التطويل في ظل ثقافة «الأقصر هو الأفضل» على شبكة الإنترنت

موقعا «لونغ ريدز» و«لونغ فورم» يخالفان السائد بتقديمهما مقالات مطولة يوميا

في عالم يعج بكم هائل من المعلومات يحتاج الناس إلى فلاتر جيدة («واشنطن بوست»)
TT

تعتقد أنت ومعظم الناس أن ماضي وحاضر ومستقبل شبكة الإنترنت يكمن في الاختصار، في التعبيرات المختصرة جدا، إن لم يتم اختصار المعنى. ماذا عن النصوص والرسائل على موقعي التواصل الاجتماعي الشهيرين «تويتر» و«فيس بوك»؟ إن العالم الرقمي غارق في حالة من الاختصار والإيجاز الشديد؟

يسير مارك أرمسترونغ في الاتجاه المعاكس.

فبوصفه مؤسس ومالك ورئيس تحرير موقع «Longreads.com»، يستثمر أرمسترونغ فيما هو مطول ومترف ومتأن ومتعمق في التفكير وتأملي. فهو يتابع أفضل المقالات المنشورة في المجلات والصفحات، والمؤلفة من أكثر من 1500 كلمة، التي يمكنه العثور عليها، ويقوم بتحديد 3 إلى 5 مقالات منها يوميا على موقعه الإلكتروني، مقدما مجموعة منتقاة من الكتابات التي تمثل نوعا من الاستهجان اليومي لثقافة الـ140 حرفا.

هل ترغب في قراءة مقال مؤلف من 11000 كلمة عن تجارة الجنس في أميركا؟ يوجز موقع «لونغ ريدز» حكاية طويلة في مجلة «فانيتي فير» من عددها الصادر في يونيو (حزيران) ماذا عن البروفايل الذي نشر في عام 1984 بمجلة «ماذر جونز» عن سياسي شاب ناشئ اسمه نيوت غينغريتش أو البروفايل المنشور عن الكاتب غاي تاليس في مجلة «إسكواير»، وهل تابعت عناوين موضوعات مثل: «هل فرانك سيناترا مصاب بنزلة برد؟» هل فاتتك قصة مثيرة منشورة بمجلة «نيويوركر»؟ من 2010؟

بهذا فقط تدرك الجوانب التي تشكل لك أهمية. يقدم الموقع تقديرا لفترة القراءة المتوقعة لكل موضوع (42 دقيقة لموضوع متعلق بتجارة الجنس).

يقول أرمسترونغ: «ليس هذا هو الموضوع الذي سيحاول معظم الناس البحث عنه في المعتاد باستخدام محرك البحث (غوغل)». ويستطرد قائلا: «هناك الكثير من الأعمال العظيمة، والكثير من صيغ العرض الجذابة، لكن من المستحيل بالنسبة لأي شخص أن يلم بها كلها».

لم يكن أرمسترونغ (35 عاما) ذو المظهر الصبياني متأكدا من أن المفهوم سيتجاوز حدود أشخاص شباب متعلمين مثله حينما أطلق «لونغ ريدز» كعلامة «هاش تاج» على موقع «تويتر» في أبريل (نيسان) 2009. وكانت قد نفدت كل الكتب التي يمكنه قراءتها في قطار الرجوع من بروكلين إلى مانهاتن، لذلك، قرر دعوة آخرين لاقتراح أفضل عمل أدبي.

وبعد مرور عام، أنشأ هارون لامر، محرر ومصمم في بروكلين، موقعا إلكترونيا شاملا وهو «Longform.org»، والذي ينشر عددا يتراوح ما بين 4 إلى 5 مقالات يوميا. وحول أرمسترونغ مشروعه من موقع «تويتر»» إلى موقع إلكتروني عادي في أكتوبر (تشرين الأول).

ويعد موقعا «لونغ ريدز» و«لونغ فورم» موقعين إلكترونيين متنافسين بصورة ودية، لكن يبدو أن هناك سوقا صغيرة لكل منهما. يشير أرمسترونغ إلى أن عدد زائري موقعه الإلكتروني بلغ 100000 زائر الشهر الماضي؛ وقد اقترب عدد زائري «لونغ فورم» من العدد نفسه، وفقا للامر. وكلاهما يضيف سمات جديدة، مثل خطاب إخباري أسبوعي خاص بموقع «لونغ ريد» وموقع منبثق عن موقع «لونغ فورم» يحمل اسم «SportsFeat.com»، الذي يركز على الكتابة الرياضية، خلافا للموقعين الآخرين اللذين يركزان على الكتابات المتعلقة بالمصلحة العامة.

ويقول أرمسترونغ إن شاشات سطح المكتب لم تفض مطلقا إلى التعمق في مقالات مؤلفة من 7000 كلمة في مجلة «نيويوركر» أو «أتلانتيك». ولكنه يعتقد أن الأجهزة المحمولة – مثل «الكندل» والهواتف الذكية و«الآي باد» – قد غيرت قواعد اللعبة. فهذه الأجهزة تتيح للناس القراءة في أوقات فراغهم وفي المكان الذي يختارونه، مستمتعين بقراءة الموضوعات الطويلة على الشاطئ أو في وقت الإفطار أو في رحلات الطيران الطويلة.

ويقول: «تخيل لو كان بإمكانك شراء صحيفة واحدة فقط في وسط النهار، ولم يكن بإمكانك قراءتها إلا في المكتب أثناء ساعات العمل. كان ذلك هو العالم الذي اعتدنا العيش فيه حتى وقت قريب. ما مدى النجاح الذي تعتقد أن تلك الصحف ستحققه؟».

وهناك المزيد، وهو أدوات مثل «إنستا بيبر» و«ريد إت ليتر» و«ريدابيليتي»، التي تقوم بحفظ صفحات الإنترنت بحيث يمكن الاطلاع عليها في وقت لاحق وتتيح لمستخدمي الهواتف المحمولة التصفح باستخدام «واي فاي» أو الاتصالات الخلوية، مثلما يوضح.

ويستخدم موقعا «لونغ ريدز» و«لونغ فورم» وسائل مماثلة لتصفح الكم الهائل من النصوص المتاحة على شبكة الإنترنت. ويقوم «محررو مواقع» مثل لامر وأرمسترونغ بعمليات البحث، مستعينين بتلميحات وتوصيات من القراء المتقاربين معهم في التفكير على «تويتر» وعبر البريد الإلكتروني. وعادة ما يقوم الناشرون والكتاب بالترويج لأعمالهم الخاصة.

ويقول أرمسترونغ إنه رغم نشأته في جنوب كاليفورنيا، فإنه كان «مولعا بالصحافة». فقد عمل مراسلا صحافيا ومدير تحرير الأخبار بالموقع الإلكتروني لمجلة «بيبول»، ومدير ابتكارات لوكالة إعلان ومدير محتوى لموقع الائتمان الاستهلاكي الإلكتروني «Bundle.com».

ولا يزال موقع «لونغ ريدز» بمثابة عمل ثانوي لأرمسترونغ – أرمسترونغ مستشار ومصمم مواقع إلكترونية بالأساس – ولكنه ليس عملا تطوعيا.

ويقول: «إن عملية تحرير المواد على المواقع الإلكترونية على درجة بالغة من الأهمية في عالم يعج بكم هائل من المعلومات. والناس بحاجة إلى فلاتر. ونحن نوجههم إلى الفلاتر الجيدة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»