المراقب الصحافي: حديث القطار

TT

ما أصعب أن تختطف أي وسيلة إعلامية الأنظار لتقرير أو مقابلة لها وسط خضم المواد الإعلامية التي تنهال علينا من كل حدب وصوب، ناهيك بما إذا كانت هذه المادة لزعماء سياسيين ألف القراء وجوههم فصاروا، أحيانا، لا يعيرون لصور بعضهم اهتماما يذكر، خصوصا إذا كان القارئ غير متخصص أو غير مولع بالسياسية. غير أن مراسلة صحيفة «الشرق الأوسط» نجحت في إجراء حوار خاطف مع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ومرشح انتخابات الرئاسة المصرية، وذلك في لقاء أجرته على متن قطار الإسكندرية - القاهرة الذي يستقله عمرو موسى لأول مرة منذ خمس سنوات.

وتمنيت لو أن المراسلة قد شرحت لنا تفاصيل دقيقة في اللقاء مثل نظرات المارة، وكيف تم ترتيب اللقاء، وطبيعة الحراسة، وأي جوانب إنسانية أو اجتماعية تجعل القارئ يشعر أنه كان ثالثهما في القطار، بدلا من أن يكون الموضوع رسميا ومباشرا.

ورغم أن الحوار نشر على مساحة نصف صفحة، فإنه حمل أسئلة مهمة لمرشح الرئاسة المصرية، وما يهمنا اليوم هو خروجه عن التقليدية في مكان إجراء الحوار مع شخصية سياسية.

الخروج عن التقليدية في الحوارات مع الشخصيات العامة أمر مطلوب، وقد نجحت «الشرق الأوسط» فيه في أكثر من موضع سواء كان ذلك في المقابلات أو حتى في عرض صور لافتة بالصفحة الأولى، مثل صورة أوباما، رئيس أكبر دولة رأسمالية، وهو يتناول شطائر الهامبورغر مع الرئيس الروسي في مطعم أميركي خرج من رحم الاقتصاد الرأسمالي.

المرجو هو أن تكثف «الشرق الأوسط» في المرحلة المقبلة من نشر مقابلات وأخبار وتقارير خاصة تعرض صورا غير تقليدية لجذب أنظار القراء بمختلف أنواعهم، الذين تشتتوا من كثرة الوسائل الإعلامية، وهو أمر ضروري لا مناص منه في عصر المعلومة الذي نعيشه. والأهم من ذلك، المحتوى العميق والموثوق واللافت، وهو ما يفترض أن يميزنا عن كثير من وسائل الإعلام التي تنشغل بسرعة النشر على حساب التدقيق الجيد في المحتوى.

حديث القطار ليس الأول في هذه الصحيفة، كما أسلفنا، ولكنه امتداد لموضوعات أخرى جميلة متفرعة، غير أنه آن الأوان لمزيد من الإبداع في عرض المادة الصحافية لنبين للقارئ العزيز أن الصحافيين ما زال لديهم سقف كبير من الإبداع في مطبوعاتهم. صحيح أن الصحف لا تنطق، ولكن الصحافيين يجب أن يثبتوا للجميع أن حروفهم وأفكارهم الإبداعية ما زالت تنافس الوسائل الإعلامية الأخرى.