بعد فترة من الشد والجذب.. شركة «أبل» تمنح مزايا للناشرين

عبر بيع محتوياتهم مباشرة دون المرور عبر «آي تيونز»

TT

في إطار عمليات الشد والجذب بين شركة «أبل» والناشرين في ما يتعلق بوسائل الإعلام الرقمية، تحول ميزان القوى قليلا خلال هذا الأسبوع إلى جانب الناشرين.

وفي تغير حدث يوم الاثنين الماضي ولكن لم يتم الإعلان عنه، غيرت شركة «أبل» من سياستها تجاه القواعد المثيرة للجدل التي بمقتضاها يجب على الناشرين الذين باعوا المحتوى أو الاشتراكات في تطبيقات الـ«آي فون» والـ«آي باد» أن يقدموها من خلال متجر التطبيقات «آي تيونز ستور»، على أن تحصل شركة «أبل» على تخفيضات تبلغ 30 في المائة. وقامت شركة «أبل» بمراجعة القواعد لكي تعطي ناشري المجلات والصحف والموسيقى والفيديوهات المزيد من الحرية لبيع محتوياتهم مباشرة دون المرور عبر «آي تيونز».

وأكدت شركة «أبل» حدوث هذه التغييرات، التي جاءت في المبادئ التوجيهية الصادرة لمطوري التطبيقات، غير أن الشركة لم تدل بمزيد من التعليقات. وكان الموقع الإلكتروني «ماكرومورز» هو أول من أعلن عن هذه التغييرات.

وكانت القواعد التي وضعتها شركة «أبل»، التي لم يتم وضعها حيز التنفيذ حتى الآن، قد تم انتقادها بشدة من قبل بعض الناشرين، الذين اشتكوا من أن منح شركة «أبل» مثل هذا التخفيض الكبير من شأنه أن يجعلهم غير قادرين على الاستمرار في العمل. وهدد بعض الناشرين بإزالة كافة التطبيقات الخاصة بهم من على أجهزة «أبل». وقد حظيت هذه القواعد أيضا بتدقيق من جانب المنظمين الفيدراليين لمكافحة الاحتكار.

ولكن وصلت شركات إعلام رئيسية أخرى مؤخرا إلى اتفاقات لبيع الاشتراكات من خلال شركة «أبل».

ولا يزال الناشرون في مرحلة هضم الأنباء الواردة حول التعديلات التي قامت بها شركة «أبل» على سياساتها يوم الخميس الماضي، ولكن كانت هناك دلائل مبكرة على أنهم رحبوا بما رأوه من تغييرات.

وفي شهر فبراير (شباط)، قدمت شركة «أبل» آلية للاشتراك في تطبيقات «آي فون» و«آي باد»، وبموجب هذه الآلية، يجب على الشركات أن تقدم للعملاء خيار شراء المحتوى مثل المجلات أو الموسيقى من خلال نظام الدفع الخاص بها. كما منعت هذه القواعد الشركات من تقديم عرض أفضل للعملاء في حالة دفعهم الاشتراك في مكان آخر، حسب ما أعلنه الموقع الإلكتروني لإحدى الشركات، أما بالنسبة للتطبيقات التي لا تمتثل لهذه القواعد، فلا يحق لها الدخول على أجهزة «أبل».

وبموجب القواعد الجديدة، يمكن للشركات بيع الاشتراكات في محتواها على الموقع الإلكتروني الخاص بها مقابل أي سعر تحدده، ويمكنها إتاحة ذلك المحتوى على تطبيقات «آي فون» و«آي باد»، ولم يعد الناشرون في حاجة إلى منح المستخدمين خيار شراء المحتوى مباشرة من تطبيقاتهم، ولكن في حالة إذا ما فعلوا ذلك، يجب أن يتم التعامل من خلال «آي تيونز ستور»، وتحصل شركة «أبل» على التخفيض البالغ 30 في المائة. ولا يزال غير مسموح للناشرين بعدم وضع أزرار «شراء» في التطبيقات الخاصة بهم التي تتحايل على «آي تيونز ستور» من خلال توجيه المستخدمين إلى مواقع الويب الخاصة بهم، على سبيل المثال.

وأثارت القواعد السابقة لشركة «أبل» المخاوف بين الكثير من الناشرين، ولكن تحسنت العلاقات بين شركة «أبل» وبعض وسائل الإعلام الرئيسية خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما أظهرت شركة «أبل» مرونة تجاه نقطة أخرى من نقاط الخلاف وهي: استعدادها لتقديم بيانات إلى ناشري المجلات حول المشتركين اللذين اشتركوا من خلال «آي تيونز».

وتوصلت شركتا «هيرست» و«كوندي ناست»، وهما ثاني وثالث أكبر ناشري مجلات في الولايات المتحدة، مؤخرا، إلى اتفاقات لبيع الاشتراكات من خلال شركة «أبل»، كما وافقت صحيفة «نيويورك تايمز» أيضا على بيع الاشتراكات من خلال متجر التطبيقات الخاص بشركة «أبل». ولا تزال شركة «تايم»، أكبر ناشر للمجلات، تتفاوض مع عملاق التكنولوجيا «أبل»، بل وألغت الاتفاقية التي يتمكن من خلالها المشتركون في «سبورتس ايلوستراتيد» و«تايم» و«فورشين» من قراءة المجلات مجانا على الـ«آي باد» ما دام تم التحقق من هوياتهم.

وقد سعى ناشرون آخرون إلى تجاوز القواعد التي وضعتها «أبل» تماما، فعلى سبيل المثال، قدمت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية يوم الثلاثاء الماضي تطبيقا على الويب يعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها تطبيقات الـ«آي باد» أو الـ«آي فون»، ولكن يمكن إتاحتها من خلال متصفح ويب، وكان الهدف من وراء هذه الخطوة هو الالتفاف على متجر «أبل» والنسبة التي تحصل عليها شركة «أبل».

ويوم الخميس الماضي، قالت تطبيقات «رابسودي» للخدمات الموسيقية، التي كانت قد انتقدت تطبيقات «أبل» ووصفتها بأنها قواعد غير قابلة للتطبيق وهددت بإزالة تطبيقاتها، إنها ما زالت تنظر في القواعد الجديدة. ومن جانبها، وصف المتحدث الرسمي باسم شركة «كوندي ناست» للنشر التغييرات بأنها «نبأ عظيم»، ولكنه قال إن الشركة التي تبيع مجلة «جي كيو» ومجلة «فانيتي فير» و«نيويوركر» على الـ«آي باد» ما زال يتعين عليها «النظر بعناية في هذا التطور».

وما زال المديرون التنفيذيون في شركة «هيرست»، التي ستبدأ في بيع الاشتراكات لكل من «ايسكوير» و«بوبيولار ميكانيكس» و«أو» و«ذي أورفان ماغازين» في وقت قريب، يدرسون التغييرات التي قامت بها شركة «أبل» ولم يدلوا بأي تعليقات يوم الخميس الماضي. ولا ينبغي على شركة «تايم» أن تتأثر كثيرا بسبب التغييرات وذلك لأنها لم تتوصل إلى اتفاق حتى الآن مع شركة «أبل» للبدء في بيع الاشتراكات، وما زالت هذه المحادثات مستمرة.

وقد اندهش بعض المحللين من القواعد السابقة لشركة «أبل» بسبب قدرتها على عزل شركات الإعلام. وظلت الشركة تتودد طويلا لصانعي المحتوى ومطوري التطبيقات، ولا يعود ذلك بدرجة كبيرة إلى العائدات التي تحصل عليها من بيع أعمالهم، ولكن لأن وجود كميات كبيرة من المحتوى والتطبيقات يساعد الشركة على بيع الأدوات التي تمثل الغالبية العظمى من إيراداتها وتقريبا جميع أرباحها.

وفي شركة «أبل» التي تعد أكبر موزع للموسيقى، على سبيل المثال، يمثل متجر «آي تيونز» جزءا صغيرا من الإيرادات، وكانت الشركة قد قالت في الماضي إنها لا تحقق أي أرباح من المتجر. وفي الربع الأخير من العام، قالت الشركة إن مبيعات التطبيقات والموسيقى والمحتوى قد شكلت فقط 1.6 مليار دولار من إيرادات الشركة التي تبلغ 24.6 مليار دولار. وقال جيمس ماكويفي، وهو محلل لدى «مؤسسة فورستر للأبحاث»: «كلما زاد المحتوي في النظام البيئي الخاص بهم، زادت مبيعاتهم من الأجهزة. لماذا كان من الصعب تفسير قرار تشديد القواعد المتعلقة بناشري المحتوى؟ أعتقد لأنها تجاوزت كل الحدود».

* أسهم في التقرير جيريمي بيترز ونك بيلتون

* خدمة «نيويورك تايمز»