعدة الصحف والمجلات ومحطات التلفزيون على التنافس بشكل أفضل في سوق الإنترنت.

وقال بيل غروسكين، وهو عميد كلية الصحافة ومشارك في كتابة التقرير: «نحن لا نقول بأن يحصل الصحافيون على أوامر من المعلنين. إننا نقترح أن يحاول الصحافيون إدراك السبب وراء هروب الكثير من دولارات الإعلانات من الأعمال التقليدية لوسائل الإعلام».

وأضاف أنه يتعين على الصحافيين التوصل إلى فهم ما يجب على وسائل الإعلام أن تقوم به لإعادة هذه الدولارات مرة أخرى. فلكي يكون لديك كلية للصحافة، وخصوصا كلية موقرة مثل كلية كولومبيا، فإن دراسة بطاقات سعر الإعلان والهوس بالكوبونات الموجودة على الإنترنت قد تبدو غير تقليدية، ولكنها ثمرة الاهتمام المتنامي للأوساط الأكاديمية بالأسس الاقتصادية للصحافة في الوقت الذي تبدو فيه هذه الأسس غير مستقرة. وتقوم جامعة كولومبيا وبعض الكليات الأخرى للصحافة، على سبيل المثال، بتقديم مقررات عن اقتصاديات الصحافة.

ويبدأ قسم التقرير الخاص بالاستنتاجات باقتباس مقولة لراندال روتنبرغ، رئيس مكتب الإعلان التفاعلي والمراسل السابق لصحيفة «نيويورك تايمز»، تقول: «تكمن المشكلة في أن الصحافيين لا يفهمون عملهم».

ويلقي التقرير الضوء على هذا الاحتمال مرارا وتكرارا، ويقول التقرير: «العديد من قطاعات صناعة الأخبار التقليدية كانت بطيئة في تقبل التغيرات الناجمة عن التكنولوجيا الرقمية»، وأوصى التقرير بـ«وتيرة أسرع وأكثر اتساقا من الابتكار والاستثمار».

كما أوصى التقرير بأن يحصل الصحافيون على «تقدير كامل بعد أن أصبح المعلنون الآن قادرين على الوصول إلى عملائهم عن طريق وسائل الإعلام الاجتماعية، والإعلانات عبر وسائل الإعلام الجديدة ومحرك البحث»، وأضاف التقرير أنه «ينبغي على المؤسسات الإخبارية الأكبر النظر في إنشاء أو إعادة إنشاء هيئات رقمية منفصلة، وخصوصا فيما يتعلق بالجانب التجاري».

وتم كتابة هذا التقرير بعد عدة أشهر من الزيارات إلى المؤسسات الإخبارية. وشارك غروسكين، وهو كاتب محنك في صحيفة «وول ستريت جورنال»، في كتابة التقرير مع أفا سيف، وهي أستاذة مساعدة واستشارية، ولوكاس جرافز؟، وهو مرشح للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة كولومبيا. وسوف تقوم كلية الصحافة بإجراء مناقشة عامة حول التقرير مساء يوم الثلاثاء المقبل.

وقام واضعو التقرير بتشخيص المشكلات التي تواجه وسائل الإعلام الرقمية، وربما تكمن أبرز هذه المشكلات في أن الإعلان على شبكة الإنترنت يميل إلى أن يكون أقل قيمة للمستهلك من الإعلان في أشكال أخرى.

ويقول غروسكين: «إذا رأيت شخصا يقرأ نسخة من مجلة (فانيتي فير)، فسوف ترى أن الوقت الذي يستغرقه في النظر إلى الإعلان يساوي الوقت الذي استغرقه في النظر إلى المحتوى، وذلك لأن الإعلانات مفيدة للقراء في واقع الأمر (لقد استغرقنا نحن كصحافيين وقتا صعبا لفهم أن الإعلان له قيمة في حد ذاته)».

ومن بين دراسات الحالة التي قامت بها جامعة كولومبيا بشأن إضافة القيمة للإعلان كان إنشاء الموقع الإلكتروني KSL.com وهو الموقع الخاص لقناة «كه إس إل» التابعة لشبكة «إن بي سي» في «سولت لايك سيتي». وبلغ معدل تصفح الموقع نحو 250 مليون مرة شهريا - وهو رقم مذهل في سوق محلية بهذا الحجم، ويعود الفضل في جزء كبير منه إلى خدمة الإعلانات المبوبة القوية. وقد أثرت الانخفاضات الحادة في الإعلانات المبوبة على عدد لا يحصى من الصحف وغيرها من المؤسسات الإخبارية، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على KSL.com الذي خالف هذا الاتجاه، حيث يستفيد قسم الإعلانات المبوبة بالموقع من ملكيته من قبل كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة ومن حقيقة أنه بدأ حتى قبل الموقع الإلكتروني كريغزلست في «سولت لايك سيتي».

ولكن الموقع يستفيد أيضا، حسب تصريحات غروسكين، من خلال قيامه بعكس القيم الأخلاقية في مجتمعه ومنع عدم الكشف عن الهوية، وأضاف غروسكين: «لو كنت ناشرا، لكنت قضيت بعض الوقت في المقارنة بين ما يقدمه كل من KSL.com وكريغزلست من حيث الإعلانات المبوبة».

وأضاف أنه ذهل من تعليق كريس هندريكس، نائب رئيس شركة «ماكلاتشي»، في مقابلة للتقرير قال فيه: «يبدو الأمر تقريبا وكأننا شركة مبيعات وتوزيع قررت تمويل الصحافة». ويقوم فريق المبيعات المحلية لهندريكس ببيع مساحات على مواقع مثل «ياهو» وكذلك على المواقع الخاصة بشركة «ماكلاتشي».

ويؤكد واضعو التقرير على أن هناك حدودا لنموذج التكلفة الفعلية لكل ألف ظهور ويقولون إنه يتعين على وكالات الأنباء والمسوقين معا «تشكيل نماذج جديدة تقوم بدمج الإعلانات الرقمية وتتجاوز وسائل الإعلام الاجتماعية».

وكمثال على ذلك يستشهد التقرير بالموقع الإلكتروني «دالاس مورنينغ نيوز»، والذي يحتوي على قسم للألعاب الرياضية في المدارس الثانوية، من وجود صفقة شاملة للإعلان على هذا القسم خلال موسم كرة القدم مؤخرا شملت الإعلانات المطبوعة، ومسابقة أفضل لاعب في الأسبوع ومأدبة للاعبين في نهاية الموسم الحالي. وقال غروسكين: «يخرجك هذا من نموذج خمسة دولارات لكل ألف صفحة».

وألقى واضعو التقرير نظرة قاتمة على اشتراكات الأخبار على الإنترنت، محذرين من أن مواقع الأخبار «يجب أن يكون لديها توقعات محدودة جدا لنجاحها - على الأقل على شبكة الإنترنت».

وكان واضعو التقرير أكثر تفاؤلا بشأن الاشتراكات على الأجهزة المحمولة، وكتبوا: «إذا كان الناشرون يأملون حقا في محو هذه )الخطيئة الأصلية( لإتاحة المحتوى على الإنترنت بشكل مجاني، ربما ينبغي عليهم القيام بذلك ليس من على أجهزة الكومبيوتر ولكن من على الأجهزة المحمولة».

* خدمة «نيويورك تايمز»