فيليب رينيه رمانة الميزان لوزيرة الخارجية الأميركية

المسؤول عن الصورة العامة لهيلاري كلينتون يضع لمساته وبصماته الخاصة

فيليب رينيه المسؤول عن الصورة العامة لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية (أ.ف.ب)
TT

في إحدى نهايات الردهة المطوقة بألواح خشبية في مجموعة الغرف الإدارية التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، كانت كاتي كوريك تعمل بهمة كبيرة للإعداد لمقابلتها النهائية في برنامج «سي بي إس إيفنينغ نيوز» مع هيلاري كلينتون، رئيسة فيليب رينيه في العمل. وعلى الطرف الآخر من الردهة، وصلت وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون مع صديقتها الحميمة وكاتمة أسرارها هوما عابدين. وقام رينيه وانضم إلى كلينتون وعابدين، وأحاط بكلينتون التي مدت ذراعيها كي تخفف من التوتر الموجود في الردهة.

إن تقلص الدائرة الداخلية لكلينتون على مدى العقد الماضي قد عظم من الدور الذي يلعبه رينيه، وهو من قضى أطول فترة يدافع عن صورة كلينتون. وقد اشترك رينيه، 41 عاما، وكلينتون في رباط تشكل بفعل الحروب المدنية والسياسية وانعدام الثقة في وسائل الإعلام والاعتماد المطلق على الولاء. ويعد رينيه، وهو متمرس في العلاقات العامة والمستفيد من الحماية شبه الأمومية لكلينتون، هو الناجي الوحيد من مجموعة مستشاري كلينتون التي كان يطلق عليها «هيلاريلاند» في نهاية المطاف.

وبينما انتقلت دورة الإعداد المرتجلة إلى غرفة كلينتون الخاصة، قام رينيه بتذكير كلينتون، التي قالت إنها ستترك منصبها في عام 2012، بأن تتوقع سؤالا حول خططها للمستقبل. وبالفعل تم توجيه السؤال الذي توقعه رينيه: «ما الذي تنوين القيام به؟». كان هذا هو السؤال الذي سألته كوريك، وردت كلينتون: «حسنا، لا أعرف» وأضافت وهي تبتسم: «ربما أفكر في الاستحواذ على وظيفتك».

وبعد المقابلة، كانت كلينتون متحررة بدرجة كبيرة وضحكت ضحكتها الشهيرة عندما وجه إليها سؤال عن علاقتها الثابتة مع رينيه وقالت: «حسنا، أنتم تعرفون. إنني أفعل ما يخبرني به رينيه فقط، لذلك لن أتحدث إذا كان من المفترض ألا أتحدث. ما رأيكم في هذا؟».

وكما هو الحال في أغلب الأحيان، تحدث رينيه بالنيابة عنها.

ويدعي رينيه أنه قد تم «تعيينه وفصله ومسامحته ووضعه على مقاعد البدلاء وترقيته ثم ترقيته مرة أخرى»، وهو الآن نائب مساعد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون للاتصالات الاستراتيجية، وهو المشرف على صورتها العامة خلال عملها كعضو في مجلس الشيوخ وكمرشحة للانتخابات الرئاسية التي خسرتها ثم بعدما استعادت نشاطها وعملت كوزيرة للخارجية. ويقول رينيه إنه جزء من عائلة كلينتون، ولكن هذا الرجل المشهور بأعماله الصبيانية والذي تعود أصوله إلى ولاية نيويورك فينتمي إلى أسرة أكثر امتدادا، وإذا أمكن، أسرة أكثر تفككا من الساسة والنشطاء والعاملين والصحافيين ومنسقي الاتصالات واللقاءات في التلفزيون وأنواع وسائل الإعلام والمسؤولين الحكوميين. ويمتلك رينيه بعضا من خصالهم التي لا تلقى قبولا كثيرا مثل: الإدمان على لفت الأنظار والحديث الممل والقرب من السلطة.

ويعد ولاء رينيه العميق هو رمانة الميزان التي تحدث توازنا مع سمعته بشأن إعطاء معلومات مغلوطة عن كلينتون واستغلال اسمها. وبسبب هذا الولاء، يعد رينيه بمثابة النجل المفضل لكلينتون.

والآن، بعدما نفى رينيه – وكثيرا ما تجاهل – أن كلينتون ستغادر منصبها إما لقيادة البنك الدولي أو لشغل منصب آخر في البيت الأبيض في عام 2016، هناك سؤال يلح على العاملين بالبيت الأبيض وهو: هل سيتحرك «بيتر بان» مجموعة مستشاري كلينتون والتي تحمل اسم «هيلاريلاند»؟ وقال رينيه وهو يجلس في فناء في وزارة الخارجية: «إنني في حاجة للبدء في التفكير في ذلك». ولا يزال رينيه يتمتع بذكائه وفطنته وسحر الشباب، ولكنه لم يعد يبدو أصغر من سنه الحقيقي، أما السواد الموجود تحت عينيه فيعكس سنوات من المعارك الضروس ومئات الآلاف من الأميال الجوية التي قطعها مع كلينتون.

ونحى رينيه جهاز الـ«بلاك بيري» الخاص به جانبا وأخذ يتأمل، وعبر عن ندمه على العلاقة الفاشلة وقال إن الزوجة والأطفال هم «الشيء الذي أريده». إن «عملة» المعلومات الداخلية قد فقدت بريقها أيضا. وأضاف رينيه: «أود توفير بعض النقود في نهاية المطاف، وهي النقود التي لم أستطع توفيرها خلال عملي للحكومة الفيدرالية لمدة 9 سنوات».

ولكن من الأشياء المحترمة بالنسبة لرينيه هو أنه ظل مخلصا لامرأة واحدة، وقال عن كلينتون: «أود كثيرا أن أرى ما الذي ستقوم به بعد ذلك. إذا استمر الوضع على ما هو عليه؟ وإذا أرادت لي أن أكون جزءا منه وكان يمكنني المساهمة في ذلك، فسأفعل ذلك بكل فخر».

وقالت كلينتون في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «لقد اعتمدت على أحكام ومعلومات وذكاء فيليب لما يقرب من عقد من الزمان. وخلال عملي كمؤلفة وكعضو في مجلس الشيوخ ومرشحة للانتخابات الرئاسية وخلال عملي الآن كوزيرة للخارجية، كنت دائما ما أثق في غرائزه وأقدر مهارته كمستشار. أينما ذهبنا – من بافلو لبكين – هناك شيء واحد ثابت: فيليب دائما في ظهري».

وهناك الكثير ممن ينتقدون رينيه، ولديهم نظريات متعددة لتفسير لماذا ظل رينيه يعمل في مدار كلينتون ولكنه لم يرتق إلى وظيفة مدير الاتصالات: إنه خبير في مغازلة السلطة ولكنه لا يحظى باحترام خبراء السياسة في مجلس الشيوخ ووزارة الخارجية. ويصر رينيه على أنه قام بتشجيع توظيف فيكتوريا نولاند كمتحدثة باسم وزارة الخارجية. وقال إن عاطفته هي التي تحمي صورة كلينتون السياسية. وقال رينيه: «لقد تم ترقيتي بطرق أخرى»، وأضاف وهو يوجه كلامه إلى منتقديه من بين زملائه السابقين في العمل مع كلينتون: «من المثير للاهتمام بالنسبة لي أنهم لم يعد لهم وجود بعد الآن. إنهم لا يقومون بأي وظيفة».

وبعد وقت قصير من الانضمام للعمل مع كلينتون في وزارة الخارجية، انضم رينيه لها في رحلاتها للخارج. وكان يحلم بتكوين مزيج من المجالس المحلية والبرامج الحوارية، كي تظهر كلينتون كنجم ساطع أمام الجماهير الخارجية العنيفة. وفي وزارة الداخلية، حصل رينيه على ثقة مرؤوسيه، ولكنه حصل أيضا على تقييم سيئ بين زملائه بسبب هبوطه إلى مستوى الموظفين وتحجيم رئيسه ومنافسه، بي جي كراولي، في مكتب وزارة الخارجية الأميركية للشؤون العامة.

وقال كراولي الذي استقال في شهر مارس (آذار) الماضي إثر انتقاده العلني لوزارة الدفاع: «كنا نحن الاثنين مكرسين أنفسنا لدعم وزيرة ووزارة الخارجية، ولكننا لم نتوصل إلى تفاهم مشترك حول أفضل وسيلة لتحقيق ذلك».

يقول رينيه في إشارة إلى الحد من خسائره: «إن الأمور تتجه نحو الانفراجة. أشعر بالأسف من رؤية ذلك باعتباره أمرا متعمدا». ويأتي كل ذلك في إطار السجالات التي تحدث في المكتب حتى رحلة مارس 2009 إلى جنيف. وخطر ببال رينيه فكرة وهي أن تضغط هيلاري كلينتون على زر «إعادة ضبط» خلال المؤتمر الصحافي مع سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في إشارة إلى بداية جديدة للعلاقات الروسية - الأميركية. لقد قدمت كلينتون بكثير من الصخب هذه الأداة الدبلوماسية، لكن لافروف أخبرها بأن ترجمة الكلمة المكتوبة على الزر هي «مشحون بطاقة زائدة».

في ذلك الوقت، تعرض مايكل ماكفول الذي كان يشغل منصب مسؤول الشؤون الروسية في مجلس الأمن القومي آنذاك والذي وافق على الترجمة غير الصحيحة للكلمة إلى بعض الهجوم من خلال الاقتباسات مجهولة النسب التي جاءت في تقارير سياسية داخلية. والجدير بالذكر أن الرئيس أوباما قد عين ماكفول سفيرا لدى روسيا الشهر الماضي. وأضرت سمعة رينيه فيما يخص توجهه نحو الحرب كثيرا به، عندما أشار مسؤولون في الإدارة الأميركية وصحافيون إلى النميمة التي انتشرت عنه والتي قيل فيها إنه طلب من صحافي وصفه بأنه «مصدر من البيت الأبيض» لأنه كان في البيت الأبيض أثناء إجرائه لهذا الحديث، في محاولته لتدعيم هجومه على ماكفول. ونفى رينيه بشدة هذا الاتهام قائلا: «إنه مبدع. لكنه بذيء».

وبعد سنوات، خطط رينيه للعودة إلى المدينة الفيدرالية، وشارك في حملة «آل غور» عام 2000 في ناشفيل كمتطوع واكتسب حظوة من خلال فريقه المكون من باحثين من المعارضة. وعندما خسر آل غور وقام بالتدريس في جامعة كولومبيا، دعمه رينيه بالعمل مساعد مدرس له ومتحدثا رسميا باسمه. وأهله العمل لفترة في مكتب عمدة نيويورك لشغل منصب مدير العلاقات لدى جين هارمان، عضو الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا.

أنجزت واشنطن طموحاته الذاتية والمهنية، فأصبح رينيه في سمكة كبيرة في هذه البركة الصغيرة، وبزغ نجمه كقوة خلاقة، وأصبح الصديق الذي يمكنك الاعتماد عليه في هذه المدينة التي تحكمها المواسم الانتخابية. وتعلم رينيه في رحلته أن الولاء بالنسبة للناشطين الطموحين عملة نادرة بالغة القيمة.

دخل رينيه المشهد السياسي، الذي كان مكتظا بالمنتجين التلفزيونيين والناشرين والناشطين السياسيين والمسؤولين الحكوميين. كان رينيه دائم الحضور لمطعم لوريول بلازا حتى أنه أنفق في عام 2010 وحدها مبلغ 1895 دولارا، وكان يقصد حانات الفنادق، وفي فندق جيمس كارفلي وست 24 أصاب هدفه بصداقته مع الصحافي مايك آلن من موقع بوليتكو، وتدريجيا بدأ زملاؤه المعجبون به يدرسون قدرته على إخضاع النساء بمثابرة، وأصبح مثار شائعات على مواقع الشائعات على الإنترنت. وأحيانا ما كانت جرأته هذه تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث ورد اسمه على موقع «دونت ديت هيم جيرل» (لا تواعديه أيتها الفتاة).

كانت الحلقة الضيقة من الأصدقاء التي عملت في حملة آل غور للرئاسة تتبعه في أرجاء المدينة. وضم الفريق الذي كان يكنى «رجال متحمسون»، راج شاه، الذي يعمل الآن مديرا للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وجيرمي باش الذي يرأس فريق موظفي مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ليون بانيتا. وأندرو شابيرو، مساعد وزير ة الخارجية للشؤون العسكرية والسياسية. ويقول مايك فيلدمان، أحد كبار مساعدي جور في حملته الانتخابية عام 2000 والمستشار البارز: «لا يمكنني أن أصف نفسي بأنني منعزل على نحو خاص في هذه المرحلة من حياتنا».

لحظات الانتصار:

* في فبراير (شباط) من عام 2002 حضر رينيه حفل زفاف بال شابيرو، الذي حصل على وظيفة في السياسة الخارجية مع السيناتور كلينتون. كان حفل الاستقبال مكتظا بمساعدي هيلاري الذين ظل على اتصال معهم، وكانت لحظة الانتصار له عندما طلب مدير اتصالات كلينتون، البحث عن سكرتير صحافي جديد ورشح مراسل صحيفة «يو إس إيه توداي» رينيه لتولي هذا المنصب.

كان المراسلون في المؤسسات الصحافية يعرفونه جيدا قبل وقت طويل، فقد كان يعامل صحافيي التابلويد باستعلاء في الوقت الذي كان السيناتور تشاك سكومر والفريق الصحافي المعاون له، وكان رينيه يقول للصحافيين إنهم عير مستعدين للحديث مع كلينتون.

سرعان ما بدأ رينيه يثير غضب زملائه الآخرين، ففي يوليو 2005، عندما كان فريق كلينتون منهمكا في اتخاذ قرار عما إذا كان على كلينتون أن تترشح حذرت باتي سوليس دويل، السيناتور من أن الوقت لم يعد ملائما للتشتت. بعد ذلك بأيام تحدث رينيه عن سعادته بالسفر مع كلينتون البروفايل الذي أعدته «نيويورك تايمز» له. كانت السكرتير الصحافي الحقيقي المساعد لكلينتون، جنيفر هانلي، التي كانت حاملا في شهرها التاسع، حانقة على نحو بالغ كما هو الحال مع سوليس دويل، فقد أبدى الاثنان غضبا كبيرا من قيام رينيه بعصيان أوامر مباشرة. ويقول رينيه عن ذلك: «قامت باتي بفصلي من وظيفتي، لكني تجاهلت ذلك، كجورج كونستانزا، وكنت في اليوم التالي في عملي في السابعة صباحا»، وأشار إلى أن كلينتون علمت بشأن البروفايل الذي نشر في الصحيفة قبل أن تعلن عن ترشحها لمنصب الرئاسة ومن ثم قررت الاحتفاظ به. وفي النهاية قامت المؤسسة وتدار بفضل شخص واحد». وقد رفضت سوليس دويل التعليق على هذه الحادثة.

* في أكتوبر من عام 2006 اقتبست ماورين دود كاتبة الرأي في صحيفة «نيويورك تايمز» قول أحد مستشاري كلينتون الذي يهاجم فيه ماكين ويصفه فيه بأنه «يبدو شبيها بما فعله بالأسرى في هانوي، حيث تلا أسماء زملائه في الفريق». وكان على كلينتون أن تعتذر لماكين على هذا التعليق الذي صدر عن رينيه. أشار عليها كبار مستشاريها بأن عليها طرده من الخدمة، لكن كلينتون احتفظت به بدلا من ذلك.

كانت الجائزة الأفضل لفريق السيناتور كلينتون مقرات للحملة في آرلينغتون، لكن رينيه لم يكن موضع ترحيب هناك، وما زاد الطين بلة استخدام كلينتون لمنافسه في المكتب الصحافي لحملة سكومر. ووصفوه بأنه «حامل حقيبة اليد» بعدما وصفت «نيويورك تايمز» رينيه وهو يحمل حقيبة يد كلينتون. كان رينيه صبورا، فيقول عن ذلك: «كنت أعلم أن أول من يدخلون لن يكونوا بالتأكيد أول من سيخرج».

كان دائما ما يواصل القتال دفاعا عن كلينتون من مكتبها في مجلس الشيوخ، وفي مايو (أيار) 2007 عندما خرجت بعض المقتطفات من السيرة الذاتية لهيلاري كلينتون سخر منها رينيه بصورة دعائية شهيرة فقال: «ربما تكون عبارة قيلت أثناء التثاؤب». ويتفاخر رينيه الذي اعتبر هذا الرد لحظة الانتصار بالنسبة له «أن قراءة الكتب كانت متعته الوحيدة في قضاء وقت فراغه». أما بالنسبة لأعداء رينيه فإن لحظة الانتصار لم تأت بعد.

* في سبتمبر من عام 2006 التقى رينيه بفريق حملة هيلاري كلينتون للنقاش في فندق فونيكس بارك. في منتصف الجلسة اعتذرت كلينتون لارتباطها بموعد في الكونغرس ثم من فرط خشيتها تجاه الحملة قامت بالتصويت لوصف الحرس الثوري الإيراني بالمنظمة الإرهابية ـ حركة كارثية بالنسبة لمرشح يتطلع لإضفاء صفة الولع بالحرب إلى الحزب الديمقراطي. فأرسل مارك بين، كبير استراتيجيي الحملة رسالة بريد إلكتروني إلى رينيه، واحد من بين 859200 بريد إلكتروني يحتفظ به رينيه وصلته من كلينتون وفريق الحملة، يعبر فيه عن إحباطه من أن الفريق الخاص بالسيناتور لم يخبر الحملة بأن التصويت كان قريبا. وكتب رينيه في تلك الفترة: «لم نكن نعلم أنها ستغادر جلسة الإعداد للتصويت، وأبدينا اندهاشنا عندما علمنا بذلك».

ولا يزال مسؤولو الحملة السابقون يلقون باللوم على رينيه لفشله في معرفة موعد التصويت فيما ألقى رينيه اللوم على عاتق شخص آخر، يتمثل في الوزيرة ذاتها، فقال: «فعلت ما كانت تفعله دائما، كانت تنظر إلى الأعضاء الآخرين في المجلس لترى إلى أين يتجه التصويت. فإذا ما نظرت إلى تشاك، فإن تشاك هو من سيصوت لها. وإذا ما نظرت إلى هاري ريد سيكون هاري ريد هو من يصوت لها. وهكذا مع كارل ليفن. كانت تلك هي المرة الأولى التي يكون فيها الصوت مكلفا في سياق انتخابات عام 2008».

الولاء والصداقة

* نشأ رينيه في مانهاتن مع أمه، جوديث، وجدته في شقة بمنطقة آبر ويست سايد. وكانت المساكن في هذه المنطقة ضيقة، ولكن لم يكن منزل الأسرة كذلك.

لم تتزوج جوديث، وسيطة التأمين، مطلقا من والد رينيه، إيوانيس باباداكيس، ولم يقابله ابنها سوى مرة واحدة فقط بالصدفة في طفولته يكاد لا يتذكرها. ووصف ستيفن كلينر، زميل دراسة وزائر متكرر لمنزل رينيه، والذي يعمل الآن طبيبا نفسيا في ماساتشوستس، الشراكة بين الأم والابن بأنها «علاقة عمل». ويعترف رينيه بأنه وأمه لا تربطهما علاقة حميمية. وفي رأي كلينر، كان سبب استياء صديقه من والدته هو تجاهلها قضية غياب أبيه وزيادتها الطين بلة بتسجيل اسم ابنها في مدرسة خاصة يهودية تحكمها «قيم أسرية ترجع إلى خمسينات القرن الماضي». وفي مرحلة المراهقة، التحق الاثنان بأكاديمية رامز، أكاديمية يهودية في منطقة آبر إيست سايد، حيث شكل ستيفن روبنشتاين، الذي أصبح مسؤول علاقات عامة في المستقبل، وأطفال آخرون من العائلات الثرية صاحبة النفوذ في نيويورك، العدد الأكبر من طلاب الأكاديمية. وذكر كلينر أن كلا منهما كان من بين النخبة التي تحقق تقدما دراسيا ملحوظا. وقال كلينر إن رينيه، على وجه الخصوص، كان دائما ما يشرد ويستغرق في حالة من التفكير والتأمل.

كان رينيه، الطالب ذو المظهر الشاحب الميال لأحلام اليقظة، مولعا بتكوين الصداقات. وقد أقرض كلينر أموالا من حساب ادخاره لشراء مضرب تنس باهظ الثمن، ثم شجعه على الانضمام إلى فريق تنس. وبعد إنهاء دراستهما، التحق الاثنان بجامعة ألباني. وقد تركها بعد فصل دراسي، وسرعان ما تبعه أصدقاء آخرون إلى جامعة كلارك في ماساتشوستس، لكنهم لم يسجلوا أسماءهم بها قط. وقال كلينر: «بعض الناس يدمنون أن يكونوا طرفا في علاقة عطاء. ورينيه يحتاج إلى أن يكون معطاء دائما وإلا ينتابه شعور بالحزن. فهو يحتاج إلى أن يجد مجالا يمكنه أن يمد يد العون فيه».

وبالنسبة لأصدقاء رينيه، تجلى المثال الواضح لتركيزه على قيمة الولاء والإخلاص في 1994 حينما حاول إنقاذ رفيق له في السكن سقط ضحية لما ظنه رينيه احتيالا. وكان الصديق قد استثمر في شركة ناشئة اسمها «إز سكور»، ومنح سيارته الجديدة موديل «لينكولن» إلى رئيس الشركة. اعترض رينيه على هذا العمل. وتمكن من اكتشاف مكان سيارة صديقه والعثور على سائق سيارة مقطورة، والذي كان على استعداد لإعادتها مقابل مبلغ من المال. يسترجع رينيه وهو في حالة من الزهو والفخر أنه بعد استرجاع السيارة، أرسل صديقه إلى بورتو ريكو لينعم بقسط من الراحة. وفي النهاية، حسبما قال، «انهارت علاقة الصداقة التي جمعت بينهما».

وفي 1998، في سن 29 عاما، مع مضي معظم أصدقائه في مسار حياتهم، قام رينيه بالتسجيل في برنامج بجامعة كولومبيا مصمم للطلاب الذين اكتشفوا طموحاتهم الأكاديمية متأخرا. وفي يوم تخرجه من الجامعة في عام 2000، طار إلى ناشفيل للتطوع ضمن فريق عمل الرئيس «جور». وفي عام 2009، عاد إلى مدرسته كمتحدث في يوم التخرج. وقبل ساعات، كانت كلينتون قد وجهت كلمة لخريجي كلية بارنارد التابعة للجامعة من المنصة نفسها. وتحدث رينيه مازحا عن كلينتون في خطابه قائلا: «بينما كانت تغادر حرم الجامعة، لاحظت أنني لم أخرج بصحبتها، فنظرت لي وبادرت بسؤالي: ألن تأتي معي؟» وأجبتها: «كلا، سأنتظر لمقابلة والدتي». بعدها، حيا والدته التي كانت حاضرة بين الجمهور قبل أن يستمر في حديثه بعمق عن كلينتون وكيف «يحتمل أن تكون قد اقترحت أن أجرب إلقاء خطاب أمامها» إذا كان قد أخبرها بأنه يهاب إلقاء خطبة أمام جمهور. ينهي رينيه حديثه قائلا: «إذن، إذا التقى أي شخص كان بوزيرة الخارجية مصادفة من الآن فصاعدا، فمن فضلكم، عليه أن يتذكر أنني لم أكن هنا».

* صحيفة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»